دعت دراسة علمية الحكومة الى التنفيذ الصارم لقانون الضريبة العامة على المبيعات وذلك من أجل تنمية الموارد والقضاء على التهرب الضريبي والجمركي والتخفيف من عجز الموازنة العامة للدولة المرشح للتفاقم جراء انخفاض الإيرادات النفطية خلال العام الجاري. وكشفت الدراسة أن الخزينة العامة للدولة تتكبد خسائر كبيرة تقدر بتريليون ريال خلال العشر السنوات الماضية نتيجة التهرب الجمركي والضريبي وذلك على اعتبار أن حجم ما تفقده الخزينة العامة سنوياً يصل الى 200مليار ريال. وشددت الدراسة على عدم التهاون في تطبيق الأنظمة والقوانين الضريبية والجمركية نزولاً عند مصالح بضعة أفراد في القطاع الخاص يجنون أرباحاً طائلة من وراء تعطيل القوانين أو التحايل عليها بفواتير مزورة تقدم في المنافذ الجمركية بأرقام متدنية لا تعكس القيمة الحقيقية للبضائع. ودعت الوزارات والجهات المعنية مثل وزارة الصناعة والتجارة ووزارة المالية والجهاز المركزي للاحصاء إلى القيام بإجراء مسح عاجل للأسواق المحلية لمعرفة القيم الحقيقية للسلع التي تباع في الأسواق ومقارنة ذلك بالأسعار الواردة في الفواتير وذلك للتأكد من سلامة أو خطأ تلك الفواتير وبالتالي إحالة كل من يرتكب أعمال التزوير إلى القضاء لينالوا العقوبات القانونية. وبينت الدراسة بحسب موقع الاستثمار نت أن هناك العديد من السلع التي تقدم فواتيرها إلى المنافذ الجمركية بأسعار زهيدة تباع في الأسواق بأسعار كبيرة وفي الغالب تصل الى عشرة أضعاف القيمة الواردة في الفواتير. وأوضحت أن تطبيق قانون الضريبة العامة على المبيعات سيقضي على التلاعب في البيانات والفواتير، ويقضي على التهرب الجمركي والضريبي ويحقق في نفس الوقت العدالة الضريبية محذرة بأن التهاون في تنفيذه سيؤدي الى تفاقم الاختلالات المالية وزيادة العجز واستمرار الفساد والرشوة. وتواجه الحكومة حالياً تحديات كبيرة جراء الأزمة المالية العالمية والتي أدت الى انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية الى عتبة ال 30 دولاراً، مما نتج عنه تراجع الإيرادات من الصادرات النفطية التي تمثل نحو 90% من إجمالي الصادرات ونحو 70% من الموازنة العامة للدولة، الأمر الذي دفع الحكومة الى خفض نفقاتها الى النصف باستثناء المرتبات والأجور.. وأوضحت الدراسة أن الأزمة العالمية التي القت بظلالها على الاقتصاد العالمي وتسببت في الحاق خسائر فادحة باقتصاديات العديد من الدول ومنها اقتصاد بلادنا والذي تقدر خسائره بنحو 65 مليون دولار مع انخفاض دولار واحد في سعر برميل النفط وذلك على افتراض أن حصة الحكومة من الصادرات النفطية تصل الى 56 مليون برميل خلال العام الجاري. . وتوقعت الدراسة التي أعدها الخبير الاقتصادي عامر محمد عبدالحفيظ أن تصل خسائر اليمن في عام 2009م الى 6.1 مليار دولار إذا ظلت أسعار النفط منخفضة عند مستوى 30 دولاراً. وشددت على ضرورة تطبيق تعويض تناقص الإيرادات النفطية التي تتسم بعدم الاستقرار والتقلب بموارد مستدامة كالإيرادات الضريبية خصوصاً وأن هناك إمكانية لزيادة وتنمية هذه الإيرادات إذا ما طبقت القوانين الضريبية والجمركية وتمت مكافحة التهريب. وتلقي الانخفاضات المستمرة في أسعار النفط بظلالها على الموازنة العامة للدولة التي حددت سعر برميل النفط ب 55 دولاراً، الأمر الذي جعل وزارة المالية أمام تحديات صعبة وأن التراجع في إيرادات النفط يصاحبة أيضاً تراجع متوقع للإيرادات الضريبية في حال تجميد ووقف العمل بقانون ضريبة المبيعات هذا فضلاً عن توقعات انخفاض إيرادات ضرائب الدخل جراء خفض الضريبة الى 20% للأعمال التجارية و15% للمشاريع الاستثمارية و10% للمرتبات. ويحذر اقتصاديون الحكومة من التسرع في إقرار أية تخفيضات ضريبية قبل تنفيذ قانون الضريبة العامة على المبيعات .. مشيرين الى أن أي إقرار جديد لخفض ضرائب الدخل قبل تنفيذ ضريبة المبيعات سيؤدي الى تكبيد الخزينة العامة للدولة مزيداً من الخسائر مما سيضاعف من العجز المالي للدولة. وشددوا على ضرورة تنفيذ آليات ضريبة المبيعات بالكامل قبل إقرار خفض ضرائب الدخل وذلك حتى تضمن الحكومة تحصيل الإيرادات المستحقة كاملة حتى تضمن زيادة وتنمية الإيرادات. . ودعوا الحكومة الى الاستفادة من التجارب السابقة وخصوصاً قرار خفض الرسوم الجمركية الذي تم في عام 2005م والذي كان يستهدف رفع الإيرادات وخفض الأسعار والقضاء على التهريب، غير أنه رغم مرور خمس سنوات على تطبيق هذا القرار، إلا أن النتائج جاءت مخيبة للآمال حيث لم ترتفع الإيرادات بل انخفضت في السنوات اللاحقة، بينما الأسعار ارتفعت والتهريب لا يزال مستمراً. الجدير بالذكر أن الموازنة العامة للدولة لا تزال تعتمد بشكل كبير على إيرادات النفط بنحو 70% والقروض والمنح الخارجية بينما لا تمثل الإيرادات الضريبية والجمركية سوى نسبة بسيطة تقل عن 20% فقط، مما يستدعي العمل المكثف من قبل وزارة المالية والجهات الإيرادية التابعة لها وذلك من أجل تنمية الإيرادات غير النفطية وتقليص الاعتماد على النفط لما لذلك من مخاطر كبيرة ليس على الموازنة العامة للدول فحسب ولكن على الاقتصاد الوطني بصفة عامة.