المعروف ان كاتب القصة يهدف من وراء قصصه إلى نقل حادثة معينة بلغة أدبية راقية تخلق المتعة في نفس القارئ من خلال أسلوبها وتماسك أفكارها وحسن حبكتها ودقة رسم شخوصها وأحداثها وأجوائها الخيالية أو الواقعية وتفضي إلى عبرة وحل. إذاً نحن نكتب لحمل المتعة والفائدة معا. وهو على الغالب يتوجه إلى جمهور القراء من الشعب فهم هدفه الأول والأخير من الكتابة وعليه فيجب أن تكون كتاباته حاملة ومترجمة لأحلامهم وطموحاتهم وأمانيهم، تخرجهم من حيرتهم في العثور على حل يرضيهم لكل مشكلة تعترضهم، وقد يأخذ بيدهم نحو الانتفاضة والثورة ونيل الاستقلال والحرية إذا ما كان مستعبدا أو أسيرا ...ولهذا فمواضيعه هي انعكاس للمشهد اليومي الذي يعيشه مع محيطه وصلة الوصل بينه وبين العالم الخارجي. قد يتساءل احدنا ألا يمكن أن نكتب على سبيل التسلية والترفيه عن النفس.؟ وأجيب: ولم لا؟ ولكن هذا يبعدنا عن خط الالتزام بالهم العام ويفقدنا التأثير المطلوب على الجمهور ولا يعطينا حقوق الكاتب المميز الذي يسعى إلى إيصال رسالته إلى الآخرين. فنحن بكل بساطة لا نكتب قصة -وهو محور حديثنا- بل نكتب أعمالا شخصية بحتة ومنها المذكرات أو اليوميات وقد تثير اهتمام البعض إذا ما تناولت شانا يمسهم أو يناقش أمرا يشاركونك مشاعرك فيه وقد يتحول إلى عمل أدبي بامتياز إذا ما صيغ بلغة أدبية رشيقة وتميز بخيال خصب (كالكتابة الخيالية) وحمل الفائدة المرجوة في المتعة والحصول على العبرة والحل. خطوات كتابة عمل أدبي ناجح: ا- أولى الخطوات ألا يكون كاتب القصة عجولاً ولجوجاً فمن خصائص الكاتب الناجح هو التمهل والتمعن طويلا فيما يكتب وإذا استعصى عليه عبارة ما أن يترك مكانها شاغرا بنقاط عدة أو ملاحظة تفيد المعنى ليعود إليها فيما بعد حتى لا يفقد سلسلة أفكاره. وإذا كانت أفكاره أسرع من يده وقلمه وتدفقت بعض الخواطر الجديدة العارضة تبحث عن مكان ليس لها في جملة ما أو سطر (وهذا ما يحدث غالبا عندما تنهال علينا الأفكار فجأة) فليستعن بترك ملاحظات وحواش على ورقة جانبية يعود إليها لوضعها في مكانها الصحيح. ب- اختيار الموضوع المناسب: وهو في الغالب يعكس همنا الخاص في بحثنا عن الكمال في الغير والمحيط والعدالة المفقودة وقد يكون وليد مشهد ما أو حادثة عابرة مؤثرة أو بكل بساطة نتيجة الهام يسقط علينا فجأة ودون أي موعد مسبق. والإلهام هذا الهابط علينا من الغيب هو أعلى درجات الخلق والتصوير. من ناحية ثانية وعودة إلى اختيار الموضوع المناسب، فأنا لا زلت اذكر إلى الآن أولى تجاربي في كتابة القصة من خلال مطالعتي لصفحة الأخبار والحوادث بالصحف حيث كنت انقل الحوادث المؤثرة فابني عليها قصتي بعد أن أشكل عناصرها بدقة فإما أن انهها كما انتهت على حقيقتها أو أنحو منحى العثور على الأعذار للفاعل بتحليل دقيق لشخصيته وظروفه الاجتماعية أو اترك الحل معلقا غامضا يثير السؤال ويترك القارئ بين الشك واليقين بما حدث. ج- الأسلوب المناسب في استخدام اللغة القوية البليغة بحيث نؤثر باختيارنا لمفرداتها المعبرة والبسيطة بنفس الوقت على مشاعر القارئ وهذا ما يسمونه بالسهل الممتنع وهو يختصر ببراعة الكاتب في صياغة نصه بإتقان فريداً بعيداً عن التعقيد سهل الفهم وبليغ العبارة. . وهكذا نخرج بنص بليغ وبسيط ويحمل الهدف الذي كتب لأجله والفائدة المرجوة منه.