تبدأ اليوم السبت في عموم مدارس الجمهورية امتحانات النقل لطلاب وطالبات الشهادتين الأساسية والثانوية للعام الدراسي 2008-2009م بمشاركة (533.736) طالباً وطالبة في (5346) مركزاً امتحانياً.. وقد أعلنت وزارة التربية والتعليم أن عملية الامتحان ستسير وفقا للتقويم المدرسي للعام الدراسي الحالي وبصورة طبيعية وناجحة.. متمنية للجميع التوفيق والنجاح في الامتحانات ورفع تحصيلهم العلمي . "الجمهورية" جالت بين أروقة كتب وكراريس وجداول المذاكرة المتناثرة في زوايا عدد من طلاب الثانوية العامة، بين من يتطلع كثيرا للنجاح بتحقيق معدل يسمح له بالالتحاق بكلية يصبو اليها، ومن يبحث ولو عن قليل من التفوق والتميز، وبقية تظل غايتها اجتياز المرحلة بسلام . شبح الامتحانات تزداد حمى القلق والتوتر بين الطلاب كلما اقترب موعد امتحانات الثانوية العامة، وتعلن كثير من الأسر حالة الاستنفار التي تتضاعف كلما دنت من أبنائها ساعة الصفر حين يذهب الطالب إلى المدرسة لخوض امتحان أول مادة ، فيما آخرون يؤكدون قدرتهم على التحكم في الأعصاب . إبراهيم عبدالوهاب "طالب ثانوية عامة - القسم العلمي" قال: ان كثيراً من الأهالي يعطون هذه المرحلة اكبر من حجمها حيث يساعدون على زرع كثير من مشاعر الخوف والقلق لدى طالب الثانوية من خلال ترديد اسطوانة مفادها انه في اخطر مرحلة تعليمية وهي تحدد مستقبله وتكون اولى خطوات النجاح في الحياة العلمية. ويضيف إبراهيم: في أحيان كثيرة تمر الأمور بشكل طبيعي طوال العام وحين تأتي هذه اللحظات أي فترة الامتحانات الحرجة فهنا يصبح الطالب بحاجة للدعم المعنوي الذي يحمل عبارات التشجيع لا الترهيب ". أما زميله فؤاد فضل فيقول لا يعرف سبب هدوء أعصابه وعدم ارتباكه لاقتراب فترة امتحانات الثانوية التي ستحدد مصيره ودراسته الجامعية التي كثيرا ما يأمل والداه التحاقه بكلية الهندسة التي تحتاج إلى مجموع درجات كبير لاختراق أبوابها. ويتخوف فؤاد من الهدوء الذي قال عنه بأنه ربما قد يكون الهدوء الذي يسبق عاصفة الارتباك داخل قاعة الامتحان ويتسبب ذلك في نسيانه لكل ما تم تحصيله بل وما تم مذاكرته في الايام الأخيرة.. مؤكدا انه سيحاول ضبط الأعصاب كما هي عليه الآن للخروج بنتائج ترضي الوالدين والأقربين . الهدوء وضبط النفس أولا أساتذة ومختصون في التعليم التربوي يؤكدون أهمية أن يتحلى الطلاب بالهدوء والتركيز أثناء الإجابة على أسئلة الامتحان، أساس النجاح.. مشددين على الابتعاد كل البعد عن ظاهرة الغش التي تعد وباجماع تعليمي وتربوي بأنها أسوأ أسلوب قد يلجأ إليه الطالب أو الطالبة اثناء تأديته لامتحانات أي مرحلة تعليمية يخوضها . حيث يصف الدكتور عبدالله الحامدي - نائب وزير التربية والتعليم - رئيس اللجنة العليا للامتحانات، ظاهرة الغش بالقول : " إن الغش ظاهرة مدمرة تهدد مستقبل أجيالنا وعلى الجميع أن يقفوا صفاً واحداً لمواجهة هذه الظاهرة والقضاء عليها. ويحذر رئيس اللجنة العليا للامتحانات من مغبة حالات الغش والإخلال بالعملية الامتحانية.. مؤكداً اتخاذ وزارته العقوبات الصارمة في حالة ضبط أي من الطلاب وهو يتعامل بالغش وكذلك محاسبة المراقبين الذين يتسترون على حالة الغش.. كاشفا في نفس الوقت عن رصد اللجنة العليا للامتحانات مكافأة مادية ومعنوية لمن يدلي بمعلومات صادقة وموثقة عن حالات الغش أو التزوير في أي مركز امتحاني. من ناحته يقول الأستاذ التربوي محمد القاضي " مدير مدرسة علي بن أبي طالب": " إن الجميع مطالب بضبط النفس سواء الطلاب أو الطالبات في مختلف المراحل الدراسية وهم يخوضون اجواء الامتحانات، كما ان الأمر ذاته مطالب به أولياء الأمور حيث وإن الضغط على طلاب الثانوية خاصة يأتي بنتائج عكسية ويقلل من نسبة الحفظ والاستذكار التي يعتقد كثير من الآباء ان إلزام طالب الثانوية بملازمة الكتاب هو الطريقة المثلى للنجاح. ويضيف القاضي : إن ذلك امر شائع وخاطئ وننصح جميع اولياء الأمور أن يتركوا الأمور تمر بصورة طبيعية خلال ايام الامتحانات وان يسمح للطالب بممارسة أمور اعتاد عليها ولو بشكل اقل مثل الخروج للتنزه قليلا أو مشاهدة التلفاز لفترة محددة، بحيث لا تؤثر على وقت استذكار الدروس. ويدعو مدير مدرسة علي بن ابي طالب إلى أن يولي الطلاب اهتماما خاصا بمراجعة الدروس وفهمها بأسلوب وطرق هادئة تساعد على سرعة استرجاع تلك المعلومات اثناء الامتحانات وأن لا يهمل الطالب ويتساهل كثيرا لأنها بالفعل مرحلة تقلق جميع الاطراف اذا سارت بالطريقة الخاطئة والاتكال على أساليب الغش التي كثيرا ما تحرم الطالب من استكمال الحل. وينوه :" إن ظاهرة الغش سلوك سيئ قد يظهر هنا أو هناك نتيجة لعدد من العوامل التي قد تساعد بعض التلاميذ على ان يلجأوا إليها.. مشيرا إلى ان مما يساعد الطالب على بيئة الغش ان يكون المراقب ضعيف الشخصية ولا يتمكن من ضبط وحزم الأجواء الامتحانية وهو ما قد يستغله بعض التلاميذ ، أو انه قد يبادر في مساعدة احد الطلاب مما يكسر حاجز الخوف والرهبة لدى التلاميذ ويجعل من الغش أسلوبا لتجاوز الاختبار وهذا خطأ فادح حسب تعبيره . طقوس المذاكرة وفي حين تعد الامتحانات تجربة سنوية يمر بها الطالب من كل عام، إلا ان ثمة طقوسا متباينة من حيث المكان والزمان وكذا الأجواء المحيطة، التي يحرص الطالب على استحضارها خلال استذكاره الدروس وما تم تحصيله خلال العام الدراسي كله ، وهو ما يعتبره كثيرون جانبا مهما يؤثر في مستوى الاستيعاب. وهنا تؤكد الطالبة ابتسام الذيفاني " طالبة ثانوية - علمي " التزامها بعدد من الأوراق وقلم وحيد لتفريغ كل ما تحاول حفظه واكتنازه في مسودة تلك الاوراق للتأكد من أن ما تم حفظه مازال محفورا في الذاكرة التي تخاف ابتسام من خيانتها في الامتحان الذي تستعد له بالخوف والقلق ولا تستطيع السيطرة على شعورها.. إلا أن الفوضى والأوراق المبعثرة في جميع أرجاء غرفة زميلتها نادية، يعد هو الجو المفضل للمذاكرة واستذكار ما تم حفظه والاستمتاع به، وترى نادية أن الجو الغير مرتب يرغمها على البحث والمذاكرة أكثر بعكس البيت المنظم وما يوحيه لها ويشعرها بأن كل شيء على مايرام، وقد تكون الأمور غير ذلك. أما احمد عبدالجليل " طالب ثانوية أدبي " فيكشف عن طريقة أخرى لاستذكار دروسه، حيث لا يتوقف عن المشي طوال الليل وبصوت عال يردد ما يحاول حفظه من المعلومات وكلما تقع عيناه عليه في صفحات الكتب التي يستذكرها وهو واقف على رجليه طوال الليل، مستبعدا مقدرته لحفظ أي معلومة وهو جالس على كرسي أو على الأرض والقناعة لديه ان استذكار الدروس بصوت عال مع ممارسة رياضة المشي هو الأسلوب الأفضل لتخزين المعلومة.. إلى ذلك فإن مشاعر الرغبة في النجاح والتفوق هي المسيطرة على نفسية الطالبة المشهورة بمثابرتها ياسمين ابوجلال " ثانوية علمي " لذلك مازالت حتى اللحظة مسيطرة على الخوف والقلق الذي تكتنزه إلى يوم إعلان النتائج لأنه يوم الرعب كما تقول واليوم الذي سيحدد الطالب المجد من المهمل، فالخوف والارتباك اليوم - بحسب تعبيرها - يعيق حركة المذاكرة.. مبدية تفاؤلها ونصائحها لجميع طلاب الثانوية العامة بالتحلي بالصبر والثقة والهدوء النفسي . أعراض الامتحانات الصداع والرعشة وصعوبة التنفس وارتفاع ضربات القلب وزيادة إفراز العرق واضطراب المعدة وجفاف الحلق والفم ليست أعراضا لمرض خطير ، أو مقدمات للإصابة به، ولكنها فقط أعراض تنتاب الطلاب قبيل وأثناء موعد الامتحانات الدراسية من كل عام.. هذا ما أوحت به دراسة عربية حديثة أجراها باحثان بالمركز القومي للتقويم التربوي بجامعة القاهرة، وهدفت إلى قياس تأثير القلق من الامتحانات وتحديد هذا الأثر على الجانب الصحي للطالب ومدى تعرضه للمشكلات الصحية.. حيث أشارت الدراسة إلى ازدياد القلق والخوف والانزعاج والإحباط لدى الطالب جراء خوفه من الإخفاق والفشل في اجتياز الاختبارات هي أكثر الأعراض التي تداهم الطالب أثناء الاختبارات. وأوضحت الدراسة أن الجهاز العصبي يتأثر بكل هذه المشاعر الأمر الذي يؤدي إلى صعوبة التركيز لدى الطالب وعدم قدرته على ترتيب الافكار وصعوبة في تنظيم وقته في الإجابة على أسئلة الامتحانات.. مشددة على دور الأب والأم على حد سواء في مساعدة الابن الطالب على تهيئة المناخ المناسب لاستذكار الدروس وتهدئة النفس، لافتة إلى تباين هذه المشكلات من طالب لآخر.