يعد نظام المناقصات من اكثر المجالات الاقتصادية تعقيدا لكثرة التفاعلات المالية التي تحدث فيه بين القطاعين العام والخاص الا ان النظام الذي تتوفر فيه الشفافية والكفاءة والنزاهة ومحاسبة المخالفين يجعل من الصعب مرافقة الفساد لإجراءات المناقصات . وقد حظي نظام المناقصات في اليمن، باهتمام كبير سواء في الجانب التشريعي او المؤسسي حيث مثل احد حلقات برنامج فخامة رئيس الجمهورية الخاصة بتحسين الاداء الاقتصادي وتجفيف منابع الفساد واحتل موقعا مهما في الإصلاحات الاقتصادية التي انتهجتها الحكومة.. ففي الجانب التشريعي تم اصدار قانون المناقصات والمزايدات رقم 23 لسنة 2007م ولائحته التنفيذية بهدف حماية المال العام والحفاظ على ممتلكات واصول الدولة ومحاربة الفساد في اعمال المناقصات والمزايدات وتحقيق العدالة والمساواة بين المتنافسين والنزاهة والشفافية والمساءلة وضبط وتحديد الإجراءات المتعلقة بالمناقصات والمزايدات والمخازن وتعزيز الكفاءة الاقتصادية في اعمال المناقصات والاشراف والرقابة على إجراءاتها . كما تم اصدار الأدلة الإرشادية والوثائق النمطية لاعمال الاشغال والتوريدات والخدمات الاستشارية والتي حددت إجراءات سير المناقصات بطريقة سهلة ومبسطة وبما لايدع مجالا للاجتهاد الشخصي والتفسيرات . وفي الجانب المؤسسي تم تشكيل اللجنة العليا للمناقصات والمزايدات كإطار مهني مستقل ماليا وإداريا، واستكمال تشكيل لجان المناقصات في مختلف الوزارات والجهات على المستوى المركزي والمحلي وكذا لجان التحليل والتقييم . كما يجري حاليا استكمال تشكيل الهيئة العليا للرقابة على المناقصات والمزايدات والتي ستكون معنية بالرقابة والاشراف على سلامة اجراءات المناقصات ومراجعة الشكاوى والتظلمات التي ترفع اليها من قبل المتناقصين للبت فيها تعزيزا لمبدأ العدالة والمساواة بين المتنافسين . وفي هذا الصدد اوضح رئيس اللجنة العليا للمناقصات والمزايدات المهندس محمد احمد الجنيد ان اللجنة قطعت منذ بدأت عملها مطلع 2008م شوطا كبيرا في جميع الجوانب المتعلقة بالمناقصات ضمن أجندة الإصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية التي انتهجتها الحكومة . ولفت ان انجاز اللائحة التنفيذية لقانون المناقصات رقم 23 لسنة 2007م مثل نقلة نوعية في عمل اللجنة واستكمالا للبنية التشريعية لنظام المناقصات باعتبارها توضح كافة نصوص القانون والاجراءات التي لم يستوعبها كما انها متوافقة مع الممارسات الدولية سواء المانحون او الممولون وتزيد من الاستثمارات ودخول الشركات الاجنبية في المناقصات المحلية. وأضاف الجنيد بأن اجراءات المناقصات لم تعد كما كانت في السابق حيث ركزت اللائحة التنفيذية لقانون المناقصات على اعداد وثائق المناقصات بعد تحديد الاحتياج الفعلي وإعداد دراسة الجدوى الاقتصادية والفنية للمشروع والتأكد من توفر الاعتمادات المالية بهدف الحفاظ على المال العام واستغلاله بأفضل الطرق، وفصلت اجراءات التقييم والتحليل لضمان عدالة وشفافية الاختيار والإرساء. وبين ان الاصلاحات الخاصة بنظام المناقصات تضمنت اعادة تشكيل لجان المناقصات على المستويين المركزي والمحلي وتحديد الإجراءات لكيفية اتخاذ القرارات، وحملت لجان المناقصات المختصة في الجهات تغيير لجان إعداد وثائق المناقصات والتحليل والتقييم وكذا لجان الفحص والمعاينة والاستلام بشكل دوري بعد إجراء تقييم لمستوى اداء هذه اللجان تعزيزاً للشفافية والمساءلة.. واضاف بأن اللائحة التنفيذية اسندت لوزارة الاشغال العامة والطرق إعداد مشروع لائحة تنظم تسجيل وتصنيف المقاولين والاستشاريين في جميع المجالات الهندسية والفنية بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، وإعداد مشروع لائحة تنظم القائمة السوداء للمقاولين والموردين والاستشاريين واسندت لوزارة الصناعة والتجارة إعداد مشروع لائحة خاصة بتسجيل وتصنيف الموردين وإعداد مشروع لائحة المواصفات العامة والقياسية للتوريدات المختلفة بمشاركة الجهات المختصة ذات العلاقة . وأشار بأن الإصلاحات تضمنت ابراز دور الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة في جميع مراحل عمليات الشراء لما لهذه الاجهزة من اهمية في عملية الإصلاح والحد من الفساد، وأخضعت جميع لجان المناقصات لرقابة الهيئة العليا للرقابة على المناقصات والمزايدات ..لافتا الى ان اللائحة التنفيذية اكدت على كافة لجان المناقصات والقائمين على اعمال الشراء بشكل عام تحمل مسؤولية التوثيق والأرشفة لكل عمليات الشراء بصورة منظمة ومرتبة يسهل الرجوع اليها في أي وقت وإن أي اخلال بذلك سيخضع المخالفين للمساءلة القانونية. وأضاف بان اللجنة وقعت خلال العام الماضي مع عشر جهات حكومية جمعت بين السلطتين المركزية والمحلية وبين القطاعات الخدمية والإنتاجية على البرنامج التنفيذي لقانون المناقصات رقم 23 لسنة 2007م وخطة عمل لجان المناقصات في الجهات العشر . ولفت المهندس الجنيد الى ان اللجنة العليا للمناقصات بدأت الخطوات الفعلية لإنشاء نظام مشتريات الدولة البالغ تكلفته حوالي ثلاثة ملايين و500 الف دولار، والذي يهدف الى معالجة الدورة الكاملة للمشتريات بصورة سريعة في تقديم العطاءات وتقييمها والتعامل المباشر مع الاسواق العالمية وبشفافية كاملة وتحقيق كفاءة اكبر وإمكانية الحصول على عروض اكثر بالجودة العالمية والاسعار المعقولة للسلع والخدمات المطلوبة لليمن .. وبحسب دراسات منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية فإن تطبيق هذا النظام سيسهم في تخفيض نفقات الدولة على السلع والخدمات الى 10 بالمائة على اقل تقدير وبالمقابل يزيد من تمويل المانحين الى 100 بالمائة كما سيزيد من قاعدة المشاركة والمنافسة في المناقصات الى 50 بالمائة وتقليل المناقصات الفاشلة . وقال رئيس اللجنة العليا للمناقصات " ان اللجنة تهدف من خلال هذا النظام الى توحيد إجراءات المشتريات في كافة الجهات، وتشجيع التطبيق الثابت لافضل الممارسات الدولية في أعمال المشتريات وتسهيل وتبسيط الإجراءات لكل من معدي وثائق المناقصات سواء في الجهات او مقدمي العطاءات والحد من الاجتهادات في اعمال التحليل والتقييم والالتزام بالأسس والمعايير التي يتم تحديدها مسبقا ضمن وثائق المناقصات" . الإصلاحات التي قطعها اليمن في مجال المناقصات حظيت باهتمام وإشادة المانحين بما فيهم البنك الدولي واعتبروا قانون المناقصات رقم 23 لسنة 2007م ولائحته التنفيذية من افضل القوانين واللوائح في المنطقة . وقال المدير الاقليمي للمشتريات في البنك الدولي (يولندا تايلر) انه تم الاتفاق مع وزارة التخطيط والتعاون الدولي واللجنة العليا للمناقصات والمزايدات على تنظيم ورشة عمل اقليمية لعرض تجربة اليمن في مجال المناقصات على دول الشرق الاوسط وشمال افريقيا بهدف الاستفادة منها . فيما اكد متخصص عقود ومشتريات في البنك الدولي في اليمن ايمن الجندي ان البنك الدولي اصبح يشجع على تطبيق قانون المناقصات المحلي ولائحته التنفيذية في المشاريع التي يمولها في اليمن لما تضمنته من اجراءات دقيقة حددت جميع مراحل المناقصة وبشفافية عالية وفتحت المجال للتنافس بالاضافة الى توافقهما مع الممارسات الدولية في اعمال المناقصات . وبين رئيس اللجنة العليا للمناقصات بأنه تم رفع السقوف المالية للجان المناقصات المختلفة اكثر من 100 بالمائة عما كانت عليه في السابق تعزيزا لمبدأ اللامركزية واعطاء مزيد من الصلاحيات على المستوى المركزي والمحلي . وأضاف بأنه حرصاً من اللجنة على تحسين اجراءات المناقصات في مختلف الجهات وبناء قدرات العاملين في هذا المجال وعدم ترك الامر للرقابة اللاحقة نفذت اللجنة بالتعاون مع الوكالة الامريكية للتنمية الدولية برامج تدريبية حول قانون المناقصات ولائحته التنفيذية والمشتريات الحكومية وكيفية استخدام الادلة الارشادية والوثائق النمطية على المستويين المركزي والمحلي شملت 265 كادرا من 18 وزارة و20 محافظة .