رصاص المليشيا يغتال فرحة أسرة في إب    آسيا تجدد الثقة بالبدر رئيساً للاتحاد الآسيوي للألعاب المائية    وزارة الحج والعمرة السعودية تكشف عن اشتراطات الحج لهذا العام.. وتحذيرات مهمة (تعرف عليها)    سلام الغرفة يتغلب على التعاون بالعقاد في كاس حضرموت الثامنة    حسن الخاتمة.. وفاة شاب يمني بملابس الإحرام إثر حادث مروري في طريق مكة المكرمة (صور)    ميليشيا الحوثي الإرهابية تستهدف مواقع الجيش الوطني شرق مدينة تعز    فيضانات مفاجئة الأيام المقبلة في عدة محافظات يمنية.. تحذير من الأمم المتحدة    أول ظهور للبرلماني ''أحمد سيف حاشد'' عقب نجاته من جلطة قاتلة    الجريمة المركبة.. الإنجاز الوطني في لحظة فارقة    فرع العاب يجتمع برئاسة الاهدل    الإطاحة بشاب وفتاة يمارسان النصب والاحتيال بعملات مزيفة من فئة ''الدولار'' في عدن    صحيفة تكشف حقيقة التغييرات في خارطة الطريق اليمنية.. وتتحدث عن صفقة مباشرة مع ''إسرائيل''    أكاديمي سعودي يتذمّر من هيمنة الاخوان المسلمين على التعليم والجامعات في بلاده    العميد باعوم: قوات دفاع شبوة تواصل مهامها العسكرية في الجبهات حماية للمحافظة    وكالة دولية: الزنداني رفض إدانة كل عمل إجرامي قام به تنظيم القاعدة    البحسني يكشف لأول مرة عن قائد عملية تحرير ساحل حضرموت من الإرهاب    مأرب: تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    لا يوجد علم اسمه الإعجاز العلمي في القرآن    حزب الإصلاح يسدد قيمة أسهم المواطنين المنكوبين في شركة الزنداني للأسماك    - عاجل شركة عجلان تنفي مايشاع حولها حول جرائم تهريب وبيع المبيدات الخطرة وتكشف انه تم ايقاف عملها منذ6 سنوات وتعاني من جور وظلم لصالح تجار جدد من العيار الثقيل وتسعد لرفع قضايا نشر    ناشط يفجّر فضيحة فساد في ضرائب القات للحوثيين!    المليشيات الحوثية تختطف قيادات نقابية بمحافظة الحديدة غربي اليمن (الأسماء)    "قديس شبح" يهدد سلام اليمن: الحوثيون يرفضون الحوار ويسعون للسيطرة    في اليوم 202 لحرب الإبادة على غزة.. 34305 شهيدا 77293 جريحا واستشهاد 141 صحفيا    خال يطعن ابنة أخته في جريمة مروعة تهزّ اليمن!    الدوري الانجليزي ... السيتي يكتسح برايتون برباعية    فشل عملية تحرير رجل أعمال في شبوة    الزنداني.. مسيرة عطاء عاطرة    مأرب.. تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"    إيفرتون يصعق ليفربول ويعيق فرص وصوله للقب    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34305    انخفاض الذهب إلى 2313.44 دولار للأوقية    المكلا.. قيادة الإصلاح تستقبل جموع المعزين في رحيل الشيخ الزنداني    ذهبوا لتجهيز قاعة أعراس فعادوا بأكفان بيضاء.. وما كتبه أحدهم قبل وفاته يُدمي القلب.. حادثة مؤلمة تهز دولة عربية    مفاوضات في مسقط لحصول الحوثي على الخمس تطبيقا لفتوى الزنداني    تحذير أممي من تأثيرات قاسية للمناخ على أطفال اليمن    الجهاز المركزي للإحصاء يختتم الدورة التدريبية "طرق قياس المؤشرات الاجتماعي والسكانية والحماية الاجتماعية لاهداف التنمية المستدامة"    لابورتا يعلن رسميا بقاء تشافي حتى نهاية عقده    مقدمة لفهم القبيلة في شبوة (1)    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    نبذه عن شركة الزنداني للأسماك وكبار أعضائها (أسماء)    الإصلاحيين يسرقون جنازة الشيخ "حسن كيليش" التي حضرها أردوغان وينسبوها للزنداني    طلاق فنان شهير من زوجته بعد 12 عامًا على الزواج    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    سيئون تشهد تأبين فقيد العمل الانساني والاجتماعي والخيري / محمد سالم باسعيدة    اليونايتد يتخطى شيفيلد برباعية وليفربول يسقط امام ايفرتون في ديربي المدينة    دعاء الحر الشديد .. ردد 5 كلمات للوقاية من جهنم وتفتح أبواب الفرج    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    الديوان الملكي السعودي: دخول خادم الحرمين الشريفين مستشفى الملك فيصل لإجراء فحوصات روتينية    برشلونة يلجأ للقضاء بسبب "الهدف الشبح" في مرمى ريال مدريد    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    لحظة يازمن    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبطال ملحمة السبعين .. يوثقون شهاداتهم للتاريخ والأجيال
نشر في الجمهورية يوم 14 - 02 - 2008


اللواء عبدالله دارس:
الالتفاف الشعبي حول النظام الجمهوري أحبط كل المخططات التآمرية
اللواء حمود بيدر:
الانقلاب على السلال كان ضرورة لانقاذ الثورة من الانهيار
المناضل علي لطف الثور:
انسحاب القوات المصرية واختلال الوضع السياسي العربي أسهم في التأثير على معنويات المناضلينعلى هامش انعقاد ندوة توثيق تاريخ الثورة اليمنية والمكرسة لملحمة السبعين يوماً قدم عدد من المناضلين أوراق عمل سردوا فيها وقائع الصمود البطولي لأبناء الشعب في فك الحصار على صنعاء.
اللواء عبدالله دارس يستعرض في ورقته الأعمال القتالية في المحور الشمالي حيث اشار إلى أن الحرب بدأت على صنعاء من كل الاتجاهات وغادر صنعاء من غادر وتوافد إليها كل الشرفاء تصديقاً لما عاهدوا الله عليه للدفاع عنها رغم تزايد الضغط عليها حتى وصل قاسم منصر وقواته إلى تبة دارس وقرية «الحاقة» ومشارف مصنع الغزل والنسيج أما الضرب بالمدفعية فقد شمل كل صنعاء.
ويقول وذات يوم خرجنا من المستشفى الروسي آنذاك «مستشفى الثورة العام حالياً» بحثاً عن الفريق حسن العمري وكان معي في سيارتي روسية الصنع «13» ضابطاً.
ووجدناه بجانب موقع رسلان الذي كان حينها موقع الكتيبة السادسة مدرع بقيادة محمد عبدالله أبو لحوم واذا بالفريق العمري يقول: لقد تعرض لنا أفراد الملكية في الطريق وتسللوا إلى شمال قبة المؤيد وقتلوا روسيين في الطريق مابين رسلان وصنعاء.
وهجمنا من جنوب الكلية الحربية ودخلنا من شرقي التبة وكان هذا أول هجوم لقواتنا بصنعاء عند وصولنا قمة التبة ثم وصل لنا الدعم من الكتيبة السادسة مدرع بدبابتين بقيادة لطف السنيني «105» ملي والثانية «85» ملي بقيادة أمين علي سيف وصعدت الدبابتان من التبة من الجهة الشرقية، ووقع الهجوم المعاكس من أصحاب قاسم منصر إلى هجوم متوالٍ مستميت في محاولة لإستعادة التبة لكننا كنا صامدين ندافع شرقاً ونهاجم غرباً حيث يوجد قاسم منصر في قرية «الحاقة» وقد دعمنا الضرب من المظلات بقيادة حمود ناجي ومن الصاعقة موقع «ظهر حمير» بقيادة عبدالرقيب عبدالوهاب نعمان.
وفي اليوم الثاني في الليل تمكن قاسم منصر من الخروج في السائلة مابيننا وبين نقم إلى سعوان «بيت اللهيدة» وواصلنا الهجوم المتتابع على سعوان والعتيبة.. اللهيدة وعرونه، والضرب مستمر من وإلى جبل الطويل ووصلت لنا نجدة بقيادة/ يحيى عبدالله الشائف، وحمود بن ناجي الشائف وأصحابهما، كما تم تشكيل معسكر تجمع في جبل «آل صلاح» برط من «ذو محمد وآل محمد ومن معهم، ومن آل عماسه، وآل سالم» «الصالحين منهم» الجميع بقيادة الأخ/ محمد ناجي دارس قائد برط والمعسكر..تلكم القوة جاءت لنجدة وإنقاذ صنعاء وكل يوم تصل لنا طائرة أو طائرتان داكوتا إلى مطار الجراف رغم الضرب على المطار من الجبل الطويل بالمدفعية وكانت الطائرة تهبط وتقلع بسرعة دون أن يقف المحرك وكانت قواتنا كل يوم في زيادة.
القصف المدفعي للقوات على صنعاء
ويضيف: من جهة أخرى ازداد الضغط وقطعت الطرقات من كل الاتجاهات، ومع ذلك لم تضعف الروح المعنوية والجهود الوطنية بل ازدادت تصميماً، وقد كثفت المدفعية الملكية قصفها العشوائي على صنعاء وكان أهالي صنعاء مؤمنين صابرين على القصف والخسائر، مناضلين بمافي حوزتهم، ومن جانبنا توسعت مواقعنا وكثر رجالنا ورتبنا التبة الصفراء الشرقية من بني الحارث الروضة واللواء الخامس بقيادة/زيد الشامي، وكان الملكيون قد وضعوا معسكراً غرب خشم البكرة واحتلوا رأس غرب البكرة كما عملنا موقعاً شمالي التبة بقيادة الشيخ/عبدالله بن سعد داجي ومن معه لاستقبال وتجميع من وصل من برط لدعم مواقع المهاجمين والمدافعين.
تمركز علي عبدالله صالح في منطقة همدان
وكان محمد بن علي فاضل وحمود محمد حمود أبو رأس قد رتبوا شمالي الروضة بيت القمادي بالتعاون مع الشيخ/صلاح الحراثي، أما الفريق/العمري فقد شكلت زياراته لكل مواقع المهاجمين والمدافعين دعماً معنوياً وكان علي عبدالله صالح قائداً في منطقة مداخل ومخارج همدان مذبح ومعه دبابتان للدفاع والمساندة.
وفي ذات يوم وصل إلينا إلى التبة القاضي/عبدالسلام صبرة والدكتور/محمد سعيد العطار والدكتور/حسن محمد مكي المجاهدون بجانب العمري وقالوا: ياعبدالله معنا اللواء العاشر بقيادة/طاهر الشهاري في منطقة عصر قد قطعت الملكية عليه طريق الإمداد، ووصلت ارتاب الملكية إلى التبة التي فوق شركة المطهر غرباً ونحن بحاجة إلى قوة لفك الحصار «فقلت لهم: «يجب أن تتصلوا بالقيادة في الحديدة ليرسلوا طائرة إلى صنعاء تأخذنا إلى برط وطائرة أخرى إلى برطٍ من الحديدة رأساً» وفعلاً تم ذلك وتحركت طائرتا الداكوتا معي إلى المعسكر نجدة وإنقاذاً لصنعاء في جبل آل صلاح برط، وفي وقت الظهر رجعنا من برط مع حمولة الطائرتين ثمانية وثلاثين مقاتلاً أخذناهم إلى فندق ناصر شارع جمال للغداء واتجهنا نحن والعمري ومن معه إلى عصر وانضم إلينا الشيخ/ محمد وعلي القردعي ومن معه والشيخ/يحيى بن الحسيني العماري ورفاقه.
معركة عصر
بقي العمري ومن معه بجانب شركة المطهر أي شرق عصر ومعهم رشاش 7/12 يضربون به المواقع الملكية في التبة التي فوقهم شرق جبل عصر وذهبنا ومن معنا ودخلنا وادي عصر محاذين جبل عصر حتى وصلنا رأس جبل عصر الشرقي خلف القوات الملكية من جهة الغرب، دخلنا في حرب وتمكنا من إجبار القوات الملكية على التراجع إلى قرية عطان والحمد لله انتصرنا وتمركزنا على رأس التبة الحمراء من عصر شرقاً مطلين على حدة من الشمال تحت عيبان شرقاً وقال العمري: لازم يبقى لكم موقع نحن في موقع إضافي لحماية الجميع وتم التنفيذ منا وقمنا بأول هجوم على حدة وإلى مالانهاية في المواقف الوطنية والتضحيات الجسام لنصرة الجمهورية والثورة.
منعطف تاريخي
وجاء في الورقة :إن حصار السبعين يوماً يمثل منعطفاً تاريخياً مهماً من تاريخ الثورة اليمنية 26 سبتمبر ومثل صور تلاحم وتجاوب كل القوى الوطنية الحقة للدفاع عن صنعاء ووضع الثوار أمام خيارين إما الصمود والاستبسال من اجل انتصار الجمهورية ودحر القوة الملكية واما النهاية لكل الآمال التي علقها الشعب على قيام وانتصار الثورة.
وبالفعل لم يتأخر الثوار بالتضحية لفك الحصار وكان للقادة وكل الوطنيين المؤمنين بمبادئ الثورة دور مشهود اثناء حصار السبعين يوماً في مواجهة اعداء الثورة من الطامعين والمرتزقة.
أجمعنا على إبعاد السلال
كما قدم اللواء حمود بيدر ورقة عمل بعنوان
«رسوخ الأنصار وصنعاء تحت الحصار»
حيث جاء فيها: في أول نوفمبر عام 1967 وصلنا إلى مدينة الحديدة على الطائرة القادمة من القاهرة ومعنا القاضي/عبدالرحمن الارياني والأستاذ/محسن العيني وعدد من أعضاء الحكومة المعتقلة وعدد من القادة السياسيين والعسكريين الذين أجبروا على البقاء في القاهرة ودمشق وبيروت.
وكان في استقبال الجميع الشيخ/عبدالله بن حسين الأحمر والشيخ/سنان أبو لحوم وعدد من الاخوة المشايخ والقادة وفي الحديدة قابلنا المشير/عبدالله السلال الذي كلف القاضي/عبدالرحمن الارياني بالقيام بأعمال الرئيس كون المشير/السلال مسافراً إلى القاهرة وبغداد والاتحاد السوفيتي، كان الجميع يشعر بخطورة الموقف العسكري عقب انسحاب القوات المصرية من اليمن وسافرنا جميعاً في 2 نوفمبر براً إلى صنعاء.
وفي 3 نوفمبر زارني إلى منزلي الشيخ/مجاهد أبو شوارب ومعه المناضل/علي أبو لحوم والمناضل/ عبدالرقيب عبدالوهاب نعمان والمناضل/محمد فرحان وأبلغوني بأنه تم اجتماع في منزل العقيد/محمد علي الأكوع مع عدد كبير من الضباط وأجمعوا على إبعاد المشير السلال عن الحكم خلال فترة غيابه، وأنه يجب عليَّ المشاركة مع الجميع كوني لدي علاقات خاصة مع عدد من الاخوة الزملاء القادة العاملين في رئاسة الأركان والحرس الجمهوري وكانت إجابتي أنني مع الاجماع تحركت بعدها لزيارة القاضي/عبدالرحمن الارياني والشيخ/عبدالله بن حسين الأحمر والشيخ/محمد علي عثمان والذين أكدوا ضرورة إبعاد «السلال» من أجل لم شمل القوى الوطنية والسياسية اليمنية في الدفاع عن الثورة والجمهورية وصد القوى المعادية للجمهورية من الملكيين والمرتزقة الأجانب الذين راهنوا على احتلال صنعاء عاصمة المجد والخلود.
الانقلاب الأبيض على المشير/السلال
زرت الاخوة في رئاسة الأركان واستقبلني الأخ العقيد/محمد النهمي رئيس شعبة العمليات وعرفت من خلال الاخوة خطة توزيع القوات للدفاع عن صنعاء وحجم الإمكانيات من حيث الاحتياطي من الأسلحة والذخائر والشؤون الإدارية وأن معظم أسلحتنا عتيقة متهالكة وإننا لانملك سلاح طيران مطلقاً أبلغنا القاضي/عبدالرحمن الارياني بالحقيقة بحضور الأستاذ محسن العيني والشيخ/عبدالله الأحمر والشيخ/محمد علي عثمان والشيخ/سنان أبو لحوم في مساء يوم 2نوفمبر تحرك الاخوة المكلفون باحتلال الإذاعة وإعلان إقالة المشير عبدالله السلال من منصبه.
كنت في تلك الليلة مع الاخوة الزملاء في رئاسة الأركان ومعي الأخوة، محمد النهمي، وعلي مصباح، وحسين خيران، ومحمد علي الجبري «قائد الكلية الحربية» والطيار/محمد الديلمي، ويحيى المتوكل، وعلي بن علي الجائفي، ومحسن سريع، وقد طمأنا الجميع بأنها حركة بيضاء ولن تسفك فيها قطرة دم.
عقب إعلان إذاعة صنعاء نبأ الإقالة بعد منتصف الليل اتصلت بالملحق العسكري الروسي العقيد/ نزاروف وطلبت مقابلته في سكنه بقاع العلفي ووافق، فتحركت إلى منزل الملحق العسكري الروسي ومعي الأخ يحيى المتوكل والطيار محمد الديلمي كونهما درسا في روسيا ويتكلمان الروسية، وفي منزل الملحق العسكري وجدناه في انتظارنا مع السفير الروسي، رحما نوف وكان حديثنا مع السفير والملحق مركزاً على نقطتين هامتين.
النقطة الأولى: هي أن الحركة كانت ضرورية وحتمية لإنقاذ الثورة والجمهورية اليمنية من الانهيار وأن قيادة الحركة على رأسها القائم بأعمال رئاسة الجمهورية المناضل القاضي عبدالرحمن الإرياني، وأنه لاتغيير في السياسة اليمنية الخارجية وإن اليمن تمر بمرحلة صعبة ومعقدة كون حليف اليمن «مصر» ماكان يسمى آنذاك الجمهورية العربية المتحدة قد انسحب كلياً من اليمن عقب نكسة يونيو التي سببها احتلال إسرائيل للأراضي العربية في سيناء والضفة الغربية والجولان وغزة بينما كان حليف عدونا من القوى الظلامية والرجعية الإمامية والمرتزقة الأجانب الدوليين قدم لهم كل الدعم والمساندة من أجل إسقاط النظام الجمهوري.
والنقطة الثانية: هي أننا كحركة تحرر وطني حاربنا الرجعية والاستعمار في وقت واحد، ولن نسمح بعودة عقارب الساعة إلى الوراء، وكما وقف الاتحاد السوفيتي مع حركات التحرر الوطني في العالم ومع العالم العربي في نضاله العادل ضد الاستعمار والصهيونية ومع الثورة اليمنية منذ اندلاعها، فإن بلادنا اليوم في أشد الحاجة إلى المساعدة العسكرية السوفيتية، وبالأخص في مجال تشكيل القوة الجوية وكذلك إمداد اليمن بالأسلحة والذخائر المختلفة كون مستودعاتنا شبه خاوية من المعدات، وقد استمر الحوار مع السفير والملحق العسكري السوفيتي حتى بزوغ الشمس في صباح اليوم التالي وفي الأخير أكد السفير رحمانوف وهو مسلم بضرورة الدعم بالمعدات من أجل الصمود وأبدى رغبته في مقابلة رئيس المجلس الجمهوري القاضي عبدالرحمن الارياني ليؤكد له أن مادار بيننا من حديث يمثل وجهة نظر الحكومة اليمنية الجديدة رسمياً فأجبته:«لك ماتريد».
الدعم السوفيتي لجبهات القتال
انطلقت فوراً إلى منزل الشيخ عبدالله الأحمر فوجدت القاضي/عبدالرحمن الارياني والأستاذ/محسن العيني والقاضي/عبدالسلام صبره والشيخ/محمد علي عثمان والأستاذ/يحيى الشامي وعدداً أخر لاتسعفني الذاكرة بتذكرهم وهم يتناولون الفطور فأبلغت الاخوة بالحديث الذي تم مع السفير الروسي وبرغبته في مقابلة رئيس المجلس الجمهوري القاضي/عبدالرحمن الارياني وحدد الموعد بالساعة التاسعة صباحاً بالقصر الجمهوري الموافق 6 نوفمبر 1967.
التقى السفير الروسي رحمانوف بالقاضي/عبدالرحمن الارياني ومعه الملحق العسكري نزاروف فبادر القاضي/عبدالرحمن الإرياني بمخاطبة السفير أن الحديث الذي دار بينكم وبين العقيد حمود بيدر وزملائه يعبر عن رغبتنا الصادقة في تعزيز العلاقات اليمنية السوفيتية وأننا نمر بمرحلة صعبة للغاية وحاجة ماسة إلى المساعدات العسكرية والمنقولة جواً وذلك بحسب الكشف الذي سيقدم لكم من رئاسة الأركان فابتسم السفير وقال بالحرف الواحد: لقد أبلغت موسكو قبل أن أصل إليكم وأكدت لموسكو ضرورة مساعدة الثورة اليمنية بصورة عاجلة.
في ذلك الصباح شكلت حكومة برئاسة الأستاذ/محسن العيني وقبلها بصعوبة بحجة وجود من هو أكفأ منه في ذلك المنصب وهما: الوالد/عبدالسلام صبرة والشيخ/محمد علي عثمان، أصر الجميع على أن يشكل الحكومة محسن العيني فأعلنت الحكومة وكان بيانها الأول يدعو للسلام والمصالحة بهدف استقطاب الطرف الآخر وسافر محسن العيني لزيارة بعض الدول العربية بوفد رسمي رفيع المستوى لشرح وجهة نظر الحكومة الجديدة للجمهورية العربية اليمنية «آنذاك» رغبتها في تحقيق السلام وأن الجمهورية العربية اليمنية ترغب في إقامة علاقات طيبة وطبيعية مع السعودية وخصوصاً بعد انسحاب القوات المصرية من اليمن.
استقالة العيني
وعاد الأستاذ/محسن العيني إلى صنعاء وقدم استقالته من رئاسة الحكومة ليفسح المجال بتشكيل حكومة قوية لمواجهة الوضع العسكري المتأزم، كان الفريق/حسن العمري قد عاد من القاهرة إلى صنعاء فكلفه رئيس المجلس الجمهوري بتشكيل حكومة جديدة وعين نائباً للقائد الأعلى للقوات المسلحة.
الجسر الجوى السوفيتي
وفي «7 نوفمبر» بدأت طلائع الجسر الجوى السوفيتي تصل تباعاً إلى مطار «الرحبة الدولي» وهي محملة بمختلف المعدات ا لعسكرية ومنها وصول الطائرات ميج 17 مقاتلة»«وطائرات اليوشن 28 قاذفة» مع «بنزين الطائرات والزيوت والأسلحة والذخيرة»فتحول مطار الرحبة إلى خلية نحل تصل المعدات تباعا كل صباح.
وفي هذه الاثناء ارتفعت معنويات جنودنا في مختلف المواقع وبدأت تقوم بالاغارات على مواقع المرتزقة الأجانب والملكيين وغنمت الكثير من معدات العدو وأسرت الكثير من أفرادهم وفي «17 نوفمبر» تعرض مطار صنعاء الدولي للضرب من قبل المرتزقة والملكيين من جهة مرتفعات بني حشيش بقيادة قاسم منصر،فقررت القيادة السياسية نقل الطائرات من مطار الرحبة إلى الحديدة واستقبال المعونات العسكرية في مطار الحديدة.
وفي هذه الاثناء تمكن المرتزقة والملكيون من قطع طريق صنعاء تعز من جهة نقيل يسلح وبدأ الضرب المدفعي يقترب من مدينة صنعاء من جهة جبل حروة وظفار وعيبان.
وفي «20 نوفمبر» طلب الاتحاد السوفيتي عن طريق السفير بصنعاء رغبة موسكو بوصول وفد رسمي عسكري وسياسي يمني إلى موسكو، فشكل الوفد السياسي برئاسة الدكتور حسن مكي وزير الخارجية والاستاذ علي المطري وزير المواصلات،والوفد العسكري مكون من العقيد حمود بيدر عضو مجلس الدفاع الاعلى والعقيد علي الضبعي والعقيد طيار محمد الديلمي وانضم إلى الوفد العسكري بموسكو الملحق العسكري اليمني العقيد علي عثرب.
وغادرنا صنعاء في 21 نوفمبر واستقبلنا في مطار موسكو استقبالاً رسمياً وكان على رأس المستقبلين الجنرال زحاروف رئيس الاركان للقوات المسلحة السوفيتية والتقينا أولاً بوزير الخارجية السوفيتي السيد قروميكو بوزارة الخارجية في اليوم التالي التقينا بوزير الدفاع المرشال غريشكو،وعرضنا عليه كشوفات باحتياجات الجيش اليمني من المعدات المختلفة وكانت المحادثات شاقة وأكدنا للأصدقاء الروس أن هناك عدواناً امبريالياً رجعياً مدججاً بأحدث الأسلحة يقوم بقصف العاصمة صنعاء بالصواريخ والمدفعية بعيدة المدى وأن الجمهورية اليمنية قيادة وحكومة وشعباً قد عقدت العزم على التصدي لهذا العدوان الهمجي الغاشم مهما كان الثمن،ووعدنا وزير الدفاع خيراً.
تعزيز الموقف الدولي المساند
وفي 26 نوفمبر زارنا بموسكو الوفد السوري برئاسة رئيس الحكومة السورية الدكتور يوسف زعين ومعه الدكتور إبراهيم ماخوش نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وأحمد سويدان رئيس الأركان للجيش السوري وشرحنا لهم صعوبة الوضع العسكري بصنعاء وأننا ما زلنا في انتظار رد الزعامة السوفيتية في استكمال دعم اليمن بالمعدات الدفاعية المختلفة ووعدنا الاخوة السوريون باقناع الحكومة السوفيتية بمواصلة تقديم الدعم والمساعدة العسكرية لليمن ولو أدى ذلك على أن تُسجل قيمتها على حساب الحكومة السورية،فشكرنا موقفهم علماً بأن سوريا ساعدت اليمن بأطقم من الطيارين والفنيين والمتخصصين في استخدام القاذفات ال «يوشن 28». وفي صباح يوم 20 نوفمبر التقينا رئيس الوزراء السوفيتي السيد كوسجين ومعه وزير الدفاع في قصر الكرملين،وابلغنا بموافقة الحكومة السوفيتية على استمرار الدعم لليمن،وأن طائرات النقل العملاقة السوفيتية قد عادت من جديد بنقل المعدات المختلفة،وهي حالياً تفرغ حمولاتها في مطار الحديدة،وقد كانت فرحتنا غامرة حتى وصلت هذه الفرحة إلى البكاء،وشكرنا الحكومة السوفيتية على هذا الموقف الإنساني العظيم الذي لن ينساه الشعب اليمني إلى الأبد.
دعابة سوفيتية
ثم طرح الوفد اليمني طلباً آخر من الحكومة السوفيتية لإعارة اليمن بعض الطيارين الروس ولمدة أسبوع فقط حتى يتمكن الطيارون اليمنيون من الطيران نظراً لمنعهم من الطيران منذ عودتهم من روسيا ومصر وسوريا والعراق منذ أكثر من عام،فضحك رئيس الوزراء السوفيتي السيد كوسجين وقال: سنبلغ طيارينا بمداعبة المرتزقة» ووعدنا خيراً.
وبفضل الله تعالى ثم فضل كفاءة واخلاص زملائنا الطيارين الحربيين اليمنيين استطاعوا أن يحلقوا بالطائرات «ميج 17 المقاتلة» ومنذ الأيام الأولى لوصولها وقاتلوا بمقدرة عالية فدمر مراكز وتجمعات العدو الخلفية،ولقنوه درساً لن ينساه وبرهنوا للعدو قبل الصديق أنهم أشجع الشجعان.
وفي صباح يوم 9نوفمبر عاد الوفد من موسكو إلى اليمن ووصلنا إلى مطار الحديدة صباح يوم «30 نوفمبر»وعاد معنا من القاهرة الأخ حسين الدفعي ووجدنا في مطار الحديدة طائرة سعودية مدنية «كونفير» فسألنا الأخ عبدالعزيز البرطي قائد الحديدة عن سبب وصولها والعلاقات مقطوعة بين بلادنا والسعودية،فأبلغنا أنها جاءت لنقل اللواء عبدالقادر حسن قائد القوات المصرية وفي عصر يوم «30 نوفمبر» غادرت الطائرة السعودية إلى جدة وكان عتابنا شديداً مع الاخوة الطيارين السعوديين وحملناهم رسالة مفتوحة إلى دولتهم وهي مناشدة المملكة السعودية بإيقاف دعم ما يسمى:بالملكيين والتفاوض مباشرة مع حكومة الجمهورية العربية اليمنية «آنذاك» الممثل الشرعي والوحيد لتطلعات وآمال الشعب اليمني المحب للسلام.
وفي المساء سمعنا من إذاعة لندن شكوى السعودية باليمن لأول مرة منذ عام 19962م،وعصر هذا اليوم من 30نوفمبر غادر عدن والجنوب آخر جندي بريطاني بعد احتلال دام قرابة «139» عام وكان استقلال الجنوب نصراً تاريخياً للشعب اليمني كله جسد أعظم الملاحم،ورداً قوياً للصهيونية وأسيادها وعملائها.
عقب قيام حركة «5 نوفمبر» ركزت القيادة العسكرية والسياسية والشعبية الجديدة على وضع تصورات إيجابية تقود البلاد إلى الصمود والانتصار خلال الخطوات التالية:-
1 العمل على تحقيق وحدة كل القوى الوطنية والتقدمية والجمهورية.
2 الاعتماد على النفس من خلال العمل على تحقيق ذاتية الثورة اليمنية والاعتماد على الجماهير.
3 العمل على تشكيل المقاومة الشعبية في صنعاء وفي مختلف المدن اليمنية ينطوي تحت لوائها كل القادرين على حمل السلاح.
4 الاسراع بتشكيل القوة الجوية اليمنية الوليدة.
5 إعادة توزيع القوات المتواجدة بصنعاء بما يتناسب مع الوضع الجديد.
6 تحويل الحرس الجمهوري إلى وحدة مقاتلة سُميت باللواء العاشر مشاة. 7 تشكيل قوة ضاربة من القوات المسلحة والقوات الشعبية من محافظة البيضاء،وذمار،وإب،وتعز،والحديدة،بقيادة العميد عبداللطيف ضيف الله والشيخ أحمد عبد ربه العواضي ومعهما نخبة شريفة ووطنية من الضباط ومشائخ هذه المحافظات من أجل فك الحصار عن العاصمة صنعاء.
جبهة الحيمة الخارجية
وقد تجمعت هذه القوة الضاربة في مدينة الحديدة،وتحركت باتجاه صنعاء وقدم لها الدعم والمساندة من قبل رئيس المجلس الجمهوري القاضي عبدالرحمن الارياني المقيم بالحديدة،ومحافظ الحديدة الشيخ سنان أبو لحوم وفي منطقة حراز استقبل هذه الحملة المباركة عامل حراز الشيخ نعمان بن قائد بن راجح وقاد حراز العميد أحمد صالح دويد وأصحابهم،وواصلت هذه الحملة زحفها حتى وصلنا الحيمة الخارجية،واستقبلنا الشيخ حمود الصبري وأصحابه وفي بني مطر كان في استقبال الحملة الشيخ أحمد علي المطري وأصحابه.
وتم تدمير مواقع المرتزقة في الحيمة وبني مطر والاستيلاء على أسلحتهم وأسر الكثير منهم حتى وصلت الحملة إلى «متنة» بفضل عزيمة الرجال وحب اليمنيين جميعاً لعاصمتهم صنعاء،وفي هذه الأثناء كانت القوات الصامدة في صنعاء قد استولت على جبل عيبان،وضفار بعد أن دمرت المواقع الصاروخية التي كانت تضرب العاصمة صنعاء،وفك الحصار عن صنعاء،وفتح طريق صنعاء الحديدة في 8 من فبراير 1968م،وتم دحر العدو وتوالت الانتصارات بانضمام المغرر بهم بما يسمى:الملكيين أولهم الفريق قاسم منصر مع قواته الذي استقبله الفريق حسن العمري، والقاضي عبدالرحمن الأرياني رئيس المجلس الجمهوري.
إن قيام حركة 5 نوفمبر التصحيحية والصمود والانتصار في حصار السبعين يوماً يسجل في مجلدات تُدون أهم الأحداث العظيمة التي خاضها شعبنا اليمني،وسوف يسجل التاريخ بأن إرادة الشعوب هي من إرادة الله التي لاتقهر «إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم».
ولأن التاريخ ذاكرة الشعوب فإنني أحيي كل الأبطال والأحرار والشرفاء الذين دافعوا عن صنعاء حتى تحقق النصر،وأحيي قواتنا المسلحة الباسلة ممثلة في القوات الجوية الوليدة.. رجال المدفعية البواسل الذين دكوا مواقع العدو،أحيي رجال الصاعقة والمظلات المغاوير، أحيي رجال الكلية الحربية الذين صمدوا في مواقع جبل نقم،وأحيي طلبة كلية الشرطة وجنودها الذين صمدوا في مطار الرحبة، أحيي رجال المدرعات البواسل ولواء النصر الذي صمد في جبل براش واللواء العاشر الذي رابط في المرتفعات الغربية المطلة على العاصمة صنعاء،أحيي الضباط والجنود الذين صنعوا النصر الخالد، أحيي رجال المقاومة الشعبية الباسلة الذين قاتلوا في مختلف المواقع العسكرية مع رجال القوات المسلحة.
كما أحيي رجال التوجيه المعنوي ورجال الإذاعة والإعلاميين الشرفاء الذين غطوا سير المعارك بكفاءة عالية.. وكل أبناء القبائل الشرفاء الذين هبوا للدفاع عن صنعاء من إخواننا مشايخ وقبائل حاشد وبرط وصعدة وحجة وعمران وصنعاء وفي مقدمتهم الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر والشيخ مجاهد أبو شوارب والشيخ عبدالله دارس والشيخ صالح بن ناجي الرويشان.
أحيي قائد الانتصار والصمود الفريق حسن العمري رحمه الله ومعه الأبطال من ضباط وصف وجنود القوات المسلحة فسجلوا جميعاً انصع الصفحات في تاريخ اليمن المعاصر.. المجد لليمن والخلود للشهداء،والانتصار والحرية والديمقراطية والوحدة للشعب اليمني الوفي الصامد..
تحية للرئيس القائد المشير علي عبدالله صالح الذي أصر على تدوين وقائع حصار «السبعين يوماً» بيد ولسان من عايشها لتكون دروساً مستفادة للأجيال القادمة ولا غرو فإنه أحد أبطال ملحمة السبعين يوماً.
وتحية لدائرة التوجيه المعنوي وعلى رأسها الأخ مدير الدائرة العميد علي حسن الشاطر.
خلفية سياسية
أما مشاركة المناضل علي لطف الثور فقد جاءت حول «الخلفية السياسية والأبعاد الاجتماعية لحصار السبعين» أوضح فيها أن الإمام المخلوع محمد البدر بن أحمد حميد الدين،آخر الأئمة في اليمن ومن معه من أفراد الأسرة وأعمدة ورجال الحكم السابق الذين فروا معه أو كانوا خارج العاصمة صنعاء يوم قيام الثورة،قد استقبلوا وحشدت لهم كل الامكانات لاسقاط النظام الجمهوري،وكانت كل محاولاتهم المستميتة وكل جهودهم هي الاقتراب من العاصمة صنعاء واسقاطها وذلك منذ 26 سبتمبر 1962م إلى أواخر مارس 1970م وخلال تلك المحاولات وحصار السبعين الذي بدأ في 28 نوفمبر عام 1967م،توفرت لهم الأموال الطائلة والامدادات الهائلة من الأسلحة ووسائل النقل والتواصل والمعدات العسكرية الحديثة والمتطورة الغربية من صواريخ ومدافع وأسلحة فردية وخبرات عسكرية أمريكية وفرنسية وغيرها إلى جانب القوة البشرية بما يزيد عن «85» ألف شخص،والمتزامن مع الدعم السياسي الكبير للاعتقاد الراسخ لديهم والمخططين والداعمين والممولين لهم بأن النظام الجمهوري لن يصمد هذه المرة ولن تفلت العاصمة صنعاء أو ستعصى عليهم من السقوط اعتماداً على مؤشرات بالضعف وتصورات للاختلاف والانشقاق في الصف الجمهوري الذي خاضة في أواخر عام 1966م،والنصف الأول من عام 1967م والذي شكل الخلفية السياسية لمعطيات عدم توازن القوة لصالحهم،كما تأكد لهم حتمية الانتصار الموهوم وسقوط العاصمة صنعاء والنظام الجمهوري استناداً على معطيات الخلفية السياسية..
معطيات سياسية
وذكر علي لطف الثوران معطيات الخلفية السياسية تجسدت في كلاً مما يأتي:-
الوضع السياسي العربي بعد الهزيمة العربية في حرب يونيو 67م،الذي أخلّ بالموازين السياسية في المنطقة العربية وحجم قوة وفاعلية قوى التحرر العربي والدور التحرري للجمهورية العربية المتحدة «مصر» لصالح قوى الرجعية العربية والتوجه الغربي برأسمالي،وكذا استغلال الوضع الحرج للجمهورية العربية المتحدة «مصر» عسكرياً وسياسياً بعد الحرب من قبل القوى المعادية والمتربصة بالدور المصري في اليمن وذلك على المستوى الداخلي والعربي والخارجي للمطالبة بالانسحاب من اليمن والذي طرح في قمة الخرطوم العربية في 29/8/67م
التي تبنت إتفاقاً ثنائياً بين مصر والسعودية يقضي بانسحاب القوات المصرية من اليمن ووقف الدعم السعودي للملكيين، إلتزام العاجل من قبل مصر بالانسحاب والذي بدأ في 10/9/67م والاعلان بالانتهاء فيه في 15/12/67م ولم تلتزم السعودية بوقف الدعم، إلى جانب الانشقاقات والانقسامات في الصف الجمهوري القائم قبل الحصار وبعد حركة 5 نوفمبر التي راهن عليها الملكيون بتحقيق النصر واسقاط النظام الجمهوري،ومن المعطيات السياسية الهزة السياسية في قمة الهرم السياسي الجديد وذلك باستقالة عضو المجلس الجمهوري لحركة 5 نوفمبر والمشكل برئاسة القاضي عبدالرحمن الارياني وعضوية الأستاذ أحمد محمد نعمان والشيخ محمد علي عثمان،وما أحدثته هذه الاستقالة من انعكاسات سلبية على المشهد السياسي الجديد داخلياً وخارجياً،كما أعقبها في 21/12/67م تخلي أول رئيس لمجلس الوزراء الأخ محسن العيني عن منصبه خلال وجوده في مهمة رسمية خارج البلاد في الوقت الذي بدأ فيها الحصار العسكري للعاصمة صنعاء في 28/11/1967م.
ويضيف الثور: إن أهم وأخطر العوامل التي استند إليها الملكيون في خطة الزحف على العاصمة ومحاصرتها هو الجانب العسكري وتحكمه في الوضع السياسي المستقبلي بناءً على انسحاب القوات المصرية بعدتها وعتادها وكل أسلحتها وقواتها التي كان الجمهوريون يعتمدون عليها بشكل كبير خاصة فيما يتعلق بالعتاد والتمويل.. كما أن الطرف المعادي للنظام الجمهوري وضع في حسابه أن هناك إنقساماً وصراعاً سيحدث في الصف العسكري والمدني للجمهوريين نتيجة تعدد أفكارهم وتوجهاتهم الحزبية.
عزلة دولية
كما أشار إلى أنه إلى جانب الخلفية السياسية للحصار على المستوى الداخلي فإنه على المستوى القومي والدولي فإن اليمن بعد الخامس من نوفمبر 1967م وجدت نفسها في وضع سياسي غامض ومعزول أمام عدد من الاشقاء والاصدقاء الحاليين نظراً لتوقف الدعم العسكري والسياسي والفني الذي كان يأتي من مصر مباشرة.
أو من الدول الأخرى وأصبحت اليمن شبه منسية ومهددة بالافتراس السريع قبل أن يتمكن النظام من الامساك بخيوط العملية السياسية الداخلية والخارجية.
الأمر الذي قوى نوازع الغرور لدى الملكيين في إمكانية سقوط عاصمة الجمهورية والثورة في أيديهم.
فك الحصار
وبعد ذلك تناول علي لطف الثور الخلفية السياسية لفك الحصار في 8 فبراير 1968م من خلال شرح المتغيرات السياسية على المستوى الوطني وعلى مستوى العلاقات الثنائية لليمن مع الدول الأخرى ومن هذه المتغيرات،تماسك الجبهة الداخلية إثر العدوان على المدنيين لأول مرة وتوحدت كل القوى والتوجهات والاتجاهات وزالت كل عوامل الاختلاف في المواقف السياسية،وانخرط الشباب من كل المناطق في المقاومة الشعبية التي بدأ نشاطها في 30/11/67م،إضافة إلى تحقيق استقلال جنوب الوطن في 30 نوفمبر 1967م الذي أضاف شريكاً وطنياً لمواجهة الهجمة الغادرة والشرسة على الثورة والنظام الجمهوري وتعزيز قوة وجاهزية المقاومة الشعبية من فدائيين ومتطوعين،وكذا الامداد المباشر من الاتحاد السوفيتي من خلال جسر جوي من الاسلحة والمعدات العسكرية والخبراء العسكريين وخاصة في مجال الطيران الحربي إلى جانب الدعم السياسي على المستوى الدولي،وأيضاً المبادرة السورية في الدعم العسكري والسياسي إلى جانب المساندة والدعم من العراق الشقيق وإعادة الحيوية للعلاقات اليمنية المصرية وتأييدها وضمها للنظام الجمهوري،وكذلك الموقف المتميز لجمهورية الصين الشعبية بالدعم والصمود مع الجمهوريين أعقد المهام خلال فترة الدفاع عن الثورة من يومها الأول والذود عن العاصمة من كل الاخطار وخوض المعارك الشرسة في شتى مناطق الجمهورية.. إضافة إلى ذلك فقد كان العامل الحاسم في تحقيق النصر ودحر الحصار هو الصمود الاسطوري والعمل الفدائي للقوات المسلحة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.