الشيخ هاني بن بريك يعدد عشرة أخطاء قاتلة لتنظيم إخوان المسلمين    حزب الرابطة أول من دعا إلى جنوب عربي فيدرالي عام 1956 (بيان)    الأحلاف القبلية في محافظة شبوة    السعودية تعيد مراجعة مشاريعها الاقتصادية "بعيدا عن الغرور"    في ذكرى رحيل الاسطورة نبراس الصحافة والقلم "عادل الأعسم"    نداء إلى محافظ شبوة.. وثقوا الأرضية المتنازع عليها لمستشفى عتق    باريس سان جرمان بطلا للدوري الفرنسي    طلاب جامعة حضرموت يرفعون الرايات الحمراء: ثورة على الظلم أم مجرد صرخة احتجاج؟    كيف يزيد رزقك ويطول عمرك وتختفي كل مشاكلك؟.. ب8 أعمال وآية قرآنية    مذكرات صدام حسين.. تفاصيل حلم "البنطلون" وصرة القماش والصحفية العراقية    النضال مستمر: قيادي بالانتقالي يؤكد على مواجهة التحديات    كيف حافظ الحوثيون على نفوذهم؟..كاتب صحفي يجيب    جماعة الحوثي تعلن حالة الطوارئ في جامعة إب وحينما حضر العمداء ومدراء الكليات كانت الصدمة!    عودة الحوثيين إلى الجنوب: خبير عسكري يحذر من "طريق سالكة"    أسئلة مثيرة في اختبارات جامعة صنعاء.. والطلاب يغادرون قاعات الامتحان    "جيل الموت" يُحضّر في مراكز الحوثيين: صرخة نجاة من وكيل حقوق الإنسان!    الدوري الانكليزي الممتاز: مانشستر سيتي يواصل ثباته نحو اللقب    هيئة عمليات التجارة البريطانية تؤكد وقوع حادث قبالة سواحل المهرة    الوزير الزعوري يطّلع على الدراسة التنموية التي أعدها معهد العمران لأرخبيل سقطرى    يوميا .. إفراغ 14 مليون لتر إشعاعات نووية ومسرطنة في حضرموت    كل 13 دقيقة يموت طفل.. تقارير أممية: تفشٍّ كارثي لأمراض الأطفال في اليمن    طوارئ مارب تقر عدداً من الإجراءات لمواجهة كوارث السيول وتفشي الأمراض    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على نيو إنجلاند برباعية في الدوري الأمريكي    بايرن ميونيخ يسعى للتعاقد مع كايل ووكر    البنك الإسلامي للتنمية يخصص نحو 418 مليون دولار لتمويل مشاريع تنموية جديدة في الدول الأعضاء    الدوري الانكليزي الممتاز: ارسنال يطيح بتوتنهام ويعزز صدارته    اشتراكي الضالع ينعي رحيل المناضل محمد سعيد الجماعي مميز    العليمي يؤكد دعم جهود السعودية والمبعوث الأممي لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن    الشبكة اليمنية تدين استمرار استهداف المليشيا للمدنيين في تعز وتدعو لردعها وإدانة جرائمها    من هنا تبدأ الحكاية: البحث عن الخلافة تحت عباءة الدين    الفنانة اليمنية ''بلقيس فتحي'' تخطف الأضواء بإطلالة جذابة خلال حفل زفاف (فيديو)    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    بالصور.. محمد صلاح ينفجر في وجه كلوب    مئات المستوطنين والمتطرفين يقتحمون باحات الأقصى    وفاة فنان عربي شهير.. رحل بطل ''أسد الجزيرة''    أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني    ضبط شحنة أدوية ممنوعة شرقي اليمن وإنقاذ البلاد من كارثة    مجهولون يشعلون النيران في أكبر جمعية تعاونية لتسويق المحاصيل الزراعية خارج اليمن    تضامن حضرموت يحسم الصراع ويبلغ المربع الذهبي لبطولة كرة السلة لأندية حضرموت    شرطة أمريكا تواجه احتجاجات دعم غزة بسلاح الاعتقالات    فريدمان أولا أمن إسرائيل والباقي تفاصيل    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    اليمنية تنفي شراء طائرات جديدة من الإمارات وتؤكد سعيها لتطوير أسطولها    وصول أول دفعة من الفرق الطبية السعودية للمخيم التطوعي بمستشفى الأمير محمد بن سلمان في عدن (فيديو)    القات: عدو صامت يُحصد أرواح اليمنيين!    وزارة الحج والعمرة السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية وتؤكد أنه لا حج إلا بتأشيرة حج    «كاك بنك» يدشن برنامج تدريبي في إعداد الخطة التشغيلية لقياداته الإدارية    الذهب يتجه لتسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    «كاك بنك» يشارك في اليوم العربي للشمول المالي 2024    أكاديمي سعودي يلعنهم ويعدد جرائم الاخوان المخترقين لمنظومة التعليم السعودي    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    لحظة يازمن    لا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالله الراعي:حركة 5 نوفمبر 76 الغرض منها إنقاذ الثورة وليست عداءً للسلال
قصة ثورة وثوار
نشر في الجمهورية يوم 18 - 09 - 2008

لم يكن الحوار مع عبدالله الراعي سهلاً، لأن الرجل ظل يخبئ أسراراً طمرتها أحداث مرت عليها 54عاماً، أي منذ اندلاع الثورة اليمنية في السادس والعشرين من شهر سبتمبر «أيلول» من العام 2691م، ولأن الأحداث لا تروى من الذاكرة فقط، بل ومن الوثائق أيضاً، فإن هذا الحوار استمر لعدة أشهر، في محاولة لتوثيق مراحل لم يمط اللثام عنها منذ فترة طويلة، ومحاولة لاستعادة تاريخ يحاول الكثير طمسه ومحوه من ذاكرة الأجيال اللاحقة للثورة اليمنية.
عودة السياسيين من القاهرة
نصل إلى قضية عودة السياسيين والعسكريين والضباط الذين كانوا معتقلين في القاهرة إلى صنعاء، فبعدها بدأت التحركات لإقالة السلال، كيف بدأت التهيئة لهذه القضية؟
وصل الجميع إلى الحديدة وعلى رأسهم القاضي عبدالرحمن الإرياني، أما الأستاذ النعمان فقد تأخر واعتذر عن العودة إلى اليمن نهائياً، لهذا جاء حصار السبعين يوماً وهو في المملكة أو لبنان. وأدت التصريحات التي أطلقها ومفادها أن”الذين يقاتلون على أبواب صنعاء هم الشيوعيون” إلى اتخاذ قرار ضده بنزع الجنسية عنه وسحب جواز السفر وكان موقف النعمان هذا مفجعاً، وهو الأستاذ الكبير المناضل، عكس موقف الإرياني وكذا الفريق حسن العمري عندما وصل العائدون من القاهرة تكونت لجنة من المشير السلال وجزيلان وعبده عثمان محمد وآخرين من الطرف الحاكم، بالإضافة إلى من هم في الخارج ومن كانوا في الخارج على رأسهم القاضي الإرياني ومحسن العيني، الذي جاء من سوريا والشيخ عبدالله بن حسين الأحمر وسنان أبو لحوم على أساس تصفية النفوس والقلوب ومناقشة الحاضر والمستقبل وتجاوز ماحدث في الماضي ومجابهة المخاطر وإغلاق الملفات كاملة باعتبار الجمهورية في خطر. كان يوجد تفاهم بين الطرفين، وحدد الوفد الذي يتكون مع المشير السلال، جزيلان، ومن يرى أن يكون معه، لكن الكثير من الوزراء سافروا إلى مصر خائفين من سقوط الثورة، والحساسيات التي كانت سائدة منعت من إغلاق الملف.
سافر المشير السلال إلى بغداد ومنها كان سيتوجه إلى موسكو للحصول على صفقة أسلحة للدفاع عن الثورة والجمهورية، باعتبار الاتحاد السوفيتي حليفاً وصديقاً وداعماً للجمهورية مع المنظومة الاشتراكية، والذهاب إلى العراق للحصول على العون المالي، لأننا لم نجد في خزانة الدولة سوى 001 ألف ريال بعد خروج القوات العربية من صنعاء. كان سفير الاتحاد السوفيتي رحماتوف على علم بأن شيئاً سيحدث، كان يعتقد أنه من المستحيل أن يسافر السلال ولايحدث شيء.في ليلة سفر السلال إلى العراق كان السفير السوفيتي عند السلال وأبلغه أنه لالزوم للسفر، واقترح عليه أن يذهب وفد آخر، وقال له:”يوجد شيء ضدك والحال في اليمن لايحتمل أية خطوة بشكل انقلاب أو غيره”، لكن السلال تجاهل حديث السفير السوفيتي وسافر إلى بغداد.
هل كان السلال على قناعة أن هناك شيئاً سيحدث؟
السلال كان يشعر بقدوم التغيير، ويعتبر أن بقاءه قد يحدث مواجهات مع خصومه، لكن لو بقي هنا- وهذا حسب قناعتي- وتم الالتزام بما اتفقوا عليه هو والقاضي الإرياني ماكان سيحصل أي انقلاب، سيدخل الناس في صف واحد للدفاع عن الثورة والجمهورية وبدء صفحة جديدة.
هل كان الطرفان جادين فيما يتعلق بفتح صفحة جديدة؟
نعم.
ألم يكن هناك طرف يحضر للانقلاب على السلال؟
الطرف الذي كان محسوباً على القاضي الإرياني كان جاداً، لكن الطرف الآخر كان فيه أشخاص غير جادين، ومنهم عبدالله جزيلان الذي يشك في ظله، إضافة إلى الآخرين الذين لم يحسنوا التصرف في عام 66 عندما كانوا مسؤولين ووزراء، كان عندهم شك، وهؤلاء ربما يكونون قد أثروا على المشير السلال، إضافة إلى أنه كان لدى السلال بعض الحساسية من بعض الشخصيات القبلية بالذات .
مغادرة السلال
متى غادر السلال إلى بغداد؟
أعتقد كان ذلك في 3 نوفمبر من عام 76.
لماذا سافر السلال من الحديدة وليس من صنعاء؟
لم يكن مطار الرحبة بصنعاء جاهزاً لهبوط وإقلاع الطائرات ، وبخاصة الطائرات الكبيرة.
كيف تصرفتم بعد سفر السلال؟
العائدون من خمر وعلى رأسهم الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر التقوا بالقاضي الإرياني وتم الاتفاق على ضرورة التحرك، لأننا شعرنا بأن السلال غير مقتنع وغير مطمئن لكل ماجرى من حوارات واتفاقات، وكان البلد لايحتمل الصبر، والجمهورية على حافة التدمير والانهيار. اقتنع الإرياني بالانقلاب، وجاء هذا الاقتناع بعد الاتفاق الذي تم في صنعاء، وفي أول اجتماع تحضيري ضم مجاهد أبو شوارب وعبدالملك الطيب وعبدالله الراعي وكل الضباط الموجودين هنا وهو الاجتماع الذي تم في منزلي، اتفقنا على ضرورة النشاط في أوساط الجيش في ليلة ويوم، واتفقنا كلنا بمختلف اتجاهاتنا وانتماءاتنا، كبعثيين وحركيين أولاً وطلائع ماركسية وقوى وطنية مستقلة، ومن خلفهم من قوى مدنية على ضرورة التغيير وعلى أساس أن نشارك في التنفيذ والتحرك، أما المشايخ فقد تفاهم معهم الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر.
متى عقدتم اجتماعاتكم هذه؟
في الرابع من نوفمبر من عام 7691.
كانت تلك الساعات الأخيرة في حكم السلال؟
نعم، لكن هذا التحرك لم يكن حقداً على المشير السلال ولاطمعاً في السلطة بل إنقاذ الثورة والجمهورية، هذا كان الغرض من حركة 5 نوفمبر، والتي كان لها أهداف سامية، اتحدنا جميعاً البعثي والحركي والطلائع الماركسية، والمستقلون داخل الجيش وخارجه، فكانت قيادة البعث في منزل أحمد حسين الجرادي- شفاه الله- وكانت قيادة الحزب وقيادة حركة القوميين العرب في مقر قوات الصاعقة، والمشايخ كان مقر قيادتهم في منزل الشيخ الأحمر، والسياسيون وعلى رأسهم القاضي الإرياني كان مقر قيادتهم منزل الشيخ محمد علي عثمان في «بير خيران» والكل مجمعون على التغيير.
كيف تم التحرك ليلة 4-5 نوفمبر للإطاحة بحكم المشير السلال؟
تم التحرك بكتيبة الدبابات T34 وبقوات الصاعقة والمظلات وقوات الكلية الحربية باتجاه منزل المشير السلال وكنا قبل ذلك أرسلنا وفداً برئاسة المقدم أحمد الجنداري وعضوية عبدالرحمن حمزة إلى مقر الحرس الجمهوري بحكم علاقتهما وصداقتهما بضباط المقر، ومنهم النقيب أحمد العماد والنقيب علي محمد العلفي بغرض تحييد المدرعات الموجودة لدى الحرس وعددها 6، فجرى اعتقال الجنداري وحمزة في مقر الحرس الجمهوري، الذي كان يقع بين بيت السلال والإذاعة ومعسكر الحرس الذي هوالآن مبنى مصلحة الطرق. وعند اعتقال الزميلين تم الحوار مع العقيد محمد القواس وكان صديقاً ولطيفاً وعاقلاً ومع نائبه المقدم يحيى الفقيه وهو زميل من دفعتنا، قالا إذا ضمنتم بيت السلال وأثاثه وممتلكاته فنحن معكم، قلنا”ونحن معكم”.
أطلقوا سراح الجنداري وحمزة وحيدنا الحرس في منزل السلال وحرس المعسكر، وصعد القواس والفقيه إلى مبنى القيادة وكان موجوداً فيه أنا ومجموعة من الضباط وكان على رأسنا العميد محمد علي الأكوع باعتباره أقدم رتبة عسكرية وليس أكثر فعالية، وأعلن القواس والفقيه الوقوف مع الحركة والتغيير، المهم، أن لايتعرض منزل السلال إلى أي أذى، وهذا الذي حصل.
أما الحرس الجمهوري فقد تم تحييده ليلة الحركة، وبقيت معنا الإذاعة التي كانت معززة بعدد كبير من الحرس الجمهوري ومدعمة ب 4 دبابات و7 مدرعات ومدفعية ورشاش ثقيل، فقد كانت حصناً محصناً بالحرس، ثم إن الصدام خطير، وكان ربما يدمر الإذاعة.
كان قائد الحرس الجمهوري بالإذاعة ضابطاً من أنبل الضباط وأعقلهم وأشرفهم وهو النقيب علي سيف الحدي، شقيق عبدالحميد الحدي وتم التفاهم معه، وقال لنا:”تعالوا واستلموا الإذاعة ولن يأتيكم أي شيء من جانب وحدتي، فقط لا أريد أي مشاغبة داخل الإذاعة” فدخلت قوات الكلية الحربية وكان على رأسها النقيب محمد الجبري وتم استلام الإذاعة.
بمعنى آخر كان انقلاباً سلساً بدون دماء؟
كان كذلك، لكن واجهتنا مشكلة صعبة، فعندما توجهنا في طريقنا إلى منزل السلال اعترضنا الشيخ أحمد عبدربه العواضي بأكبر عدد من قبائله، كان وفياً مع السلال، وهو من أشرف المشايخ والمناضلين، وكانت قوة من المظلات بقيادة العميد مهدي عبود تريد الاشتباك مع الشيخ العواضي، وكان سيسيل الدم في تلك اللحظات؛ فالعواضي وجماعته كان عددهم لايقل عن 005 مقاتل، لكن تم التفاهم مع العواضي،وكانت له شروطه، قال له الإخوة:” ياشيخ أحمد عبدربه العواضي ممكن أن تذهب إلى منزل محمد علي عثمان وهناك موجود القاضي عبدالرحمن الإرياني وتتحاور معه”. ذهب إلى هناك وقام الإرياني ومحمد علي عثمان وآخرون بشرح الموقف للعواضي وقالوا له إن القضية ليست عداء للمشير السلال، ولااستئثاراً بالسلطة، لكن هناك جمهورية قتل وجرح الآلاف من أجلها، ولو خرجت القوات العربية من اليمن وهناك عدوان عالمي على الأمة العربية،فمن سيحمي ثورتنا وجمهوريتنا إلا وحدتنا وأنت من أبرز الجمهوريين والمناضلين”.
كانت له شروط، تجاوزها وألغاها، وسلم بالموقف وانضم إلى الصف وقاتل وكان من أبرز المقاتلين في حصار السبعين يوماً، هو ومعه العميد عبداللطيف ضيف الله وأحمد المتوكل، الذين فتحوا طريق صنعاء - الحديدة أثناء الحصار.
اصطفاف سياسي وقبلي
كان هناك اصطفاف عسكري إلى حد ما مع السلال، لكن ماذا عن الاصطفاف السياسي، هل كان الحركيون مع انقلاب 5 نوفمبر؟
نعم.
لماذا اصطف البعض مع السلال في بعض المظاهرات، فجار الله عمر ذكر في مذكراته أن الحركيين وقفوا إلى جانب السلال؟
كنا في حركة 5 نوفمبر مجمعين ومتفقين وبحضور جار الله عمر، وهو في هذه المرحلة كان قد بدأ مع عدد من السياسيين بإنشاء الحزب الديمقراطي الثوري الذي كان على رأسه المرحوم سلطان أحمد عمر.
كانت الثورة أمام منعطف خطير بعد انسحاب القوات العربية، ماالذي يخيفكم من بقاء السلال؟
لم نكن نخاف من بقاء السلال.
ماالهدف من تغييره، هل كان الحفاظ على الثورة؟
كان الهدف هو الحفاظ على الثورة والجمهورية.
هل كان السلال غير مؤهل للحفاظ على الثورة والجمهورية؟
كان مؤهلاً، لكننا شعرنا بعدم طمأنينة المشير السلال، وكان الأفضل له عدم الخروج في حينه إلى بغداد وموسكو، كان الأفضل خروج آخرين، حصل عنده اهتزاز بعد هزيمة مصر، فقد أثرت عليه النكبة نفسياً وكان متمسكاً بعبدالناصر وبمصر، والسلال لم يكن مخيفاً، بل كان قوة كرئيس جمهورية شرعي وأول رئيس لليمن الجديد.
هل كنتم ستسندونه إذا مابقي ولم يغادر إلى العراق؟
نعم، كان بيننا تحالف وميثاق عمل موقع من الطرفين: المشير السلال وعبدالرحمن الإرياني، لم تعد هناك حساسية، تناسينا كل شيء،الجميع أقر إغلاق الملف، كانت القضية هي حياة ومصير شعبنا، جمهورية وثورة، لاتوجد خلافات وصراعات فقد تجاوز الجميع في هذه الفترة هذه الحساسيات.
هل كانت بصمة رجال القبائل حاضرة في انقلاب 5 نوفمبر وأقوى من بصمة العسكريين والضباط؟
لا، كانت بصمة العسكريين من المظلات والصاعقة والدروع والبعض من المدفعية أقوى، وهم الذين تحركوا يوم 5 نوفمبر.
أين دور القبائل إذاً؟
دورهم تمثل في تأييد ودعم موقف العسكريين.
قلتم إنكم دخلتم من خمر معززين بأكثر من 4 آلاف مقاتل من رجال الدين فهل يعني هذا أنكم كنتم تستندون إلى القبيلة؟
عندما ينسحب المصريون من اليمن من كان سيحمي صنعاء؟ لم يكن لديك جيش سوى هذه الوحدات، لايسند الجيش ويدعمه إلا قوات شعبية.
هل حصل إجماع داخل صفوف القبائل على موضوع إنجاح حركة 5 نوفمبر؟
كان الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر مظلة لكل اليمنيين من قبائل حاشد وبكيل ومذحج، كان يعتبر شيخ اليمن كلها، كل ولاء القبائل له، وعندما جاءت حركة 5 نوفمبر كان لايوجد تفكير أن هذا حاشدي أو بكيلي أو مذحجي، كلهم كانوا في موقف واحد، جاءوا من البيضاء يقولون للشيخ عبدالله ياشيخنا، كان مظلة وطنية عامة.
هل كانت حركة 5 نوفمبر على صواب؟
كانت حتمية، إذا لم تقم حركة 5 نوفمبر فمن كان سيقود البلد؟
ألم تخرج الحركة عن خطها فيما بعد، حيث يصفها الكثير بأنها حركة رجعية؟
بعد الوحدة طلب مني الشهيد جارالله عمر وأنا أعتبره محاوراً عاقلاً وموضوعياً ونضج كثيراً عما كان عليه في السابق طلب مني الحوار باعتباري إحدى الشخصيات المشاركة في حركة 5 نوفمبر، وكان موجوداً ومن المؤيدين للحركة، قال لي:”لو بقيت الحركة عند الاتفاقيات التي تمت من قبلنا جميعاً ياأخ عبدالله كبعثيين وحركيين وبعض عناصرالماركسية، وكمشايخ ،إذا ظل الشيخ عبدالله ملتزماً بها لكانت ستمضي إلى الطريق الأفضل ولانفع فيما وقعنا فيه”، وأنا اليوم أعترف أن الحركة خرجت عن الطريق المرسوم لها.
متى كان الخروج؟
بعد فك الحصار عن صنعاء عام 8691، وتوج هذا الخروج بأحداث أغسطس 8691.
كيف وجدتم أنفسكم بعد غياب السلال وصعود قيادة جديدة برئاسة القاضي عبدالرحمن الإرياني. كيف تم الاتفاق على الإرياني رئيساً؟
انتخب رئيساً بالإجماع ومن كل الأحزاب والمشايخ والمثقفين والعلماء وأبناء اليمن، فلم يكن أحد مؤهلاً غيره.
ألم تحدث تسويات في تلك الليلة؟
لا، كان أمام الجميع قضية وطنية بحتة، إما المحافظة عليها أو تركها تموت، عندما تكون هناك قضية كبيرة مثل التي كانت أمامنا في تلك المرحلة لايتم التفكير بقضايا جانبية.
الإعلان عن الحركة
كيف تم الإعلان عن الحركة؟
صدر بيان عسكري يوم 5 نوفمبر، تلاه الرائد حميد العذري، وكان البيان قاسياً على المشير السلال، وصدر أيضاً بيان سياسي مهم ومطول تلاه الأستاذ يحيى الشامي باعتباره عضو قيادة فرع حزب البعث، والبيان السياسي كان بالاتفاق مع حركة القوميين العرب والآخرين.
أين كانت القسوة في البيان؟
تم نزع الرتب العسكرية من المشير السلال وأدين بالتقصير في إدارة الأمور.
هذا ينفي صحة ماكنتم ترددونه من أن الموقف كان طبيعياً جداً وأن علاقتكم بالرجل كانت جيدة؟
كان هذا نتيجة احتقانات أحداث 66، كانت احتقانات متراكمة في نفوس البعض وبالذات الضباط.
لكن أنتم من قاد الانقلاب وأصدرتم البيان العسكري والبيان السياسي ماذا كان مضمون البيانين؟
كان فيهما شرح للوضع ماقبل الحركة وأثناءها وماهو حال الثورة والجمهورية في ذلك الحين، وأتذكر أنه في اليوم الثاني من صدور البيانين العسكري والسياسي كان القلق يلف اليمن، لم يكن هناك في البلاد لاجيش ولادولة، لاأمن ولااقتصاد أو مال، لاحليف أو صديق.
كيف كان معكم الاتحاد السوفيتي والمنظومة الاشتراكية؟
الخطوة التي أقدمنا عليها عقب الحركة تمثلت في تشكيل وفد كبير برئاسة حسن مكي نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية للذهاب إلى موسكو، وذلك بعد أسبوع من قيام حركة 5 نوفمبر 76. وأسفرت هذه الزيارة عن ضمان الاتحاد السوفيتي بدعم اقتصادي بحسب ظروفه، وحماية اليمن بمظلة جوية من أي عدوان خارجي، وتم هذا بالفعل، إذ قدم السوفييت دعماً في المجال العسكري والتسليحي وبشكل مفتوح، دعمنا بدبابات، مدافع ثقيلة، صواريخ، مدرعات، وكون السوفييت جسراً جوياً يومياً، مكوناً من 03 طائرة نقل«انتنيوف» على خط: موسكو- أسوان- الحديدة، وكانت تصل المدرعة والرشاش مركب عليها، وأتوا ببواخر مليئة بالدبابات وأسراب من الطائرات، وكان هذا أول تحرك جدي ومؤثر لحكومة 5 نوفمبر.
من انضم إلى جانب الإرياني في المجلس الجمهوري ومن جاء لرئاسة الحكومة ومن كان أبرز أعضائها؟
المجلس الجمهوري تكون من 3 أشخاص هم: القاضي عبدالرحمن الإرياني،الشيخ نعمان بن قائد راجح والشيخ محمد علي عثمان؛ فيما رأس الحكومة محسن العيني.
هل كانت الحكومة خليطاً من السياسيين والعسكريين؟
كانت كلها من المدنيين، ماعدا العقيد عبدالكريم السكري، الذي عين وزيراً للدفاع.
لم نفقد مصر
هل فقدتم دعم مصر باعتبار أنكم انقلبتم على حليفها الرئيس المشير السلال؟
أبداً، بعد الانتصار في حصار السبعين، وعندما ذهب الفريق حسن العمري إلى القاهرة على رأس وفد كبير، وهو الذي كان معتقلاً في السجن الحربي بصورة مشددة وقابل الرئيس جمال عبدالناصر احتضنه احتضاناً كبيراً وقال له ولأعضاء الوفد المرافق للعمري” إن انتصار صنعاء في نظري وبقناعتي وإيماني أهم لي من أي انتصار في سيناء، سيناء سأنتصر فيها بكره، لكن يافريق حسن العمري وياإخوان سيصعب علي استعادة سيناء لو سقطت صنعاء”. لم تحصل أية ردة فعل من قبل مصر من أجل المشير السلال، وكانت علاقتنا رائعة، لقد دعمونا في حصار السبعين يوماً بجسر على 3 طائرات”DC10” ، مدونا بذخائر”الشرفة” و”الجرمل” و”البشلي” التي لم تكن موجودة في الاتحاد السوفيتي أو في دول أخرى وهي من الأسلحة التقليدية التي من الصعب توفيرها، كما قدمت لنا الصين أسلحة نصف آلي ضمن صفقة بعد الثورة، توزعت هنا وهناك.
ألم يقم الحركيون بالاتصال ببعض الدول مثل مصر بأنهم سيقومون بالحركة؟
أبداً، فقط كان الوحيد الذي يعلم بالانقلاب هو سفير الاتحاد السوفيتي.
ألم يحدث أي تنسيق بين الحركيين والبعث؟
لا، كانت هذه شؤوناً داخلية،كنا نعول كثيراً على الوحدة الوطنية كعامل للنصر، ونعول كثيراً على استقلال إخواننا في الجنوب، وعندما تحرروا من الاستعمار كانوا لنا ظهراً تكونت لنا ظهيرة جيدة سياسياً بالذات، وفي أسوأ الافتراضات لو سقطت صنعاء ستظل إب وتعز وعدن دولة اليمن ونناضل من هناك للزحف على صنعاء من جديد، بغض النظر عن إمكانياتهم المحدودة فقد دعمونا بأشياء متواضعة، لكن كان دعمهم السياسي نصراً للمحاصرين في صنعاء، وكان له بعد استراتيجي لاستمرارية الثورة والنظام الجمهوري في شمال اليمن.
يتبع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.