بحكم عجزها عن الوفاء بحاجات افرادها الأساسية..تضطر بعض الأسر إلى التكبير في تقديم أبنائها إلى سوق العمل “الباب الواسع” الذي يلج منه أولئك الأطفال إلى عالم الشارع حيث التشرد والانحراف والضياع. .بلا مستقبل بدلاً من الذهاب إلى المدرسة يطارد حلمي “12عاماً”السيارات في واحد من أكثر شوارع تعز إزدحاماً في محاولة يائسة لبيع الماء والفاين لسائقي وركاب السيارات.. يقول حلمي أنه لا يمكنه إضاعة الوقت ويسابق الزمن لبيع بضاعته..مضيفاً بنبرة حزينه أنه يعول خمسة اشخاص ويعمل كل يوم وطيلة الأسبوع ليحصل على 400ريال يومياً أحياناً تزيد وأحياناً تنقص. في المقابل يقول زميله شوقي “أبي وأمي منعوني من الدراسة وقالوا أنهم لم يعطوني مصاريف ..لذا فإن شوقي يعمل بنفسه لتوفير مصاريفه لكنه لم يعد يدرس حيث لا يستطيع الجمع بين الدراسة والعمل. في عصيفرة «المقوات» ثمة أطفال في عمر الزهور يبيعون القات..ليكسبوا من خلالها قوة عدة أسر يزيد عدد أفرادها عن العشر كما في حالة الطفل عبدالغني الذي يعيل أسرته ومن مردود هذه الشجيرات..والملفت في الأمر أن هؤلاء الأطفال وعلى اختلاف أعمارهم يشعرون بأنهم بلا مستقبل، فهم يكافحون من أجل لقمة العيش ولا شيء غير ذلك.. الحياة مرهقة كانت دراسة حكومية صادرة عن وزارة الشئون الاجتماعية والعمل كشفت أن نحو 700ألف طفل يمني ما بين ست سنوات إلى14سنة يعملون في شوارع المدن الرئيسية في محافظات البلاد بسبب الفقر. وتؤكد هذه الدراسة أن معدل عمالة الأطفال في اليمن ارتفع إلى ما يقارب الضعف بعد أن كان في عام 2000م400ألف طفل، وأشارت إلى أنهم يعملون في مهن لا تتناسب مع أعمارهم ولساعات تصل إلى 17 ساعة يومياً بأجور زهيدة. ويواجه الأطفال في سوق العمل مخاطر عديدة سواء لظروف العمل نفسه أو لخطورة المهن التي يمتهنوها غير المتناسبة مع أعمارهم وفوق قدراتهم العقلية والجسدية وتكون أضرارها فادحة قد تؤدي إلى الموت أو إعاقات مستديمة أو أمراض مزمنة. وقد أكدت دراسة أخرى أجرتها المنظمة السويدية لعمالة الأطفال بالتعاون مع منظمة اليونيسف إلى أن ثلث الأطفال العاملين في سوق العمل اليمني تتراوح ساعات عملهم بين 40إلى أكثر من 57ساعة أسبوعياً، متجاوزين بذلك ما حدده قانون العمل في مادته 45 بسبع ساعات في اليوم و42ساعة في الأسبوع. وأشارت الدراسة إلى أن نحو50 %من الأطفال في سوق العمل يتعرضون لتحرشات غير أخلاقية و%32 يتعرضون لتحرشات عادية و1.2 % يتعرضون لتحرشات جنسية..ولاحظت الدراسة التي شملت عينة قدرها 1900طفل وطفلة من العاملين في محافظات صنعاء ، عدن ، تعز، الحديدة أن 28 % من هؤلاء الأطفال يعملون باعة متجولين، وهو ما يعرض 25 % منهم لأمراض ناتجة عن تغيرات الطقس و7 % لأمراضي معدية. وأفصح 32 % ممن شلمتهم الدراسة أن الحياة مرهقة وشاقة بالنسبة لهم كونهم يمارسون أعمالاً متعبة ولا يرغبون مزاولتها لكن الظروف المعيشية تضطرهم لذلك.. كما يشكون بأنهم لا يلقون معاملة طيبة من جانب أرباب العمل الذين يعملون معهم. وكشفت الدراسة أن تدني مستوى الأجور التي يتقاضاها الأطفال من الأسباب الأساسية في إتجاه أرباب العمل لتشغيل الأطفال وزيادة حجم عمالتهم حيث لا تتعدى أجورهم نسبة 43% من متوسط الأجر الوطني. لائحة محاذير كما سبق لوزارة الشئون الاجتماعية والعمل أن قدمت لائحة بأسوأ الأعمال المحظورة على الأطفال في سوق العمل والتي تجاوزت أكثر من 72 مهنة خطرة على الأطفال دون سن 14عاماً، بالإضافة إلى إقرار العقوبات على من يخالف الأسس بشأن عمالة الأطفال أو تهريبهم والاتجار بهم بالحبس من 5إلى 10 سنوات حسب نوع المخالفة. ومن أسوأ أشكال عمل الأطفال التي يجب القضاء عليها وفقاً لنفس اللائحة تتمثل في استخدام الأطفال لغرض الدعارة والعمل الجبري والقسري مثل الدفع بالأطفال في صراعات مسلحة أو نزاعات قبلية، أو تشغيلهم في أنشطة غير مشروعة ولا سيما ترويج وبيع المخدرات أو الأعمال التي تضر بصحتهم أو سلامتهم أو بيع الأطفال والاتجار بهم وكذا إجبارهم على العمل.. كما نصت اللائحة على أن لاتزيد ساعات العمل اليومي للطفل عن ست ساعات بحيث تتخللها فترة راحة وأكثر وألا يعمل الطفل أربع ساعات متتالية، كما تحظر تشغيل الأطفال ما بين السابعة ليلاً وحتى السابعة صباحاً. نصف السكان أرجع المعنيون في وزارة الشئون الاجتماعية والعمل أن التزايد السكاني من أبرز الأسباب المؤدية إلى تزايد أعداد الأطفال العاملين، إذ يقارب عدد الأطفال نصف السكان.وهذا يحدث ضغطاً على الأسرة وتفككاً أسرياً وأحياناً يموت رب الأسرة فيضطرالأبناء للخروج إلى سوق العمل وهذا يمكن توصيفه بأن هناك روح مسئولية منذ الصغر. كما أن الوزارة..لديها استراتيجية وطنية عن الطفولة والشباب، وتسعى من خلالها إلى تأهيل الشباب لسوق العمل بحسب متطلبات التنمية، من خلال تشجيع الشباب على الالتحاق بالتعليم الفني والتدريب المهني، إلى جانب تعزيز دور الأسرة في التوعية بخطورة ظاهرة عمالة الأطفال والعمل على محاربتها من خلال محاربة ظاهرة البطالة والفقر وتأمين فرص العمل والرعاية الاجتماعية للأطفال. نظرة بعيدة ذهب بعض الاخصائيين النفسيين إلى التأكيد أن ثمة تأثيرات سلبية تواجه الأطفال في سوق العمل وأن حجم التأثير يعتمد على العمل فالأصغر سناً دون سن 14اعاماً يحرمون من اللعب والنشاطات الترفيهية مما يترك أثاراً سلبية على نموهم النفسي وشخصياتهم من جهة إلى جانب وجود احتمالية انحرافهم واكتسابهم سلوكيات غير مقبولة خاصة وأنهم يعتبرون أفراداً عاملين يملكون المال فمن السهولة أن يكتسبوا عادات التدخين أو غيرها من الأمور التي لا تتناسب مع أعمارهم. ويرون أن استمرار الأطفال في بيع السلع الرخيصة لا يكسبهم مهناً مستقبلية يستطيعون الاعتماد عليها بشكل دائم وتطويرها، حيث يكتشف الطفل في وقت متأخر أن هذا النوع من الأعمال لا يتناسب وعمره ومسئولياته التي زادت مع تقدمه في العمر وفي الوقت نفسه لا يستطيع البدء بتعلم مهنة أخرى بعد قضائه سنوات طويلة في هذه الأعمال. علاج شامل اهتم الإسلام بحماية الأطفال من الانتهاك...وجاءت التشريعات الدولية منسجمة وذاك الاهتمام...والشيء الذي لا ينكره أحد أن المجتمعات الإنسانية لاتسير على نسق واحد في التقدم الاقتصادي والاجتماعي مما أدى إلى تفشي ظاهرة كبرى اسمها “أطفال الشوارع”. ولو تأملنا محاذير الدين الإسلامي في هذا الجانب لوجدنا أنها “كافية وافية شافية”فجوهر الدين الإسلامي في العبادة مثلاً محكوم بالاستطاعة ، والطفل يبقى مكلف ببعض العبادات ونظراً لضعف قدرته على أداء هذه التكاليف ، وبالتالي يفقد إنسانيته ويفقد فرصته...وبالتالي بفتقد فرصته في الحياة. هذا ما أكده لنا الشيخ علي القاضي الذي زاد على ذلك بأن الإسلام يحارب الظلم الاجتماعي قال تعالى”لا تظلمون ولا تظلمون” وعمل طفل الشارع يحرمه من فرصة تعليمه واكتساب الخبرات وحقوقه الأساسية في حنان الأب والأم مما يخرجه إنسان غير كامل المشاعر مما يترتب عليه خسارة المجتمع المسلم لهذا الإنسان وفقدانه كأحد عناصر منظومة البناء الاجتماعي. وخلص الشيخ القاضي بأن الدين الإسلامي يهدف إلى حماية المجتمع الاسلامي بصورة تؤدي إلى اخراج أفراد قادرين على حمل العبء الاجتماعي العام وهو “التنمية والبناء والاعمار” يقول الرسول صلى الله عليه وسلم “لا تكلفوا الصبيان الكسب فإنكم متى كلفتوهم الكسب سرقوا” وقال أيضاً: شر الناس المضيق على أهله”. وختم الشيخ القاضي حديثه أن الاسلام أقر ومن خلال أحد أركانه القضاء على هذه المشاكل وأطفال الشوارع يقعون في نطاق المعرفين الأول والثاني للزكاة الفقراء والمساكين, وما هو مطلوب من الأثرياء اخراج جزء من زكاة أموالهم للاسراع في القضاء على هذه الظاهرة التي تتطلب تكاتف الجميع.