كثير من الناس مع اقتراب العيد يترك وجبة السحور مع أنها من سنن الصيام والبعض يتركها بحجة انشغاله بالعمل! إن للصيام آداباً وسنناً يجدر بالمسلم أن يؤديها على الوجه الأكمل، حتى يحافظ على حقيقة الصيام وروحه ويدرك فضيلة التأسي برسول الله، صلى الله عليه وسلم، والاقتداء بهداه والتشبه بصيامه عليه الصلاة والسلام، ومن أهم هذه السنن. السحور السحور، وهو بفتح السين، مايتسحر به المسلم من طعام وشراب بنية الصوم في الليل عند إرادة الصيام والسحور بضم السين، هو الفعل نفسه. وقد حث المصطفى، صلى الله عليه وسلم، علي السحور في أحاديث كثيرة، فعن جابر بن عبدالله، رضي الله عنهما، أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: من أراد أن يصوم فليتسحر بشيء أخرجه أحمد وأبو يعلى، ومنها ما أخرجه البخاري ومسلم من حديث أنس بن مالك، رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «تسحروا فإن في السحور بركة» وروى العرباض بن سارية، رضي الله عنه، أنه صلى الله عليه وسلم قال: «هلم إلى الغداء المبارك» أخرجه النسائي فأرشدت الأحاديث الشريفة إلى العناية بالسحور لما يثمره من البركة للصائم، وذلك لما يحصل به من اتباع السنة، والتقوي به على العبادة، والزيادة في النشاط ومدافعة سوء الخلق الذي يثيره الجوع. وتعد أكلة السحر من منن الله تعالى على هذه الأمة ببركة نبيها المصطفى، صلى الله عليه وسلم، وقد كان يشعر بهذه المنة، ويحث أمته على استشعارها ليحافظوا عليها، فقد دخل عليه رجل وهو يتسحر فقال عليه الصلاة والسلام: «إنها بركة أعطاكم الله إياها فلاتدعوه» أخرجه النسائي وهو خاص بهذه الأمة لحديث عمرو بن العاص أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: إن فصل مابين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر» أخرجه البخاري ومسلم، يعني الفارق بين صيامنا معشر المسلمين وصيام من كان قبلنا من أهل الكتاب، أن الله تعالى شرع لنا أكلة السحر رحمة بنا لننال بركتها الدنيوية والأخروية. لذلك كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يحث أمته على ألا تدع السحور ولو بجرعة ماء، فعن أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «السحور بركة فلاتدعوه ولو يجرع أحدكم جرعة من ماء، فإن الله عزوجل وملائكته يصلون على المتسحرين» أخرجه أحمد في مسنده، ومن البركة التي فيه أنه يقوي على الصيام، ولأنه يتضمن الاستيقاظ والذكر والدعاء في ذلك الوقت الشريف وقت تنزل الرحمة وقبول الدعاء والاستغفار، فينبغي للمؤمن ألا يترك السحور ولو بجرعة ماء لنوال البركة ونزول الرحمة. تأخير وقت السحور يمتد وقت السحور إلى قبيل طلوع الفجر الصادق وهو المراد بقوله تعالى: «وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر» «سورة البقرة» ويسن تأخير السحور إلى آخر الليل حتى قبيل طلوع الفجر، لحديث أبي ذر، رضي الله عنه أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «لاتزال أمتي بخير ماعجلوا الفطر وأخروا السحور» أخرجه أحمد. وكان من هداه، صلى الله عليه وسلم، أن يؤخر السحور بحيث لايبقى من الزمان إلا قدر قراءة خمسين آية، يعني في حدود عشر دقائق تقريباً، فعن أنس عن زيد بن ثابت رضي الله عنهم قال: تسحرنا مع النبي، صلى الله عليه وسلم، ثم قمنا إلى الصلاة، قلت: كم كان قدر مابينهما؟ قال: قدر مايقرأ الرجل خمسين آية» أخرجه البخاري ومسلم. وعن ابن مسعود أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «لايمنعن أحداً منكم أذان بلال من سحوره، فإنه يؤذن بلال ليرجع قائمكم ويوقظ نائمكم» أخرجه البخاري ومسلم وفي رواية أنه صلى الله عليه وسلم قال: «إن بلال كان يؤذن بليل» فقال: «فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم فإنه لايؤذن حتى يطلع الفجر» قال الراوي: «ولم يكن بين أذانهما إلا يرقى ذاك وينزل ذا» هذا لفظ البخاري.