أكد مدير مكتب رئاسة الجمهورية رئيس جهاز الأمن القومي علي محمد الآنسي ان ظاهرة الارهاب تعد من اخطر التحديات التي تواجه الجمهورية اليمنية ودول المنطقة والعالم في الوقت الحاضر نتيجة للنشاط المتنامي للعناصر الارهابية المتطرفة. وأوضح الآنسي في الكلمة التي ألقاها في ندوة منتدى حوار المنامة بعنوان «هندسة الأمن الاقليمي» وشارك فيها عدد من الشخصيات السياسية والقيادات الأمنية والعسكرية الاقليمية والدولية من بينهم قائد القوات المركزية الامريكية الجنرال ديفيد بيترايوس ومستشار ملك البحرين للشؤون الدبلوماسية محمد عبد الغفار.. أوضح ان اليمن تأثرت كغيرها من البلدان جراء تداعيات الاعمال الارهابية من خلال تعرضها للعديد من العمليات الارهابية التي القت بظلالها على مختلف الجوانب الامنية والسياسية والاقتصادية و الاجتماعية وغيرها على الصعيدين الداخلي والخارجي.. لافتا الى ان العناصر الارهابية تعمل على استهداف قطاع السياحة و الاجانب العاملين في اليمن بهدف إحداث أكبر قدر من الاهتمام العالمي الخارجي بها واظهار فعاليتهم في ضرب المصالح الغربية والمنشآت الاقتصادية . وقال: «وفي مقابل هذا الاستهداف بذلت حكومة الجمهورية اليمنية قصارى جهدها للحد من العمليات و الانشطة الارهابية وحققت نتائج ايجابية في هذا المجال وهي لاتزال بحاجة الى الدعم الاقليمي والدولي لزيادة قدراتها و امكانياتها خصوصا وانها شريك فعال مع المجتمع الدولي لمكافحة الارهاب سواء كان ذلك بشكل ثنائي مع الدول التي تتشارك معها في الحرب على الارهاب او مع لجان مجلس الأمن الدولي ذات الصلة او من خلال التوقيع و التصديق على كافة المواثيق و القوانين المجرمة لظاهرة الارهاب». وأكد مدير مكتب رئاسة الجمهورية ان رؤية اليمن تنسجم مع رؤية دول المنطقة و المجتمع الدولي في مواجهة الارهاب باعتباره آفة دولية خطيرة تستهدف الجميع مما يتطلب زيادة التعاون والتنسيق بين الاجهزة الأمنية لتعزز من فعاليتها وقدرتها على مواجهة التطرف والارهاب وتجفيف منابعه . وقال:« لقد جاءت أحداث التمرد والارهاب الاخيرة بمحافظة صعدة لتمثل بعداً جديداً للاحداث الارهابية السابقة التي استهدفت زعزعة الامن والاستقرار في اليمن حيث استمرت هذه الجماعة في قيامها بالاعمال التخريبية والارهابية في خرق واضح للمبادرات التي قدمتها الدول خلال جولات الحروب الست لوقف احداث هذا التمرد وتحقيق السلام». وجدد الآنسي التاكيد على ان الخيارات السلمية التي قدمتها الدولة لحل هذه القضية و منها قرارات العفو العام ودعوة الحوثيين لاقامة حزب سياسي لهم في اطار الدستور والقانون قوبلت بالرفض.. مشيرا الى استغلال تلك العناصر لتسامح الدولة للتجهيز والتسلح والتوسع، حيث استمرت في ممارساتها التخريبية والإرهابية من خلال ارتكاب الجرائم والاعتداءات بحق الوطن والمواطنين من قتل واختطاف ونهب وتدمير وتفجير للممتلكات العامة والخاصة. وأوضح ان هذه العناصر تنفذ اجندة خارجية للإضرار بأمن اليمن والمنطقة وتصفية حسابات بعض الأطراف الإقليمية على حساب أمن واستقرار اليمن، بما في ذلك سعيها في الفترة الأخيرة الى الاعتداء على المملكة العربية السعودية الشقيقة وانتهاك حدودها في محاولة منها لتوسيع دائرة المواجهات وإعطائها بعداً اقليمياً بعد النجاحات الملموسة التي حققتها القوات المسلحة اليمنية في محاصرتهم وتضيق الخناق عليهم. وتطرق رئيس جهاز الأمن القومي الى ما يواجه اليمن في بعض مديريات المحافظات الجنوبية من أعمال وأنشطة تخريبية تمارسها بعض العناصر الخارجة عن القانون والتي تحاول إعادة عجلة التاريخ الى الوراء واستهداف الوحدة اليمنية المباركة التي تحققت بطرق سلمية في 22 مايو1990م وممارسة انشطة تحريضية وتخريبية للمطالبة بالإنفصال والترويج لكثير من الإفتراءات والإدعاءات الباطلة عبر الصحف والمواقع الإلكترونية وإقامة التجمعات الصغيرة واللقاءات والقيام باعمال التحريض .. مشيرا الى ان هذه الاعمال شملت نشر ثقافة الكراهية في صفوف المجتمع اليمني بهدف التغرير بالمواطنين البسطاء وصغار السن والدفع بهم للخروج في اعتصامات وأعمال شغب والتحريض على قطع الطرقات وقتل المواطنين الأبرياء على خلفيات مناطقية، اضافة الى الحاق الضرر بالممتلكات العامة والخاصة. وقال: «هؤلاء هم من بقايا العناصر التي اشعلت الحرب في صيف عام 1994م وهزمت من قبل الشعب اليمني وهي فئة قليلة لا تمثل إلا نفسها وقد استغلت الأوضاع الاقتصادية التي تواجه اليمن لتحقيق اهدافها المشبوهة للإضرار بأمن واستقرار ووحدة اليمن التي تمثل عنصراً هاماً ورئيسياً لأمن واستقرار منطقة الخليج والدول المطلة على البحر الأحمر والمحيط الهندي ، وهو ما أدركته دول مجلس التعاون الخليجي وبقية الأشقاء والاصدقاء الذين اعلنوا دعمهم الكامل لوحدة وأمن واستقرار اليمن، والمؤمل ان يتم ترجمة ذلك الخطاب السياسي الى واقع عملي من خلال الدعم الاقتصادي والامني واللوجستي للجمهورية اليمنية». واضاف:«اضافة الى هذه التحديات فإن الجمهورية اليمنية تعاني من اوضاع اقتصادية صعبة نظراً لمحدودية الإمكانيات المادية وتزايد متطلبات التنمية التي تواجهها في مختلف المجالات، كما ان تداعيات الأزمة المالية العالمية وتقلبات اسعار النفط قد أثرت على الوضع الاقتصادي خاصة وان النفط يعد الركيزة الاساسية للأقتصاد اليمني ويرفد الخزينة العامة للدولة بحوالي «70» في المائة من مصادر تمويلها الأمر الذي أثر على مجمل الأوضاع في الجوانب الاقتصادية والمالية والأمنية». وأشار الآنسي الى ما جاء في تقرير التنمية البشرية في العالم العربي لعام 2008م والذي أكد على تصاعد معدلات الفقر في اليمن ليصل الى نسبة «59» في المائة من السكان وزيادة نسبة البطالة الى (34) في المائة وهو ما قد يسمح بتكوين بيئة خصبة لانتشار الأفكار المتطرفة وبروز الكثير من الأعمال الإجرامية والإرهابية والإخلال بالأمن والاستقرار بوجه عام . وعبر بهذا الخصوص عن تطلع اليمن الى استمرار دعم جهودها في القضاء على البطالة والحد من الفقر من قبل أشقائنا في دول مجلس التعاون الخليجي بما في ذلك استيعاب نسبة كبيرة من الأيدي العاملة اليمنية المؤهلة والمدربة من خريجي الجامعات والمعاهد المتخصصة. واعتبر مدير مكتب رئاسة الجمهورية انهيار الدولة في الصومال واستمرار الأزمة فيه منذ 19 عاماً أهم مصادر التهديد للأمن الإقليمي في الوقت الراهن بحكم ما تعززه الأزمة كل يوم من عناصر جديدة تهدد أمن المنطقة والعالم بدءا من الإرهاب مرورا بتهريب البشر والبضائع المحرمة وانتهاء بأحداث القرصنة والتى حولت الصومال الى ملاذاً آمنا للمتطرفين والإرهابيين وملجأً يخططون فيه للقيام بعمليات ارهابية.. داعيا بهذا الصدد الى تكريس الجهود وحث أعضاء المجتمع الدولي من مؤسسات دولية واقليمية ودول فاعلة ودول الإقليم وبلدان اسلامية وافريقية وغربية للاضطلاع بمسؤولياتهم في التصدي لتلك العناصر والتنظيمات الارهابية والوقوف الى جانب حكومة الصومال للخروج من أزمتها وتجاوز الظروف الراهنة. ولفت الى ما تعانيه اليمن من تدفق اللاجئين من القرن الافريقي الى أراضيها دون ان تجد ما يكفي من العون من المنظمات الدولية والأشقاء والأصدقاء، فضلا عما يمثله ذلك من تهديد أمني باعتبار أن معظم اللاجئين من الشباب وهو ما تم استغلاله من قبل العناصر الارهابية الحوثية وتجنيدهم لعدد من هؤلاء اللاجئين للقتال معهم . وأشار الى أن أحداث القرصنة التي شهدتها منطقة خليج عدن والمحيط الهندي استدعت اهتمام الأسرة الدولية والأمم المتحدة التي سارعت بحكم ما أفرزته القرصنة من تطورات خطيرة على الأمن البحري والتجارة الدولية في هذا الممر الدولي الحساس وتواجد العديد من الدول بأساطيلها وبوارجها الحربية التي احتشدت في المنطقة من أجل مكافحة أعمال القرصنة وحماية السفن التجارية المبحرة في المنطقة.. مبينا الآثار السلبية لعمليات القرصنة ومترتباتها الخطيرة على اقتصاديات الدول المطلة عليها باعتبارها شكلا من اشكال الارهاب الدولي.. مؤكدا ان مزيداً من التباطؤ في معالجة هذه الظاهرة ربما يحولها الى مايشبه تجمعاً اجرامياً أوسع يتجاوز حدود المنطقة. وقال: «ان الأهمية الجيوسياسية والاستراتيجية التى تمثلها منطقة شبه الجزيرة والخليج والأقاليم المجاورة لها بالنسبة للمصالح الدولية والاقتصاد العالمي تعزز من فكرة أن الحديث عن أمن إقليمي مستقل لكل إقليم جغرافي على حدة هو حديث يفتقر الى الموضوعية لا بسبب غياب الاستحقاقات والمصالح الخاصة التى تشكل هماً مشتركاً لدول الإقليم أو لعدم تأطير هذه الاستحقاقات والمصالح الخاصة ضمن صيغة إقليمية أمنية مستقلة، وإنما بسبب توجهات وضغوط وهواجس القوى الدولية التى عملت وما تزال بقصد أو بدون قصد على إفراغ مفهوم الأمن الإقليمي من محتواه منعاً لأي توجه إقليمي من شأنه بلورة مسؤليات هذه الدول ذاتياً وجماعياً تجاه أمن المنطقة». وأضاف:« لذلك فليس من المستغرب ان تنعكس أوجه القصور القائمة على مستوى أمن المنطقة وعلى معطيات الوضع الأمني الإقليمي عموماً وعلى كل دولة على حدة» . وطرح رئيس جهاز الأمن القومي رؤية شاملة للحفاظ على الأمن الإقليمي والدولي في هذه المنطقة الحساسة والهامة في العالم تقوم على عدد من التوجهات ابرزها النظر الى مدخلات الأمن ومتطلبات ترسيخه على مستوى الداخل والإقليم ضمن نظرة عامة لاتهمل المنظور الاقتصادي باعتباره شرطاً للحفاظ على بيئة أمنية سليمة من كل الاختراقات، و بلورة مقتضيات حفظ الأمن البحري على مدى المنظور البعيد، و تعزيز الشراكة بين دول الإقليم والقوى الدولية، وكذا تفعيل دور الشراكة والتنسيق والتعاون البيني لدول المنطقة من جهة ونظيراتها الآسيوية والإفريقية من جهة اخرى، وتفعيل جهود وتوجهات دول المنطقة الرامية الى انشاء آليات خاصة لحفظ الأمن الإقليمي تبعا للمبادرة السعودية الخليجية العربية المطروحة حاليا وبمشاركة وتأييد الجمهورية اليمنية لإنشاء قوة الواجب العربية لمكافحة القرصنة والتهريب في جنوب البحر الأحمر والمحيط الهندي. وتضمنت الرؤية إنشاء منظومة إتصال أمنية مشتركة تسهم في اداء تبادل المعلومات بصورة افضل لتعزيز عمليات تبادل المعلومات بين الأجهزة الأمنية في دول المنطقة والتنسيق المشترك على المستوى الإقليمي والدولي لمكافحة الإرهاب والقرصنة والجريمة المنظمة بكل صورها وتبني مواقف سياسية تعزز من التوجهات الهادفة الى احلال السلام والأستقرار في منطقة القرن الإفريقي، وايجاد الآليات المناسبة لتعزيز الثقة بين دول المنطقة من خلال الالتزام بعدم التدخل في الشئون الداخلية واحترام سيادة كل دولة على اراضيها، اضافة الى تنفيذ المشاريع الاقتصادية التكاملية بين دول المنطقة باعتبار الإستقرار الإقتصادي المدخل لتحقيق الأمن الشامل لهذه الدول. كما تضمنت التنسيق بين دول المنطقة للإسهام في معالجة مشاكل البطالة فيها، وحث المجتمع الدولي والدول الفاعلة فيه على إتباع سياسات متوازنة في المنطقة يتم من خلالها حماية مصالح هذه الدول في مقابل إبعاد أخطار الاستقطابات وافتعال الأزمات في المنطقة. وأكد الآنسي في ختام كلمته استعداد الجمهورية اليمنية إنطلاقا من اهتمامها بالأمن الإقليمي للإنخراط في اي نقاش او جهد من شأنه ترسيخ عوامل الأمن الإقليمي واقامة منابر لتبادل المعلومات من اجل بلوغ الأهداف المشتركة بما في ذلك إستضافة مثل هذه الحوارات والمنابر مستقبلا.