أنجزت الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال 92 في المائة من مكونات مشروع تصدير الغاز المسال، الذي يعد أكبر مشروع اقتصادي تشهده اليمن، حيث تبلغ كلفته الإجمالية 4 مليارات دولار.. ويتوقع مسؤولو الشركة تشغيل الخط الإنتاجي الأول بطاقة 3 ر3 مليون طن متري من الغاز وتصدير أول شحنة بداية الربع الثالث من العام الجاري، على أن يتم تشغيل الخط الإنتاجي الثاني بعد خمسة أشهر من تصدير أول شحنة، لتصل الطاقة الإنتاجية المؤكدة للخطين إلى 7ر6 مليون طن متري سنوياً من الغاز المسال، ما يعادل 180 ألف برميل نفطي يومياً. وفيما يعوّل الاقتصاد اليمني كثيراً على المشروع للدفع بعجلة التنمية الاقتصادية، وتعويض حجم التراجع الملحوظ في كميات وأسعار النفط؛ تسعى من خلاله الحكومة إلى وضع اليمن على الخارطة الاستثمارية العالمية، وكسب ثقة المستثمرين العرب والأجانب، وإتاحة الفرص لهم لدخول الأسواق اليمنية، والاستفادة من المزايا والفرص الاستثمارية المتاحة.. يؤكد وكيل وزارة النفط والمعادن المهندس عبدالملك علامة أن انجاز المشروع ودخوله مرحلة الانتاج سيجعل من اليمن موقعاً استراتيجياً لإنتاج وتصدير الغاز خصوصاً في ظل وجود مؤشرات إيجابية واعدة بهذا المجال في اليمن. وبحسب بيانات الشركة فإن احتياطي الغاز في مأرب المخصص للمشروع يشمل 15ر9 تريليون قدم مكعب من الكميات المؤكدة، خصص منها تريليون قدم مكعب للسوق المحلية، بالإضافة إلى 7ر0 تريليون قدم مكعب كميات إضافية محتملة.. ووصلت نسبة الانجاز في محطة بلحاف 6ر93 بالمائة و7ر99 بالمائة في إنشاء خط أنبوب الغاز بطول320 كم اضافة إلى إنجاز 56 بالمائة في منشآت المنبع ومن المقرر أن يتم تصدير 7ر6 مليون طن متري من الغاز الطبيعي المسال ولمدة عشرين سنة إلى الأسواق الكورية والأمريكية والأوروبية وغيرها من الأسواق المحتملة في المستقبل.. فيما يتوقع أن تبلغ إيرادات الحكومة اليمنية خلال نفس الفترة بين 30 - 50 مليار دولار، حيث ستحصل على 65 بالمائة من إجمالي صافي الأرباح لجميع الشركاء. ويوضح المسئولون في الشركة أن أسعار بيع الغاز إلى السوقين الأمريكية والكورية سوف تحتسب وفق معادلة تراعي المتغيرات العالمية لسوق الغاز، حيث سيتم مراجعة الأسعار كل ثلاثة أشهر مع كوريا، واعتماد متوسط السعر اليومي في بورصة الغاز عند التصدير إلى أمريكا.. وتعتبر الشركة أنها حصلت في عقدها الموقع مع كوريا الجنوبية على واحد من أفضل الأسعار في السوق الآسيوية، كونه سيؤمن دخلاً مستقراً وثابتاً للمشروع بالمقارنة مع السوق الأمريكية التي يمكن تحقيق أرباح كبيرة منها لكن بصورة أقل استقراراً. وفي ذات السياق وقّعت الشركة عقوداً أخرى مع شركة "جي. دي. إف. سويز" وشركة "توتال" للغاز والطاقة يتم بموجبها إمداد السوق الأمريكية بحوالي 70 بالمائة من إجمالي حجم الصادرات السنوية للمشروع. يقول مدير عام الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال جويل فورت إن مستوى التطور والتعقيد التكنولوجي المستخدم في المشروع يجعل منه واحداً بين 20 مشروعاً مماثلاً في العالم ككل.. مشيراً إلى أنه باستكمال المرحلة الإنشائية وبداية الانتاج التجاري فإن المشروع سيمثل أكبر مصدر دخل منفرد لليمن خلال ال 20 25 سنة المقبلة. وتحتوي محطة بلحاف التي بدأ وصول الغاز إليها من منشآت المنبع بحقول صافر محافظة مأرب في نوفمبر 2008 على خزانين للغاز الطبيعي المسال سعة كل منهما 140 ألف متر مكعب.. واستكملت الشركة استلام اسطول الناقلات المكون من أربع ناقلات عملاقة سعة كل منها 157 ألف متر مكعب استأجرتها لمدة عشرين عاماً وفقاً للعقود الموقعة بين شركتي توتال للغاز والطاقة المحدودة الفرنسية ومولر الكورية. واستوعبت مرحلة التنفيذ للأعمال الانشائية للمشروع التي بدأ تنفيذها منذ النصف الثاني من عام 2005م نحو 10 آلاف و600 عامل منهم سبعة آلاف يمني، وفي حين سيبلغ عدد الموظفين الدائمين في المشروع 700 موظف، تخطط الشركة للوصول بنسبة العمالة اليمنية إلى 90 بالمائة بحلول عام 2015م.. وبهذا الخصوص أعدت الشركة برنامج يمننة الوظائف لضمان توظيف اليمنيين وتدريبهم وتأهيلهم بشكل مبدئي ليشاركوا في مرحلة التشغيل الأولى وإدارة محطة تسييل الغاز في بلحاف من خلال إنشاء مركز تدريب تقني في صنعاء وآخر بشكل دائم في بلحاف لضمان استمرارية عملية التدريب والتأهيل للكوادر العاملة في المحطة. وبلغ عدد المتخرجين من المركزين 204 عمال ومهندسين يمنيين درسوا لفترات تراوحت بين 18- 24 شهراً والذين سيمثلون الجيل الأول من المشغلين والفنيين والإداريين في المحطة.. وحرصت الشركة ضمن مسئوليتها البيئية على حماية مستعمرات الشعاب المرجانية والأحياء البحرية، حيث تعتبر بلحاف موطناً طبيعياً لأنواع عديدة من الشعاب المرجانية تحوي 79 نوعاً بأعمار تصل إلى 400 سنة، إضافة إلى حماية حاضنات أسماك ذات تكاثر غزير. ونفذت لهذا الغرض أكبر شُعب مرجانية تم إعادة استزراعها بوزن 4 أطنان، والذي يعد أكبر مشروع في العالم (من حيث الحجم) يبذل لإعادة استزراع شعاب مرجانية.. وفي مجال المسئولية الاجتماعية، دشنت الشركة برنامجاً للتنمية المستدامة بميزانية تبلغ 26 مليون دولار على مدى الفترة من 2008- 2012م، بهدف تحسين مستوى المعيشة ورفع فرص تنمية التجمعات السكانية المجاورة لمناطق عمل الشركة في بلحاف وعلى امتداد خط الأنبوب.. كما حددت الخطة 150 مشروعاً يستفيد منها 20 ألف نسمة في مجالات تطوير أعمال الاصطياد البحري وتنمية الأحياء المائية، الأنشطة الزراعية، والتنمية الاجتماعية في مجالات التعليم والصحة والمياه. وتضم محطة التسييل منشآت رئيسية أهمها مولدات الطاقة وبخار الماء، ومحطة تنقية وتبريد المياه، ومعالجة المياه، إضافة إلى مساكن ومبانٍ خدمية ومكاتب دائمة، ووحدات التبادلات الحرارية التي تحتوي منظومة معالجة مياه البحر وتخليص الغاز من الشوائب وتبريده ثم خزنه في صهاريج قبل تسييله إلى مرفأ التصدير المقرر أن يستقبل 100 ناقلة غاز عملاقة سنوياً.. ويضم المشروع ميناء للتصدير في منطقة بلحاف وثلاثة خطوط أنابيب؛ الأول يربط بين وحدتي إنتاج ومعالجة الغاز في مأرب وخط أنبوب رئيس بطول 320 كيلومتراً من محطات إنتاج الغاز في مأرب لتغذية محطة التسييل في بلحاف، وآخر فرعي لإيصال إمدادات الغاز إلى مدينة معبر في محافظة ذمار لتلبية احتياجات السوق المحلية. ويتضمّن المشروع إقامة عدة منشآت جديدة، وتعديل أخرى لإنتاج ومعالجة وتسييل الغاز، ويشمل ذلك إنشاء خط أنابيب يربط بين الوحدات القائمة لإنتاج ومعالجة الغاز في مأرب، وإنشاء خط أنابيب رئيسي يربط وحدات إنتاج ومعالجة الغاز في مأرب بمحطة تسييل الغاز في منطقة بلحاف بشبوة، وكذا خط أنابيب فرعي لنقل الغاز المخصصّ للاستهلاك المحلي إلى مدينة معبر. وتأسست الشركة اليمنية للغاز في أغسطس 2005، وجمعت بين خمس شركات عالمية من ذوي الخبرة العريقة لإنشاء هذا المشروع الاقتصادي الكبير تقودها شركة توتال الفرنسية بنسبة 62 ر 39 بالمائة، فيما تساهم الحكومة اليمنية ممثلة بالشركة اليمنية للغاز بحصة 73ر16 بالمائة، والهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية والمعاشات 5 بالمائة، وشركة هنت الأمريكية للنفط 22ر17 بالمائة، ومؤسسة إس كي الكورية 55ر9 بالمائة، وشركة كوجاز الكورية 6 بالمائة، وشركة هيونداي الكورية 88ر5 بالمائة.