في البداية ظهرت الأحزمة مطرزة بالذهب والفضة كحوامل للسيوف في بعض مراحل التاريخ اليمني الوسيط وقبل ان تصبح زينة لربط الخنجر اليماني المعروف بالجنبية كتقليد للرجل يلبسه على خاصرته حتى تحولت الصناعة إلى جزء من الحرف اليدوية المطرزة بالنقوش الجميلة ذات الدلالات المختلفة وغدت هذه الأحزمة مثيرة للحواس والنفوس معا كجزء من موروث ثقافي قديم يعتز به اهل اليمن ويفخر فيه رجاله . ومع الزمن بحسب موقع الاقتصادي اليمني أدخلت بعض مستلزمات صناعة الأحزمة مواد مستوردة مثل الخيوط الهندية والفرنسية المعروف باسم (سيم ) اما النقشات فتوارثتها الأجيال تباعا وعممتها الايادي النسوية الماهرة بقوالب فنية وحياكة يدوية قبل أن تدخل على العملية الماكينات لتخدش بعض النقوش وتشوه معالم هذه الصناعة التي مازالت حرفة متداولة ومزدهرة في اليمن وهي تؤمن فرص للعمل وتزين الرجال بالسلاح الأبيض كما تزين المعارض والحوانيت التجارية عند عرضها بالأسواق الشعبية اليمنية كما سنرى ذلك في التحقيق التالي: بداية يقول الباعة في الحوانيت المتخصصة بتسويق الاحزمة في صنعاء اولا ان هذه الصناعة كادت تنتهي لكن الصندوق الاجتماعي للتنمية مع الهيئة العامة للآثار نبها من خلال اعداد دراسة موثقة بالصور والأدلة اشارت إلى ان هذه الحرفة بدأت تضمحل وقام الفريق الباحث الذي اعد الدراسة برئاسة امة الباري محمد العاضي بتشخيص المشكلة وتقديم بعض الحلول المقترحة لإنعاش صناعة الأحزمة بعد ان تبين ان هذه الحرفة مهددة بالانقراض ويبقى إفراد قلائل يعملون في نسجها. حرفة منزلية وفي سوق الملح بالعاصمة اليمنية القديمة حدثنا البائع محمد العميسي عن صناعة الأحزمة مؤكدا ان حرفة التطريز مازالت بيد النساء كحرفة منزلية ثم يتم تسويقها والترويج لها وبيعها بأسعار جيدة ويوضح بأنه يتم صناعة الاحزمة يدويا باستخدام ابرة الخياطة العادية اما النقوش فتتم بغرز التطريز التي تختلف انماطها وتسمياتها من عصر إلى أخر وتتابع النساء العلامات التخطيطية التي يقوم بوضعها فنان متخصص بالنقوش وحياكتها بخيوط من نفس الألوان التي يحددها الرسام للنقوش المثيرة لحواس المشتري والمحببة للنفوس الذواقة التي تهوى لبس الخناجر اليمانية التقليدية . ويقول العميسي مايزعجنا الان هو استيراد الخيوط من الهند وفرنسا والخيوط الفرنسية باهضة الثمن مما أثر على صناعة الأحزمة في اليمن ومع ذلك نقوم بشراء الآلاف من الأحزمة والترويج لها في هذا السوق الشعبي لكي تعود الروح لهذه الصناعة.. أما الحرفي هائل يحيى فيقول : لقد توارثت الأجيال في العديد من المدن اليمنية مراكز صناعية هامة و بلغ عدد المصانع في مدينة زبيد وحدها في مجال الحياكة فقط مائة وخمسين مصنعاً ومايعادل ذلك من المعامل والورش الخاصة بصناعة الاحزمة والخزف وصياغة الفضة والذهب،وغيرها.. ويؤكد يحيى ان الأحزمة المطرزة تعد اكثر جذبا ومحل اعجاب وتقدير الناس الذين يلبسون الخناجر البيضاء المعروفة بالجنابي لدقة صنعها وجمالها ولم تنافسها الاحزمة المستوردة رغم رخص ثمنها وظلت الاحزمة المحلية الصنع محل اهتمام المواطن اليمني , ماركة محلية وعن نوع الحزام وانتسابه يقول غالب سعد وهو بائع للاحزمة ان اصالة الحزام وماركته تتميز بعلامات الشهرة التي عليه اسم الجهة المصنعه له فهناك بيوت واماكن باتت معروفة ومشهورة بحياكة الاحزمة فيقال ان هذه ماركة كبسية او متوكلية او مفضلية نسبة إلى بيوت معروفه وهي بيت الكبسي وبيت المتوكل وبيت مفضل وهذه البيوت مشهورة في احتراف وصناعة الأحزمة الجميلة والرائعة بنقوشها الذهبية التي غالبا ماتكون مكسية بلمعان خاص . حرفة متوارثة وقد خضعت صناعة أحزمة العسوب للتطوير في النقوش والتطريز المثير وقد تعلم الابن من والده او والدته كما يقول عبده مقبول الحرفي انه ورث المهنة عن والدته ومارسها قبل ان يصبح معلما لفؤاد واحمد من اولاده ونقل اليهم فن النقش لتمكينهم حرفة يستطيعون من خلالها مواجهة منغصات الحياة اليومية .. ويضيف مقبول ان للتشكيل على الاحزمة فنون تسمى : (شبك او شعيرة او شفط ) واللافت ان كلها فنون تشبه الشبك او الشعيرة ابدعها رسام ولكن هذه الاشكال قد تتغير من وقت إلى اخر وذلك عندما يظهر إلى السطح ضات جديده في فن النقش . حزام البراءاة ويرى الحرفي نبيل الذهباني ان الاحزمة لها تسميات اخرى منها حزام البراءاة متعدد النقشات وحزام المرساة نسبة إلى مرساة السفينة وحزام مفضلية ابو عمدان وحزام مفضلية ابو شمعة.. ويقول الذهباني : ان الخيوط التي تحاك بها الأحزمة خيوط قطنية طويلة مشكلة الوانها وخيوط سيم ذهبية وسيم فضية اما الادوات التي تستخدم للحياكة فهي الابرة والمقص واغلفة الشروط التي يلف الخيوط عليها ويؤكد ان الكثير من النقوش تستلهم من ايات الله في القرأن الكريم وأدعية ومأثورات وحكم شعبية. ويؤكد الحرفيون ان الدراسة التي حذرت من تدهور صناعة الأحزمة في اليمن قد حركت المياه الراكدة واعادت العديد من الاسر لانتاج الاحزمة والتفنن في نقشها والترويج اليها لكنهم يجمعون انهم يريدون مركز خاص يجمعهم لصناعة الاحزمة ويحظى بالرعاية والاهتمام لتشغيل العديد من الاسر العاطلة عن العمل.