تهامة أرض خصبة وغنية بتراثها الشعبي العريق وموروثها الثقافي الزاخر بشتى أنواعه من شعر وفنون ومهاجل ووزبه.. إن البيئة التهامية بيئة فنية شديدة الخصوبة، غنية بفنونها وتراثها غزيرة في نتاجاتها وإبداعاتها الفنية والأدبية والعلمية النابعة من أصالة المجتمع وتوجهاته وقيمه الحضارية. هناك الفرساني والطارق والشرجي والوزبة التي اشتهرت بها تهامة الشام ويطلقون عليها في تهامة اليمن «الشعرالشامي» وهناك الحميني والمزدوج والمطوة والوعواع وويدان وفن الطحين والمريسي وأغاني الحصاد والأزيب وفن المهدية وزفات العرائس وغيرها من الأصناف التي تميزت بها تهامة اليمن أي الجهة الجنوبية من تهامة ويطلقون عليها في تهامة الشام «الشعر اليماني» منها موشح ومبيت حميني ومنها يماني مزدوج وأزيب ومطوة وأغاني الطحين وويدان. هناك الكثير من الأدباء والباحثين والمؤرخين والشعراء أمثال الحكاك «الحميني» الشيخ الصالح عفيف الدين ابو بكر بن إبراهيم بن يوسف الحكاك من أعلام المئة الخامسة للهجرة والفقيه عبدالله بن أبي بكر المزاح من رواد الشعر الحميني الأوائل.. هناك أعلام ذات صوت واضح في الدفاع عن المواطنين والدفاع عن الحرية ومكاسب الثورة من أجل حياة خالية من النفاق والتزلف منهم الشاعر والأديب الكبير إبراهيم صادق من مواليد 1932م توفي عام 31/3/1989م اشتهر بالبطولة في الكلمة والموقف صاحب أشهر قصيدة «أنا يمني» التي عبرت عن وضع اليمن. الشاعر حسين غالب العلي وهناك المناضل علي سعد حكمي والشيخ محمد يحيى منصر ويوسف هبه عبدالله والأستاذ الأديب عبدالله عطية والأستاذ مساوى أحمد والأستاذعلي عبدالعزيز نصر ويوسف الشحاري بينما ما زال الأخوة يناضلون في زمن السقوط أبوبكر شماخ وعبدالله الصيقل والشيخ عبدالله مهدي عبده، وعلوي العطاس وأحمدجابر عفيف وعثمان عميرة ومحمد مثنى وعبدالله مجمل وعبدالباري طاهر وأحمد رسام وغيرهم الكثير ممن لا تسعفني الذاكرة لسردهم وهناك أعلام ذات حضور كالأستاذ عبده علي بورجي والأستاذ عبدالرحمن خرجين والراحل الشيخ مناجي دوم والقائمة طويلة جداً ولكن نكتفي بهؤلاء لأنهم أعلام تهامة في الوقت الحاضو.. ولا ننسى الشاعر ابن غازل الذي ترك ثروة هائلة من الشعر الشامي الذي ما زال بحاجة للتنقيب والبحث والدراسة. صخب اللحظة ها هو الشاعر عبدالله غدوة يجسد حركة راقصة تحمل صخب اللحظة التي يتغنى بها الصياد ذا إيقاع متسارع يتجاوب مع النشاط الذي يتطلبه عمل الصياد وإليك هذا النص: «واازيب قر» واازيب قر واازيب قر مال امبحر ما استقر ما له هايج استمر واليوم مركبي شمر وامبتان له حزر يا خوفي إذا عبر يقلب به على امحجر واازيب قر واازيب قر هكذا غدوة يصف الرياح العاتية والخطيرة التي تقذف «الهوري» و«الازيب» هي رياح موسمية تجده «غدوة» يعيش مع الصياد كل حالاته منذ مغادرته الشاطئ حتى عودته بإيقاع صاخب مع كثرة الجمل الأخبارية مع تمازج روح الموج الهائج في البحر مع الصرخات المتلاحقة للصياد وبذلك يصور لنا «غدوة» الكثير من الصور الجمالية منها: واحب بحرك غزير واحنا امغواصي فيه ومرمل في ساحلك يشهد بما نشكيه عيون عند الغروب للدمع تسكب فيه قلوب تملي على الأمواج ما تخفيه سرى الهوى ما ختفى والعين ذى تبديه واصياد قبل امشروق في امهوري لوحدك تصيد تدبز با مجاب كل حين يطلع فيه رزقك جديد رحمك الله «يا غدوة» كيف جسدت علاقتك بالصياد والبحر في الكثير من أغانيك قصيدة «واصياد» غناها الكثير من الفنانين ابرزهم الفنان الكبير محمد مرشد ناجي والفنانة أمل كعدل .. ف «البحر والصياد وازيب قر ابتهالات بحار باحة الجدوم وأبو سفينة» كل هذه الأغاني ل «غدوة» تستمد صورها من حياة البحر ومشاهدة المتنوعة ومعاناة الصيادين من هنا تأتي تأولات عدة لهذه المشاهد التي تجسد هذه العلاقة. سعى «غدوة» إلى خلق توازن بين صور الحياة بحثاً عن علاقات خفية ما بينها. موروث الصيادين بحاجة للتنقيب والبحث في عمق ذلك الموروث «الرمس» و«المجداف» و«الشراع» مفردات مهنة الاصطياد البحر والصيادون والأسماك مفردات لهاحكاية، مهنة الاصطياد مهنة متعبة إبان الحكم الإمامي.. «الرمس» و«المجداف».. و«الشراع» مفردات مهنة الاصطياد في العهد البائد.. ف«الرمس» عبارة عن أخشاب متساوية يتم رصفها أفقياً وربطها بضفائر من الحبال وعسف النخيل ثم الاعتماد على عصا طويلة هي ماكانت تعرف ب«الدومة» وطولها يبلغ نحو 6أمتار يعتمد عليها الصياد في عملية التجديف وفي تحديد الأعماق والدفع بمعدته هذه التي لاتتسع إلا لصياد واحد وهذاالنوع من المعدات كان الأكثر انتشاراً في العهد البائد. «الهوري النفري» الذي يعتمد في دفعه على التجديف وسمي بالنفري لأنه لايتسع سوى لصياد واحد والنوع الثالث من معدات مهنة الاصطياد آنذاك كما يؤكد الصيادون تمثلت في «الهوري الشراعي» الذي لايتسع لأكثر من ثلاثة صيادين ويعتمد في الدفع على الشراع.. بالاضافة إلى التجديف اليدوي ويروي الصياديون بأن مهنتهم بهذه المعدات البسيطة كانت تشوبها الكثير من المخاطر والمعاناة التي تتضاعف مع غياب أدنى المرافق الساحلية كالمرافئ وغيرها مع هبوب الرياح وعوامل أخرى تتطلب من الصياد أن يخوض وبشكل يومي تحدياً مع الرياح لإدخال وإخراج هذه المعدة من البحر.. محافظة الحديدة تمتلك شاطئاً طويلاً طوله 390كم وثلاثة موانئ رئيسية حديثه . ولكن هناك موانئ قديمة لعبت دوراً بارزاً في الحراك التجاري كميناء اللحية والفازة حيث اشتهرت الدولة الرسولية في عهد الملك الناصر أحمد الرسولي واستقبل ميناء الفازة خبراء الصين عام 822ه، بينماء ميناء غليفقه في عهد الدولة الزيادية والنجاحية عام 204555ه أما ميناء الخوخة كان بالقرن الخامس الهجري ميناء تجارياً هاماً وهناك موانئ كالخوبة وابن عباس والطائف موانئ تاريخية أسهمت كثيراً في الصراعات والمعارك التي واجهت الحديدة. فالمواويل البحرية تعبر عن الاعتزاز والبؤس والجراح وتعطي للحياة روحاً متجددة لخوض المغامرات والأهوال دون خوف، فالمواويل تراث واسع يحتاج الجهد والمثابرة والصبر لجمعة وتوثيقه ودراسته وإن شاء الله يكون لنا وقفة خاصة عن ذلك قريباً لما يكتنزه من الحب والحكمة والكثير من مشاهد حيه من واقعنا ويزخر بصور فنية متعددة، متسعة في فضائها كما يتسع أفق الشاطئ الذي يغني على كثبانه ويعزف أغانيه على أهداب نوارسه الصيادون أنفسهم. صناعة القوارب التقليدية.. نبض حي ولكن!! صناعة السفن الخشبية «الهواري الصنابيق» كمثيلاتها من الحرف التقليدية التي مازالت تناضل وتقاتل في البقاء وتتحدي التطور والحداثة الذي كاد أن يلغيها ومثيلاتها إلى عالم الانقراض. مازال هناك بقايا حرفيين في اللحية ابن عباس الخوبة الصليف «القطابا الجشه» بالخوخة الحديدة الجاح الفازة يكافحون ضيم الزمان وينتصرون على الحداثة العصرية المجنونة القاتلة لكل جميل وقديم في حياتنا. «الهوري أوالصنبوق» التقليدي القارب يستعمل في الرحلات التي تقضي أسابيع في عرض البحر، فالأخشاب المستخدمة في صناعة القوارب التقليدية أغلبها من الهند كخشب الساج والصنوبر المقاوم للرطوبة بالاضافة ونوع من فتيل القطن والمسامير وبعض الزيوت المستخرجة من أجواف الحيتان«سمك القرش» لتكون بمثابة عازل عن الماء للقارب وأهم الأدوات المستخدمة في الصناعة فهي أدوات النجارة كالمبدح والقدوم والمنشار وغيرها. تبدأ صناعة القارب في المكان المحدد له على الشاطئ القريب من البحر، ويحدد «المعلم» «صانع القارب» حجمه من حيث الطول والعرض والارتفاع حسب النوع وبعد تحديد الحجم يتم التركيب باستخدام قياسات متناهية في الدقة كي تحفظ توازن القارب. أما البناء الهيكلي الرئيسي له يقوم على تثبيت مايعرف بالهراب بمثابة العمود الفقري للقارب غير أنه يوضع في التجويف الباطني له، وهو الذي يحفظ توازن القارب تم تثبت عليه الأضلاع الشلامان، وهي متفاوته في الحجم ويكون مقوس ويمتد من مؤخرة القارب إلى مقدمته بالتقابل. وبعد الانتهاء من صناعة الهيكل يتم تثبيت الألواح الخارجية بمسامير بأطوال مناسبة وبعدها يتم تركيب السطح العلوي له.. وبالأخير تستخدم الفتيل والصل لسد الفراغات بين الألواح لمنع تسرب المياه، ويتم بعدها الدهان للهيكل الخارجي للقارب بزيت الصل والتي تشكل مادة دهنية عازلة للماء عن الخشب وتحافظ في الوقت نفسه على متانة القارب وتصونه من الأكل حيث تقضي رائحتها القوية على الحشرات التي تستهدف الأخشاب.. بعد ذلك يتم سحبها إلى البحر على ألواح خشبية دائرية إلى أن يستقر في البحر ويتم الذبح عليه. ولكن هذه المهنة العريقة تحتاج رعاية واهتماماً رسمياً رغم أنها لعبت دوراً بارزاً في النمو الاقتصادي سابقاً وحملت أسلافنا دهراً من الزمن إلى أن رست بهم على «الجودي» وفلك المياه تمخر عباب البحر وتركب الأمواج وتتحدى الأهوال لتصل بنا إلى بر الأمان.. فها هي لاتزال تمخر عباب البحر للصومال وإريتريا!! بالصيادين البسطاء. الصناعات الحرفية تتميز تهامة بالكثير من الصناعات التقليدية الحرفية.. ففي مدينة حيس نجد صناعة الفخار البارزة،وفي اللحية ومور والزهرة، أما زبيد والدريهمي ومنظر الحديدة بصناعة اللحاف الحوكية والخزف في حيس، وصناعة المنسوجات القطنية بيت الفقيهوزبيد، وصناعة الفضيات والخنجر والتهامي بالزيدية، وصناعة الملابس «النيلة» بزبيد وصباغة الفضة وتشكيل العقيف بزبيد أيضاً.. أما الخوخة وباجل والقناوص والتحيتا يتميزون بصناعة الحدادة والادوات الزراعية، وتأتي المنصورية والمراوعة والحسينية وزبيد في معاصر زيت السمسم «الجلجل»، أما صناعة ونجارة الأسرة الخشبية التقليدية تجدها في كل من المغلاف الزيدية ، زبيد، الجراحي، بيت الفقيه التحيتا. أما بخصوص صناعة القوارب التقليدية «الهواري والصنابيق تصنع في الخوخة الخوبة الحديدة ابن عباس الصليف، أما صناعة الحصير تتميز به جزيرة كمران والضحي والفازة والمدمن والجاح والسويق والمجيلس.. أما مشغولات اليسر ففي كمران والصليف، بخصوص استخلاص الدبس عسل التمر «القطارة» فالدريهمي والجاح وزبيد والمدمن والمجيلس والسويق تجدها مبدعة في فعل ذلك العمل بمهارة عالية.