تنتشر الكثير من القلاع والحصون "والأكوات" في كافة أرجاء مديرية الديس،الشرقية تختلف تلك الحصون اختلافاً كبيراً فيما بينها من حيث تأسيسها، وحجمها،ونوع البناء،والهدف الذي انشئت من أجله... وكلها تتفق في أنها على أرض الديس،مثل حصن"الكافر" الواقع بين قريتي حلفون والمعيملة الذي يعود تاريخه إلى ماقبل الإسلام،وحصن "نغوب" الواقع في رأس وادي نغوب في مول الليمة الذي يرجع تاريخه إلى عهد الصراع في حضرموت بين الدويلات. وهناك حصون تابعة للأسر والقبائل،مثل حصون "آل الشيخ أبوبكر" في قرية الغيضة،والتي يعتقد أنها تعود إلى القرن العاشر الهجري وحصون "السباعي" في الواسطة والحدبة والصبر وحصن "آل الجريري" في الغيضة العليا،وحصن "بيت غراب" في حلفون،وقد تعرضت معظمها للهدم والانهيار،وبعض منها للاندثار،وقسم ثالث ظل قائماً شامخاً. كما توجد هناك بعض الحصون التابعة لبني عجيل الموجودة في وادي شزوة بالقرب من الغيضة. حصن الدولة: ويبرز هناك حصن يقف بكل كبرياء في وسط المدينة ألا وهو حصن الدولة الذي أبى أن يموت جالساً،فظل يقاوم الظروف الطبيعية والبشرية التي حاكت له نسيج الكفن،فرفض أن يرتديه قبل أن يلفظ أنفاسه،وقد أولت الحكومة في الآونة الأخيرة اهتماماً بترميم هذا الحصن الذي سلم للمقاول بتاريخ 2006/8/12م وبقيمة 15.484.995 ريالاً لمدة ستة أشهر مع إضافة ثلاثة أشهر أخرى لإنهاء كافة الأعمال،على أنه من المتوقع تسليمه في نهاية يوليو2007م. ظل هذا الحصن مرتبطاً بحياة الناس الاجتماعية والسياسية والاقتصادية منذ تأسيسه،فاختاروا له اسم الحصن المعروف بمكانه وحصن البلاد وحصن الديس والحصن الكبير وغيرها من الأسماء التي دلت عليه لتفرده بكثير من المزايا. خلفية تاريخية يعود تاريخ هذا الحصن إلى القرن الثالث عشر الهجري،الموافق التاسع عشر الميلادي إبان السلطة القعيطية،ففي عام 1877م أثار القعيطي مطالبته بالديس الشرقية والقرن وشرمة،وهي مناطق كسادية في تلك الفترة وفي مستهل عام 1878م احتل القعيطي هذه المناطق. وفي هذا الصدد يقول الأستاذ سعيد عبدالرب الحوثري رئيس جمعية التراث والآثار بالديس "حصن الدولة تم بناؤه بهيكله الموجود بالصورة وبدون ملحقات حوالي عام 1822م،وأول من أسس جدرانه الصغرى كان في عهد حكم الكسادي عندما استقر به المقام في القرن،ثم أشاده السلطان عمر بن عوض القعيطي الأول". هذا وقد تم اختيار موقعه في تلك الفترة على الطرف الجنوبي للبلدة،لكي يلعب أكثر من دور في ساحة عامة تستقبل العروض والمهرجانات والكرنفالات المحلية التي تقام في مواسمها. كما شهد هذا الحصن معركة دخلة الديس في عام 1344ه بين جنود السلطنة القعيطية وبدو الحموم إبان الصراعات التي شهدتها تلك الحقبة الزمنية،وكان رمزاً من رموز الصمود للمدينة الذي صمد حتى آخر لحظة وبسقوطه سقطت المدينة. وهذا الحصن كان المقر الوحيد للحكم،وقد تناوب عليه الكثير من النواب الذين يوازون اليوم مديري العموم ونذكر منهم: - المرحوم محفوظ محسن بن بريك. -المرحوم عمر عوض مخارش. -المرحوم عبدالله عوض مخارش. -المرحوم سالم عبيد العفاري التميمي. -المرحوم بدر أحمد الكسادي. وآخر قائم بعد الاستقلال هو المرحوم أحمد عبدالله اليزيدي. كما ارتاده قضاة أجلاء تعاقبوا على ذلك ونذكر منهم: -المرحوم أحمد عبيد سعيد باصلعة. -المرحوم سالمين عبدالله شطر. -المرحوم عبدالله محفوظ الحداد. المرحوم الشيخ محمد عمر العماري. المرحوم أحمد عوض بامخرمة. آخر قاضٍ قبل الاستقلال هو حسين محمد مديحج. وقد أضيف له في الجهة الشرقية مبنىً ملاصق أثار تساؤلاً وجدلاً في الشارع وعلى طاولات المسؤولية،ربما هنا لايحق لي أن أفتي في هذا،ولكن يمكن القول أن تبقى قضية حماية التراث المعماري،تبدأ بفهمه وتدعم عن طريق المختصين به، ولايمكن أن تبقى قضية حماية التراث شاناً صحفياً يتناوله الهواة والناقدون أو موضوعاً سياحياً يخص الغرباء ويحضر من أجلهم فقط، بل إن حماية التراث هي قضية ومسؤولية قومية يشترك فيها الأفراد والجماعات والدول والجامعات. وإذ كانت عملية حماية التراث تبدأ بمسحه وتصنيفه وترميمه فإن دراسته وتحديد ملامحه الجمالية المتميزة من المواضيع الاختصاصية التي كانت هماً دائماً. ولابد من التوسع في دراسته والمشاركة في إغنائه،على أن التخطيط المستقبلي ينبغي أن ينطلق من الوعي التراثي ومن حماية الآثار المعمارية ومن ثم دراسة خصائصها وفلسفتها. وفي عام 1967م بعد سقوط السلطنة القعيطية وقيام الثورة ظل يقوم بالدور نفسه،ولكن بعد هدم مبنى الشرطة الواقع بجانب المجمع الحكومي تمّ تحويل الشرطة إلى الحصن مؤقتاً حتى العام2006م. الصفات العامة يقع الحصن في وسط مدينة الديس بين الأحياء الثلاثة الشهداء والثورة والصيادين على مقربة من حارة البلاد التاريخية وأمامه مستشفى الديس ومبنى الإدارة المحلية. يقف على مساحة عامة قدرها 212.8م2 بطول 16 متراً من الشمال إلى الجنوب وعرض 63.30متراً شرق غرب مع إضافة الملحق بعرض 4.7متراً. ويختلف مساحة الحصن عند الأساس عنه في العلو،فهو يضيق كلما بعدت عن الأرض،ويرتفع عن الأرض أكثر من 11متراً تقريباً. حيث يتكون من ثلاثة أدوار،كل دور يختلف من حيث عدد الغرف والأهمية التي يكتسبها،الدور الأول"الأرضي" يتكون من سبع غرف مع الحمامات ومطبخ،حيث توجد في مقدمة المبنى غرفتان كبيرتان،الغرفة التي في الجهة الغربية مقر للقائم وموظفيه وإلى جانبها غرف للحجز اليومي،وغرفة أخرى كمستودع للسلاح. وهناك الغرفة الشرقية وهي مكتب للمحكمة الشرقية والقاضي وموظفيه. الطابق الثاني ويتكون من غرفتين كبيرتين في المقدمة ومجموعة غرف صغيرة في الخلف حيث تعتبر الغرفة التي في الجهة الجنوبية الغربية مقراً للاجتماعات بالشخصيات الاجتماعية والزوار. أما الغرف التي في الجهة الشرقية فكانت تستخدم للضيوف من خارج المديرية،وغرف متوسطة السطح على جانبيها أسطح ومطبخ وحمام،ويعتبر هذا الدور سكناً لأسرة القائم. وقد بني هذا الحصن من مواد البيئة المحلية من الطين المخلوط بالتبن ومع مادة الجص للتزيين، واستخدم فيه أعواد"القبال"و"السرج"و"الريش"في السقف. وقد زين بمجموعة شبابيك أعطته جمالاً وفناً بديعاً. الحصن مزاراً سياحياً يعتبر هذا الحصن معلماً من معالم المدينة التاريخية والأثرية والسياحية، وهناك أفكار ومقترحات لتحويله مركزاً ثقافياً ومتحفاً محلياً، ولكن يجب ألا يتخذ ذلك إلا بعد دراسة مستفيضة،ونتمنى أن تزول عنه غيمة الصيف وضربات المطرقة والسندان.