طارت أعماله التشكيلية الراقية إلى أصقاع بعيدة عن أنامل صاحبها ، فبالرغم من عمره الفني الذي لا يتجاوز السنوات الخمس في عالم التشكيل إلا أن أعماله كان لها شرف السفر إلى الولاياتالمتحدة و باريس ودمشق والقاهرة. . تلك السنوات القليلة هي كل ما يملك وائل ياسين من خبرة في عالم الفن التشكيلي .. إلا أنها لا تعبر عن الموهبة والتميز اللذين يدفعانه بقوة صوب الريادة والتفرد في أساليب فنية مبتكرة ، وتقليعات تشكيلية تنسب إليه دون غيره ، فهو – بحسب قوله – صاحب شطحات جديدة تعبر عن أسلوبه المتفرد وطابعه الخاص . تجربة فنية قد تكون في بدايتها ، إلا أن فن وائل بزغ منذ الوهلة الأولى لولوجه أبواب معهد الفنون الجميلة بعدن ، إبهار ودهشة امتلأت بها أعين مدرسيه ومعلميه ، فهو ليس مجرد طالب دخل مراسم المعهد وأروقته كي يدرس أساسيات التشكيل العالمي ومدارسه المتعددة ، بل هو – وبحسب مدرسيه – يملك حساً فنياً لا يقل عن ذلك الحس الذي امتلكه كبار الرسامين.. لم يكن كل ما سلف مبالغة في مدح ريشة وائل ، بل هي الحقيقة بكل بساطتها ، والتي لا تحتاج منا سوى التمعن في لوحاته ورسوماته حتى نتيقن من تلك منها ، وبسبب ذلك الحس المشار إليه طارت أعماله إلى مدن الفن العالمي ومراكز الثقافة العربية التقليدية . التقينا وائل الفائز بجائزة رئيس الجمهورية عام 2009م على مستوى المحافظة في رحاب معرضه الفني الشخصي الثالث الذي يقيمه في فندق السعيد بتعز ، ويختتم فعالياته غداً الجمعة ، وخرجنا منه بالحديث التالي ..... الانتشار.. المعرض الحالي للفنان وائل ياسين هو الأول له خارج قواعده – مدينة عدن – والمعرض الشخصي الثالث كما أشرنا ، والهدف من وراء هذا المعرض الانتشار والتوسع خارج مدينته عدن ، وفتح آفاق جديدة للوحاته ، والتعرف على المبدعين والرسامين من مختلف بقاع اليمن.. رسومات وائل يراد منها إيصال أمور (علمية) وعملية يعيشها المواطن اليمني ، اعتماداً على قوة التعبير والإيحاءات الصاخبة التي تنتشر في جنبات الرسومات ، عبر مشاهد (درامية) سياسية وثقافية واجتماعية والاقتصادية يكابدها المجتمع اليمني ، لذا كان المعرض موسوماً ب (استلهامات وأفكار لونية) ، بالارتكاز أساساً على الإلهام الذي يحمله اللون في طياته باختلافات النظرة الشخصية لكل منا. شطحات وتقليعات يجسد وائل تقديم شطحات فنية وتقليعات جديدة في لوحاته – كما يؤكد هو ذلك – ومن تلك الشطحات التي أشار إليها الأعمال ( الدبوسية ) ، واصفاً نفسه بأنه أول من أعطى للوحات التشكيلية بعداً ثالثاً بعدما اقتصرت الرسومات التشكيلية على بعدي ( الطول والعرض ) فكان (العمق) الموجود في لوحاته الدبوسية تقليعه جديدة تنسب إليه ، وتمنح رسوماته تميزاً وتفرداً غير مسبوق . بالإضافة إلى الأعمال الدبوسية الخاصة بوائل ، هناك الرسومات ( الكولاجية ) . بعيداً عن المدارس اعتبر وائل أن الفنان التشكيلي الجيد هو من يجيد التفرد بأسلوب متميز يعرف بلوحاته من النظرات الأولى ، معتبراً أن التقيد بالرسم وفق المدارس الفنية التقليدية العالمية تقييداً لحرية وإبداع الرسام... مشيراً إلى أن دراسة المدارس الفنية مهمة لدارس الفن التشكيلي ، لكن على هذا الدارس أن يبتعد عن التقييد والتضييق على ذاته بالرسم بحرية ، وبطريقة مميزة يفرض فيها أسلوبه الخاص .. وعن نفسه يتحدث وائل أنه لا يتقيد بمدرسة معينة فهو يرى أن عصر ما بعد الحداثة الذي نعيشه اقتضى اختلاط المدارس ، معتمداً على قوله هذا بأن المدارس التقليدية التشكيلية كانت تعبر عن عصور زمنية معينة ، ونحن حالياً نعيش في عصر جديد له أساليبه وعناصره الخاصة به.. والفنان التشكيلي الجيد يتميز بالأسلوب وليس بالمدرسة الفنية التي يرسم بها . الأسلوب والمدرسة عن الفرق بين الأسلوب والمدرسة يقول أن الأول هو عبارة عن البصمة الشخصية الخاصة بالفنان ، فالمتذوق للفن يعرف أن اللوحة المعينة هي للفنان المعين بمجرد معرفة أسلوب رسمه ، بينما المدارس هي عبارة عن ضوابط وقواعد فنية سابقة ، والفنان ليس بحاجة إلى شيء يحد إبداعه لأنه حر ، يستطيع أن يرسم بالطريقة التي يراها مناسبة دون أي قواعد تحده . استنساخ فني مضيفاً ... إن تقيد الفنان بالقواعد عندها سيصبح مستنسخاً ومقلداً ، ولذا عليه أن يكسر كافة القواعد وأن يفرض أسلوبه وتوجهه الفني الخاص به . الفنان والحرفي مقارنة أخرى ذكرها لنا وائل أثناء تجولنا معه بين أروقة أول معرض في الفندق المذكور ، هي المقارنة بين الفنان والحرفي ، معتبراً أن الفنان التشكيلي عندما يرسم من أجل المال ومن أجل البيع فقط ، وبحسب الطلب ، فهو حرفي في المقام الأول قبل أن يكون فناناً.. أما الفنان فهو الإحساس المنبعث من داخل النفس البشرية والذي يدفع بالريشة المتخمة بالألوان للإبداع على ظهر اللوحات البيضاء دون أن يكون ما يرسمه ويبدعه بحسب طلب فلان أو شخص. شهادات معلم أشرنا سابقاً أن موهبة وائل برزت منذ اللحظات الأولى في معهد الفنون الجميلة بعدن ، وهو ما لاحظه عليه أساتذته الذين وصفوه وفقاً لأعماله الإبداعية.. فأستاذه أحمد عبد العزيز شقيق المفكر والكاتب الدكتور عمر عبد العزيز نعته ب ( المحدث ) الذي لا يبحث عن الأشياء التقليدية ، وينقب عن كل جديد ..بينما أستاذه علي الذرحاني أعجب بأعماله الفنية ووصف بأن من يستطيع أن يرسم مثل هذه الأعمال هو فنان كبير ، بحجم تلك الإبداعات ، ويدين وائل بالفضل لأستاذه الذرحاني الذي أخذ بيده وشجعه كثيراً ، بالإضافة إلى الأساتذة آمنة النصيري وإلهام العرشي وماجد الهتاري وشوقي الشرجبي. بطائق شكر وأمنيات يتمنى وائل أن يصل الفن اليمني إلى مستوى العالمية ، خاصة وأن اليمن تزخر بالكثير من الفنانين الكبار والمراجع التشكيلية ، والفنانين الشباب المبدعين ، وهؤلاء الشباب بحاجة إلى من يأخذ بأيديهم للظهور.. كما تمنى أن يسعى الجمهور اليمني للإطلاع على الفن التشكيلي وتذوقه ، خاصة وأن مستوى الوعي المجتمعي تجاه الفنون عامةً دون المطلوب.. مقدماً شكره إلى كل من الأستاذ فتحي سالم المدير التنفيذي لشركة مصافي عدن على دعمه وتشجيعه ، بالإضافة إلى مستر ديدير موريل المدير الإقليمي لفنادق ميركيور على تبنيه لمعارضي الفنية ودعمه لها سواءً في عدن أو تعز. ولم ينس أن يذكرنا بأمنيته الملحة بإقامة معرض خارجي ، يقدم فيها صورة اليمن بالشكل اللائق وبالطريقة التي يستحقها هذا الوطن المتخم بالإبداعات والمواهب الحبيسة ، التي تحتاج من يأخذ بأيديها وينفض عنها غبار الإهمال .