فيما يهجر اهالي منطقة موشج جنوب مدينة الخوخة بمحافظة الحديدة مسجدهم الأثري منذ أكثر من مائة عام حتى اليوم لاعتقادهم بأنه كنيسة!! يقف اثريون يمنيون على النقيض من ذلك مؤكدين بأنه مسجد اثري وتاريخي، مستبعدين أدنى إحتمال أن يكون المسجد كنيسة يوماً ما . وحتى لا تغيب حقيقة واسرار مسجد موشج كماغابت تفاصيل الإعتداء عليه مؤخراًَ بالنبش والتخريب بغياب المسؤول المعني بحماية المعالم التاريخية والأثرية في اليمن حاولت وكالة الانباء اليمنية/سبأ/البحث عن حقيقة واسرار هذا الموقع ووضعه الراهن في هذا التقرير: مدير عام الآثار بديوان وزارة الثقافة أحمد الروضي قال " إن مسجد علي بمنطقة موشج هو مسجد اثري يؤكده محرابه ومئذنته وقبابه الخمس البديعة الجمال، وليس كنيسة كما يدعي ويعتقد اهالي منطقة موشج، الذين أكدوا بأن المسجد مهجور منذ سنين وانه لم يذكر احد منهم انه صلى فيه ركعة واحدة منذ زمن. واعتبر الروضي تردد جماعات من البهرة وعائلاتهم لتأدية العبادة في أيام غير محددة بالمسجد المهجور وتردد السياح والأجانب وجنسيات مختلفة، شيء عابر لطبيعة شغف السياح لمشاهدة وزيارة مثل هذه المعالم التاريخية كنوع من السياحة ولا تتعلق بأي هدف آخر، خاصة وان وضعه الراهن غير قابل لأداء الصلاة فيه منذ سنين طويلة نظراً لوجود كثير من الأتربة والأوساخ داخل بيت الصلاة . ونوه الروضي إلى أهمية مسجد علي الأثري،وفرادة طابعه المعماري والإسلامي، وموقعه الاستراتيجي قبالة شاطئ البحر الأحمر، والذي يتكون من حرم المصلى وقبة ضريحيه وبركة وحمامات وضوء وبئر وفناء شمالي ومساحته مستطيلة الشكل تمتد من الشرق الى الغرب بطول حوالي27 متراً وبعرض حوالي 20ر34 متراً من الشمال الى الجنوب، فضلاً عن قربه من الطريق الساحلية التي تم شقها مؤخراً . واكد الروضي في تقرير ميداني اعده وزميله المهندس سمير القدسي بتوجيه من وزير الثقافة محمد ابو بكر المفلحي بعد الإعتداء الأخير الذي تعرض له (مسجد علي) من أعمال نبش وتخريب طالت معظم أجزائه من قبل مجهولين بدعوى وجود كنوز اثرية بالمسجد، بضرورة ترميم المسجد والعمل على انقاذه من السقوط والانهيار بصورة عاجلة نظراً لحالته السيئة والخطيرة الواضحة في تشققات جدرانه الداخلية والخارجية،وتآكل أساساته بفعل الزمن، فضلاً عن الاضرار التي خلفتها الأيدي العابثة من قبل ضعاف النفوس.. مبينًًا في نفس الوقت ان الاعتداء طال نبش في كثير من اماكنه حيث تعرض مدخل مئذنة المسجد لنبش بعمق أكثر من 15ر 1 متر، وتخريب جدران بيت الصلاة، وحفر عشوائي بغرفة الضريح الملحقة بالمسجد والذي يصل بعمق50ر1 متر وطول 3 أمتار وعرض حوالي 20ر1 وثقب كبير في الجدار الجنوبي للغرفة، إضافة إلى نبش ضريح في المسجد بعمق حوالي 20ر1 متر، إلى جانب تشققات كبيرة في جدران بيت الصلاة وعلى أبدان القباب،وسقوط جزء كبير من أقبتها،والناتجة عن عوامل الزمن وهجر المسجد. داعياً إلى ضرورة اجراء دراسة علمية وبحثية دقيقة للمسجد مع إجراءات مجسات اختباريه تحدد الفترة التاريخية الدقيقة لتحديد عمر المسجد، والحفاظ على طابعه الأثري، منوهاً بالأهمية الإستراتيجية لموقع هذا المعلم التاريخي لموقعه على شاطئ البحر والطريق البحري التي تم شقها حديثاً ليكون مزاراً سياحياً جميلاً للمارة في هذا الطريق البحري. الباحث عبد الجبار باجل اكد من جانبه أن مسجد علي بموشج لم يكن كنيسة على الإطلاق وانما مسجد صوفي يعود اسمه إلى الولي الصالح علي بن عمر الشاذلي صاحب الطريقة الصوفية المعروفة بالشاذلية في القرن السابع الهجري، كما عرفت المناطق المجاورة والقريبة لموشج الى الولي الصالح منها منطقة يختل علي ومدينة المخا التي عرفت سابقاً ببندر علي .واشار الباحث عبد الجبار باجل وهو رئيس منتدى حيس الثقافي لسبأ إلى أن المسجد كان مزاراً صوفياً تقام فيه العديد من الطقوس الدينية المعروفة في الطريقة الصوفية بالحضرة والتألق الروحي والتحليق في عالم الملكوت بحسب الغة الصوفية. واضاف " كما كان مسجد علي مزاراً يأتي اليه الناس من مختلف المناطق المجاورة لمنطقة موشج للصلاة فيه، وزيارة الولي والتبرك بتراب ضريحه،الذي كان يملؤه القائم على المسجد بالتراب الناعم كل موسم". الأوشج ميناء الحميريين ، وموشا في النقوش الاثرية ونوه باجل بأن منطقة موشج منطقة تاريخية واثرية عرفت في النقوش الأثريةب(موشا) وانها استخدمت كميناء رسمي لدولة الحميريين وكانت تسمى بالأوشج، وانها اشتهرت إلى وقت قريب بزراعة الكاذي، واليها يعود ثالث رائد من رواد شعراء الحميني في اليمن ابوبكر بن عبد الله المزاح الموشجي. وأرجع الباحث باجل هجران أهالي منطقة موشج للمسجد على اعتقادهم بأنه كنسية لأسباب عدة أهمها جهلهم بتفاصيل الحضارة الإسلامية،وفهمهم الخاطئ لقراءة زخارف المسجد والذي ظن البعض منهم أن الزهرة الثلاثية الأوراق المرسومة بجدران واركان المسجد وكثير من المنازل التاريخية القديمة بأنها نجمة اليهود السداسية،بينما هي زهرة ثلاثية تم اعتمادها في الختم الرسولي لبني رسول الذين حكموا اليمن . وكذا تفسير الأهالي للتغيرات الشكلية في ملامح المسجد والتي من ابرزها تفسيرهم لأبواب المسجد التي لم تكن من الجهة الجنوبية المقابلة لمحراب قبلة الصلاة كما هو متعارف عليه في معظم المساجد، ووضعها بالجهة الشمالية محاذاة للمحراب، وتردد السياح والأجانب على المسجد بعد هجره بأنه كنيسة وليس مسجداً..ولم يدركوا أنها حكمة يمنية استدعتها الحاجة الى الحد من الأتربة التي تدفعها الرياح الموسمية القادمة من الجنوب والتي تدفن المسجد والمصلين بالتراب وخاصة في فصل الشتاء وتعرف محلياً(بالأزيب). كما اكد أمين عام المجلس المحلي بمدينة الخوخة محمد عبده ردمان من جانبه أن المسجد مهجور منذ زمن بعيد، ولم يصل أهالي منطقة موشح الحاليون فيه ركعة واحدة، وعرفوا كابراً عن كابر بأنه كنيسة مهجورة، ولا تصلح الصلاة فيه. واضاف ردمان : لا أحد يصلي في هذا المسجد منذ سنين قديمه،والبعض يذكر انه كنيسة وكان يتعبد فيه رجل يهودي أومسيحي يسمى موشى علي الزيان، والبعض منهم يدعي بأنه كنيسة وتم تحويلها الى مسجد. لافتاً الى ان الناس عزفوا في السؤال عن صحة تلك الاقاويل والاحاديث ربما لأنها لا تستند الى وثائق ومعلومات صحيحة ودقيقة بشأن اي شخص ما قد صلى فيه . وعن نبش وتخريب مسجد علي أفاد أمين عام المجلس المحلي انه منذً اكثر من سبعة اشهر تقريباً تردد على المسجد المهجور افراد لعدة ايام متنكرين في ملابس نسائية ومعهم سيارة هيلوكس موديل 2004م، قاموا بعملية التخريب والنبش للمسجد بحثاً عن الكنوز الاثرية التي بداخل المسجد ..موضحاًً ان الافراد الذين قاموا بأعمال النبش والتخريب لم يلتفت لهم احد سوى رجل مريض يعاني من حالة نفسيه من ابناء المنطقة يتخذ من المسجد المهجور مأوى له والذي اخبرهم انه خاف من الافراد المتنكرين بملابس نسائية من ايذائه بعد ان عرف انهم اخرجوا شيئاً اصفر واعطوه عشرين الف ريال . وتابع ردمان" عندها قمنا بإبلاغ اجهزة الامن بواقعة الحادثة عن المجرمين، تم القبض عليهم بمنطقة تقع بالقرب من مدينة زبيد، وفقاً للبيانات التي اعطياناها للامن، ولكن فوجئنا أنه تم الإفراج عنهم في ظروف وصفها بالغامضة . كما ذكر الباحث عبد الجبار باجل اعتداءات اخرى حدثت لمسجد علي منذً سبع سنوات تقريباًً تمثلت في سرقة اللوحة الخشبية التى تقع فوق محراب الصلاة التي تؤرخ وتوثق تاريخ بناء هذا المسجد وذلك عقب مبيت سياح أجانب بالمسجد اثناء ترددهم عليه . الجدير بالذكر ان مسجد علي بموشج قد شيد بمادة الطوب المحروق ( الآجر) والطين كمادة رابطة والنورة في التكسيات الداخلية للجدران ومادة الخشب كمادة رابطة في بناء الجدران ومداخل الأبواب، ويتقدم الواجهة الشمالية للمسجد فناء مكشوف طوله حوالي26 متراً وعرضه حوالي 26 متراً محاط بسور حجري ارتفاعه120سم مكسو بمادة الطين والنورة . وتبقى مسألة الحفاظ علي مسجد علي الأثري بموشج، وانقاذه من السقوط والإنهيار نظراً لمعطيات التقرير والصور الموضحة لحالته السيئة والخطيرة مهمة إنسانية وواجباً دينياً يحتم علي الجهات المعنية سواء في وزارة الأوقاف بصفتها الجهة المسؤولة عن الحفاظ على المساجد اليمنية بشكل عام ،أووزارة الثقافة ممثلة بهيئتيها الأثار والحفاظ على المدن والمعالم التاريخية الاسراع بإنقاذ هذا المسجد والعمل علي صيانته واعادة تأهيله .