خلصت دراسة يمنية حديثة عن وضعية الطفل اليمني في سوق العمالة إلى أن العادات الاجتماعية تدفع بالأطفال إلى العمل في الحقول الزراعية الخاصة بالأسرة ومن ثم تزج بهم في سوق العمالة، لافتة إلى أن زواج الأطفال مبكراً يقف وراء دفع نسبة كبيرة منهم إلى السوق فهم يتحملون فجأة مسؤولية الأسرة. توصلت الدراسة التي أعدها الباحث الاجتماعي عارف عبدالله الجرادي إلى نتائج أكثر تشاؤمية من الدراسات السابقة التي تحدثت عن عمالة الأطفال. وقال الباحث الجرادي إن معظم أفراد العينة (80.5 %) تتراوح أعمارهم بين 12 - 14 سنة، والغالبية العظمى (96.5 %) من أفراد العينة هم من الذكور، كما أن الغالبية من أفراد العينة هم أطفال هاجروا من الريف إلى العاصمة صنعاء. وأضاف: إن سوق العمل في اليمن مازال ضيقاً قياساً على نسبة السكان لكنه واسع بعمالة الأحداث والأطفال. مهن الصغار بينت الدراسة نفسها بحسب موقع «الاقتصادي اليمني» أن هناك 50 في المائة من المتسربين عن التعليم في المدارس يقومون بحمل مواد غذائية للمستهلك المتجول داخل الأسواق الحلية بواسطة العربات المكشوفة كأسهل حرفة يقومون بها، وتحتاج فقط لجهد عضلي، ولا يعمل من هذه النسبة إلا القليل منهم. في حين أن هناك 10 في المائة يقومون بأعمال نجارة، و15 في المائة يقومون بأعمال خطرة منها في ورش الحديد والسمكرة وطلاء الجدران وأعمال البناء والتشييد وغيرها من الأعمال التي تسفر عن إصابة الأطفال ببعض العاهات. وقال الجرادي: إن 25 في المائة من عمالة الأطفال في السوق تنتشر في مجال حمل الأثقال، وهذه الأعمال خطرة جداً؛ إذ أنها قد تصيب الطفل بكسور ورضوض نتيجة لتحمله كميات فوق طاقته منها حمل أكياس الإسمنت والدقيق والحبوب. وأكدت الدراسة أن تخصيص مبلغ 8 ملايين دولار لمشروع مكافحة وتقليص عمالة الأطفال المرحة الثانية، حتى العام 2012، لا يكفي للمشروعات الخاصة بمواجهة الظاهرة التي أكدت الدراسات أنها تشكل معضلة اجتماعية تتطلب مواجهة منتظمة ومتكاملة من جميع الجهات والشرائح في المجتمع. أسباب الظاهرة وكشفت أحدث الدراسات الأكاديمية عن عمالة الأطفال في اليمن عن أن ما يقارب 49 % من الأطفال العاملين هم من الإناث اللواتي تُلحقهن أسرهن بالعمل الزراعي في سن مبكرة جداً، فيما ينضوي معظم الأطفال الذكور في أعمال بيع سلع تجارية أو يدوية صغيرة. وذكرت الدراسة، التي أعدّها خالد راجح شيخ، وزير التجارة والصناعة السابق، أن أعداد الأطفال العاملين في الشوارع تتراوح بين 13 ألفاً و15 ألف طفل، معظمهم يعملون في بيع الصحف، وتوزيع الماء، والسلع المنزلية، وبيع أشرطة التسجيل، والفواكه، والخضراوات؛ فضلاً عن تنظيف السيارات. منوهةً إلى أن 41 % من هؤلاء الأطفال يبيعون منتجات زراعية وسمكية في «فرشيات» ويتعرضون لمطاردة الجهات الحكومية. واعتبرت الدراسة الفقر السبب الرئيس لظاهرة عمالة الأطفال، وهو الذي يقف وراء حرمان الأسر لأبنائها من دخول المدارس أو مواصلة التعليم، لعدم قدرة تلك الأسر على تحمل تكاليف الدراسة. كما أشارت الدراسة إلى أن 40 % من الأطفال العاملين في اليمن يعملون بمعدل (11 - 17) ساعة يومياً، فيما تعمل نسبة 42 % منهم بمعدل (6 -10) ساعات يومياً. موضحة أن قانون العمل اليمني لا يسمح للأطفال بالعمل، إلا في حدود مهنٍ محددة سمّاها، وأن المادة (45) من قانون العمل العام 1995، أجازت عمل الأطفال ضمن ما هو محدود من مهن، بما لا يزيد على سبع ساعات في اليوم، أو 42 ساعة في الأسبوع، ويمنع تشغيل الطفل لأكثر من أربع ساعات متواصلة دون انقطاع. آليات مواجهة عمالة الأطفال وأكدت دراسة حديثة أنجزت مؤخراً أن مكافحة عمالة الأطفال في اليمن لن تتم إلا من خلال منظومات تنموية مترابطة تستهدف الجذور الأساسية لنشوء هذه الظاهرة. وأثبتت الدراسة، التي نفذها المركز اليمني للدراسات الاجتماعية وبحوث العمل في مدينة يمنية تشتهر بكثافة الأطفال العاملين، أن تبني إنشاء العديد من المدارس ومساعدة الأهالي في التوسع الزراعي جدير بالقضاء على ظاهرة لجوء الأطفال إلى العمل لتحسين الأوضاع المعيشية لأسرهم في مناطق متعددة من اليمن. وتؤكد الدراسات والتقارير الصادرة عن وحدة مكافحة عمالة الأطفال في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وجود علاقة وطيدة بين الحالة الاقتصادية للأسرة في المجتمع اليمني وعمالة الأطفال، كون الأسر الفقيرة تضطر إلى أن تدفع بأطفالها إلى سوق العمل في سنوات عمرية مبكرة الأمر الذي يحرم الطفل من الحقوق التي ينبغي ان يحصل عليها في مرحلة الطفولة وأبرزها حق التعلم واللعب والترفيه والصحة والغذاء وغيرها من الحقوق الواجب توفرها للطفل.