افتتح رئيس مجلس الوزراء الدكتور علي محمد مجوّر أمس في صنعاء أعمال المؤتمر العام الثالث للمغتربين اليمنيين، بمشاركة نحو400 مشارك ومشاركة من ممثلي المغتربين اليمنيين في 42 دولة حول العالم. وفي حفل افتتاح المؤتمر المنعقد تحت شعار “لتعزيز الروابط الوطنية اقتصادياً اجتماعياً ثقافياً” ألقى رئيس مجلس الوزراء كلمة نقل في مستهلها تحيات فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح، رئيس الجمهورية للمشاركين، وتهانيه الحارة بمناسبة احتفالات الشعب اليمني بأعياد الثورة اليمنية الخالدة (26 سبتمبر و14 اكتوبر وال 30 من نوفمبر) وتمنياته الطيبة لأعمال المؤتمر بالتوفيق والنجاح. متمنياً للمؤتمرين من أبناء الوطن الأبرار الذين يقدمون نموذجاً مشرفاً للوفاء والإخلاص والانتماء العميق للوطن التوفيق والنجاح. وأشاد بالمواقف الوطنية الرائعة التي يجسدها المغتربون تجاه قضايا وطنهم، وانحيازهم المُشرّف لثوابته وأولوياته، وفي مقدمتها الوحدة والنظام الديمقراطي التعددي، اللذين يشكلان إنجازين عظيمين، وثمرة مباركة للتضحيات الغالية التي قدمها شعبنا اليمني، وطليعته المناضلة على درب الثورة والجمهورية والوحدة. وأكد الدكتور مجوّر أن الحكومة ستعمل على ترجمة مخرجات هذا المؤتمر النوعي، بما يعزز من رعاية الدولة للمغتربين. مشيراً إلى الأهمية الاستثنائية لأعمال المؤتمر العام الثالث للمغتربين الذي يستند إلى جملة من الاعتبارات الموضوعية وفي مقدمتها الاهتمام والرعاية الكبيران اللذان توليهما الدولة والحكومة للمغتربين. موضحاً أن هذا المستوى من التفاعل الذي أظهره المغتربون تجاه المؤتمر يقابله استعداد غير مسبوق من الحكومة على المستويين المؤسسي والإجرائي؛ فضلاً عن المضمون النوعي للمؤتمر والتي تشكل مؤشرات قوية على استثنائية المؤتمر وعلى توفر أسس نجاحه. ونوّه رئيس الوزراء بالاجراءات الهامة التي استبقت بها الحكومة انعقاد هذا المؤتمر من خلال إصدار اللائحة التنظيمية لوزارة المغتربين، ومصادقة مجلس الوزراء على مصفوفة الإجراءات التنفيذية للمشاكل والصعوبات التي تواجه المغتربين. مبيناً حرص الحكومة على أن تأتي هذه المصفوفة المقدمة من اللجنةِ الوزاريةِ المكلفة بهذا الشأن برئاسة وزير الخارجية شاملة للحلول والمعالجات للقضايا المحورية المرتبطة بالمغتربين، وربط تنفيذها بفترات زمنية محددة، وتحديد الجهات المسئولة عن التنفيذ. وقال: “إن أحرص ما نحرص على تحقيقه من خلال هذه الإجراءات المؤسسية والتنفيذية هو إنهاء كافة المعوقات التي تواجه المغتربين في الداخل وفي بلدان المهجر، والإحاطة بالأولويات التي تهمهم، وتأمين الرعاية الكاملة لهم، وغايتنا النهائية من كل ذلك هي الوصول إلى مستوى يمكن الرضا عنه من الرعاية الموجهة لشريحة المغتربين؛ رعاية تعزز من صلتهم بوطنهم، وتوثق عرى التعاون والتلاحم فيما بينهم، وتُعظًّم كذلك من دورهم في إسنادِ جهود التنمية الوطنية من خلال الاستثمار الأفضل لرؤوس أموالهم، والاستفادة من خبراتهم وكفاءاتهم العملية في وطنهم، وتؤكد في الوقت نفسه حضورهم الفاعل في بلدان الاغتراب”. وأشاد رئيس الوزراء بالدور المتميز للجنة التحضيرية في التحضير لانعقاد هذا المؤتمر، وبالتطور النوعي في مضمونه الذي يتجلى في احتشاد العشرات من رجال الأعمال، والكفاءات والخبرات العملية. وقال: “إنني لعلى ثقة بأن ورشتي العمل اللتين سبقتا هذا المؤتمر قد طرقتا آفاقاً واعدة على صعيد الاتصال المثمر لشريحتي رجال الأعمال والكفاءات العلمية المهاجرة بوطنها، مما يضيف بعداً مهماً للدور الذي يؤديه المغتربون والمهاجرون اليمنيون بشريحتهم الواسعة لفائدة الوطن باعتبارهم ثروة كانت وستظل ذخيرة وسنداً مهمين للتنمية والاقتصاد الوطني”. ولفت الدكتور مجور إلى أن أبناء القوات المسلحة والأمن يخوضون ملحمة بطولية عظيمة في مواجهة المؤامرة التي تستهدف الوطن ونظامه الديمقراطي، وتريد أن تعود بالوطن إلى عهود التخلف والظلام التي ارتبطت بالنظام الإمامي المقبور. مشيراً إلى أن تلك المؤامرة التي تنفذها في بعض مديريات محافظة صعدة وحرف سفيان عناصر فتنة التخريب والإرهاب الحوثية التي شقت عصا الطاعة، وخرجت عن الجماعة، وباعت نفسها للشيطان، بل سلكت طريقه في كل ما تقوم به من أعمال إرهابية وإجرامية من قتل وتشريد للأبرياء، واعتداء على أفراد القوات المسلحة والأمن، وتخريب وتدمير للممتلكات العامة والخاصة. وقال: “إن أقوى دليل على تلبس عناصر الإرهاب والتخريب والإجرام الحوثية نهج الشيطان وسلوكه ما تفصح عنه تلك العناصر من نزعات الاستكبار والتعصب السلالي والمذهبي المقيتة، وتمترُسها خلف دعاوى الاصطفاء الإلهي التي تتنافى والدين الإسلامي الحنيف ومع قيم العصر، وتشكل استفزازاً لمشاعر اليمنيين”. وأكد أن الدولة إزاء تهديد بهذا الحجم من الخطورة لم يكن أمامها من خيار سوى مواجهة تلك العناصر وخوض المعركة التي فرضت عليها؛ حتى تتحقق كامل الأهداف. وقال: “نؤكد لكم أن المعركة التي تخوضها قواتنا المسلحة والأمن؛ تجسد على نحو لا لبس فيه إرادة الدولة القوية والحازمة في القيام بمسئوليتها الدستورية والقانونية تجاه الوطن ومكتسباته الغالية، وتجاه الشعب وأمنه واستقراره من خلال إنهاء أعمال الإرهاب والتمرد والتخريب، والخروج على النظام والقانون”. وعبّر رئيس الوزراء عن الاعتزاز بالمواقف المشرّفة المساندة للدولة ولقيادة الوطن الحكيمة ولأبطال القوات المسلحة والأمن التي عبّر ويعبّر عنها المغتربون. وقال: “إن مواقفكم قد شكلت التحاماً صميماً بالمواقف المشرفة التي عبرت عنها جماهير الشعب اليمني من خلال تسيير قوافل الدعم الشعبي وتلك التي عبرت عنها القوى السياسية والفعاليات الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني”. وأضاف: “إن هذا النمط من المواقف قد شكل استجابة مسئولة لدعوة الاصطفاف الوطني الواسع التي أعلنها فخامة الأخ الرئيس باعتباره اصطفافاً من أجل الوطن، وانحيازاً لخياراته المشروعة وثوابته الوطنية المقدسة”. وتابع الدكتور مجوّر قائلاً: “لعلكم قد استوعبتم ذلك المستوى من التناغم في الأهداف والغايات بين عناصر الإرهاب الحوثية والعناصر التي ترفع شعارات انفصالية، وتلك المرتبطة بتنظيم القاعدة الإرهابي، وهو التناغم الذي لا يدع مجالاً للشك في أن ثلاثي الشر هذا قد وضع الوطن ووحدته ونظامه الديمقراطي التعددي وأمنه واستقراره هدفاً لأنشطته وأعماله الإرهابية والتخريبية، ولقد تخطت هذه العناصر بمكوناتها الثلاثة كل الخطوط الحمراء، وصمًّت آذانها عن كل المبادرات التي قدمتها الدولة، وكل ما أظهرته من حرص على حقن الدماء، وعلى اعتماد نهج الحوار لحل كافة الإشكاليات وما قامت به من اجراءات لاحتواء ومعالجة القضايا المطلبية تحت مظلة الدستور والقانون والثوابت الوطنية”. وأكد رئيس الوزراء أن الوطن قوي بعزم قيادته وإرادة شعبه الحرة، وإن ما تقوم به الدولة من واجب دستوري في مواجهة أعمال الإرهاب والتخريب الحوثية ودعوات الفرقة وتمزيق الوطن لن يشغلها عن واجباتها الأساسية الأخرى وعن الاستحقاقات الوطنية الملحة وفي مقدمتها المضي في تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، وبناء اقتصاد وطني متين. وقال: “رهاننا في الإيفاء بهذه الاستحقاقات مبني على عزم الحكومة التوظيف الكفء للموارد المتاحة، وعلى الدعم الذي نحظى به من الأشقاء والأصدقاء وعلى إسهاماتكم المهمة أنتم المغتربون يا أبناء الوطن الأبرار”. من جانبه أكد وزير شؤون المغتربين أحمد مساعد حسين اهتمام القيادة السياسية بشريحة المغتربين وحرصها على إيجاد الآليات التي تكفل إسهامهم الفاعل في خدمة الوطن وتوفير متطلبات التنمية. وأوضح أن المؤتمر يركز على ثلاثة محاور رئيسية تتمثل في رعاية المغتربين وجذب رؤوس الأموال المغتربة للاستثمار في الداخل، وتوجيه الكفاءات العلمية المهاجرة في تعزيز التنمية البشرية لأبناء الوطن. وقال: “إن المغتربين رافد أساسي للتنمية في وطنهم والبلدان التي يهاجرون إليها، وقد نقلوا إلى تلك البلدان خاصة في شرقي آسيا وأفريقيا أساليب الزراعة ومتطلبات الحكم العادل؛ ما جعلهم يشاركون في حكم تلك الدول وآثارهم لاتزال واضحة وبارزة المعالم إلى الآن”. وتطرق وزير المغتربين إلى ما يجسده المؤتمر من عامل لتعزيز الوحدة الوطنية وتفعيل دور المغتربين للوقوف والتصدي لكل الدعوات المضللة التي تستهدف النيل من وحدته ومقدراته وأمنه واستقراره. وأشار إلى ما يحمله لفظ الاغتراب من معنى مزدوج؛ يشير الأول إلى الابتعاد والقطيعة عن الوطن، والثاني الاغتراب بقصد التأهيل والتعليم وتحقيق النجاح لخدمة الوطن. وقال أحمد مساعد: “إن استثمارات المغتربين بلغت في ست محافظات هي عدن، الحديدة، تعز، حضرموت، شبوة، وإب بلغت 213 مشروعاً بقيمة 72 مليار ريال، وان إجمالي المشايع في عموم المحافظات تجاوزت 500 مشروع بتكلفة 250 مليار ريال تقريباً”. وبيّن أن قيمة التحويلات من قبل المغتربين إلى داخل الوطن بلغت في العام 2008م ملياراً و420 ألف دولار مقارنة بمليار و283 مليون دولار عام 2005م، بزيادة 6ر10 بالمئة، وأن نسبة تحويلات المغتربين إلى الناتج المحلي الإجمالي بلغت في عامي 2007 و2008م 8ر7 بالمائة و9ر5 بالمائة على التوالي. ولفت أحمد مساعد إلى مكانة اليمن على المستوى الإقليمي في توفير اليد العاملة الكُفؤة خصوصاً لدول الخليج العربي، وما تتحلى به هذه العمالة من سمعة جيدة. معرباً عن تطلع الحكومة إلى أن يعطي الأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي العمالة اليمنية الأولوية في سوق العمل. واستعرض الفوائد التي ستعود على العمالة اليمنية في بلدان مجلس التعاون من تخفيف القيود الكابحة لأنشطتهم وأبرزها قيود الكفالة وتأشيرة العمل والرعاية الصحية ومجانية التعليم الأساسي والجامعي. وبيّن أن من الفوائد التي ستعود على العمالة اليمنية الحد من ظاهرة التهريب للبشر والمواد الممنوعة على طريق إغلاق أبواب التهريب بالكامل، وسد باب التسلل غير القانوني، وما يسببه من آثار نفسية وإنسانية مروعة تمس رجالاً ونساء من جميع الفئات العمرية. من جانبه أكدت كلمة المغتربين التي ألقاها محمد عبدالرحمن العامري المغتربون بكل فئاتهم وشرائحهم وكفاءاتهم في دعم جهود الدولة في الاستقرار وترسيخ دعائم الأمن والقضاء على كل ما يعوق مسيرة البناء والتنمية في اليمن. وأشار إلى أن رجال الأعمال سيظلون سفراء الاستثمار في المهجر، وسينقلون لنظرائهم في دول الخليج والعالم العربي وكافة دول العالم ما يتمتع به اليمن من مناخ استثماري متميز. وقال العامري: “إن تعزيز انتمائنا وحجم ارتباطنا بوطننا ليس مجرد كلمات عابرة تقال في مؤتمرات؛ بل هي فعل وممارسة، فلقد حمل اليمانيون اسم اليمن في عقولهم وقلوبهم ودمائهم ووجدانهم، ومهما طالت فترات اغترابهم فإنهم يظلون مرتبطين ارتباطاً وثيقاً بوطنهم ويسهمون في بنائه”. وأشار إلى أن رجال المال والأعمال يتطلعون إلى إتاحة المزيد من الفرص الاستثمارية لهم وتهيئتها وإزاحة ما يعترضها من معوقات. ودعا العامري إلى تنفيذ توصيات ورشة العمل الخاصة برجال المال والأعمال، ومنها إيجاد الحلول العاجلة لقضايا المغتربين، وإنشاء بنك للمغتربين، وكذا إنشاء شركة قابضة يساهم فيها رجال المال والأعمال والمغتربون، داعياً رجال المال والاعمال إلى المساهمة الجادة في هذه المشاريع ودعم نجاحها. وألقى رجل الأعمال أحمد محمد العواضي كلمة الضيوف؛ أشار في فيها إلى الخطوات التي قطعتها دولة الوحدة في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وكذا مسيرة الإصلاحات المالية والإدارية التي تمت في الوطن رغم العراقيل التي يضعها المتربصون بالثورة والوحدة والديمقراطية من أصحاب المشاريع الضيقة والنفوس الضعيفة. وقال: “هذا يلقي على عواتقنا جميعاً مقيمين ومغتربين رجال مال وأعمال، علماء ومثقفين الوفاء للدماء الطاهرة التي قدمت في سبيل هذه الثوابت الوطنية”. ودعا إلى المساهمة في دعم المسيرة التنموية في اليمن عن طريق الاستثمار داخل الوطن، داعياً كافة هيئات الجاليات اليمنية ومنتسبيها إلى العمل على خدمة المغتربين، ونبذ كل من يريد أن يحول هيئات الجاليات عن أهدافها الأساسية المنصوص عليها في الدستور والقوانين واللوائح النافذة”. كلمة منظمة العمل العربية التي ألقاها مدير المركز العربي لإدارة العمل محمد كشو أكدت أن مواضيع الهجرة والمهاجرين تأتي ضمن أولويات عمل المنظمة وأهدافها النبيلة لخدمة الإنسان العربي؛ هدف التنمية وصانعها. وأشار كشو إلى اتفاقيات العمل العربية التي تشجع على تيسير تنقل الأيدي العاملة العربية لتحقيق التكامل الاقتصادي العربي بين الدول الغنية بقواها البشرية والتي تعلم وتدرب وتؤهل عمالها، والدول الغنية بمواردها الطبيعية وثرواتها المادية التي تحتاج إلى الأيدي العاملة الماهرة. ولفت إلى جهود المنظمة في توفير الحماية والرعاية للعمال العرب المهاجرين خارج الوطن العربي، وإيجاد الروابط بالوطن الأم والحفاظ على قيمه وثقافته النبيلة. وأعرب كشو عن أمله في أن يخرج المؤتمر بقرارات وتوصيات تسمو إلى مستوى الآمال لخدمة مصالح اليمن العليا وتطلعات قيادته السياسية، مؤكداً حرص منظمة العمل العربية على وحدة اليمن وتقدمه وازدهاره وأمنه واستقراره. واستعرض كشو دور المنظمة في إنشاء مرصد عربي للهجرة لمتابعة قضايا المغتربين في الخارج، ورعاية مصالحهم، والدفاع عن حقوقهم، وحمل آمالهم وهمومهم إلى كافة المحافل الدولية التي تعنى بالعمال المهاجرين، بالإضافة توقيعها اتفاقيات تعاون مع المنظمات الدولية المعنية وعقد المؤتمرات الخاصة بالهجرة. ويناقش المؤتمر على مدى ثلاثة أيام عدداً من أوراق العمل الهادفة إلى تطوير رعاية المغتربين وتشجيعهم على المساهمة في العملية التنموية للوطن من خلال الاستثمار والاستفادة من الكفاءات العلمية، بالإضافة إلى السبل الكفيلة لمعالجة قضايا ومشاكل المغتربين في الداخل والخارج. حضر افتتاح المؤتمر وزير الشؤون الاجتماعية والعمل الكويتي الدكتور محمد العفاسي، ومعاون وزير شؤون المغتربين السوري وائل بدين، وعدد من أعضاء مجلس الوزراء وممثلي البعثات الدبلوماسية المعتمدين لدى بلادنا. وكانت فعاليات المؤتمر قد بدأت الأربعاء الماضي وشملت ورشتي عمل لرجال المال والأعمال، وللكفاءات العلمية في دول الإغتراب؛ خرجتا بعدد من التوصيات التي رفعت إلى المؤتمر لمناقشتها وإقرارها.