عمرو بن كلثوم لم يشتهر إلا بمعلقته " ألا هبي بصحنك فاصبحينا" (110 أبيات).. ولعله اشتهر أكثر ببيتها الثالث والخمسين، الذي لايزال الناس يرددونه حتى يومنا هذا: ألا لا يجهلن أحدٌ علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا في كل مناسبة أو موقف يشتم فيه التحدي أو بعض التحدي أو التصرف "بخفة" تجاه رجل ما يأخذ أمراً ما محمل الجد، كما كان حدث من العماد ميشال عون ، رئيس التيار الوطني الحر، في لبنان في قضية "دستورية"، فثار رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، على طريقته، وأصدر بياناً تعقيبياً أورد فيه هذا البيت. وقد كان ما صار بين الزعيمين اللبنانيين الصديقين أمراً هيناً مقارنة بما حدث في زمن القصيدة القديم (الجاهلي). وإنما تعمّد الرئيس بري حشر هذا البيت في تعقيبه من باب الظرف و"الطرفة السياسية" التي يشتهر بها، ولم تكن أبعد من ذلك. أما الوقائع الظرفية والزمانية للمعلقة برمتها، "فقد جاءت تعبيراً عن حادثتين ارتبطتا بالحرب بين بكر وتغلب التي دامت أربعين سنة، ولم تتعاقد القبيلتان على الصلح إلا بعد أن ألّف بينهما المنذر". وكان أن سيَّر، فيما بعد، ابنه عمرو بن هند جماعة من بكر وتغلب في بعض أموره، فافتُقد التغلبيون واتهم البكريون بالإيقاع بهم، ولما احتكموا إلى عمرو بن هند. اقتضى سبعين رجلاً من البكريين كوثائق للحق عنده، فقبل البكريون، وفي يوم التقاضي، انتدبت تغلب للدفاع عنها سيّدها عمرو بن كلثوم بينما انتدبت بكر أحد أشرافها". [email protected]