إن قضية الانتماء للوطن لا تعني رفع الشعارات والمزايدة بها أمام البسطاء من الناس الذين تجرّهم العاطفة دون القدرة على معرفة الخلفيات الخفية لبعض الذين يسيئون إلى الوطن وهم يرفعون شعاره، بل إن قضية الانتماء تحتاج إلى بيان عملي على أرض الواقع.. ومن أبرز متطلبات الانتماء المسارعة إلى تلبية نداء الواجب الوطني، والعمل على مواجهة التحديات الداخلية بروح المسئولية، فلا يقبل الوطنيون بأي حال من الأحوال مجرد الإساءة إلى الوطن، وعندما يلمسون ذلك من أي ٍ كان فإنها تثور ثائرتهم على منع الإساءة والتصدي لعناصر الإساءة بروح وثابة تتجرد من كل المصالح والمنافع وتنبري للوطن فقط. إن الوطنيين الغيورين هم القادرون على السمو فوق الجراح الذين يجسدون مبدأ الولاء الوطني في أعمالهم وكل حركاتهم وسكناتهم دون مَنٍّ أو أذى، بل يجعلون من غيرتهم على الوطن سلوكهم الدائم ويفضلون العيش في حد الكفاف دون أن يقبلوا بأذية الوطن أو الإساءة إليه بأي حال من الأحوال، هم الذين يرفضون البهرجة والترف على حساب كرامة الوطن، ولذلك تجدهم في كل مكان رافعين رؤوسهم يُكنّ لهم الجميع احتراماً لا يعرف قدره إلا أولئك الذين باعوا الوطن وتخلوا عن انتمائهم إليه الذين لا يكنّ لهم أحد أي قدر أو احترام، بل يشار إليهم بالبنان بأنهم خونة لا أمان لهم لأنهم لايمتلكون الاعتزاز بالانتماء إلى الوطن. إن متطلبات الانتماء إلى الوطن تتطلب من الأحزاب والتنظيمات السياسية ماهو أسمى وأعظم من مجرد الانتماء إلى الوطن وهو العمل ميدانياً على تجسيد مبدأ الولاء الوطني قولاً وممارسة، وأن تتجرد الأحزاب والتنظيمات السياسية وهي تقوم بهذا الواجب الوطني والديني المقدس من السعي إلى تحقيق أي غرض سياسي رخيص، وعندما تكون الأحزاب والتنظيمات على هذا المستوى من الانتماء والولاء العظيم فإنها ستكون الأقرب إلى قلوب الجماهير والأكثر استحواذاً لثقتها.. ذلك هو الطريق الوحيد للوصول إلى السلطة وبدونه فإنها أبعد من عين الشمس، لأن المواطن لايمنح الثقة إلا لمن يستحقها فقط، فهل تدرك الأحزاب هذا المعنى وتكف عن المزايدة والمناكفة؟ نأمل ذلك بإذن الله.