نجاة برلماني من محاولة اغتيال في تعز    سقوط ريال مدريد امام فاليكانو في الليغا    الأهلي يتوج بلقب بطل كأس السوبر المصري على حساب الزمالك    الدوري الانكليزي: مان سيتي يسترجع امجاد الماضي بثلاثية مدوية امام ليفربول    الرئيس الزُبيدي يُعزي قائد العمليات المشتركة الإماراتي بوفاة والدته    قراءة تحليلية لنص "مفارقات" ل"أحمد سيف حاشد"    الأرصاد يحذر من احتمالية تشكل الصقيع على المرتفعات.. ودرجات الحرارة الصغرى تنخفض إلى الصفر المئوي    شعبة الثقافة الجهادية في المنطقة العسكرية الرابعة تُحيي ذكرى الشهيد    محافظ العاصمة عدن يكرم الشاعرة والفنانة التشكيلية نادية المفلحي    قبائل وصاب السافل في ذمار تعلن النفير والجهوزية لمواجهة مخططات الأعداء    هيئة الآثار تستأنف إصدار مجلة "المتحف اليمني" بعد انقطاع 16 عاما    وزير الصحة: نعمل على تحديث أدوات الوزارة المالية والإدارية ورفع كفاءة الإنفاق    في بطولة البرنامج السعودي : طائرة الاتفاق بالحوطة تتغلب على البرق بتريم في تصفيات حضرموت الوادي والصحراء    تدشين قسم الأرشيف الإلكتروني بمصلحة الأحوال المدنية بعدن في نقلة نوعية نحو التحول الرقمي    جناح سقطرى.. لؤلؤة التراث تتألق في سماء مهرجان الشيخ زايد بأبوظبي    كتائب القسام تسلم جثة ضابط صهيوني أسير بغزة للصليب الأحمر    وزير الصناعة يشيد بجهود صندوق تنمية المهارات في مجال بناء القدرات وتنمية الموارد البشرية    رئيس بنك نيويورك "يحذر": تفاقم فقر الأمريكيين قد يقود البلاد إلى ركود اقتصادي    اليمن تشارك في اجتماع الجمعية العمومية الرابع عشر للاتحاد الرياضي للتضامن الإسلامي بالرياض 2025م.    شبوة تحتضن إجتماعات الاتحاد اليمني العام للكرة الطائرة لأول مرة    صنعاء.. البنك المركزي يوجّه بإعادة التعامل مع منشأة صرافة    الكثيري يؤكد دعم المجلس الانتقالي لمنتدى الطالب المهري بحضرموت    بن ماضي يكرر جريمة الأشطل بهدم الجسر الصيني أول جسور حضرموت (صور)    رحلة يونيو 2015: نصر الجنوب الذي فاجأ التحالف العربي    رئيس الحكومة يشكو محافظ المهرة لمجلس القيادة.. تجاوزات جمركية تهدد وحدة النظام المالي للدولة "وثيقة"    الحراك الجنوبي يثمن إنجاز الأجهزة الأمنية في إحباط أنشطة معادية    خفر السواحل تعلن ضبط سفينتين قادمتين من جيبوتي وتصادر معدات اتصالات حديثه    ارتفاع أسعار المستهلكين في الصين يخالف التوقعات في أكتوبر    حزام الأسد: بلاد الحرمين تحولت إلى منصة صهيونية لاستهداف كل من يناصر فلسطين    علموا أولادكم أن مصر لم تكن يوم ارض عابرة، بل كانت ساحة يمر منها تاريخ الوحي.    كم خطوة تحتاج يوميا لتؤخر شيخوخة دماغك؟    محافظ المهرة.. تمرد وفساد يهددان جدية الحكومة ويستوجب الإقالة والمحاسبة    عملية ومكر اولئك هو يبور ضربة استخباراتية نوعية لانجاز امني    نائب وزير الشباب يؤكد المضي في توسيع قاعدة الأنشطة وتنفيذ المشاريع ذات الأولوية    أوقفوا الاستنزاف للمال العام على حساب شعب يجوع    هل أنت إخواني؟.. اختبر نفسك    أبناء الحجرية في عدن.. إحسان الجنوب الذي قوبل بالغدر والنكران    عين الوطن الساهرة (1)    سرقة أكثر من 25 مليون دولار من صندوق الترويج السياحي منذ 2017    الدوري الانكليزي الممتاز: تشيلسي يعمق جراحات وولفرهامبتون ويبقيه بدون اي فوز    جرحى عسكريون ينصبون خيمة اعتصام في مأرب    قراءة تحليلية لنص "رجل يقبل حبيبته" ل"أحمد سيف حاشد"    الهيئة العامة لتنظيم شؤون النقل البري تعزّي ضحايا حادث العرقوب وتعلن تشكيل فرق ميدانية لمتابعة التحقيقات والإجراءات اللازمة    مأرب.. فعالية توعوية بمناسبة الأسبوع العالمي للسلامة الدوائية    المستشفى العسكري يدشن مخيم لاسر الشهداء بميدان السبعين    وفاة جيمس واتسون.. العالم الذي فكّ شيفرة الحمض النووي    بحضور رسمي وشعبي واسع.. تشييع مهيب للداعية ممدوح الحميري في تعز    الهجرة الدولية ترصد نزوح 69 أسرة من مختلف المحافظات خلال الأسبوع الماضي    القبض على مطلوب أمني خطير في اب    في ذكرى رحيل هاشم علي .. من "زهرة الحنُّون" إلى مقام الألفة    مأرب.. تسجيل 61 حالة وفاة وإصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام    على رأسها الشمندر.. 6 مشروبات لتقوية الدماغ والذاكرة    كما تدين تدان .. في الخير قبل الشر    الزكاة تدشن تحصيل وصرف زكاة الحبوب في جبل المحويت    صحة مأرب تعلن تسجيل 4 وفيات و57 إصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام الجاري    ضيوف الحضرة الإلهية    الشهادة في سبيل الله نجاح وفلاح    "جنوب يتناحر.. بعد أن كان جسداً واحداً"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيرة حياته الثقافية والسياسية
مذكرات أحمد محمد نعمان
نشر في الجمهورية يوم 19 - 02 - 2010


شخصيات رحلت
(المحرر)
ما أحوجنا أن نتمثل سير المناضلين والمفكرين والأدباء الذين احتفظوا باليمن بين جوانحهم أينما ذهبوا.
في هذه الحلقات تفرد الجمهورية مساحة لقراءة السيرة الذاتية للمناضل الكبير الأستاذ أحمد محمد نعمان ، وإلى جواره نقرأ أيضاً ما جادت به قريحة المبدع والقاص الكبير عبدالله سالم باوزير، متمنين أن يكون ذلك زاداً ينتفع به القارئ.
الخلافات أجلت مؤتمر “حرض” والقبائل ترفض الوصاية المصرية
الإعداد لمؤتمر حرض
ترك المصريون عبدالله السلال في القاهرة وبدأ الإعداد لمؤتمر حرض، ولكن المصريين كانوا منقسمين، منهم من يدعم بقاء الجمهورية وعدم التنازل عن أي شيء، ولايرى الوصول إلى أي حل وسط في شأن الحكم والاستئثار به، وبعضهم يرى العكس، فكان عبدالناصر يظهر بأنه يريد حل المشكلة بأي ثمن، والمشير عامر يتشدد ويقول إنه لايستطيع التساهل لأنه ضحى ب”أولاده وبكل شيء”.
فكنا نرى أن الجانب الأقوى هو جانب المشير عامر والعسكريين والعملاء الذين في اليمن هم عملاؤهم الذين كانوا قد جندوهم يهتفون هتافات ضد الملك فيصل، وضد السعودية، وضد الملكية، وضد الحل، وضد مؤتمر حرض، ولكن المصريين ضغطوا ضغطاً شديداً وقالوا إنه لابد من الوصول إلى حل ولابد من اللقاء، لأن الجانب الآخر قد أعد الوفد وجهز قوائمه وسيصل في الزمن المحدد في حين يكون الجمهوريون لم يشكلوا بعد وفداً منهم، كان هناك انقسام بين المصريين يؤيدهم فريق كبير من اليمنيين ممن يرون أن الحرب هي الطريق الأسلم لهم ولمناصبهم ومكاسبهم، كي يستمروا في هذا الوضع، لأن السلام سيكلفهم ثمناً غالياً وكما يقول الفلاسفة إن الحرب هي طريق سهلة للجبناء الذين يفرون من مواجهة السلام، إنها أسهل طريق فكانت الحيرة بين الذين يشددون علينا من المصريين، سفير مصر في صنعاء وغيره، للذهاب إلى المؤتمر، في حين نرى أنصاره والمرتبطون من الهتافة يطلقون الهتافات رفضاً للمؤتمر ويهددون من سيذهب إلى المؤتمر فقال الإرياني للسفير: “نحن حائرون،أنتم إما منقسمون على أنفسكم أو لايثق بعضكم ببعض، واحد يعطينا التعليمات لنذهب والآخر يقوم بالعكس، من الذي نأخذ بكلامه؟” قال: “لايوجد غير السفير، وتم الاقتناع بالسفر إلى مؤتمر حرض، ألتقينا هناك بالوفد الملكي وإذا نحن كلنا إخوة، كل واحد يلتقي في الطرف الآخر بزملائه، ولكن فرقتنا المشاكل التي فرضت علينا من الخارج وليس من ذات أنفسنا، تم التلاقي وتبادل الآراء والمشورة، أختاروا لجنة محدودة من الأشخاص من الجانب الجمهوري، أنا والإرياني ومن الجانب الملكي أحمد الشامي رئيس الوفد ومحمد عبدالقدوس الوزير لنحضر عند اللجنة المصرية السعودية لنتدارس الأمر من أجل تهيئة المؤتمر لكي يكون مؤتمراً ناجحاً، فإذا بنا نلمس الفرق في هذه الجلسة المحدودة بين السعوديين والمصريين، أي بين مندوب مصر ومندوب السعودية، قال السعوديون: “أتينا إلى هنا على أساس أن النظامين معلقان أو مجمدان أو ملغيان، لا جمهورية ولا ملكية وإنما هنا لقاء بين اليمنيين لاختيار حكومة مؤقتة تهيئ لاستفتاء وينتج عن الاستفتاء ماينتج ولايقر المؤتمر أي نظام”.
قال المصريون: “كلا ليس كذلك” أجاب السعوديون: “هكذا اتفقوا، وهذا هو الاتفاق، ماذا عندكم؟!
أجاب المصريون: “سوف نرجع إلى القاهرة ونرى”، قال السعوديون: “ماذا أتيتم تعملون هنا ومن أجل ماذا؟” وهكذا بقينا شهراً في حرض نعيش في الخيام، في أرض صحراء نتعرض للأتربة والرياح، وكل يوم لقاءات بين الطرفين وكل واحد يخطب من جانب، الفريق الجمهوري والفريق الملكي، قلنا: “لنضع لائحة للمجلس.
قالوا: “كلا، لسنا في حاجة إلى لائحة”، وظل الخلاف على وضع اللائحة وإذا بالامور تسير في الاجتماع على غير رأي ولاخطة، نذهب إلى اللجان، ولكن لا التقاء بينها فقلنا: “إذا كنتم أنتم المصلحون ليست عندكم خطة وليس لكم رأي محدد، فلماذا تلوموننا نحن نحن مسوقون”، وفي إحدى المرات قلت لليمنيين: “نحن اليوم ما بين عملاء ولايوجد عملاء لليمن، فعلينا أن نبحث عن عملاء لليمن، وكان المراقبون موجودين وقد سجلوا هذا الحديث ظل الموقف على ما هو عليه وكأن المصريون قد بدأوا يتلاعبون من جانب والسعوديون يقولون هناك موقف اتفقنا عليه وهو صريح، أن النظامين لا شأن لهما ولا دخل، وقد تتفقون على حل وسط ثم يعاد للاستفتاء ليطلع بأية نتيجة فظل التلاعب أنا تركت حرض قبل أن ينفض المؤتمر ورجعت إلى الحديدة، ثم قلت للإرياني اتفقوا كما تريدون أخيراً قالوا يؤجل وهكذا تأجل مؤتمر حرض لم يعلنوا فشله ولا إلغاءه، ولكن قالوا يؤجل، وتأجل وثارت ثائرتنا، وبعثنا برقية لعبدالناصر وفيصل من الجمهوريين: “أنتم الذين أضرمتم هذه الحرب في اليمن، وأنتم الذين قدمتم السلاح للطرفين وأنتم القادرون على أن تفرضوا السلام في اليمن، أما نحن فلا نملك شيئاً.
أخيراً انفض هذا المؤتمر وذهبنا بعد ذلك إلى القاهرة وعاد الملكيون إلى قراهم بقينا في القاهرة أياماً ثم عدنا إلى اليمن، كانت الأمور هادئة والحرب واقفة قضينا فترة لم يرجع خلالها السلال إلى اليمن، بل بقي في مصر منذ ذلك الاتفاق، فكان العمري يقوم بعمل الرئيس التقينا فيما بعد نحن والعمري والإرياني وأصبح بيننا نوع من التقارب على الرغم من أن المصريين كانوا يعتبرون أن العمري رجلهم، وأنه يجب ألا يقع بين أيدي هؤلاء السياسيين الفاسدين ولكن العمري تجاوب معنا.
فقد وجهت إليه الدعوة لحضور مؤتمر رؤساء الحكومات العربية لأنه كان رئيس حكومة وأنا أصبحت عضواً في المجلس الجمهوري، فأراد العمري أن أنوب عنه في رئاسة الدورة فأكون نائباً لرئيس الحكومة في رئاسة الدورة، أعددنا كل شيء وذهبنا إلى القاهرة فدعاه حسن صبري الخولي، الممثل الشخصي للرئيس عبدالناصر حينذاك، وزكريا محيي الدين وقالوا له لايمكن أبداً ولانقبل بأن ينوب عنك نعمان الدورة دورة اليمن أحضر أنت وترأسها، نعمان لاينبغي أبداً أن يرأس الوفد أصبح عندنا حقد شخصي، عقد مؤتمر رؤساء الحكومات العربية وترأس العمري الدورة وتسلم الرئاسة فيما بعد العراق، لأنها كانت بعد اليمن في الترتيب الهجائي، وبقينا في القاهرة جميعاً، الإرياني والعمري وأنا وتركنا المصريين يحكمون اليمن لأنهم بعد ما وقعوا الاتفاق مع السعودية بدأوا ممارسة الحكم وقررنا خلال هذه الفترة أن نعود إلى البلد لنمارس أمورنا وكان المصريون موافقين على عودة الإرياني والعمري كانوا يدعونهم دائماً إلى العودة.
واتفقوا مع الإرياني والعمري على أن عند وصولهم إلى اليمن يتم إرسال السلال من القاهرة إلى اليمن، “وحينما تحلق الطائرة أعلنوا عدم موافقتكم على القبول وأعلنوا تنحيته عن رئاسته”، ويصدر سفير مصر في اليمن البيان، وسينزل السلال في الحديدة أو في أي مكان ويقرأ إعلان تنحيه هكذا كان الاتفاق ثم أوصوهم على عدم إطلاعي على هذا الموضوع، “ولاتطلعوا نعمان على هذا أبداً”، وشددوا على ذلك ولكن ماذا قصد الإرياني؟ وكانوا قد دعوهم إلى عدة جلسات، هذه أول مرة ينكث فيها الإرياني العهد بيننا، لم يخف عني شيئاً إلا هذه القضية، فكأنهم استحلفوه ثم إن الإرياني كان يدعى إلى عدة جلسات.
من المحتمل أن يكونوا قد استحلفوه ثم فكر وقال: بما أن الأمور ستتم، فالأستاذ نعمان في أيدينا، عادوا إلى اليمن ولم يقترحوا علي العودة معهم، ولكن أنا قررت أن أعود فوافقوا، عادوا غاضبين من المعاملة التي لقوها في آخر الأيام.
فعدنا في يوليه سنة 1966، لأن مؤتمر حرض كان في يناير حدثت قضية العمري، حينما دعي إلى مؤتمر رؤساء الحكومات العربية وأراد أن أنوب عنه ولكن المصريين رفضوا أن أنوب عنه، وكان الأمين العام قد سجل اسمي، فتداركوا الأمر وألغوا مسألة أن أنوب من الأساس.
وزار كوسجين “ رئيس الوزراء السوفيتي آنذاك” القاهرة وكان العمري قبل ذلك ينوي أن يزور روسيا، فقال له المصريون لا لزوم للتعب، فهو سيزور مصر وعندما يكون في مصر تعال، فصادف انعقاد مؤتمر رؤساء الحكومات العربية ومجيء كوسجين في مايو 1966م إلى القاهرة،وتم ترتيب مقابلة العمري وكان اللقاء في الساعة الثانية عشرة ظهراً في قصر القبة “ القصر الجمهوري المصري”، وقبل أن يذهب العمري ومعه الإرياني بلغوا بأن الموعد تأجل إلى الساعة الثالث بعد الظهر،فتأخروا إلى الساعة الثالثة وذهبوا، وحين وصلوا نزل أحد الضباط المصريين وقال للعمري إنه مشغول مع الرئيس، ولكن ستلتقي به أثناء العشاء. قال له العمري::”ولكنني لست مدعواً لحضور العشاء”قال :”إنما الدعوة للعشاء” قال له العمري:”لم آت من أجل العشاء وسوف لن أتعشى، إنما اتيت بحسب موعد محدد من كوسجين في الساعة الثانية عشرة تماماً، ثم تقول لي أحضر وقت العشاء! بلغه سلامي وأخبره بأني ألغيت الزيارة وقطعت العلاقة،وإني لا أتحمل إهانة اليمن بهذا الشكل “ركب السيارة وذهب، وكان الترجمان الروسي وهو يجيد اللغة العربية موجوداً مع الضابط المصري وسمع هذا القول: فبلغ كوسجين بما قال العمري من أنه سيلغي الزيارة، وسيقطع العلاقة بين اليمن والاتحاد السوفيتي رداً على إهانة اليمن، فالعمري رئيس حكومة اليمن، وقد قاد السيارة وذهب، ولم يكن كوسجين مع عبدالناصر، بل كان في انتظار العمري، وقد سأل: “أين العمري؟” ويبدو أن السفير قد بلغه فقال:” إذا سأخرج أنا إليه، أين المنزل” قال الرئيس عبدالناصر :لا داعي لذلك، سوف ندعوه نحن إلى هنا، هم أولادنا.
أتصل عامر تلفيونياً ،فرد عليه الإرياني، قال عامر:” ما القصة؟ أين حسن؟” أجاب:
“حسن غضبان ونحن جميعنا غضبانين لأن هذه إهانة لليمن، فنحن إذا تقبلنا منكم هذه المعاملة، فلا يمكن أن نتقبلها من أي أجنبي، ولو كان سيسكننا القمر ويعطينا الشمس،ما نتقبلهاش أبداً، قال عامر :” لا داعي لذلك “،
قال الإرياني :” وقد حلف أن لا يرى وجه كوسجين” قال عامر: “أعطني حسن”وكلم عامر حسن العمري وأخذ يقول له:” إن الرئيس يتشفع بك” أجابه :” أنا لا أعرف الرئيس، أنا لا أعرف إلا اليمن فقط، وأنا لا أريد أن أرى الروسي ولا أريد روسيا”،قال عامر:” سوف تعلن الحرب على روسيا ياحسن!” أجابه :” أعلن الحرب عليها وعلى أبوها، وسوف أعيد العلاقات مع أميركا من اليوم قال عامر:” الرئيس يتشفع بك با حسن”،رد عليه: “أبدا” بعد أن انتهت المكالمة التلفونية، خشي حسن رد من أن يأتوا ويخرجوه، ترك البيت وذهب، فظلوا يفتشون عليه طوال الليل ولم يجدوه، فكان كوسجين منزعجاً فما العمل ،أتوا بالسلال..
قال كوسجين “الذنب ليس ذنبك” قال له:” أنا فاهم” فرد كوسجين “على كل حال أعتبر الموقف قد انتهى “ وحلت المشكلة، وخارج العمري ليودع كوسجين إلى المطار، وهناك التقى بعبدالناصر، وكان كوسجين في نفس اليوم قد أخبره بأنه خارج إلى المطار، فشرح له عن مشكلة الأسلحة، فقال عبدالناصر:” أنا لا أقول ازايك يا حسن، إنما أقول : “ازاي اليمن” بعدها توترت العلاقات بينهما، ونحن وجدناها مكسباً، عدنا إلى اليمن جميعاً، وبعودتنا كنا ولاشك نريد أن نرتب أمورنا، فأرسلوا السلال،دهش الجميع لوصول السلال، والمصريون لديهم تعليمات بأن يستضيفوه ويستقبلوه، فاستعد المصريون لحكم اليمن مباشرة،فأرسلوا السلال، وكانوا متفقين مع الإرياني على الرأي الاول ولكن أمروا القوات المصرية بأن تدخل وتحيط بالسلال ولكن لم يستقبله أحد.
القبائل ترفض الوصاية المصرية
العمري رتب نفسه مع الجيش،لم يريدوا أن يدخلوا في صدام مع القبائل المجمهرة ( التي أيدت الجمهورية) اضطربت القبائل وقالوا لابد من حرب مع المصريين.
كتبوا لنا، أنا والإرياني وكنا في تعز، ونحن أبرقنا إلى العمري، صادف أن مات أخو الإرياني الأكبر فبقي في إريان، وصعدت أنا والشيخ محمد علي عثمان ،وجدنا القبائل متوترة والجيش في حالة طوارئ متضامن، يصر على عدم قبول السلال بأي شكل من الأشكال، وأن مصر لايمكن أن تفرض عليهم بقوة السلاح أي شخص أياً كان، وصمموا على هذا تفاهمنا مع العمري وانعقد مؤتمر للقبائل خارج صنعاء، خرجنا معه لحضور المؤتمر،واتخذت في هذا المؤتمر قرارات رفض عودة السلال ليمارس الحكم، ورفض تحكم المصريين باليمن، وتم إرسال برقية لعبد الناصر من القبائل تقول في الوقت الذي تدعون فيها للوحدة العربية تمزقون اليمنيين وتفرضون عليهم حكومة مصرية، وفي الوقت الذي تنددون بالإنكليز لأنهم يفرضون حكومات عميلة في الجنوب تأتون فتفرضون في صنعاء كذا وكذا؟ هذا باسم القبائل، وقالوا إن الجمهورية العربية المتحدة أصبحت:
كالنار تأكل نفسها
إن لم تجد ما تأكله
ولكن اليمن لن تؤكل أبداً، هذا ماصدر عن مشائخ القبائل، ووزعت البرقية على المشاركين ووقع عليها جميع القبائل، لا ندري من أوصل البرقية إلى راديو عدن واذيعت باسم القبائل اليمنية قبل وصولها إلى القيادة العربية، وزاد التوتر، ونحن عملنا عملاً لا مبال وظننا بأن الأمور ستسير.
وجاء الفريق عبدالمحسن كامل مرتجى من القاهرة وجمعونا للتفاهم والاتفاق، فإذا به فراق ولم يكن وفاقا، ماهو الحل؟ قلت لهم :” أما أنا فسيصبح شعاري من اليوم بعد أن رأيت هذا الموقف وبدء التفرق:” إذا رأيت شحا مطاعا وهوى متبعا وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بخويصة نفسك يعني أرجع إلى القرية،”أنا عليّ بخاصة نفسي، لست معكم لا في الحكم ولا في السلطة ولا في أي شيء”.
ونقلت حقائبي وذهبت إلى القرية إلى الحجرية لأول مرة،تلك القرية التي عشت فيها في طفولتي :” بقيت هناك وإذا بالإرياني والعمري يلحون علي إلحاحاً شديداً ويقولون: لاتفشلنا بهذا الموقف، نحن إخوه وعلينا أن نتعاون تعاوناً وثيقاً وسوف نلتقي في تعز ونتفق على رأي، رجعت من الحجرية والتقينا في تعز، تشاورنا وقلنا ما هو الرأي؟ الأمور تتوتر، والمصريون يجندون أنفسهم بجانب السلال، قالوا الرأي أن لا ندخل في فتنة ولا نفجر معارك، نلتقي ونذهب إلى القاهرة، تذهب الحكومة بكاملها ومعها المجلس الجمهوري، فنذهب إلى القاهرة ونبقى هناك وندعهم يتصرفون كما يريدون، والقبائل سيردون عليهم بنشرات .. لم أوافق على هذه الفكرة، وافقت على أن نذهب ولكن ليس إلى القاهرة, فلنذهب إلى الأمم المتحدة حتى يسمع صوتنا، قالوا لن يستقبلنا أحد، وسنظل وحدنا، لأن العرب قد أصبحوا آلة مسخرة بيد عبدالناصر خلال حكمه، فقررنا أن نذهب إلى القاهرة وكان الإرياني متشدداً في هذا الرأي.
يتبع..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.