تائهتان في الألوان، خضراوان قبل العشب، زرقاوان قبل الفجر، تقتبسان لون الماء، ثم تصوِّبان إلى البحيرة نظرةً عسلية، فيصير لون الماء أخضر.. لا تقولان الحقيقة، تكذبان على المصادر والمشاعر، تنظران إلى الرماديّ الحزين، وتخفيان صفاته، وتهيجان الظل بين الليلكيّ وما يشعّ من البنفسج في التباس الفرق. تمتلئان بالتأويل، ثم تحيّران اللون: هل هو لا زوردي أم اختلط الزُّمُرُّدُ بالزبرجد والتركواز المُصَفّى؟ تكبران وتصغران كما المشاعر.. تكبران إذا النجوم تنزّهت فوق السطوح. وتصغران على سرير الحب، تنفتحان كي تستقبلا حلماً ترقرق في جفون الليل، تنغلقان كي تستقبلا عسلاً تدفّق من قفير النحل. تنطفئان كاللاشيء شعرياً، غموضاً عاطفياً يشعل الغابات بالأقمار، ثم تُعَذِّبان الظلّ: هل يخضوضر الزيتيّ والكحليّ في ّ أنا الرماديَّ المحايد؟ تنظران إلى الفراغ، تكحلان بنظرة لوزية طوق الحمامة، تفتحان مراوح الخُيلاء للطاووس في إحدى الحدائق، ترتفعان الحَوْرَ والصفصاف أعلى، تهربان من المرايا، فهي أضيق منهما،وهما هما في الضوء تلتفتان للاشيء حولهما فينهض ثم يركضُ لاهثاً، وهما في الليل مرآتان للمجهول من قدري، أرى، أو لا أرى، ماذا يعدّ الليل لي من رحلة جوية بحرية، وأنا أمامهما أنا أو لا أنا عينان صافيتان، غائمتان، صادقتان، كاذبتان عيناها، ولكن من هي؟