الرحمة رقة في القلب يصاحبها ألم ومعاناة لدى شخص بسبب علمه بألم ومعاناة شخص آخر تظهر على شكل سلوك فيه عطف وحنان ورفق وشفقة ولين وإذا فقدت الرحمة حل بدلاً منها التعامل بالقسوة والشدة والغلظة والفضاضة. فالرحمة تجعل الناس ترق لآلام الخلق وتسعى لإزالتها وهي من كمال الطبيعة لأن تبلد الحس والاحساس يهوي بالإنسان إلى منزلة الحيوان وهي العاطفة الحية النابضة بالحب، بل وقد يكون الدافع لهذه الرحمة باعث واحد أو أكثر وأهمها الباعث الديني الذي يتمثل في إرضاء الله عزوجل رجاء مغفرته ورحمته، وقد يكون باعثاً نفسياً يدفع صاحبه للبذل والعطاء على سبيل المشاركة الوجدانية للآخرين ومحبتهم وقد يكون باعثاً اجتماعياً يتمثل في قيام الفرد برحمة الضعفاء والمحتاجين استجابة للواجب الاجتماعي وبما تقتضيه الأعراف والتقاليد الاجتماعية. فماذا إذا تراحم الناس؟ إذا رحم الولد أبويه وخفض لهما جناح الذل من الرحمة وشفق عليهما ورأف بهما وعمل بما يرضيهما في طاعة الله عزوجل هذا أولاً طاعة لله عزوجل ورداً للجميل ولكن سيكون سبباً في بر أولاده به وصلاحهم له. إذا رحم الوالداين أبنائهم واعتنوا بهم وربوهم وعلموهم حتى يصبحوا كباراً قادرين على العناية بأنفسهم سيكونون لهم سنداً ومعيناً في الحياة بإذن الله عزوجل. إذا رحم الإنسان جاره وأعطاه وأكرمه ورحب به فإن جاره سيظل دائماً يذكره بالمعروف ولن يؤذيه. إذا رحم الإنسان ذوي الحاجة والعاهة وأعطاهم من مال الله الذي هو مستخلف فيه سيبارك الله في ماله ويسهل عليه أموره. إذا رحم العالم أو الأستاذ طلابه فلن ينفضوا من حوله بل سيلتفون حوله ويأخذون بما يقول ويعملون به. إذا رحم الإنسان أخاه المظلوم الذي تعرض لسلب حقه أو إهانة وكان ذلك بسبب ضعفه أو جهله، سيقيض الله له من يدافع عنه إذا جاء يوم وسلب حقه. وإذا رحم الناس بعضهم بعضا فسيرحمهم الله وينزل عليهم بركاته ورحمته وأخيراً لنكون من الذين قال الله فيهم «رحماء بينهم». الهي.. يارحمن الوجود يامن وسعت كل شيء رحمه ورحمتك في كل ذرات الوجود فلا نرى شيئاً إلا ونقرأ من آيات رحمتك مايجذبنا إليك وتطمئن قلوبنا بواسع حنانك رحمتك بالعوالم دلتنا على سعة الحنان فاطمأنت قلوبنا بأنك الرحيم بجميع الأكوان وأنت تحب الرحمة لأنها صنعتك ونحن المستحقون لها لأن عيوبنا كثيرة فانثر علينا رحمتك يا إلهي.