كما أسلفت في حديث سابق، لم يشتهر عمرو بن كلثوم إلا بمعلقته (ألا هبي بصحنك فاصبحينا) “التي قامت له مقام الشعر الوفير لحسن لفظها وانسجام عبارتها ووضوح معناها ورشاقة أسلوبها وعلوّ فخرها ونباهة مقصدها” (الكلام مقتبس من موقع: واحة المعلقات). ولعل بيتاً واحداً من المعلقة، هو الذي كان له حظ أكبر من الشهرة. وهو البيت ال 53 من ال 110 أبيات من المعلقة التي وصلتنا. وهنا أورد شرح البيت 53 بحسب الزوزني وثم التبريزي: قال الزوزني في شرح ألا لا يجهلن أحدٌ علينا .. فنجهل فوق جهل الجاهلينا: “لا يسفهن أحد علينا فنسفه عليهم فوق سفههم، أي نجازيهم بسفههم جزاء يربي عليه، فسمي جزاء الجهل جهلاً لازدواج الكلام وحسن تجانس اللفظ، كما قال الله تعالى (الله يستهزئ بهم) وقال الله تعالى: (وجزاء سيئة سيئة مثلها) وقال جلّ ذكره: (ومكروا ومكر الله) وقال جلّ وعلا: (يخادعون الله وهو خادعهم). سمي جزاء الاستهزاء والسيئة والمكر والخداع استهزاء وسيئة ومكراً وخداعاً لما ذكرنا”. (كتاب : شرح الزوزني ص204). وقال التبريزي: “معناه نُهُلكه ونُعاَقبه بما هو أعظم من جَهْله، فنسب الجهل إلى نفسه وهو يريد الإهلاك والمعاقبة ليزدوج اللفظتان فتكون الثانية على مثل لفظة الأولى، وهي تخالفها في المعنى، لأن ذلك أخف على اللسان وأحضر من اختلافهما”. (كتاب: شرح التبريزي (شرح المعلقات العشر المذهبات) ص257).