ولد أحمد مطر في مطلع الخمسينيات،في قرية (التنومة)، إحدى نواحي (شط العرب). بدأ يكتب الشعر، ولم تخرج قصائده الأولى عن نطاق الغزل والرومانسية، لكن سرعان ما تكشّفت له خفايا الصراع بين السُلطة والشعب، فألقى بنفسه، في فترة مبكرة من عمره، في دائرة النار، حيث لم تطاوعه نفسه على الصمت، كانت هذه القصائد في بداياتها طويلة، تصل إلى أكثر من مائة بيت مشحونة بقوة عالية،الأمر الذي اضطرالشاعر، في النهاية، إلى توديع وطنه ومرابع صباه والتوجه إلى الكويت، هارباً من مطاردة السُلطة. وفي الكويت عمل في جريدة (القبس) محرراً ثقافياً، وكان آنذاك في منتصف العشرينيات من عمره، حيث مضى يُدوّن قصائده التي أخذ نفسه بالشدّة من أجل ألاّ تتعدى موضوعاً واحداً، وإن جاءت القصيدة كلّها في بيت واحد. وفي رحاب (القبس) عمل الشاعر مع الفنان ناجي العلي، ليجد كلّ منهما في الآخر توافقاً نفسياً واضحاً، فكان يبدأالجريدة بلافتته في الصفحة الأولى، وكان ناجي العلي يختمها بلوحته الكاريكاتيرية في الصفحة الأخيرة. ثم صدر قرار نفيهما معاً ، وترافقا إلى لندن. ومنذ عام 1986، استقر أحمد مطر في لندن، ليُمضي الأعوام الطويلة، بعيداً عن الوطن ومن قصائده :- نعم .. أنا إرهابي ! الغربُ يبكي خيفةً إذا صَنعتُ لُعبةً .مِن عُلبةِ الثُقابِ وَهْوَ الّذي يصنعُ لي مِن جَسَدي مِشنَقَةً حِبالُها أعصابي والغَربُ يرتاعُ إذا أذعتُ ، يوماً ، أَنّهُ مَزّقَ لي جلبابي وهوَ الّذي يهيبُ بي أنْ أستَحي مِنْ أدبي أنْ أُذيعَ فرحتي ومُنتهى إعجابي إنْ مارسَ اغتصابي! والغربُ يلتاعُ إذا عَبدتُ ربّاً واحِداً في هدأةِ المِحرابِ وَهْوَ الذي يعجِنُ لي مِنْ شَعَراتِ ذيلِهِ ومِنْ تُرابِ نَعلِهِ ألفاً مِنَ الأربابِ ينصُبُهمْ فوقَ ذُرا مَزابِلِ الألقابِ لِكي أكونَ عَبدَهُمْ وَكَيْ أؤدّي عِندَهُمْ شعائرَ الذُبابِ ! وَهْوَ .. وَهُمْ سيَضرِبونني إذا أعلنتُ عن إضرابي وإنْ ذَكَرتُ عِندَهُمْ رائِحةَ الأزهارِ والأعشابِ سيصلبونني على لائحةِ الإرهابِ !