من حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة يقول الصيام: أي رب منعته الطعام والشهوة فشفعني فيه ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه» قال: «فيشفعان». والحديث عن فضائل الصيام ذو شجون تقر به العيون وترتاح له القلوب ويظل الإنسان وسيظل فرحاً مستئنساً لوجود رحمة الله. ولأن شهر الصيام أطل علينا في شهر الصيف إلا أننا نجد رغم تعودنا على حرارة الصيف الشديدة وزيادة نسبة الرطوبة خلال شهوره الثقيلة علينا.. لكن مالم نتعود عليه أن يصاب الشخص بالبرد وأمراض الانفلونزا كالرشح والعطس المتكرر وانسداد الأنف والكحة المستمرة في عز الحر وهي الأمراض التي تهاجم كبار السن والأطفال والحوامل على وجه الخصوص فلماذا نصاب بأدوار البرد في الصيف لدرجة أنهم يقولون :« إن برد الصيف أحد من السيف». ولماذا تشتد حدة أعراض هذا البرد في شهور الصيف؟! وكيف نتجنب متاعبه في ظل وجود المراوح وأجهزة التكييف. الدكتور صلاح الدين سعد.. أستاذ الأنف والأذن والحنجرة بكلية الطب بجامعة الأزهر أجاب عن السؤال بقوله :«عندما يعاني الشخص آثار وأعراض دور من أدوار البرد والانفلونزا الحادة وكان الوقت صيفاً والجو حاراً ورطباً ويشعر بمضاعفات وصلت إلى حد الآم وطنين بالأذن وانسداد مستمر بالأنف ولايستطيع في الوقت نفسه أن يغلق الأبواب والنوافذ أو المراوح فماذا يفعل؟! قال د. صلاح رداً على السؤال: التغير المفاجئ من سخونة إلى برودة أو العكس أي من برودة إلى سخونة يؤدي إلى حدوث الاحتقان في الجهاز التنفسي العلوي وهذا مايحدث في فصل الصيف فالتدرج في درجات الحرارة من الربيع إلى الصيف لم يعد موجوداً وهذا التدرج هو الوقاية والحماية لنا ولجهازنا التنفسي من الإصابة «بفيروس الانفلونزا». ولذلك فانعدام هذا التدرج ودخول فصل الصيف علينا بحرارته الشديدة بصورة مفاجئة يؤدي إلى ظهور أعراض مشابهة لأعراض «الانفلونزا» كما يعتقد الناس مثل رشح الأنف وانسداده والعطس المتكرر وهي فعلاً أعراض الانفلونزا التي تصيبنا في الشتاء ولكن بدون حرارة، ونظراً لأن الفيروسات لاتظهر إلا في الجو البارد بالنسبة للجهاز التنفسي ومن بينها فيروس الانفلونزا فإن انتشارها في فصل الصيف يكون بسيطاً جداً والأعراض عادة لاتختلف صيفاً عنها شتاءاً ولايوجد مايسمى انفلونزا مزمنة أو دور برد طويل ولاينتهي ولكن هناك فرق بين أعراض الحساسية وأعراض فيروس الانفلونزا وعلى المريض ألا يخلط بينهما. والحساسية التي تمتد أعراضها لأكثر من أسبوعين وتصل لشهر أو أكثر تعتبر من مضاعفات أدوار البرد وفيروس الانفلونز وتشمل حساسية الأنف والصدر والتي يعاني المريض فيها الشعور المستمر بانسداد الأنف وعدم القدرة على الشم وكذلك من الكحة المستمرة والتي تتحول إلى كحة جافة مع مرور الوقت ولذلك يكون برد الصيف أحد وأطول في الفترة الزمنية من برد الشتاء ونظراً للتعرض المفاجئ إلى تيارات الهواء الباردة من أجهزة التكييف والخروج من جو الغرفة الساخن إلى جو بارد صناعي مما يؤدي إلى استمرار الأعراض التي تسمى «أنفلونزا الصيف» وهي في الواقع ليست انفلونزا ولكنها حساسية والتي تزداد في حدة أعراضها نتيجة للتلوث المستمر في الجو من عوادم سيارات وأبخرة متصاعدة من المصانع مع رطوبة الجو ...إلخ ،وعوامل بيئية تؤدي إلى استمرار الحالة. الغرف المغلقة ويضيف الدكتور طارق محمد إيهاب رئيس قسم جراحة الأنف والأذن والحنجرة بمستشفى جامعة القاهرة هناك بعض الاختلاف بين أعراض فيروس الانفلونزا في الصيف عنه في الشتاء ففي الشتاء تتمثل الأعراض في ارتشاح وانسداد الأنف ويكون مصحوباً بارتفاع طفيف في درجة الحرارة بعكس الأعراض في الصيف التي تشمل الارتفاع الشديد في درجات الحرارة والإحساس بالإجهاد والهمدان مع تكسير في الجسم وآلام في العظام والمفاصل ونادراً ماتكون الأعراض على شكل عطس ورشح وانسداد في الأنف، وقد تحدث آلام في الأذن. ويحدث هذا العرض صيفاً أو شتاءً نتيجة لوجود التهاب في الأذن الوسطى أحياناً ويكون هذا الالتهاب ناتجاً عن الإصابة بدور الأنفلونزا وغالباً مايحدث معها انسداد في القناة السمعية وهي التي تسمى «قناة استاكيوس» وهي القناة الواصلة بين الأنف والأذن والتي تقوم بتهوية الأذن وهذا مايفسر شكوى مرضى الانفلونزا من انسداد وكتمة في الأذن، وقد يحدث ارتشاح أيضاً خلف طبلة الأذن وخصوصاً في الاطفال ابتداء من سن 4 أو 5 سنوات. والصيف أحد من السيف فعلاً هي مقولة صادقة وصحيحة وقد أطلقت هذه المقولة لشدة وحدة الأعراض المرضية التي تصيب المريض في فصل الصيف مع صعوبة ارتداء الملابس الثقيلة في موسم الصيف الحار فيكون المريض في هذه الحالة «بين نارين» كما يقولون فلا هو يستطيع أن يعيش بمعزل عن هواء المروحة أو جهاز التكييف ولا هو يستطيع أن يتغطى بأغطية ثقيلة أو يرتدي ملابس شتوية ثقيلة، مع ملاحظة أنه من أهم أسباب الإصابة بالانفلونزا الصيفية هو الفرق الشديد بين درجة حرارة جو الغرفة المكيفة ودرجة حرارة الشارع أو الأماكن الأخرى المفتوحة. وهناك ظاهرة اجتماعية سائدة ومنتشرة تساعد على انتشار مرض الانفلونزا وسهولة العدوى بين الكبار والصغار والسيدات والرجال وهي: تبادل القبلات بطريقة ملحوظة ولافتة للنظر أثناء اللقاءات اليومية، وتوجد علاقة مباشرة بين الإصابة بالانفلونزا كفيروس وبين قلة كفاءة الجهاز المناعي للشخص لذلك نجد أن كبار السن هم الأكثر عرضة للإصابة بالانفلونزا عن غيرهم سواء صيفاً أم شتاءاً وحتى نتجنب الإصابة بفيروس الانفلونزا ونزلات البرد وخصوصاً في فصل الصيف علينا حماية أنفسنا وأطفالنا بمراعاة عدم الخروج المفاجئ من الغرف المكيفة أو التي يوجد بها مراوح إلى الأماكن المفتوحة والحارة مرة واحدة بل يكون ذلك بالتدريج بغلق جهاز التكييف أو المروحة قبل الخروج مثلاً بعشر دقائق أو ربع ساعة حتى يستطيع الجسم التأقلم مع درجة الحرارة المرتفعة صيفاً أو المنخفضة شتاءً. تيارات الهواء وبما أن الصيف من أكثر فصول السنة حرارة فبالتالي يقل حرص الناس على التعرض للتيارات الهوائية المباشرة بل ويستمتعون بالخروج ليلاً للتنزه على الكورنيش والشواطئ ولا بأس من استعمال المروحة والتكييف حتى ولو كان الجسم يتصبب عرقاً أو النوم في الغرفة المكيفة على درجة حرارة منخفضة وفي هذا أشد الخطر فقلة الوعي الصحي والطبي والجهل بأمور بسيطة يؤدي في النهاية للإصابة ليس بالانفلونزا فقط ولكن بما هو أخطر منها فبمجرد ضعف جهاز مناعة الشخص تبدأ الفيروسات في غزو جسده بسهولة ومنها فيروس الانفلونزا الذي يجد الفرصة لنفسه للتكاثر والانتعاش ومن ثم الإصابة بالمضاعفات. كما يرى أ. د أشرف شفيق بلبع أستاذ جراحة الأنف والأذن والحنجرة بكلية طب قصر العيني أنه بالحماية من تيارات الهواء المباشرة وعدم اللجوء إلى التكييف البارد أكثر مما يجب خصوصاً أثناء النوم نظراً لحدوث خلل في درجة حرارة الجسم أكثر في ظل هواء التكييف أو التيارات الهوائية القوية والمباشرة والاهتمام بشرب مشروبات تحتوي على فيتامين سي مثل البرتقال والليمون والخضروات الطازجة مثل الفلفل الأخضر والطماطم والجوافة يمكننا أن نحمي ونقي أنفسنا من العديد من الأمراض وعلى رأسها فيروس «الانفلونزا» صيفاً أو شتاءً.