قيادي إصلاحي يترحم على "علي عبدالله صالح" ويذكر موقف بينه و عبدالمجيد الزنداني وقصة المزحة التي أضحكت الجميع    لا يجوز الذهاب إلى الحج في هذه الحالة.. بيان لهيئة كبار العلماء بالسعودية    عاجل: الحوثيون يعلنون قصف سفينة نفط بريطانية في البحر الأحمر وإسقاط طائرة أمريكية    دوري ابطال افريقيا: الاهلي المصري يجدد الفوز على مازيمبي ويتاهل للنهائي    ريال مدريد يقترب من التتويج بلقب الليغا    وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر    أجواء ما قبل اتفاق الرياض تخيم على علاقة الشرعية اليمنية بالانتقالي الجنوبي    عمره 111.. اكبر رجل في العالم على قيد الحياة "أنه مجرد حظ "..    رصاص المليشيا يغتال فرحة أسرة في إب    آسيا تجدد الثقة بالبدر رئيساً للاتحاد الآسيوي للألعاب المائية    وزارة الحج والعمرة السعودية تكشف عن اشتراطات الحج لهذا العام.. وتحذيرات مهمة (تعرف عليها)    سلام الغرفة يتغلب على التعاون بالعقاد في كاس حضرموت الثامنة    حسن الخاتمة.. وفاة شاب يمني بملابس الإحرام إثر حادث مروري في طريق مكة المكرمة (صور)    ميليشيا الحوثي الإرهابية تستهدف مواقع الجيش الوطني شرق مدينة تعز    فيضانات مفاجئة الأيام المقبلة في عدة محافظات يمنية.. تحذير من الأمم المتحدة    أول ظهور للبرلماني ''أحمد سيف حاشد'' عقب نجاته من جلطة قاتلة    الجريمة المركبة.. الإنجاز الوطني في لحظة فارقة    فرع العاب يجتمع برئاسة الاهدل    الإطاحة بشاب وفتاة يمارسان النصب والاحتيال بعملات مزيفة من فئة ''الدولار'' في عدن    أكاديمي سعودي يتذمّر من هيمنة الاخوان المسلمين على التعليم والجامعات في بلاده    حزب الإصلاح يسدد قيمة أسهم المواطنين المنكوبين في شركة الزنداني للأسماك    مأرب: تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    لا يوجد علم اسمه الإعجاز العلمي في القرآن    البحسني يكشف لأول مرة عن قائد عملية تحرير ساحل حضرموت من الإرهاب    - عاجل شركة عجلان تنفي مايشاع حولها حول جرائم تهريب وبيع المبيدات الخطرة وتكشف انه تم ايقاف عملها منذ6 سنوات وتعاني من جور وظلم لصالح تجار جدد من العيار الثقيل وتسعد لرفع قضايا نشر    ناشط يفجّر فضيحة فساد في ضرائب القات للحوثيين!    المليشيات الحوثية تختطف قيادات نقابية بمحافظة الحديدة غربي اليمن (الأسماء)    خال يطعن ابنة أخته في جريمة مروعة تهزّ اليمن!    الدوري الانجليزي ... السيتي يكتسح برايتون برباعية    فشل عملية تحرير رجل أعمال في شبوة    الزنداني.. مسيرة عطاء عاطرة    مأرب.. تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"    إيفرتون يصعق ليفربول ويعيق فرص وصوله للقب    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34305    انخفاض الذهب إلى 2313.44 دولار للأوقية    المكلا.. قيادة الإصلاح تستقبل جموع المعزين في رحيل الشيخ الزنداني    ذهبوا لتجهيز قاعة أعراس فعادوا بأكفان بيضاء.. وما كتبه أحدهم قبل وفاته يُدمي القلب.. حادثة مؤلمة تهز دولة عربية    مفاوضات في مسقط لحصول الحوثي على الخمس تطبيقا لفتوى الزنداني    تحذير أممي من تأثيرات قاسية للمناخ على أطفال اليمن    الجهاز المركزي للإحصاء يختتم الدورة التدريبية "طرق قياس المؤشرات الاجتماعي والسكانية والحماية الاجتماعية لاهداف التنمية المستدامة"    مقدمة لفهم القبيلة في شبوة (1)    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    نبذه عن شركة الزنداني للأسماك وكبار أعضائها (أسماء)    الإصلاحيين يسرقون جنازة الشيخ "حسن كيليش" التي حضرها أردوغان وينسبوها للزنداني    طلاق فنان شهير من زوجته بعد 12 عامًا على الزواج    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    سيئون تشهد تأبين فقيد العمل الانساني والاجتماعي والخيري / محمد سالم باسعيدة    دعاء الحر الشديد .. ردد 5 كلمات للوقاية من جهنم وتفتح أبواب الفرج    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    برشلونة يلجأ للقضاء بسبب "الهدف الشبح" في مرمى ريال مدريد    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    لحظة يازمن    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيرة حياته الثقافية والسياسية
مذكرات أحمد محمد نعمان
نشر في الجمهورية يوم 26 - 02 - 2010


عباس باشا وأحمد البراق
كذلك من الأحرار الذين لهم أثر يذكر في القضية، السيد عباس بن أحمد باشا، وهو من الأسر الكبيرة في اليمن، في تعز، أسرة كانت دائماً تحكم منطقة تعز بدأت العلاقة بيني وبينه على أساس أنني أجيد اللغة العربية والنحو وقواعده وهو متخلف فيها، فظل يأخذ عني دروساً في هذا.
ثم كانت العلاقات بين الآباء علاقات صداقة فبدأت الوشائب الفكرية من ناحية العلوم والأدب ثم تطورت إلى العلاقات المتصلة بالقضية الوطنية.
بعد سفرنا إلى عدن أنا والزبيري،اعتقل هو أيضاً بسبب أنه كان معنا ودخل السجن من أجل هذه القضية وأنه كان دائماً ضد الوضع القائم.
وأحمد البراق خرج مع سيف الحق إبراهيم وكان سكرتيره عندما خرج إلى عدن، وكان يحاول أن يؤثر على سيف الحق إبراهيم ويقول له أنت زعيم الأحرار ولكن كل شيء في يد نعمان، ونحن لانعرف من هم هؤلاء الأحرار، ولا من الذي يمول هذه القضية، وكم من المال دفع لهذه القضية لنفرض أنهم اغتالوا نعمان وأنت زعيم الأحرار؟ وحملوا على الزبيري والزبيري صامت ويصر على أنه لايعرف أي شيء وجاءني الزبيري ذات يوم إلى المطبعة وقال: “إن الأمير اليوم غضبان والبراق غاضب والإخوة جميعاً غاضبون لأنهم يريدون أن يعرفوا من هم الذين يسندون هذه القضية، يريدون أن يطلعوا على أسرارها وماهيتها، وأنا موافق معهم على هذا وقد يرسل الأمير سيف الحق إبراهيم الآن في طلبك وكنت دائماً منشغلاً في المطبعة من أجل التصحيح والإشراف على الرسائل إلى المهاجرين اليمنيين، كنت أتولى كل هذه الأمور، أكتب لهم وأستلم الردود منهم وكانت الرسائل والردود موجودة وحفظت إلى الآن.
دعاني مرة الأمير وكان يوجد هناك أيضاً محمد عبدالله الفسيل، من الأحرار وهذا كان ممن يحرضون ضدي، فدخلت إلى عند الأمير إبراهيم والفسيل عنده، فطلبت منه الخروج قائلاً: “من فضلك، لي كلام خاص مع الأمير”، وظل الامير يناقشني ويقول لي: “نحن نخشى أن يجرى عليك شيء، ونحن لانعرف شيئاً عن القضية وعن أسماء أعضائها، ومن هم حتى نتعرف عليهم، وماهو لقب زعيم الأحرار ومن يدعمهم؟ قلت له: “هل تثق بي أم لا؟”، قال: “نعم أثق”، قلت: “فإذا كانت الثقة قائمة بيننا لن يحدث شيئاً، هناك من يخشون أن يتسرب خبر بأنهم يساعدون الحركة فيقضى عليهم أو يعاقبون أو يتعرض أهاليهم للمضايقة داخل اليمن، لهذه الأسباب لانحب التكلم ولكن ماهو الذي ينقصكم القضية تمشي، الصحيفة تصدر في مواعيدها، الإخوة يقبضون نفقاتهم جميعاً لايوجد ما يدعو لأي شيء من هذا: “قال: “والزبيري؟” قلت: “الزبيري لايعلم شيئاً”، قال: “وفلان، لماذا لايعرف؟ “قلت له: “لأنه مرتزق”، قال: “طيب، وأنا؟”.
قلت: “لأني أمثلك وأنا أظن أن الثقة بيني وبينك، إنما أعتقد أنك تشك في لأنهم هم الذين لايثقون بي، لكن مابيني وبينك ثقة قائمة وكل شيء يمشي، حينما يحصل أي نقص، أنا بريء من ذلك بعد أن خرجت أتى البراق والفسيل يريدون أن يروا ماذا حدث، لكن لم يحدث شيء قط.
إعدامات سنة 1948م
أكان الزبيري يعرف؟
نعم، كان الزبيري يعرف كل شيء، ولكن كان يتظاهر بأنه لا يعرف شيئاً وكان هناك أيضاً أحمد الحورش ومحيي الدين العنسي مع محمد صالح المسمري يصدرون جريدة “الصداقة” التي كنا نمولها من عدن وتصدر في القاهرة، هؤلاء الثلاثة استشهدوا سنة 1948م، وكنا سوية في غرفة واحدة، دعوهم للإعدام في يوم واحد، حتى أن السياف الذي يقطع الرؤوس لم يكن متواجداً في ذلك اليوم، فظلوا ينتظرون وهم يبحثون عن سياف ليقطع رؤوسهم، فلما خرجوا كانوا كأنهم خارجون إلى الجنة، لماذا؟ لأن العقيدة مسيطرة عندهم بأنهم يموتون من أجل بلادهم، كان الواحد يخرج ليضرب عنقه، يشد بخشبة إلى الوراء ثم يضرب بالسيف في العنق، ومع كل ذلك كانوا يخرجون مستبسلين، يودعوننا ويقولون إلى اللقاء، نلتقي في رحمة الله، وكان منهم أحمد حسن الحورش، ومحيي الدين العنسي، وأحمد البراق الذي كان مع سيف الحق إبراهيم، وعبدالله أبو رأس، من مشائخ قبائل اليمن أعدموا سنة 1948، وكان أبو رأس قد خرج إلى عدن ورجع مع الأولين، مع مطيع دماج باعتبار أنهم مشائخ قبائل فظلوا ناقمين علي لزمن لأني أعتبر من مشائخ القبائل، فكيف أضع نفسي في صف رجال الفكر وأقود حركة الفكر، لكنهم يغفلون أن الإنسان انفصل عن أسرته القبلية وتثقف، فكان المفكرون ينقمون علي وينافسونني من الناحية الفكرية، والقبائل من الناحية القبيلة لأني أيضاً انتمي إلى عصبية وهي قبيلة الحجرية، وانتمي أيضاً إلى رجال الفكر وهي عصبية فكرية.. فكانت توجد عوامل تجمع سخط الآخرين، وإلى جانب هذا كانوا يتوهمون أيضاً من الناحية المالية، وناحية المال حساسة يعتقدون أيضاً أنني أسيطر على كنز سليمان، وكيف استطيع أن أحصل على مال من الآخرين ولا أعطيهم هذا المال، وصمت دائماً بهذه الوصمة وشنت الحملة علي بين المهاجرين حتى حينما حملوا علي في صنعاء في الأيام الأخيرة، وأنا هنا في لبنان في أواخر الستينيات، قالوا إنني أخذت أموال المهاجرين، وإنني أستاذ البدر، وإن البدر من أطلق علي لقب أستاذ أو أن الإمام أحمد من لقبني بلقب أستاذ، فكانت هذه من العوامل المثيرة لعناصر كثيرة، لأن المهاجرين لا يثقون إلا بي ولا يستمعون إلا لي، وفي الواقع حينما ينكشف الأمر على حقيقته سيتضح أن لي علاقات شخصية بكثير من المهاجرين، حتى أن القضية لم تحصل على مال لمساندتها إلا ببواعث شخصية وصداقة شخصية، كان يوجد معنا أيضاً عبده الدحان، وهو من الذين كانوا في عدن كان صاحب مطعم، ولكن عندما جاءت قضية الأحرار ترك المطعم وجند نفسه من أجل قضية الأحرار، والذين كانت تطاردهم سلطات اليمن يهربون إلى عدن فيسعى الدحان لتأمين حياتهم لهذا يقول الموشكي:
ودحان ناقشه عن أصله
فإن نزعة من عمر
أي من حيث شجاعته وبطولته وقد سجن معنا أيضاً حتى أنه عندما سجن في حجة وحمل القيود وهو غير متعود على القيود ولا على الحركة وهو مقيد، ظل يلعن الإمام وأبو الإمام، فخاف السجانون من أن يجني على نفسه بهذا السب فجاءوا ليسكتوه، والمسجونون أيضاً خافوا من أن يسبب لهم المشاكل فتوقوا خطره بمداراته ليصدوه عن هذا الكلام، قالوا له: هذا هو الإمام الهادي قال لهم: لعنة الله على الإمام الهادي، وظل في السجن أياماً ثم خرج للتخلص منه.
الحاج محمد سلام حاجب كذلك إنسان احتفى بالقضية احتفاء كبيراً وكان مقيماً في عدن، وعبدالله عثمان، وأحمد عبده ناشر في الحبشة وهو من الأشخاص الذين جاءت الثورة وتجاهلتهم لم تنشر عنهم حتى خبر، وهو من الأحرار القدامى.
قصة النعمان مع النائب عبدالملك المتوكل
ونائب حجة عبدالملك المتوكل، كان المسئول الذي ينوب عن الإمام في حجة، حينما بدأ الإمام يفرج عنا طلب مني أن أعطي أبناءه دروساً، وكان يسمح لي بأن أخرج في النهار تحت رقابة جندي وأعود في الليل، فكان في هذه الفترة يطلب مني أن أعلم أولاده،وكان يأنس بالرسائل التي أرسلها للإمام ويقرأها قبل أن ترسل، تمر عن طريقه فيستشف منها بأنه يوجد هناك روح الإخلاص ويتفاءل بأنه لابد من الإفراج عن المحكومين، فتثبتت العلاقة وكان لهذه العلاقة أثر كبير في استرجاع عواطف الإمام إلى حد كبير، وكان هذا النائب شيخاً في السبعين من عمره، ولكن كان يتمتع بذكاء مفرط، وظل أولاده في صحبتنا يقرأون الأدب والتاريخ والجغرافيا، ويتعلمون الخط والحساب لأن هذه العلوم كانت تنقص اليمن.
تواصلت العلاقة بيني وبينه إلى أن غادرنا السجن، وقد كان من شفعائي عند الإمام وكان أولاده يبعثون الكتب إلى المساجين، هذه كانت سنة أطلقت من بعده من حسن علاقتهم بالمساجين أنهم كانوا يمدونهم بالكتب، ويأمرون السجانين بالتخفيف عنهم يطلبون من أبيهم أن يعطيهم نوعاً من المساعدات، ولما جاءت الثورة ذبحت أكبرهم وهو حمود بن عبدالملك، وأخوهم الثاني تشرد ولم يرجع إلى الآن عاد في أواخر الستينيات، وصودرت أموالهم وأملاكهم لماذا؟ لأن الثورة جاءت بطغمة مشبوهة من الخارج لتمحو معالم الحركة اليمنية ولتقول إنها هي التي خلقت الحركة، وإنهم عملوا كل شيء، وأن هؤلاء اليمنيين لا يعرفون فكراً، وليس لهم ماض، وليس فيهم أحد إلا من يوم جاءوا هم ليتفضلوا عليهم بالفكر وبالنهضة.
كانوا يطمسون كل شيء لتبرير احتلالهم لليمن، فهذا نائب حجة ممن قدموا مساعدة كبيرة للأحرار، وإذا بأبنائه يجدون المكافأة بهذا الشكل.
وسوف نتكلم الآن عن المهاجرين اليمنيين وعن مساعدتهم للأحرار، كانت معارضة الحكم الإمامي من الداخل مستحيلة، إذ كان مستحيلاً أن يعترض أحد على الحكام في الداخل لأن في وعي الناس من التعاليم الدينية أن الحاكم يطاع ولا يخالف، لقول النبي: “اسمعوا وأطيعوا وإن تأمر عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة” ويفسر الفقهاء الآية “( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) بأن طاعة الأمير من طاعة الله ورسوله، لأنه يمثل الشريعة ويمثل التعاليم السماوية، باعتبار أن الحاكم خليفة النبي، ولهذا يسمون الخلفاء وكان النبي دائماً لا يصدر في أحكامه إلا عن السماء، والمفروض من الخلفاء أن يكونوا متقمصين روح الشريعة وأن لا يخرجوا عنها، لهذا لا ينبغي أن يعترض عليهم أحد وحتى الخروج عليهم غير جائز:
ولم يجز في غير محض الكفر
خروجنا على ولي الأمر
هجرة اليمنيين إلى الخارج
لا يخرج المسلم عن طاعة أميره، إلا إذا كفر كفراً صريحاً، وأما الظلم أو نحوه فإن الله سينصف المظلوم وهكذا كانت المعارضة على هذا النحو في اليمن مستحيلة دينياً، لهذا تبادر إلى ذهننا بعد أن كان كل من اتهم بمعارضة مجرد اتهام تنزل به عقوبة السجن والجلد ونحو هذا، أنه لا مجال إلا في الخارج لكن على من نعتمد في الخارج، على المهاجرين اليمنيين لأن أكثر اليمنيين مهاجرون في الخارج للعمل وبخاصة في الدول القريبة من اليمن مثل بريطانيا في الجنوب وفرنسا في ميناء جيبوتي بالقرب من البحر الأحمر، وأقرب مهجر لليمنيين عدن.
وعدن تكاد تكون جزءاً من اليمن، بل هي قطعة من اليمن في جنوبها، والمسافات بين اليمن وبينها ميسورة كانت هاتان الدولتان تستقبلان المهاجرين، وكانوا يعطونهم الأجر المغري بالنسبة لحاجة اليمني، كانوا عمالاً في البواخر، وينقلون للعمل في بريطانيا وفرنسا، فوجد منهم عشرات الألوف في مرسيليا، وفي بردو، في فرنسا، وفي بريطانيا في كارديف وبرمنجهام وكانت بريطانيا مهجراً كبيراً يوجد في هذه المهاجر اليمنية عشرات الألوف، كذلك في عصب وهو ميناء على البحر الأحمر، وفي مقديشو، وكانت ايطاليا تسيطر على هذه المناطق، وكان في السودان جالية كبيرة وكل هؤلاء كانوا يخرجون لطلب المعيشة وفراراً من الظلم النازل عليهم، فيخرجون ويكتسبون ويعودون إلى أهاليهم بالنفقات.
وكان مما يشغل بالنا أن أبناء اليمن سينزحون إلى الخارج وتصبح البلاد خراباً، فما هي أسباب الهجرة؟ وأذكر أن أول ما كتبته سنة 1938، وأنا في مصر رسالة طبعت ووزعت بعنوان “الأنة الأولى: أبناء اليمن في مهاجرهم يشرحون أسباب الهجرة لولي العهد المحبوب سيف الإسلام أحمد” وكان الإمام يحيى لايزال يحكم، وكنا ندمغ الحكام الذين هم دون الإمام ودون أبنائه من نوابهم في المناطق المختلفة بأنهم هم الذين يرتكبون هذه المظالم، وأما الإمام فبعيد من هذا، كانت هذه الرسالة تحمل الشكوى من هؤلاء ماذا صنعوا باليمنيين حتى حملوهم على الخروج من ديارهم سعياً وراء الرزق وفراراً من الظلم، وشرحنا الأسباب: منها التنافيذ، ومنها الخطاط، ومنها زيادة الضرائب، هذه الأسباب جعلتنا نضرب على وتيرتها لإثارة السخط على الحكم القائم، وقد وجدنا أن المهاجرين هم العنصر الذي يمكن أن يعتمد عليهم لتمويل الحركة، أما الذين في الداخل فلا يطمع من أحد أن يقدم مالاً من أجل دعم الحركة، لأن الذين في الداخل ينتظرون مساعدات من الذين في الخارج، حتى أن بعضهم حينما أرسلت إليهم صحيفة “صوت اليمن” كان يقول ماذا يعطوننا من أجر على قراءتها، لابد من أنا نأخذ منهم اشتراكاً، غير أن هناك قلة قليلة ساعدت القضية وقد ذكرت لكم جازم الحروي في السابق، ولعله أبرز يمني من الداخل كان يساعد هذه الحركة، ومن الممكن أن يكون اليمني الوحيد في الداخل، كان بعض الأشخاص والمستنيرون يقدمون مساعدات بسيطة ويقدرون ظرفنا في الحركة، أي أن اليمنيين لم يكن لديهم الوعي الوطني فكنا عندما نطلب منهم مساعدة كالذي يستجدي استجداء نقول لهم قدموا مساعدة لنأكل ونشرب، لأن اليمني خرج وهو جاهل لا يسمع بما يجري في العالم من نهضة، ولا بالحركات التحررية، حتى أن يعمل ببناء هذه الحضارة وهو مستوحش، لأنه لم يكن لديه استعداد عقلي لفهم هذه الأشياء كان معنا من المهاجرين في عدن مجموعة تكاد تعد أسماءها مثل: محمد سلام حاجب، والحاج عبدالله عثمان، ومحمد علي الأسودي، هؤلاء في عدن وكان معنا في شرقي أفريقيا شاهر عبدالرحمن وناشر عبدالرحمن، وفي جيبوتي محمد أحمد شعلان، وفي أديس أبابا في الحبشة كان يوجد أحمد عبده ناشر، وهو يعتبر من أعلام المكافحين، ولايزال حتى الآن مهاجراً في أديس أبابا، كان ممن يساعد الحركة بأن يأخذ مساعدات من أفراد من اليمنيين من أجل صحيفة “صوت اليمن” ومن أجل المطبعة ومن أجل العاملين عليها، كذلك في السودان كان يوجد جماعة وفي بريطانيا كان يوجد الشيخ عبدالله علي الحكيمي ويوجد بجانبه شباب من أبناء شمير، ومن أبناء صبر ومن أبناء النادرة وفي أمريكا كان يوجد جماعات.
كيف انتشروا هكذا؟
الذي يسر لهم الخروج أنهم في عدن يأخذون جوازات انجليزية، يوجد في عدن من يسمون وكلاء البحارة، وهؤلاء الوكلاء ييسرون السفر لليمني إذا وصل إلى عدن يعدون له شهادة بأنه من أبناء الجنوب ويعطون له جوازاً انجليزياً، يسافر بهذا الجواز في العالم حيثما يريد، إما للعمل بحاراً وإما عاملاً في مصنع، أو في أية مهنة من المهن، وكان السفر إلى فرنسا من جيبوتي أيضاً كان الشخص يحصل على الجنسية الفرنسية ويصبح عاملاً، كانوا يرغبون في هؤلاء اليمنيين لأنهم عمال نشيطون من جهة، ومن جهة أخرى لأجل أجورهم المنخفضة، ثم أنهم لا يسببون المتاعب ولا يطالبون بما يطالب به العامل في وطنه من حقوق أو غير ذلك لأنهم لا يفهمون شيئاً غير العمل، فكان هؤلاء المهاجرون دائماً المادة التي نثير من خلالها النقد على الحكام الذين شردوا اليمنيين وجعلوهم مشتتين في المهاجر وبلادهم أحوج إليهم، وبجانب هذا أيضاً كانت الحركة تستعين ببعض من هؤلاء في النادر وبقلة.
ظل النشاط مع هؤلاء دائماً، وكانت عدن المركز الرئيسي وتكاد عدن تكون همزة وصل بين اليمن واليمنيين الذين في الخارج، فوكلاء البحارة موجودون في عدن، ولكل منطقة من مناطق اليمن وكلاء في عدن يستلمون التحويلات من المهاجرين ويوصلونها إلى أهاليهم في الداخل، وقد يشتري الأهالي في الداخل أرضاً للأشخاص المهاجرين منهم، وقد يبنون بيوتاً من الأموال التي تأتيهم، ثم يدفعون الضرائب للحكومة لأنهم لا يستطيعون سداد ما تطالبهم به الحكومة أحياناً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.