كانت محافظة ذمار يوم الخميس الماضي الموافق ال21من شهر نوفمبر الحالي على موعد مع ثلاثة حوادث متفرقة أسفرت عن إزهاق أرواح 4 أشخاص بينهم رجل أمن أستشهد أثناء أدائه واجبه الوطني.. ولا بأس أن نزود القارئ الكريم ببعض التفاصيل عن هذه القضايا وحيثياتها باعتبار أن الإنسان مخلوق يحن دائماً إلى الإطلاع ومعرفة كل جديد. ففي الساعات الأولى من صباح هذا اليوم وعلى ساحة سجن الإصلاحية بذمار تم تنفيذ حكم القصاص الشرعي بحق ه. م. ص الأضرعي والذي جاء بعد سبع سنوات من سجن المذكور تخللتها مرافعات حامية الوطيس في دهاليز النيابة العامة وقاعات المحاكم المختصة على اختلاف أنواعها وتوصيفاتها ومهامها غير أن ما لفت الأنظار أكثر باتجاه هذه القضية هو ماحدث قبل حوالي أسبوع من موعد تنفيذ القصاص عندما شهدت أحد أحياء الحوطة بمدينة ذمار حركة نشطة ومساعي حميده من مشائخ وشخصيات اجتماعية وعلماء تزامنت مع ذبح 6 رؤوس من الماشية «الأثوار» على أبواب أصحاب الدم وهي عادة قبلية معروفة الغرض منها الحصول قدر الإمكان على العفو من ورثة المجني عليه من باب الإنسانية بالطبع ومصداقاً لقول الله عزوجل «ومن عفا وأصلح فأجره على الله» وقوله تعالى «ومن تصدق به فهو خيرٌ له» وقد ظلت جثث الأثوار على الساحة المقابلة لمنزل أصحاب الدم حتى تصاعدت روائح كريهة أزعجت الجيران لكن لا ضير في ذلك فالهدف في نهاية المطاف إنساني إلا أن تلك الأثوار والوساطات لم تثن أصحاب الدم من رغبتهم في تنفيذ حكم القصاص الشرعي وكان لهم ما أرادوا وقد تكون مثل هذه القضايا طبيعية ولا غبار عليها البتة لأنها سلكت القنوات الشرعية والدينية والقانونية. غير أن هناك قضايا ليست طبيعية ولاتتساوق والمنطق السليم والفطرة الخالصة التي جلب الله الناس عليها ومنها ماحدث بعد 3ساعات تقريباً من انقضاء عملية القصاص الشرعي حيث ترددت أصداء حادثة مقتل أحد الاشخاص في أحد أسواق بيع الماشية وسط مدينة ذمار عندما كان المجني عليه «م.م. س» وهو من أهالي مديرية المدا منطقة ثوبان على وشك دخوله السوق قبل أن يتلقى عدة طلقات نارية أحالته إلى جثة هامدة وسط بركة من الدماء. أما الجاني فقد تمكن من الفرار بوسائل كانت معدة سابقاً وسط ذهول المارة الذين صعقوا من المفاجأة التي أحدثتها الجريمة وعن خلفيات ودوافع هذه الجريمة النكراء كونها وقعت في وضح النهار في مكان مكتظ بالحركة والمارة أفاد مصدر أمني أن القتيل متهم بجريمة قتل أحد جيرانه قبل عدة سنوات ويبدو أن العملية تمت بالسلاح الأبيض فانتقل الطوفان بعد تدخلات أصحاب الرأي والمشورة إلى المحاكم التي طالت كما هو معلوم لينتهي هذا المشوار الشاق والمرهق إلى تبرئة ساحة المتهم من التهمة المنسوبة إليه غير أن الغرماء لم يرضوا بهذا الحكم وتملصوا من الالتزام به ومن ثم ترصدوا لتحركات غريمهم حتى سنحت لهم الفرصة إلى انتزاع حياته في نهار خميس ذمار الدامي وهي حادثة تدعو إلى القلق فعلاً لأنها تلقي بظلالها السوداوية وتنذر بتوسع دائرة الثأر الذي يعاني منه مجتمعنا القبلي ويؤثر على عجلة التنمية والاستقرار في البلاد بأسرها وما يزيد من حنق الشارع العام تجاه قضايا الثأر أن المعالجات والتدخلات سواء كانت حكومية أو على هيئة مبادرات منظمات المجتمع المدني لم تسفر عن نتائج مرضية وناجعها من شأنها الحد من آثار هذه الظاهرة الخطيرة. أما القضية الثالثة فقد حدثت في قرية ذي منكر مديرية ميفعة عنس من نفس اليوم حيث استشهد أحد رجالات الأمن وهو يؤدي ورفاقه المهمة المنوطة بهم والمتمثلة في القاء القبض على أحد المطلوبين أمنياً ولا يخفى أن الواقعة أثارت استياء عارم لاستشهاد هذا الجندي وهي جريمة لم تكن مبررة فالمطلوب أمنياً لم ينصاع لطلب الحضور وقام أفراد الأمن باطلاق النار عليهم الذين الاشتباك معه لكنه تمادى في غيه مما أدى إلى استشهاد زميلهم ورغم ذلك لم يتوقف المطلوب عن إطلاق النار مما اضطرهم إلى الالتفاف عليه وقتله دفاعاً عن النفس أولاً وتنفيذاً للتوجيهات ثانياً. وقد حدثت جرائم من هذا القبيل في عدة مناطق بالمحافظة كان ضحيتها عدد من أفراد الأمن وكل أمل أن يلتفت القائمون على حساسية مثل هذه الجرائم لأنها تصيب هيبة الدولة في مقتل بحيث يصدرون قانوناً خاصاً يجرمون ويضاعفون العقوبة على من أقدم على قتل رجل أمن إذ ثبت أنه كان يؤدي مهمته الأمنية كما هو معمول به في كل بلدان العالم أما أن يعامل الاعتداء على شرطي أو جندي كأي شخص آخر فأعتقد أن في المسألة هضم للدور الأمني الهام الذي يقومون به. والله من وراء القصد...