قال تعالى : ((وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ )) البقرة155 الصبر ثم الصبر ثم الصبر. هل تظن أن بناء عمارة لا يحتاج منك لصبر ، وطبخ وجبة ألا يحتاج منك لصبر ، فمابالك وأنت تبني ذاتك تبني منها حضارتك ، تبني بها أمتك ، أتعتقد أنك لا تحتاج إلى صبر .. بل صبر طويل ..طويل ، نعم لقد بدأت ولكن لا يعني ذلك أنك انتهيت. تذكر مهما رأيت من بلاء ابتسم أنت مأجور .. ولا يغرنك بالله الغرور ... وتذكر كل ما سيأتي هو خير .. بصبرك و أملك بالله .. وهو شر بتهورك وتعجلك ... قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ)).. مسلم أليس هذا أغرب ما في الأمر إنك مأجور مأجور ، فهل بعد ذلك ظنك بالله يخور ، إن أبلغ درجات الصبر هو صبرك على شهوات نفسك ، صبرك على نزعاتك ورغباتك ، ربما صبرت على من سبك لأنه أقوى منك ، وتنازلت عن حقك عند من ظلمك لأنه أوسع منك سلطة ، ولكن من لا تملكه لاتحكمه ،إنك مالك لنفسك ، ونفسك لله ، فما أبلغ وأصعب من أن تصبر على نفسك ذاتها .. ولتجرب . والتجربة خير برهان .. أخي .. أختي لا تعتقد أن وصولك لما تريد سهل وسلس ، فلابد أن تواجه دبوساً ما ، عقبة ما ، كلما تجاوزتها اكتسبت مهارة وقوة للتقدم ، إن تلك العقبة إنما هي توقف للتذكر ، للتدبر في خطواتك الماضي أين مكمن الصواب وأين مكمن الخطأ ، إنها وقفة للمراجعة والتدقيق ، إنها تمثل للمحاسبين ، وقفة لمراجعة الحسابات الختامية ، ولنا كذلك ، فعندها تضع الخطط الجديدة والبدائل الأفضل ، حتى تعود أفضل مما كنت ، ولكل حصان كبوة ولكل فارس هفوة . وتذكر التوقف للتفكير ، السقوط للتدبير ، والفشل معناه تجربة جديدة ، الفشل هو التوقف التام ، النجاح هو البدء من حيث توقفت . ودمتم بخير ... ولنا لقاء