صدور ثلاثة كتب جديدة للكاتب اليمني حميد عقبي عن دار دان للنشر والتوزيع بالقاهرة    عيد العمال العالمي في اليمن.. 10 سنوات من المعاناة بين البطالة وهدر الكرامة    العرادة والعليمي يلتقيان قيادة التكتل الوطني ويؤكدان على توحيد الصف لمواجهة الإرهاب الحوثي    حكومة صنعاء تمنع تدريس اللغة الانجليزية من الاول في المدارس الاهلية    فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    الهجرة الدولية: أكثر من 52 ألف شخص لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الفرار من بلدان تعج بالأزمات منذ 2014    وزير الصناعة يؤكد على عضوية اليمن الكاملة في مركز الاعتماد الخليجي    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    رئيس الوزراء يوجه باتخاذ حلول اسعافية لمعالجة انقطاع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    عبدالله العليمي عضو مجلس القيادة يستقبل سفراء الاتحاد الأوروبي لدى بلادنا    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    عن الصور والناس    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حشابرة يروي ذكرياته ل(الجمهورية ) : قبل الثورة كان الإمام هو كل شيء
حكاية عضو أول بعثة يمنية لدراسة الطب في الاتحاد السوفيتي أول طبيب يمني في الحديدة

حين كنت أشاهد الأوضاع المأساوية للمرضى في بلادنا والمعاملة السيئة لهم من قبل بعض الأطباء الروس في العهد الإمامي بدأت التفكير في دراسة الطبأول بعثة طبية يمنية درست الطب كانت عبارة عن منحة مقدمة من الاتحاد السوفيتي لعدد 12 شخصاً ابتعثوا لدراسة الطب في روسيا عام 1957م استمرت الدراسة عشر سنوات وتخرجت عام 1967م بعد قيام الثورة بست سنوات.
«الجمهورية» تنفرد بنشر ذكريات الدكتور محمد عثمان حشابرة أول طبيب يمني في الحديدة حول أول بعثة يمنية درست في الخارج.
استهل الدكتور محمد عثمان حشابرة أحد طلاب البعثة من محافظة الحديدة حديث ذكرياته بالقول في البداية أشكركم واشكر صحيفة الجمهورية على هذا الاهتمام وعلى هذه اللفتة لنا وأقول بدأت العمل كموظف وممرض وعمري 14سنة في ما كان يسمى بمستشفى أو مدرسة الأحمدي بالحديدة وكنا نعمل مع أطباء ايطاليين وروسيين, وكان حينها لا يوجد أطباء يمنيون وكنا عبارة عن ممرضين حيث كانت توجد صداقة بين اليمن والاتحاد السوفيتي وبموجبها يأتي الأطباء الروس للعمل في اليمن وكان الأطباء الروس يعبثون ويتحكمون باليمنيين وكان يصل الأمر إلى ضرب المرضى اليمنيين ويتعاملون معهم كحيوانات نحن كنا ننظر إليهم ونتألم كثيرا ولم نستطع عمل شيء.
بداية الفكرة
وأضاف الدكتور حشابرة قائلاً: عندما كنت أشاهد الأوضاع المأساوية للمرضى اليمنيين والمعاملة السيئة لهم من قبل الأطباء الروس بدأت أفكر في دراسة الطب فقلت لابد ان أتعلم الطب ومن هنا كانت الفكرة كان يوجد طبيب روسي مسلم من أوزباكستان يتكلم عربياً اسمه عبدالرحيم كنا نجلس مع بعض نتحدث وكان يقول لنا ان اليمنيين جيدون وأذكياء لماذا لا يوجد أطباء يمنيون.
كان اليمن حينها ملكية من الصعب ان يوجد مثل هذا الأمر كان كل شيء في اليمن مختلفاً ولا نعرف كيف هو العالم الخارجي كيف يعيش كنا في عزلة تماما عن العالم. الحياة بدائية والناس مساكين والإمام هو كل شيء.
دور الطبيب الروسي
كان عبدالرحيم يعرف الإمام دائما يلتقي به قلنا له من باب المزاح نحن نريد ان نتعلم.. الطب هل ممكن تساعدنا وتعمل لنا شيئاً لكي نتعلم عبدالرحيم اخذ الأمر بجدية, وأبدى حماسه وإعجابه بالفكرة وقال: هذه خطوة جيدة ممكن تحقيقها وأنا أعدكم أنني سوف أساعدكم, نحن لم نكن نتوقع ان يتحمس ويستجيب للفكرة مما جعلنا نزيد إعجابنا به ومن حبنا له بعكس الكثير من زملائه الأطباء الروسيين.
وعندما جاء الإمام احمد إلى الحديدة ذهب إلى حمام السخنة وحدث أن تعب الإمام فاستدعى الدكتور عبدالرحيم لكي يكشف عليه ويقوم بمعاينته فاستغل عبدالرحيم الفرصة أثناء لقاء الإمام.
وقال للإمام: إن اليمن والاتحاد السوفيتي بلدان صديقان لماذا لاتوجد منح دراسية لليمنيين لكي يتعلموا الطب ويكونوا أطباء بدلا من الاعتماد على أطباء من خارج اليمن؟ الإمام لم يرفض وقال ممكن بس كيف؟
عبدالرحيم قال للإمام أنا ممكن أجيب الموافقة من الاتحاد السوفيتي حيث كان عبدالرحيم له علاقات جيدة مع الحكومة السوفيتية فوافق الإمام وقام عبدالرحيم بكل الإجراءات ونحن لم ندر.
موافقة روسية
وبعد أسبوع كنا قد نسينا الأمر وفجأة قال عبدالرحيم: يا دكتور محمد ولأول مرة يقول لي يا دكتور, قال عبدالرحيم خلاص جاءت الموافقة من موسكو لليمن كمنحة دراسية لعدد 12 يمنياً لدراسة الطب في روسيا وكان قد اتفق مع الإمام على ان يكونوا أربعة من الحديدة وأربعة من تعز وأربعة من صنعاء وتم اختيار الأسماء.
أسماء البعثة
من الحديدة كان الدكتور محمد عثمان حشابرة راوي هذه الذكريات والدكتور محمد إبراهيم مصطفى الله يرحمه والدكتور عبدالله جون والدكتور احمد صالح عبدالله, ومن صنعاء ذكر منهم عبدالله المقصص الله يرحمه واحمد الآنسي ويحيى الوزير ومحمد المصباحي, ولم يتذكر أسماء الذين ابتعثوا من تعز. وهؤلاء يعتبرون أول بعثة من اليمن تخرج للدراسة في الخارج.
استعدادات السفر
وواصل الدكتور حشابرة ذكرياته قائلاً: الدكتور عبدالرحيم قام باستكمال جميع الإجراءات والمعاملات والموافقة من اليمن والاتحاد السوفيتي ولم ندر إلا وقال لنا خلاص استكملت الإجراءات والموافقة من الإمام استعدوا للسفر.
وكنا إلى هذا الأمر ما زلنا لم نصدق الأمر وقلنا إنهم يضحكون علينا وبعد أسبوع تفاجأنا بطلب جوازات منا وكانت الجوازات تأتي من تعز بحكم أنها العاصمة فجهزنا له الصور وأرسلها عبدالرحيم عن طريقه إلى تعز وصرفت لنا جوازات باسم الإمام.. المملكة اليمنية وجهزنا كل حاجة وعندما سلم لكل شخص تذكرة السفر مع الجوازات وتم تحديد يوم وموعد السفر وقال لنا عبدالرحيم لازم تكونون جاهزين للسفر.
هنا صدقنا ان العملية بجد فرحنا كثيراً عندما تسلمنا الجوازات والتذاكر وكل ما يتعلق بالسفر وصدقنا ان العملية صحيحة وأننا سوف نسافر ندرس الطب وسنحقق ما كنا نهدف إليه الذي كان عبارة عن طموح مستحيل تحقيقه.
موقف الأهل
في ذلك الوقت كان من الصعب ان توافق الأسرة اليمنية على فراق احد أبنائها يقول الدكتور حشابرة: عندما فكرنا بالأهل وكيف نتخلص من الأمهات على وجه الخصوص حيث كان من الصعب ان يترك الواحد أسرته ويسافر من الصعب ان يقول الواحد انه سوف يسافر يدرس ويغترب في الخارج كان الأمر صعباً جداً ويرفضون إخراجك فالأمر كان من المستحيل.
ففكرنا كيف نكذب عليهم، نحن كنا في ذلك الوقت نقوم بتجهيز البذلات ومستلزمات السفر وقيل لنا ان يوم الأربعاء عصراً تكونون جاهزين في المطار.
كذبنا على الأمهات
وأثناء ما كنا نتجهز للسفر كذبنا على أمهاتنا عندما كنا لابسين مشيكين بالملابس الجديدة كنا نقول لهن إننا سنذهب في دورة وسنعود وفي نفس الوقت كنا فرحين بأننا سنسافر وندرس الطب وخائفين من ان يمنعنا الأهل وخصوصا الأمهات, ولم نقل لهم بالحقيقة إلا يوم السفر فقلنا لهم إننا مسافرن تبكين ما تبكين نحن مسافرون ندرس في الخارج مع السلامة وذهبنا إلى المطار.
مطار من التراب
كان خط الطائرة تعز صنعاء الحديدة, وعندما ذهبنا إلى المطار لم نجد حتى مكاناً ننتظر فيه وصول الطائرة, كان يوجد مكان للانتظار والاستقبال عبارة عن عريش من القش لم يحمنا حتى من الغبار والأتربة وكأننا في صحراء وليس في مطار.
وكان المطار بجانب ميناء الحديدة عبارة عن ساحة ترابية ما عدا مهبط الطائرة فقط أما بقية الساحة كانت عبارة عن تراب ورمال أشبه بالصحراء.
طائرة الإمام
لم ننتظر طويلاً جاءت الطائرة وهي مروحية خاصة بالإمام تنقل له القات من أسمرة, وأعتقد أنها الطائرة الوحيدة كانت في ذلك الوقت فلم نر أو نسمع انه توجد طائرات أخرى. عندما هبطت الطائرة في مطار الحديدة كان الوقت الساعة الرابعة عصراً طلعنا إلى الطائرة والتقينا بزملائنا من تعز وصنعاء وكان كل واحد ينظر إلى الثاني كنا صغاراً في السن.
في مطار أسمرة
انطلقت الطائرة من الحديدة إلى أسمرة, وعندما وصلنا إلى مطار أسمرة نزلنا هناك وفي الليل جاءت طائرة بوينج الروسية وقالوا إنها ستنطلق الصباح، نمنا في الفندق على حساب الشركة وفي الصباح، مع الفجر انطلقنا في الطائرة من أسمرة إلى القاهرة ومنها إلى موسكو, حيث كان خط سيرها أسمرة – القاهرةموسكو.
في مطار القاهرة
عندما وصلنا إلى القاهرة شاهدنا من نافذة الطائرة أشياء فالقاهرة كانت مدينة كبيرة جدا وعمارات وبنايات الفرق كبير جدا بين الوضع في اليمن حينها وبين القاهرة هبطنا في مطار القاهرة. وفي القاهرة قالوا لنا ناموا هنا الطائرة سوف تقلع الفجر إلى موسكو نمنا في الفندق على حساب الشركة.
في الطريق إلى روسيا
انطلقنا الفجر بنفس الطائرة وظللنا نطير مسافة كبيرة لم اذكر كم ساعات كان فيها روسيون وكانوا ينظرون لنا وهم لابسون دجلات وملابس ويشعرون بالبرد ونحن بالبذلات الخفيفة حقنا فكانوا ينظرون لنا باستغراب ويتكلمون علينا فيما بينهم ولا نفهم ماذا يقولون لأننا لم نكن نفهم اللغة الروسية.. وكان الوقت أيام الشتاء في عز البرد الشديد شعرنا بالبرد فتفاجأنا، لم نكن نعرف ان البرد بهذا الشكل ولم نأخذ احتياطاتنا كنا نظن ان الجو مثل اليمن, كنا ننظر من نافذة الطائرة فنرى الدنيا كلها ثلوجاً, الروسيون كانوا متعجبين علينا وعلى ملابسنا, وكان البعض يعتقد ان البرد عندنا أكثر من عندهم كنا بردانين وجائعين ولم نجد من نتكلم ونتفاهم معه ولا يوجد معنا احد كل ما قيل لنا انه سوف يستقبلنا مندوب من القنصلية اليمنية في موسكو.
مطار موسكو
وصلنا مطار موسكو فتح باب الطائرة وكنا نرتجف من شدة البرد كيف نخرج من الطائرة حتى نصل إلى استراحة المطار تجمدنا من شدة البرد ونحن لابسون جزمات كنا عندما نمشي نطحس فقام كل واحد يمسك الثاني حتى وصلنا إلى استراحة المطار.
وكانت الرحلة في عام 1957م ولم يتذكر الدكتور حشابرة اسم الشهر ويواصل حديثه كان يوجد معنا دولارات الروسيون كانوا لايتعاملون بالدولارات حيث كانت العملة الروسية الروبل.
كان في استقبالنا مندوب القنصلية اليمنية في موسكو قلنا له حرام عليك نحن تعبانون وجائعون وبردانون راح جاب لنا دجلات وملابس روسية أول مرة نلبس تلك الملابس كانت الدجلة الواحدة وزنها تقريبا عشرة كيلو كيف نتحملها كان كل واحد يتحمل الثاني, وجاب لنا أكل من بوفيه المطار وأكلنا.
منزل الأطباء
ومن ثم ذهبنا إلى منزل كان يسمى منزل الأطباء كان يسكن فيه الطلبة الذين يدرسون الطب وكانوا من جنسيات مختلفة روسيين وسوريين ومصريين وأفارقة و...الخ.
الروسيون عندما كانوا يسألوننا من أين نحن؟ نقول لهم من اليمن فيستغربون علينا كوننا صغاراً في السن وجئنا ندرس الطب في هذه السن ولم يعرفوا اليمن رغم انه كانت توجد علاقات بين اليمن والاتحاد السوفيتي وكانت توجد فتاة روسية تعمل في حراسة السكن قالت لنا أين هي اليمن قلنا لها تقع في شبه الجزيرة العربية ولم تعرف وبالصدفة كانت توجد في السكن خارطة العالم اسم اليمن كان مكتوباً فيها بخط صغير جداً لا يعرف إلا من يتأكد منها فأشرنا على اسم اليمن في الخارطة وقلنا هنا في شبه الجزيرة العربية.
دخلنا السكن غيرنا ملابسنا وأكلنا وشربنا وارتحنا وفي اليوم الثاني جاء مندوب السفارة اليمنية وأخذنا إلى مقر السفارة واتخذ الإجراءات اللازمة.. بعد ذلك عدنا إلى السكن وكنا نظن أننا سوف نبدأ دراسة الطب ولم نكن نعرف كيف سنبدأ وكيف سندرس وماذا سندرس ولا حتى كيفية الدراسة لأننا لم ندرس ولم ندخل مدارس في اليمن كونها لاتوجد.
استغراب روسي
الروسيون كانوا يعتقدون أننا درسنا وعندنا شهائد وأننا درسنا فيزياء وكيمياء ورياضيات وغيرها من المواد العلمية وكنا حينها لا نعرف ماذا يقولون ولا نعرف الفيزياء ولا الكيمياء ولا الرياضيات ولا شيئاً من مواد الدراسة فكانوا يسألون الملحق فيقول لهم لا يوجد حاجة عندهم ولم يدرسوا وليس عندهم شهائد فاستغربوا وقالوا كيف ولم يعرفوا ان اليمن في أيام الإمام كانت منعزلة عن العالم لاتوجد فيها مدارس ولا طلاب ثانوية كان يوجد بعض الكتاتيب لتعلم القرآن الكريم فقط.
وكان مستوانا هكذا وأفضل واحد هو الذي يتعلم قراءة القرآن ويدخل الكتاتيب.
حل لمشكلة الدراسة
الروسيون كانوا مهتمين بنا وقالوا هذه منح دراسية وقد تم وضع خطة لها واعتمادها مع التكاليف المطلوبة وعلى حساب الاتحاد السوفيتي وهناك اتفاقية يجب ان تنفذ.
وقالوا يجب ان يعملوا لنا حلاً فتدارسوا الأمر فقرروا ان يعطونا سنتين إضافيتين قبل دراسة الطب لدراسة المواد العلمية الأساسية من فيزياء وكيمياء ورياضيات وأيضا لتعلم اللغة, وظللنا حوالي أربع سنوات وليس سنتين كما قرروا لأن مستوانا كان ضعيفاً ونظرا لأنه لم يوجد لدينا أي خلفية تعليمية رغم أننا كنا النخبة في المجتمع اليمني, وبعد ذلك دخلنا كلية الطب وبدأنا العلم الصحيح وكان تعليماً جيداً الروسيون مهتمون بالمنح فكنا نلقى الاهتمام الكبير كوننا نحن اليمنيين الوحيدين ندرس الطب في ذلك الوقت.
4 $ راتب اليمني
تكاليف الدراسة كانت على حساب الاتحاد السوفيتي وفيما يتعلق بمصاريف الطلاب كانت الحكومة اليمنية تعطي كل واحد من الدارسين أربعة دولارات تصرفها السفارة اليمنية بموسكو شهرياً, والحكومة الروسية كانت تعطيهم 900 روبل أيضا شهرياً.
يقول الدكتور حشابرة كان رئيس الاتحاد السوفيتي حينها خرسوف وكانت الفلوس التي نستلمها من اليمن والاتحاد السوفيتي تكفينا وزيادة فالحياة المعيشية كانت رخيصة جداً.
وأضاف الدكتور محمد حشابرة أثناء الدراسة كان البعض منا يأتي إلى اليمن كل سنتين إلى ثلاث سنوات لزيارة الأهل والأقارب وكنا نلاحظ ان الوضع لم يتغير وعندما كنا نشاهد ذلك نتألم على بلادنا وفي نفس الوقت يزداد إصرارنا على ضرورة إخراج بلادنا من الوضع الذي هو فيه..كان هدفنا إنقاذ الشعب مما هو فيه تخرجنا بشهادة البكالوريوس وعدنا إلى اليمن والوضع على ما هو عليه.
سنة التخرج
في العام 1967م بعد قيام الثورة اليمنية بخمس سنوات انتهت الدراسة وتم التخرج وعادت البعثة إلى اليمن.
وعند العودة عاد الطلاب الذي من الحديدة إلى الحديدة وكذلك طلاب صنعاء وتعز كل واحد إلى محافظته.
الدكتور محمد حشابرة قال: عندما عدنا إلى الحديدة كانت الحياة ما تزال بدائية ولم تتغير الحديدة عما كانت عليه عندما تركناها لاتوجد شوارع ولا طرقات مسفلتة الأرض كانت تراباً وغباراً لاتوجد مقارنة مع العالم كنا في عزلة تامة ولم تبدأ الحركة والتطور إلا بعد قيام الثورة وبدأ الناس يعرفون العالم الخارجي في ذلك الوقت كل ما كان يوجد في مدينة الحديدة قسم شرطة في باب مشرف وهو الوحيد مبنى والسور من حوله كان عبارة عن سوق للتجار والمنازل عبارة عن عشش من القش وكانت الحياة بدائية بمعنى الكلمة.
دور محافظ الحديدة
وكان محافظ الحديدة في ذلك الوقت هو الأخ سنان أبو لحوم وهو أول محافظ للحديدة بعد قيام الثورة كان رجلاً طيباً وفعلاً وقف معنا وشجعنا كثيرا الله يرعاه بالخير.
المستشفى الذي كنا نعمل به كان يقع خلف المبنى الحالي لمستشفى العلفي كان يسمى مستشفى الاحمدى أو ما كان يعرف بمدرسة الاحمدى على اسم الإمام احمد كان عبارة عن مبنى بسيط جدا وكان الوضع صعباً لايصلح ان يكون مستشفى.
أول مستشفى على حساب التجار
الحكومة في ذلك الوقت كانت غير قادرة على بناء مستشفى المحافظ سنان أبو لحوم حوله إلى مستشفى وسماه المستشفى الخيري حيث قام المحافظ بجمع كل التجار وفاعلي الخير وألزمهم بالتبرع لبناء مستشفى فكل واحد تبرع بما يستطيع وتم بناء مستشفى سمي بالمستشفى الخيري وكانت الأوراق باسم المستشفى الخيري وفي العام 1967م تغير اسم المستشفى إلى مستشفى العلفي وما يزال حتى يومنا هذا.
تطورت الأوضاع بعد الثورة
وقال الدكتور حشابرة: أنا أول طبيب يمني في محافظة الحديدة كان يوجد أطباء روسيون والحمدلله بعد قيام الثورة تطورت الأوضاع في الحديدة وكل يوم يزداد عدد الأطباء في مختلف التخصصات فشعرنا بعد ذلك أننا أسسنا أطباء في اليمن والحمدلله نعمل حتى يومنا هذا والحكومة ما قصرت معنا حضرت الدكتوراه على حساب الدولة أيضاً.
أول معاش لي 400 ريال كانت تكفي وزيادة وكل شيء كان رخيصاً وعدد السكان قليلاً وكان الوارد كثيراً والاستهلاك قليلاً الكبش كان بريالين أو بثلاثة ريالات كنا نبيع الجلد حقه بريالين.
وضع مستشفى العلفي
وحول الوضع الحالي لمستشفى العلفي قال الدكتور حشابرة: الوضع الحالي للمستشفى جيد هناك أطباء وهناك خدمات والإمكانيات بقدر ما تصرفها الدولة, أنا كطبيب أقوم بواجبي كما يجب وكما هو معروف ميزانية الدولة محدودة ولا يمكن ان تعمل الدولة أكثر من الإمكانيات الموجودة والمتاحة والحمدلله العمل يسير بشكل جيد واهم شيء أننا خرجنا من كابوس الإمامة البغيض.
الأب الروحي لمستشفى العلفي
الجدير بالذكر ان الدكتور محمد عثمان حشابرة من مواليد الحديدة سنة 1942م يعتبر من مؤسسي مستشفى العلفي بالحديدة حاليا يعمل مديراً فنياً للمستشفى ورغم انه أحيل إلى التقاعد في عام 2004م براتب 55 ألف ريال إلا انه نظرا لكفاءته وخبرته الطويلة وتقديرا لدوره تم التعاقد معه من جديد براتب إضافي بمبلغ 20 ألف ريال حسب قوله.
والى اليوم ما يزال الدكتور حشابرة يعمل كمدير فني لمستشفى العلفي ولديه عيادته الخاصة يعمل بها خارج الدوام الرسمي وما يزال بكامل صحته.
ويصفه زملاؤه بالأب الروحي لمستشفى العلفي بالحديدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.