قد يزل لسان أحدنا في بعض الأحيان بحديث يخدش الآذان.. وقد تستدعي البعض مواقف يتلفظ فيها بأقوال تخدش الحياء العام دون إرادتك قد يغفرها لك البعض وقد لايغفرها.. لكن عندما تكون هذه الألفاظ ليست مجرد زلات لسان بل هي عادة اعتاد عليها الناس أو بالأحرى ظاهرة تنم عن انفلات أخلاقي يوشك أن يعم المجتمع.. حينها فقط يستوجب الأمر أن نقف أمامه. فماهي الأسباب وراء تفشي هذه الظاهرة؟ وماهي العوامل التي تساعد على انتشارها؟ ومادور الأسرة والمجتمع في انتشارها؟ وماهو العلاج؟ ومارأي علم الاجتماع وعلم النفس في ذلك؟ هذه الأسئلة وغيرها تجيب عنها السطور التالية: عندما تراقصت أمامي فكرة الاستطلاع كان لا بد لي من التنفيذ لكن على أرض الواقع كان العائق الوحيد رفض أغلبية الشباب بالحديث عن هذا الموضوع حتى التقيت الأخ سعيد محمد سعيد كلية الآداب بدأ في بداية الأمر متردداً ثم صارحنا قائلاً: «عادة لا أجد غضاضة بالحديث بهذه الألفاظ بيننا البين أما أمام الناس فهذا غير لائق ثم استرسل الأخ سعيد قائلاً: تحدث مثل هذه الأشياء بين الشباب بشكل عام وعلى وجه الخصوص أثناء جلسات القات بحيث يمضون أوقات فراغهم بها وتحدث أشياء كثيرة يعف اللسان عن ذكرها. وعند محمد عبدالله سنة رابعة علم اجتماع ربما السبب مختلف» لكنه ليس أحسن حالاً من سالفه الذي تردد هو الآخر بالحديث ثم أباح لنا بقوله: أنا أحد الشباب الذين يتلفظون هذه الألفاظ لكن بشكل خفيف كمزاح بيننا نحن الشباب لكنني لا أؤيد انتشار هذه الألفاظ خاصة أنها انتشرت حتى في دور العبادة أثناء الوضوء. يقاطعه الأخ نجيب أحمد سنة رابعة - علم اجتماع حيث يقول: في بعض الأحيان تخرج لا ارادية إلا أن هذه الألفاظ مرفوضة من قبل المجتمع حيث يؤثر على سلوك الأطفال سواء كانوا في الشارع أو المنزل. كأنه يقول السلام عليكم وعندما سألتهم عن سبب تفشي هذه الظاهرة قال محمد عبدالله: يعود ذلك إلى ضعف شخصية الشباب حيث يحاول من خلال هذه الألفاظ اظهار نفسه كبيراً وذا شخصية قوية اضافة إلى أن هذه الألفاظ أصبحت موضة إذا لم يتحدث بها يرى في نفسه نقصاناً حيث يبدأ الشباب باتهامه بأنه ضعيف الشخصية أواتهامه بأنه غير اجتماعي حتى أصبح هذاالكلام عادياً كأنه يقول السلام عليكم. هروب الشباب ويعزي نجيب أحمد انتشار الظاهرة حد قوله إلى«تسرب وهروب الشباب من المدارس والمحاضرات حيث يؤدي إلى اكتساب هذه الألفاظ السوقية حيث نجد الشباب في أغلب الأوقات يسب ويتلفظ الألفاظ البذيئة» ويضيف نجيب بهدوء قائلاً: حيث لابد للشباب أن يتخلق بالأخلاق الحسنة لكي لايؤثر على الأطفال حيث أنصحهم بتجنب هذه الألفاظ. أفلام أجنبية ويرجع سعيد انتشار هذه الظاهرة إلى«الصحبة السيئة والأفلام الأمريكية بما فيها من حركات سيئة يقلدها الشباب بشكل أعمى وكذا نقص الوازع الديني وكذا نقص التربية والبطالة بشكل خاص حيث يمضي الشباب أوقاتهم باكتساب أشياء غير جيدة». شخصية مريضة يقول«صلى الله عليه وسلم»: من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الايمان» وتقول الأخت نور غازي من كلية الآداب«لست مؤيدة هذه الألفاظ ويعود ذلك إلى ضعف الوازع الديني ونقص التربية والاعلام الذي يساهم من خلال الأفلام في نشر هذه الألفاظ» ثم تستطرد بقولها:الشاب يحاول من خلال هذه الألفاظ لفت أنظارنا نحن الفتيات إلا أنني لا أعره أي اهتمام حيث يظهر نفسه من خلال ذلك أنه جبار إلا أن الناس ينظرون إليه نظرة سيئة أو أعتبره شخصاً مريضاً. وتشاركها الرأي الأخت ن.م حيث تقول: إنها شخصية حقاً مريضة فعندما يتلفظ أحدهم بهذه الألفاظ أمامي لا أعره أي اهتمام كأنه لم يقل شيئاً لأنه إذا أعرته انتباهي سوف يبلغ مقصده فأنا أشفق عليه أكثر من استهجاني له خاصة عندما يكون هذا الشخص قد ترعرع في بيئة فاسدة أما إذا كان شاباً جامعياً فإني أستنكر هذا منه لأن الانسان المتعلم لابد من التعليم أن ينعكس عليه وإلا مافائدة التعليم. كلام يذهلك تستنكر سيناء أحمد خريجة اعلام حيث تقول«القول البذيء بشكل عام منبوذ، وأنا أستغرب من شاب متعلم يتلفظ مثل هذه الألفاظ، وأعتقد السبب يعود ليس مثلما يعتقد البعض نقص الوازع الديني فبرأيي يعود ذلك لاظهار أنفسهن بمظهر الفاهمين باللهجة العامية متعمقين بألفاظها أكثر من غيرهم فيستخدمون هذه الألفاظ «ككود» بينهم أثناء تواجدهم في المنزل كما يستخدمها بعض الشباب أمام الجنس الآخر للفت انتباههن طبعاً حركات بالاضافة إلى وسائل الاعلام التي لاتتحرج من استخدام اللهجة العامية باعتبارها القدوة التي يتمثل الشباب بها ولانغفل دور الأسرة في توجيه الأبناء وارشادهم للسلوك القويم، طبعاً هذه الألفاظ منتشرة من سن «5152» فالبرغم من صغر سنهم إلا أنهم يتلفظون ألفاظاً تذهلك ثم تضيف بحدة لو بيدي أنصح كلاً على حدة لقمت بذلك إلا أن الشباب لايستمعون للنصح فهم يريدون رأيهم فقط. رأي علم النفس يقول الدكتور مازن أحمد عبدالله شمسان مدرس علم نفس ومدير شئون الطلاب جامعة عدن هؤلاء يعانون من أساليب أسرية غير سوية مرجعها إلى أسرة لم تستطع القيام بواجباتها ازاء أولادهم بالتربية السليمة حيث تلعب القدوة دوراً في التنشئة الاجتماعية ويؤدي غالباً غياب القدوة كأن يكون أحد الوالدين مصدر هذه الألفاظ إلى اكتساب هذه الألفاظ. ويضيف الدكتور مازن :إن هذه الألفاظ ليست مقياساً لمقدار المستوى التعليمي أو الثقافي قد نرى أشخاصاً أميين لكن قيمهم عالية، فهذه الألفاظ تعبر عن التربية السيئة، وكذا رفاق السوء الذين يؤثرون على الشباب، فنجد الشاب في المنزل يمثل الاستقامة.. أما في الخارج يسلك سلوكاً سيئاً ومرد ذلك إلى انفصام اجتماعي نتيجة التربية الأسرية، فهذا الشاب غير قادر على مواجهة المواقف نتيجة ضعف الشخصية في الجانب الأخلاقي مثل هؤلاء يعانون من اضطراب في الشخصية ممكن أن يتطور إلى اضطراب نفسي مستقبلاً». رأي علم الاجتماع يقول الدكتور سيف محسن عبدالقوي مدرس مادة انثروبولوجي علم اجتماع جامعة عدن«يعود هذا بالأساس إلى التنشئة الاجتماعية ودور الأسرة في تربية الأولاد على هذه الألفاظ أيضاً بنفس الوقت تعويدهم على الألفاظ الطيبة الكريمة التي يجب أن يتحلوا بها فهذه مسائل أساسية تطلب بها التنشئة الاجتماعية إلى جانب الأصدقاء فهذا يؤثر على النشء حيث نجد الشاب يتأثر بأصدقائه بما يرددونه من ألفاظ سيئة لاتليق بهم فنرجو من الأصدقاء تزويد بعضهم البعض بألفاظ طيبة وأن تؤدي مؤسسات المجتمع دورها لأن التنشئة الاجتماعية تبدأ بالأسرة ثم المدرسة ثم جماعة الأصدقاء ثم النادي.. إلخ. فعلى المؤسسات أن تلعب دوراً في تشكيل ثقافة هذا الجيل هذه مسألة والمسألة الأخرى فراغ الشباب هؤلاء لابد مايتواجدون في ناد ثقافي أو رياضي نجدهم في الشارع فالشوارع ناطقة بكل هذا الكلام البذيء». العلاج يقول الدكتور مازن أحمد «العلاج أن نطلب من الشباب اختيار القدوة الصالحة كاتجاه لشخصياتهم والابتعاد عن كل مايخدش قيمهم.. كما يجب ألا يغيب دور الأسرة والمجتمع والاعلام في التوجيه الحسن . ويرى الدكتور سيف محسن العلاج بقوله: ننصح الشباب باللجوء إلى قراءة الصحف والكتب والقصص وذلك من خلال استفادتهم من المكتبات المتواجدة في الجامعات والمدارس وكذا قراءة المقالات البسيطة التي تنمي لديهم رأياً ثقافياً. ناقوس الخطر قد لايبالي الكثير بتنامي هذه الظاهرة لاعتبارها ظاهرة قديمة ومعتادة لاتشكل خطورة على المجتمع لكننا نرى أن هذه الظاهرة تنامت حتى أصبحت ككرة الجليد تتصلد ونخشى أن هذه الكرة لانستطيع كسرها فالظاهرة تستحق اعادة النظر واعطاءها حجمها الطبيعي وتستدعي الجهود لمعالجتها فهل ندق ناقوس الخطر».