أعلن فرع الهيئة العامة للآثار والمتاحف بمحافظة ذمار عن اكتشاف اثري جديد في منطقة وادي الزبل مديرية ميفعة عنس, حوالي 30كم شرقي مدينة ذمار يتمثل في قناة مائية أو نفق شقه الفلاح اليمني القديم تحت الأرض بهدف تنظيم وتوزيع المياه لري المزروعات، تعود إلى فترة الحضارة الحميرية. وأشار مدير فرع الهيئة المهندس علي ضيف الله السنباني لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) أن القناة المائية أو النفق شبيهة بالأفلاج المعروفة بتصريف المياه إلا أن القناة المكتشفة تمتاز بتقنيات أكثر تميزاً وتفنناً، يبرز براعة اليمنيين القدامى في هندسة الري. ولفت إلى أن القناة تمتد في اتجاهين مختلفين حيث تم معاينة الجزء المتجه غرباً والذي يصل طوله إلى أكثر من 200 متر، شقت يدوياً بين الصخور الرطبة، بعرض 70 سنتيمتر وتضيق إلى 40 - 50 سنتيمتر وتتسع إلى أكثر من 70 سنتيمتر في مناطق الانعطاف، بينما يصل ارتفاعها إلى أكثر من 9 أمتار ، وهي مسقوفة بالأحجار المستوية مستطيلة في بعض الأجزاء بينما تتغلغل في جوف الصخر في أجزاء أخرى، ويوجد في بداية القناة "النفق" من الجهة الغربية للوادي وعلى يمين الداخل درج "سلم حجري" صاعد منحوت على الصخر تقود إلى فتحة إلى الأعلى، مغطاة بصخور مسطحة، من المتوقع أن تكون الفتحات المغطاة بالأحجار، فتحات للتهوية والإضاءة استخدمت أثناء شق القناة. وتمتد القناة من الناحية الغربية للوادي شرقاً، مع وجود تعرجات حادة ، يعتقد أن تلك التعرجات أعدت لتحمل ضغط المياه، بينما تنخفض القناة نحو الأسفل إلى مترين في بعض المواضع وهو ما يسمح بنقل المياه وسهولة تدفقها، بينما يوجد امتداد آخر للقناة باتجاه الشرق إلا انه لم يقم الباحثين بالدخول إليه، وسيتم دراستها لاحقاً حسب السنباني. ورجح السنباني أن الفترة الزمنية التي تم شق القناة "النفق" خلالها تعود إلى عصور الحضارة الحميرية أو ما قبلها, حيث لم يتم حتى الآن تحديد العمر الزمني للاكتشاف بالشكل الدقيق خصوصاً انه لم يتم حتى الحصول على قطع فخارية أو فحم ليتم من خلالها تحديد العمر الزمني بدقة. وبين أن قاع القناة المائية أو النفق امتلأ بالأتربة، متوقعاً أن يكون ارتفاع القناة أكثر من 9 أمتار إذا تم إزالة الأتربة من القاع، بينما تظهر على الجدران الترسبات خاصة بركود المياه على القناة ، والتي تبين أن المياه كانت ترتفع في القناة من متر إلى متر ونصف وتنخفض لتصل إلى 20 - 25 سنتيمتراً. وقال السنباني : إن هذا الاكتشاف يمثل قيمة علمية وتاريخية هامة على اعتبار أن الحضارة اليمنية هي حضارة الماء والحجر ، ويفتح المجال إلى مزيد من الدراسات البحثية في مجال هندسة الري وإبراز الطرق التي كان الإنسان اليمني القديم يتبعها لاصطياد المياه والتفنن في حجزها وتصريفها وهو ما يعتبر سر من أسرار بقاء الحيا، خصوصاً وأن القناة "النفق" تمتاز بتقنية هندسية فريدة تعتمد على توزيع المياه وحفظه واستغلاله عند الجفاف بحيث يظل الوادي مخضراً طوال العام. وبين مدير أن عملية اكتشاف القناة تمت عن طرق الصدفة من قبل مزارع كان يقوم بحفر بئر للمياه بواسطة غرافة "شيول" عن طريق جرف الرمال، وخلال العمل واجه أحجار بعد وصوله إلى عمق خمسة أمتار من سطح التربة، فقام بتحريك أحداها، لتظهر فتحة إلى الأسفل، ما اضطره إلى إيقاف العمل وإبلاغ فرع الهيئة العامة للآثار والمتاحف الذي بدوره كلف فريقاً أثرياً للنزول إلى المنطقة، للتحقق من البلاغ ، ليكتشف الفريق بعد الدخول من الفتحة التي أحدثتها الغرافة انه أمام منشأة مائية فريدة تؤكد تميز الإنسان اليمني القديم في هندسة الري كتميزه في إتقان فنون العمارة. موضحاً أن القناة تبدأ من غرب وادي الزبل وتتجه إلى الناحية الشرقية بطول الوادي حيث تعمل على استقبال المياه المغذية للقناة سواء من عيون المياه أو السيول القادمة من المناطق المحيطة كخربة أفيق والكولة وسنبان وغيرها، حيث يعد وادي الزبل حالياً من أخصب الأودية الزراعية في منطقة ميفعة عنس والذي تتوفر فيه المياه بكميات كبيرة، وتحيط بمنطقة الزبل العديد من المناطق الأثرية التي تعاقبت عليها عدد الحضارات اليمنية بدءاً من الحجري الحديث وصولاً إلى الحضارة الإسلامية أمثال قرية هكر التي تعد من المدن الحميرية المشهورة. واشتهرت منطقة ذمار بوجود العديد من المنشآت المائية المقاربة لهندسة القناة المكتشفة منها أنفاق بينون وبني حديجة في الحدأ والتي تعمل على نقل الماء من واد إلى آخر بتقنية فريدة تتمثل في نقل الماء من منطقة منخفضة إلى وادي مرتفع. وأشار إلى أن فرع الهيئة العامة للآثار بذمار يستعد حاليا لإجراء الدراسات الموسعة والمسوحات الأثرية للقناة " النفق" والكشف عن الأجزاء الأخرى خصوصاً الجزء الشرقي الذي لم يتم دخوله بعد ، حيث من المقرر أن يتم الكشف عن النتائج التي سيتم التوصل إليها عقب الانتهاء من الأعمال الميدانية التي من المتوقع أن يشارك فيها عدد من المختصين الأثريين اليمنيين. وكانت مسوحات أثرية تنقيبة أجريت خلال شهر مارس من العام الماضي في منطقة حمة ذياب الأقمر بمديرية ميفعة عنس قد كشفت عن أجزاء لمبنى أثري يعود تاريخه إلى الفترة بين القرنين الثاني أو الثالث الميلادي ما عرف بعهد الممالك العربية الجنوبية, حيث احتوى المبنى على عناصر زخرفيه تحمل رموزاً دينية تتمثل برمز الهلال وغيرها و التي تشير إلى إله القمر (المقه ) ويتكون المبنى من حجرات و مرافق خدمية أخرى يحتمل أنها أستخدمت لتقديم القرابين,وعثر فيها على تمثال من المرمر يمثل امرأة متربعة على كرسي العرش على صدرها نقوش بخط المسند ومجموعة من اللقى الأثرية التي تحمل رموزاً تشير إلى معتقدات دينية منها لوحة على حجر من البلق مرسوم عليها ثورين متقابلين بينهما شجرة عرفت في الحضارة اليمنية أنها رمز للحياة (شجرة الحياة).