هو أحد الكتب الحديثة في مجال التنمية البشرية للكاتب المصري كريم الشاذلي.. كتاب أكثر من رائع سيجعل كل واحد منا يفكر ويحاول أن يغير حياته نحو الأفضل، التقاطاً لبعض معاني الحياة، وتسجيلاً لمواقف وصور ذات أهمية فيها.. حكمة سمعت، قرأت..شوهدت، قررنا اصطيادها خشية أن تطير، لنقدمها قرباناً لك!. زار أحد الشباب وكان اسمه (جبر) إحدى المدن, وقرر مضيفوه أن يطوفوا به البلدة ترحيباً بمقدمه ، وفي نهاية الجولة مروا قريباً من المقابر ، فدنا (جبر) من شاهد إحدى القبور فوجد مكتوباً عليه : هذا قبر فلان بن فلان ولد سنة 1910م وتوفي سنة 1975م ، وعاش 7 سنوات ، ومر على شاهد آخر فوجد مكتوباً عليه : هذا قبر فلان بن فلان ولد سنة 1922م وتوفي عام 2000م وعاش 4 سنوات !!. ومر على ثال ورابع ، وكل شاهد مكتوب عليه تاريخ ميلاد وتاريخ وفاة ، وحساب للسنوات التي عاشها صاحب القبر لكنها غير دقيقة ، فتساءل عن السر ، فأخبروه أنهم يحسبون لمن مات عدد السنوات التي عاشها بعدد الأيام السعيدة التي قضاها في الحياة ويسقطون تلك الأيام التعيسة والحزينة فلا تستحق أن تحسب من عمره ، لأنه لم يعشها أو يستمتع بها !!. فهذا مثلاً عاش 65 عاماً ، لكنه لم يسعد طوال هذه الأعوام سوى سبع سنوات فقط ، لذا يكتبون هذه السنوات السبع على أنها كل ما عاشه هذا الرجل !. هنا التفت إليهم (جبر) مبتسماً في مرارة وقال : إذن يا أصدقائي رجاءً إذا واتتني المنية في أرضكم هذه أن تكتبوا على قبري : (هذا قبر جبر .. من بطن أمه إلى القبر) !!. إن أهل هذه المدينة فطنوا إلى أن عداد السنين لا يسجل إلا تلك اللحظات الجميلة السعيدة ، وأن لحظات الشقاء يجب إسقاطها من ذاكرة الأيام غير مأسوف عليها . ولا أقصد باللحظات الجميلة لحظات المتعة المختلسة ، أو الاستغراق التام في لذات الحياة بلا حسبان أو تدبير ، وإنما أقصد تلك اللحظات التي يسعد فيها المرء حقاً ، ويفخر بها على الملأ . حتى الكبوات والملمات إذا ما استأسد المرء أمامها وواجهها بشجاعة ، تصبح فيما بعد ذكرى حسنة تدلل على شجاعته وقوته وحسن تصرفه وتدبيره ويذكرها عداد اللحظات السعيدة . لكن الكثيرين منا للأسف ، ما يلبثون يصبغون أيامهم بفرشاة رمادية داكنة ويخاصمون السعادة في إصرار غريب ، فهم يتهيبون القدر وكأنه ينصب لهم فخاً ، ويخاصمون الحياة وكأنها تحاربهم ويرفضون أي دعوة للتفاؤل والمرح . إن هناك من أدمن التشاؤم والحزن ،وطوقه القلق والخوف حتى أذعن لهما ، وأعطاهم ناصيته يحركونها كيفما شاءوا في دروب سوداوية كئيبة . إن السعادة كعصفور جميل ، ما يلبث يحط على كتف من ناداه ، ليغرد له أنشودة البهجة والمرح ، لا يشترط أن تكون غنياً أو قوياً أو ذا سلطة ونفوذ كي يحط على كتفك . إن شرطه الوحيد أن تكون راغباً حقاً في سماع أنشودته الجميلة ، أن تفتح ذراعيك متفائلاً ، مبتسماً ، راضياً بما كتبه الله عليك ، غير متذمر أو شاكي . إن عصفور السعادة يطير فزعاً إذا ما لاحظ سحب التشاؤم والخوف والقلق في الأفق . يهرب بلا استئذان .. ولا يعود قبل أن تشرق شمس التفاؤل من جديد وتصفو سماء الواحد منا . إننا يا صديقي نستيقظ بعد فترة وإذا بالعمر وقد سرق منا ، وعداد السنين لا يحوي إلا على لحظات معدودة من السعادة ، ونأسف على حياة ضاعت دون أن نحياها حقاً . إشراقة: عندما ينغلق باب للسعادة ، ينفتح غيره ، لكننا نحملق في الباب المغلق لفترة طويلة تلهينا عن الانتباه لذاك الذي انفتح من أجلنا . هيلين كيلر