قامت إحدى الجامعات في كاليفورنيا بعمل دراسة على التحدث مع الذات عام 1983م توصلت من خلالها إلى أن أكثر من 80 % من الذي نقوله لأنفسنا يكون سلبياً ويعمل ضد مصلحتنا - وبسبب ذلك القلق يتسبب في أكثر من 75 % من الأمراض مثل ضغط الدم العام والقرحة والنوبات القلبية . مصادر التحدث مع الذات أو ( البرمجة الذاتية ) :- (1) الوالدان : د/ تشاد هلمستر يقول: ( إنه في خلال ال 18 سنة الأولى من عمرنا وعلى افتراض نشأتنا في عائلة ايجابية لحد معقول يكون قد قيل لنا أكثر من 148000 مرة كلمة لا أو لا تعمل ذلك ، وعدد الرسائل الإيجابية فقط 400 مرة ) فيتم برمجتنا سلبياً.. د/ تاد جيمس - د/ وود سمول :( عندما نبلغ السابعة من عمرنا يكون أكثر من 90 % من قيمنا قد تخزن في عقولنا ، وعندما نبلغ سن 21 تكون جميع قيمنا قد اكتملت واستقرت في عقولنا ) . (2) المدرسة : برمجة سلبية من خلال قول مدرس لك لا يمكنك فهم اي شيء أبداً ؟ (3) الأصدقاء : العمر من 8 - 15 سنة هي فترة الاقتداء بالآخرين وتقليد السلوك . (4) الإعلام : قامت مغنية مشهورة بارتداء زي معين في نفس الأسبوع كانت 50 ألف فتاة ترتدي مثلها . (5) أنت نفسك : د/ هلمستر ( إن ما تضعه في ذهنك سواء كان سلبياً أو إيجابياً ستجنيه في النهاية ) . مستويات التحدث مع الذات : (1) المستوى الأول ( القاتل أو الإرهابي الداخلي) : يجعلك فاقداً للأمل ، ويشعرك بعدم الكفاءة ، ويضع أمامك الحواجز . يبعث لك إشارات سلبية مثل ( أنا خجول - أنا ضعيف - ذاكرتي ضعيفة جداً - أنا لا أستطيع - شكلي غير جذاب ).. تحدثك السلبي مع نفسك يرسل إشارات سلبية للعقل الباطني يرددها باستمرار إلى أن تصبح جزءاً من اعتقادك القوي ، ثم تؤثر على تصرفاتك وأحاسيسك . (2) المستوى الثاني ( كلمة لكن السلبية ) : مستوى يريد التغيير ويريد الايجابية ولكن يضيف كلمة لكن التي تمحو الإشارات الإيجابية التي سبقتها مثل ( أريد الاستيقاظ مبكراً ولكن لا أحب ذلك - اريد إنقاص وزني ولكن لا أستطيع) . (3) المستوى الثالث ( التقبل الإيجابي ) : وهو مصدر القوة وعلامة الثقة بالنفس التقدير الشخصي السليم وهو أقوى مستوى للتقبل الايجابي فرسالة مثل ( أنا استطيع أن أحقق أهدافي - أنا قوي - أنا إنسان ممتاز ) . الأنواع الثلاثة للتحدث مع الذات : - (1) الفكر ( للتحدث مع الذات ) : وهذا النوع للتحدث مع الذات ذو قوة شديدة ويؤدي لنتائج خطيرة فيمكن لهذا النوع أن يؤدي للاكتئاب ويؤثر سلبياً على الصحة البدنية.. فمثلاً إذا فكرت في شخص لاتحبه وتذكرت أحد المواقف التي كان ذلك الشخص طرفاً فيها واستمعت لما تقوله لنفسك فلاحظ الإحساس الذي تشعر به . فرانك أو تلو يقول : ( راقب أفكارك لأنها ستصبح أفعالاً ) ( راقب أفعالك لأنها ستصبح عادات ) ( راقب عاداتك لأنها ستصبح طباعاً ) ( راقب طباعك لأنها ستحدد مصيرك ) (2) الحوار مع النفس ( للتحدث مع الذات ) : مثل أن تدخل في جدال مع شخص وبعد أن يتركك الشخص يدور في ذهنك شريط الجدال مرة أخرى وتحاور نفسك وتقوم بإعادة الحوار مع إضافة عبارات كنت تتمنى أن تقولها وقت الجدال الأصلي وتظل على هذا المنوال.. هذا النوع من التحدث مع الذات يولد أحاسيس سلبية قوية. (3) التعبير بصراحة والجهر بالقول ( للحديث مع النفس) : سواء بصوت مرتفع مع نفسك بكلام سيئ أو أفكار سلبية وتؤدي لتوليد طاقة سلبية ضخمة وأضرار صحية منها ضغط الدم . أو بحوار سلبي عن نفسك مع طرف آخر ؛ الذي يؤدي لأضرار بالغة الخطورة ويولد أحاسيس سلبية هدامة تقلل من أداء أدوارك في جميع مجالات الحياة . التحدث للذات بطريقة سلبية يبرمج العقل بإشارات سلبية تستقر وترسخ في العقل الباطن وتصبح عادات . يقول العالم الألماني جوته ( أشد الأضرار التي يمكن ان تصيب الإنسان هو ظنه السيئ بنفسه ) وفي حديث شريف يقول « لايحقرن أحدكم نفسه » . يقول آرنس هولمز في كتابه النظريات الأساسية لعلم العقل (أفكاري تتحكم في خبراتي ، وفي استطاعتي توجيه أفكاري ) . مرايان ويليامسون ( في استطاعتنا في كل لحظة تغيير ماضينا ومستقبلنا بإعادة برمجة حاضرنا ).. العقل الباطن يحتفظ بالرسائل الإيجابية التي تدل على الوقت الحاضر . اختلف معك إننا نرى العالم طبقاً لبرمجتنا السابقة فقط .. لا كما يجب أن نراه ..نحن لا نرى الحقيقة إلاّ من خلال تجاربنا نحن !! فحين نختلف مع شخص ما في الرأي ، يتمسّك كلٌّ منا برأيه الذي كوَّنته خبراته و تجاربه السابقة .. حاول أن ترى الصورة الحقيقية .. ليس كل ما تراه هو بالضرورة صحيح....! لأنَّ ما تراه هو ما تمَّت برمجة عقلك عليه ... ألم تُخطئ منذ قليل في قراءة حرف (في) الزائد؟ أعد التفكير في كل ما تراه صحيحاً بالنسبة لك.. اقبل النقاش و أعد النظر في أفكار من يختلفون معك... إنهم - فقط - لم تكن لهم تجاربك السابقة التي تؤهلهم كي يفكروا مثلما تفكر ... لماذا لا تتقبل فكرة أنهم ربما يكونون على شيء من الصواب؟ .. حاول أن تتفهم وجهة نظر الآخرين ولا تتمسك برأيك دائماً لمجرَّد أنَّه رأيك.. أعد النظر في برمجتك السابقة ولا تفترض دائما أنَّ كل ما تراه صواب . الفيل و العُميان هل سمعت هذه القصة من قبل؟ يُحكى أن ثلاثةً من العُميان دخلوا في غرفة بها فيل... وطُلِبَ منهم أن يكتشفوا ما هو الفيل ليبدأوا في وصفه .... بدأوا في تحسُّس الفيل وخرج كلٌّ منهم ليبدأ في الوصف: قال الأول : الفيل هو أربعة عمدان على الأرض! قال الثاني : الفيل يشبه الثعبان تماماً! و قال الثالث : الفيل يشبه المكنسة! وحين وجدوا أنهم مختلفون بدأوا في الشجار .. وتمسّك كلٌّ منهم برأيه وراحوا يتجادلون ويتِّهم كلٌّ منهم الآخر بأنّه كاذب ومُدَّعٍ! بالتأكيد أنّك لاحظت أنَّ الأول أمسك بأرجل الفيل والثاني بخرطومه ، والثالث بذيله .. كلٌّ منهم كان يعتمد على برمجته وتجاربه السابقة ... لكن .. هل التفتّ إلى تجارب الآخرين؟ من منهم على خطأ؟ في القصة السابقة .. هل كان أحدهم يكذب؟ بالتاكيد لا .. أليس كذلك؟ من الطريف أن الكثيرين منا لا يستوعبون فكرة أن للحقيقة أكثر من وجه .. فحين نختلف لا يعني هذا أن أحدنا على خطأ!! قد نكون جميعاً على صواب لكن كل منا يرى مالا يراه الآخر! إن لم تكن معنا فأنت ضدنا! لأنهم لا يستوعبون فكرة أنَّ رأينا صحيح لمجرد أنه رأينا! لا تعتمد على نظرتك وحدك للأمور فلا بد من أن تستفيد من آراء الناس لأن كل منهم يرى ما لا تراه .. فرأيهم قد يكون صحيحا أو قد يكون مفيداً لك . * مدرب تنمية بشرية [email protected]