تن هاغ يعترف بمحاولةا التعاقد مع هاري كاين    معركة مع النيران: إخماد حريق ضخم في قاعة افراح بمدينة عدن    اخر تطورات الانقلاب المزعوم الذي كاد يحدث في صنعاء (صدمة)    الهلال السعودي يهزم التعاون ويقترب من ملامسة لقب الدوري    أفضل 15 صيغة للصلاة على النبي لزيادة الرزق وقضاء الحاجة.. اغتنمها الآن    "سيتم اقتلاعهم من جذورهم": اكاديمي سعودي يُؤكّد اقتراب نهاية المليشيا الحوثية في اليمن والعثور على بديل لهم لحكم صنعاء    وزير الخارجية الدكتور شائع الزنداني يطلع نظيره الباكستاني على آخر مستجدات جهود إنهاء حرب اليمن    أخيرًا... فتيات عدن ينعمن بالأمان بعد سقوط "ملك الظلام" الإلكتروني    حوثيون يرقصون على جثث الأحياء: قمع دموي لمطالبة الموظفين اليمنيين برواتبهم!    شعب حضرموت يتوج بطلاً وتضامن حضرموت للبطولة الرمضانية لكرة السلة لأندية حضرموت    تتقدمهم قيادات الحزب.. حشود غفيرة تشيع جثمان أمين إصلاح وادي حضرموت باشغيوان    في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. الإرياني: استهداف ممنهج وغير مسبوق للصحافة من قبل مليشيا الحوثي    وكلاء وزارة الشؤون الاجتماعية "أبوسهيل والصماتي" يشاركان في انعقاد منتدى التتسيق لشركاء العمل الإنساني    بالفيديو.. داعية مصري : الحجامة تخريف وليست سنة نبوية    د. صدام عبدالله: إعلان عدن التاريخي شعلة أمل انارت دورب شعب الجنوب    فالكاو يقترب من مزاملة ميسي في إنتر ميامي    الكشف عن كارثة وشيكة في اليمن    أمين عام الإصلاح يعزي في وفاة أمين مكتب الحزب بوادي حضرموت «باشغيوان»    الوزير البكري يعزي الاعلامي الكبير رائد عابد في وفاة والده    خادمة صاحب الزمان.. زفاف يثير عاصفة من الجدل (الحوثيون يُحيون عنصرية أجدادهم)    الرئيس الزبيدي يعود إلى عدن بعد رحلة عمل خارجية    بعد منع الامارات استخدام أراضيها: الولايات المتحدة تنقل أصولها الجوية إلى قطر وجيبوتي    ميلاد تكتل جديد في عدن ما اشبه الليله بالبارحة    مارب.. وقفة تضامنية مع سكان غزة الذين يتعرضون لحرب إبادة من قبل الاحتلال الصهيوني    البنتاجون: القوات الروسية تتمركز في نفس القاعدة الامريكية في النيجر    كارثة وشيكة ستجتاح اليمن خلال شهرين.. تحذيرات عاجلة لمنظمة أممية    تعز تشهد المباراة الحبية للاعب شعب حضرموت بامحيمود    وفاة امرأة عقب تعرضها لطعنات قاتلة على يد زوجها شمالي اليمن    انتحار نجل قيادي بارز في حزب المؤتمر نتيجة الأوضاع المعيشية الصعبة (صورة)    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    دوري المؤتمر الاوروبي ...اوليمبياكوس يسقط استون فيلا الانجليزي برباعية    لماذا يُدمّر الحوثيون المقابر الأثرية في إب؟    بعد إثارة الجدل.. بالفيديو: داعية يرد على عالم الآثار زاهي حواس بشأن عدم وجود دليل لوجود الأنبياء في مصر    أيهما أفضل: يوم الجمعة الصلاة على النبي أم قيام الليل؟    طقم ليفربول الجديد لموسم 2024-2025.. محمد صلاح باق مع النادي    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    دربي مدينة سيئون ينتهي بالتعادل في بطولة كأس حضرموت الثامنة    الارياني: مليشيا الحوثي استغلت أحداث غزه لصرف الأنظار عن نهبها للإيرادات والمرتبات    استشهاد أسيرين من غزة بسجون الاحتلال نتيجة التعذيب أحدهما الطبيب عدنان البرش    "مسام" ينتزع 797 لغماً خلال الأسبوع الرابع من شهر أبريل زرعتها المليشيات الحوثية    إعتراف أمريكا.. انفجار حرب يمنية جديدة "واقع يتبلور وسيطرق الأبواب"    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    الصين تجدد دعمها للشرعية ومساندة الجهود الأممية والإقليمية لإنهاء الحرب في اليمن    ضلت تقاوم وتصرخ طوال أسابيع ولا مجيب .. كهرباء عدن تحتضر    صدام ودهس وارتطام.. مقتل وإصابة نحو 400 شخص في حوادث سير في عدد من المحافظات اليمنية خلال شهر    الخميني والتصوف    تقرير: تدمير كلي وجزئي ل4,798 مأوى للنازحين في 8 محافظات خلال أبريل الماضي    جماعة الحوثي تعيد فتح المتحفين الوطني والموروث الشعبي بصنعاء بعد أن افرغوه من محتواه وكل ما يتعلق بثورة 26 سبتمبر    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    مياه الصرف الصحي تغرق شوارع مدينة القاعدة وتحذيرات من كارثة صحية    إبن وزير العدل سارق المنح الدراسية يعين في منصب رفيع بتليمن (وثائق)    كيف تسبب الحوثي بتحويل عمال اليمن إلى فقراء؟    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيرة حياته الثقافية والسياسية
مذكرات أحمد محمد نعمان
نشر في الجمهورية يوم 19 - 02 - 2010


شخصيات رحلت
(المحرر)
ما أحوجنا أن نتمثل سير المناضلين والمفكرين والأدباء الذين احتفظوا باليمن بين جوانحهم أينما ذهبوا.
في هذه الحلقات تفرد الجمهورية مساحة لقراءة السيرة الذاتية للمناضل الكبير الأستاذ أحمد محمد نعمان ، وإلى جواره نقرأ أيضاً ما جادت به قريحة المبدع والقاص الكبير عبدالله سالم باوزير، متمنين أن يكون ذلك زاداً ينتفع به القارئ.
الخلافات أجلت مؤتمر “حرض” والقبائل ترفض الوصاية المصرية
الإعداد لمؤتمر حرض
ترك المصريون عبدالله السلال في القاهرة وبدأ الإعداد لمؤتمر حرض، ولكن المصريين كانوا منقسمين، منهم من يدعم بقاء الجمهورية وعدم التنازل عن أي شيء، ولايرى الوصول إلى أي حل وسط في شأن الحكم والاستئثار به، وبعضهم يرى العكس، فكان عبدالناصر يظهر بأنه يريد حل المشكلة بأي ثمن، والمشير عامر يتشدد ويقول إنه لايستطيع التساهل لأنه ضحى ب”أولاده وبكل شيء”.
فكنا نرى أن الجانب الأقوى هو جانب المشير عامر والعسكريين والعملاء الذين في اليمن هم عملاؤهم الذين كانوا قد جندوهم يهتفون هتافات ضد الملك فيصل، وضد السعودية، وضد الملكية، وضد الحل، وضد مؤتمر حرض، ولكن المصريين ضغطوا ضغطاً شديداً وقالوا إنه لابد من الوصول إلى حل ولابد من اللقاء، لأن الجانب الآخر قد أعد الوفد وجهز قوائمه وسيصل في الزمن المحدد في حين يكون الجمهوريون لم يشكلوا بعد وفداً منهم، كان هناك انقسام بين المصريين يؤيدهم فريق كبير من اليمنيين ممن يرون أن الحرب هي الطريق الأسلم لهم ولمناصبهم ومكاسبهم، كي يستمروا في هذا الوضع، لأن السلام سيكلفهم ثمناً غالياً وكما يقول الفلاسفة إن الحرب هي طريق سهلة للجبناء الذين يفرون من مواجهة السلام، إنها أسهل طريق فكانت الحيرة بين الذين يشددون علينا من المصريين، سفير مصر في صنعاء وغيره، للذهاب إلى المؤتمر، في حين نرى أنصاره والمرتبطون من الهتافة يطلقون الهتافات رفضاً للمؤتمر ويهددون من سيذهب إلى المؤتمر فقال الإرياني للسفير: “نحن حائرون،أنتم إما منقسمون على أنفسكم أو لايثق بعضكم ببعض، واحد يعطينا التعليمات لنذهب والآخر يقوم بالعكس، من الذي نأخذ بكلامه؟” قال: “لايوجد غير السفير، وتم الاقتناع بالسفر إلى مؤتمر حرض، ألتقينا هناك بالوفد الملكي وإذا نحن كلنا إخوة، كل واحد يلتقي في الطرف الآخر بزملائه، ولكن فرقتنا المشاكل التي فرضت علينا من الخارج وليس من ذات أنفسنا، تم التلاقي وتبادل الآراء والمشورة، أختاروا لجنة محدودة من الأشخاص من الجانب الجمهوري، أنا والإرياني ومن الجانب الملكي أحمد الشامي رئيس الوفد ومحمد عبدالقدوس الوزير لنحضر عند اللجنة المصرية السعودية لنتدارس الأمر من أجل تهيئة المؤتمر لكي يكون مؤتمراً ناجحاً، فإذا بنا نلمس الفرق في هذه الجلسة المحدودة بين السعوديين والمصريين، أي بين مندوب مصر ومندوب السعودية، قال السعوديون: “أتينا إلى هنا على أساس أن النظامين معلقان أو مجمدان أو ملغيان، لا جمهورية ولا ملكية وإنما هنا لقاء بين اليمنيين لاختيار حكومة مؤقتة تهيئ لاستفتاء وينتج عن الاستفتاء ماينتج ولايقر المؤتمر أي نظام”.
قال المصريون: “كلا ليس كذلك” أجاب السعوديون: “هكذا اتفقوا، وهذا هو الاتفاق، ماذا عندكم؟!
أجاب المصريون: “سوف نرجع إلى القاهرة ونرى”، قال السعوديون: “ماذا أتيتم تعملون هنا ومن أجل ماذا؟” وهكذا بقينا شهراً في حرض نعيش في الخيام، في أرض صحراء نتعرض للأتربة والرياح، وكل يوم لقاءات بين الطرفين وكل واحد يخطب من جانب، الفريق الجمهوري والفريق الملكي، قلنا: “لنضع لائحة للمجلس.
قالوا: “كلا، لسنا في حاجة إلى لائحة”، وظل الخلاف على وضع اللائحة وإذا بالامور تسير في الاجتماع على غير رأي ولاخطة، نذهب إلى اللجان، ولكن لا التقاء بينها فقلنا: “إذا كنتم أنتم المصلحون ليست عندكم خطة وليس لكم رأي محدد، فلماذا تلوموننا نحن نحن مسوقون”، وفي إحدى المرات قلت لليمنيين: “نحن اليوم ما بين عملاء ولايوجد عملاء لليمن، فعلينا أن نبحث عن عملاء لليمن، وكان المراقبون موجودين وقد سجلوا هذا الحديث ظل الموقف على ما هو عليه وكأن المصريون قد بدأوا يتلاعبون من جانب والسعوديون يقولون هناك موقف اتفقنا عليه وهو صريح، أن النظامين لا شأن لهما ولا دخل، وقد تتفقون على حل وسط ثم يعاد للاستفتاء ليطلع بأية نتيجة فظل التلاعب أنا تركت حرض قبل أن ينفض المؤتمر ورجعت إلى الحديدة، ثم قلت للإرياني اتفقوا كما تريدون أخيراً قالوا يؤجل وهكذا تأجل مؤتمر حرض لم يعلنوا فشله ولا إلغاءه، ولكن قالوا يؤجل، وتأجل وثارت ثائرتنا، وبعثنا برقية لعبدالناصر وفيصل من الجمهوريين: “أنتم الذين أضرمتم هذه الحرب في اليمن، وأنتم الذين قدمتم السلاح للطرفين وأنتم القادرون على أن تفرضوا السلام في اليمن، أما نحن فلا نملك شيئاً.
أخيراً انفض هذا المؤتمر وذهبنا بعد ذلك إلى القاهرة وعاد الملكيون إلى قراهم بقينا في القاهرة أياماً ثم عدنا إلى اليمن، كانت الأمور هادئة والحرب واقفة قضينا فترة لم يرجع خلالها السلال إلى اليمن، بل بقي في مصر منذ ذلك الاتفاق، فكان العمري يقوم بعمل الرئيس التقينا فيما بعد نحن والعمري والإرياني وأصبح بيننا نوع من التقارب على الرغم من أن المصريين كانوا يعتبرون أن العمري رجلهم، وأنه يجب ألا يقع بين أيدي هؤلاء السياسيين الفاسدين ولكن العمري تجاوب معنا.
فقد وجهت إليه الدعوة لحضور مؤتمر رؤساء الحكومات العربية لأنه كان رئيس حكومة وأنا أصبحت عضواً في المجلس الجمهوري، فأراد العمري أن أنوب عنه في رئاسة الدورة فأكون نائباً لرئيس الحكومة في رئاسة الدورة، أعددنا كل شيء وذهبنا إلى القاهرة فدعاه حسن صبري الخولي، الممثل الشخصي للرئيس عبدالناصر حينذاك، وزكريا محيي الدين وقالوا له لايمكن أبداً ولانقبل بأن ينوب عنك نعمان الدورة دورة اليمن أحضر أنت وترأسها، نعمان لاينبغي أبداً أن يرأس الوفد أصبح عندنا حقد شخصي، عقد مؤتمر رؤساء الحكومات العربية وترأس العمري الدورة وتسلم الرئاسة فيما بعد العراق، لأنها كانت بعد اليمن في الترتيب الهجائي، وبقينا في القاهرة جميعاً، الإرياني والعمري وأنا وتركنا المصريين يحكمون اليمن لأنهم بعد ما وقعوا الاتفاق مع السعودية بدأوا ممارسة الحكم وقررنا خلال هذه الفترة أن نعود إلى البلد لنمارس أمورنا وكان المصريون موافقين على عودة الإرياني والعمري كانوا يدعونهم دائماً إلى العودة.
واتفقوا مع الإرياني والعمري على أن عند وصولهم إلى اليمن يتم إرسال السلال من القاهرة إلى اليمن، “وحينما تحلق الطائرة أعلنوا عدم موافقتكم على القبول وأعلنوا تنحيته عن رئاسته”، ويصدر سفير مصر في اليمن البيان، وسينزل السلال في الحديدة أو في أي مكان ويقرأ إعلان تنحيه هكذا كان الاتفاق ثم أوصوهم على عدم إطلاعي على هذا الموضوع، “ولاتطلعوا نعمان على هذا أبداً”، وشددوا على ذلك ولكن ماذا قصد الإرياني؟ وكانوا قد دعوهم إلى عدة جلسات، هذه أول مرة ينكث فيها الإرياني العهد بيننا، لم يخف عني شيئاً إلا هذه القضية، فكأنهم استحلفوه ثم إن الإرياني كان يدعى إلى عدة جلسات.
من المحتمل أن يكونوا قد استحلفوه ثم فكر وقال: بما أن الأمور ستتم، فالأستاذ نعمان في أيدينا، عادوا إلى اليمن ولم يقترحوا علي العودة معهم، ولكن أنا قررت أن أعود فوافقوا، عادوا غاضبين من المعاملة التي لقوها في آخر الأيام.
فعدنا في يوليه سنة 1966، لأن مؤتمر حرض كان في يناير حدثت قضية العمري، حينما دعي إلى مؤتمر رؤساء الحكومات العربية وأراد أن أنوب عنه ولكن المصريين رفضوا أن أنوب عنه، وكان الأمين العام قد سجل اسمي، فتداركوا الأمر وألغوا مسألة أن أنوب من الأساس.
وزار كوسجين “ رئيس الوزراء السوفيتي آنذاك” القاهرة وكان العمري قبل ذلك ينوي أن يزور روسيا، فقال له المصريون لا لزوم للتعب، فهو سيزور مصر وعندما يكون في مصر تعال، فصادف انعقاد مؤتمر رؤساء الحكومات العربية ومجيء كوسجين في مايو 1966م إلى القاهرة،وتم ترتيب مقابلة العمري وكان اللقاء في الساعة الثانية عشرة ظهراً في قصر القبة “ القصر الجمهوري المصري”، وقبل أن يذهب العمري ومعه الإرياني بلغوا بأن الموعد تأجل إلى الساعة الثالث بعد الظهر،فتأخروا إلى الساعة الثالثة وذهبوا، وحين وصلوا نزل أحد الضباط المصريين وقال للعمري إنه مشغول مع الرئيس، ولكن ستلتقي به أثناء العشاء. قال له العمري::”ولكنني لست مدعواً لحضور العشاء”قال :”إنما الدعوة للعشاء” قال له العمري:”لم آت من أجل العشاء وسوف لن أتعشى، إنما اتيت بحسب موعد محدد من كوسجين في الساعة الثانية عشرة تماماً، ثم تقول لي أحضر وقت العشاء! بلغه سلامي وأخبره بأني ألغيت الزيارة وقطعت العلاقة،وإني لا أتحمل إهانة اليمن بهذا الشكل “ركب السيارة وذهب، وكان الترجمان الروسي وهو يجيد اللغة العربية موجوداً مع الضابط المصري وسمع هذا القول: فبلغ كوسجين بما قال العمري من أنه سيلغي الزيارة، وسيقطع العلاقة بين اليمن والاتحاد السوفيتي رداً على إهانة اليمن، فالعمري رئيس حكومة اليمن، وقد قاد السيارة وذهب، ولم يكن كوسجين مع عبدالناصر، بل كان في انتظار العمري، وقد سأل: “أين العمري؟” ويبدو أن السفير قد بلغه فقال:” إذا سأخرج أنا إليه، أين المنزل” قال الرئيس عبدالناصر :لا داعي لذلك، سوف ندعوه نحن إلى هنا، هم أولادنا.
أتصل عامر تلفيونياً ،فرد عليه الإرياني، قال عامر:” ما القصة؟ أين حسن؟” أجاب:
“حسن غضبان ونحن جميعنا غضبانين لأن هذه إهانة لليمن، فنحن إذا تقبلنا منكم هذه المعاملة، فلا يمكن أن نتقبلها من أي أجنبي، ولو كان سيسكننا القمر ويعطينا الشمس،ما نتقبلهاش أبداً، قال عامر :” لا داعي لذلك “،
قال الإرياني :” وقد حلف أن لا يرى وجه كوسجين” قال عامر: “أعطني حسن”وكلم عامر حسن العمري وأخذ يقول له:” إن الرئيس يتشفع بك” أجابه :” أنا لا أعرف الرئيس، أنا لا أعرف إلا اليمن فقط، وأنا لا أريد أن أرى الروسي ولا أريد روسيا”،قال عامر:” سوف تعلن الحرب على روسيا ياحسن!” أجابه :” أعلن الحرب عليها وعلى أبوها، وسوف أعيد العلاقات مع أميركا من اليوم قال عامر:” الرئيس يتشفع بك با حسن”،رد عليه: “أبدا” بعد أن انتهت المكالمة التلفونية، خشي حسن رد من أن يأتوا ويخرجوه، ترك البيت وذهب، فظلوا يفتشون عليه طوال الليل ولم يجدوه، فكان كوسجين منزعجاً فما العمل ،أتوا بالسلال..
قال كوسجين “الذنب ليس ذنبك” قال له:” أنا فاهم” فرد كوسجين “على كل حال أعتبر الموقف قد انتهى “ وحلت المشكلة، وخارج العمري ليودع كوسجين إلى المطار، وهناك التقى بعبدالناصر، وكان كوسجين في نفس اليوم قد أخبره بأنه خارج إلى المطار، فشرح له عن مشكلة الأسلحة، فقال عبدالناصر:” أنا لا أقول ازايك يا حسن، إنما أقول : “ازاي اليمن” بعدها توترت العلاقات بينهما، ونحن وجدناها مكسباً، عدنا إلى اليمن جميعاً، وبعودتنا كنا ولاشك نريد أن نرتب أمورنا، فأرسلوا السلال،دهش الجميع لوصول السلال، والمصريون لديهم تعليمات بأن يستضيفوه ويستقبلوه، فاستعد المصريون لحكم اليمن مباشرة،فأرسلوا السلال، وكانوا متفقين مع الإرياني على الرأي الاول ولكن أمروا القوات المصرية بأن تدخل وتحيط بالسلال ولكن لم يستقبله أحد.
القبائل ترفض الوصاية المصرية
العمري رتب نفسه مع الجيش،لم يريدوا أن يدخلوا في صدام مع القبائل المجمهرة ( التي أيدت الجمهورية) اضطربت القبائل وقالوا لابد من حرب مع المصريين.
كتبوا لنا، أنا والإرياني وكنا في تعز، ونحن أبرقنا إلى العمري، صادف أن مات أخو الإرياني الأكبر فبقي في إريان، وصعدت أنا والشيخ محمد علي عثمان ،وجدنا القبائل متوترة والجيش في حالة طوارئ متضامن، يصر على عدم قبول السلال بأي شكل من الأشكال، وأن مصر لايمكن أن تفرض عليهم بقوة السلاح أي شخص أياً كان، وصمموا على هذا تفاهمنا مع العمري وانعقد مؤتمر للقبائل خارج صنعاء، خرجنا معه لحضور المؤتمر،واتخذت في هذا المؤتمر قرارات رفض عودة السلال ليمارس الحكم، ورفض تحكم المصريين باليمن، وتم إرسال برقية لعبد الناصر من القبائل تقول في الوقت الذي تدعون فيها للوحدة العربية تمزقون اليمنيين وتفرضون عليهم حكومة مصرية، وفي الوقت الذي تنددون بالإنكليز لأنهم يفرضون حكومات عميلة في الجنوب تأتون فتفرضون في صنعاء كذا وكذا؟ هذا باسم القبائل، وقالوا إن الجمهورية العربية المتحدة أصبحت:
كالنار تأكل نفسها
إن لم تجد ما تأكله
ولكن اليمن لن تؤكل أبداً، هذا ماصدر عن مشائخ القبائل، ووزعت البرقية على المشاركين ووقع عليها جميع القبائل، لا ندري من أوصل البرقية إلى راديو عدن واذيعت باسم القبائل اليمنية قبل وصولها إلى القيادة العربية، وزاد التوتر، ونحن عملنا عملاً لا مبال وظننا بأن الأمور ستسير.
وجاء الفريق عبدالمحسن كامل مرتجى من القاهرة وجمعونا للتفاهم والاتفاق، فإذا به فراق ولم يكن وفاقا، ماهو الحل؟ قلت لهم :” أما أنا فسيصبح شعاري من اليوم بعد أن رأيت هذا الموقف وبدء التفرق:” إذا رأيت شحا مطاعا وهوى متبعا وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بخويصة نفسك يعني أرجع إلى القرية،”أنا عليّ بخاصة نفسي، لست معكم لا في الحكم ولا في السلطة ولا في أي شيء”.
ونقلت حقائبي وذهبت إلى القرية إلى الحجرية لأول مرة،تلك القرية التي عشت فيها في طفولتي :” بقيت هناك وإذا بالإرياني والعمري يلحون علي إلحاحاً شديداً ويقولون: لاتفشلنا بهذا الموقف، نحن إخوه وعلينا أن نتعاون تعاوناً وثيقاً وسوف نلتقي في تعز ونتفق على رأي، رجعت من الحجرية والتقينا في تعز، تشاورنا وقلنا ما هو الرأي؟ الأمور تتوتر، والمصريون يجندون أنفسهم بجانب السلال، قالوا الرأي أن لا ندخل في فتنة ولا نفجر معارك، نلتقي ونذهب إلى القاهرة، تذهب الحكومة بكاملها ومعها المجلس الجمهوري، فنذهب إلى القاهرة ونبقى هناك وندعهم يتصرفون كما يريدون، والقبائل سيردون عليهم بنشرات .. لم أوافق على هذه الفكرة، وافقت على أن نذهب ولكن ليس إلى القاهرة, فلنذهب إلى الأمم المتحدة حتى يسمع صوتنا، قالوا لن يستقبلنا أحد، وسنظل وحدنا، لأن العرب قد أصبحوا آلة مسخرة بيد عبدالناصر خلال حكمه، فقررنا أن نذهب إلى القاهرة وكان الإرياني متشدداً في هذا الرأي.
يتبع..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.