الهجرة الدولية: أكثر من 52 ألف شخص لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الفرار من بلدان تعج بالأزمات منذ 2014    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    مجلي: مليشيا الحوثي غير مؤهلة للسلام ومشروعنا استعادة الجمهورية وبناء وطن يتسع للجميع    وزير الصناعة يؤكد على عضوية اليمن الكاملة في مركز الاعتماد الخليجي    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    رئيس الوزراء يوجه باتخاذ حلول اسعافية لمعالجة انقطاع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    جاذبية المعدن الأصفر تخفُت مع انحسار التوترات التجارية    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    عن الصور والناس    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    البيض: اليمن مقبل على مفترق طرق وتحولات تعيد تشكيل الواقع    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    لوحة "الركام"، بين الصمت والأنقاض: الفنان الأمريكي براين كارلسون يرسم خذلان العالم لفلسطين    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    رئيس كاك بنك يعزي وكيل وزارة المالية وعضو مجلس إدارة البنك الأستاذ ناجي جابر في وفاة والدته    اتحاد نقابات الجنوب يطالب بإسقاط الحكومة بشكل فوري    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالله الراعي:قتل المشائخ سبب الحرب بين شطري اليمن ومحسن الجبري استفز الباقين
قصة ثورة وثوار
نشر في الجمهورية يوم 20 - 09 - 2008

لم يكن الحوار مع عبدالله الراعي سهلاً، لأن الرجل ظل يخبئ أسراراً طمرتها أحداث مرت عليها 54عاماً، أي منذ اندلاع الثورة اليمنية في السادس والعشرين من شهر سبتمبر «أيلول» من العام 2691م، ولأن الأحداث لا تروى من الذاكرة فقط، بل ومن الوثائق أيضاً، فإن هذا الحوار استمر لعدة أشهر، في محاولة لتوثيق مراحل لم يمط اللثام عنها منذ فترة طويلة، ومحاولة لاستعادة تاريخ يحاول الكثير طمسه ومحوه من ذاكرة الأجيال اللاحقة للثورة اليمنية.
كيف بدأت التجهيزات لفك الحصار عن العاصمة صنعاء وماهي؟
كانت القوات الشعبية هي الركيزة الأولى لفك الحصار، وكانت بقيادة الشيخ أحمد عبدربه العواضي، حيث وصلت من تعز إلى الحديدة قوة كبيرة تصل إلى نحو 01 آلاف مقاتل، بالإضافة إلى قوات الشيخ أحمد المطري، وقوات من مشايخ اخرين، وقوات بعض الوحدات العسكرية ويصل عددها إلى 03 ألف مقاتل، وهي مدربة ومقاتلة إلى جانب المدفعية والتحضير الجوي، وكنت في الحديدة في بداية هذه التجهيزات ثم سافرت إلى سوريا.
الفصل السادس عشر
حكايتي مع السلال
قلت أثناء الحديث عن إعدام الرعيني بتهمة التخابر مع إسرائيل إن السلطة وجهت لك نفس التهمة، ما خلفية القضية؟
كان ضمن أحداث 66 عندما حاكموني غيابياً.
هل أصدر الرئيس السلال حكماً ضدك؟
نعم، أصدر ضدي حكماًَ بالإعدام، والسلال لو تمكن مني حينها لأعدمني، فقد دخلنا حينها في خلافات شديدة.
ماسبب خلافك الشديد معه وأنت تقول بأنك كنت تلميذه؟
اختلفنا على قضايا وعلى مواقف كثيرة، فقد كان يقسو علي لأنني بعثي، وكنت صريحاً وجريئاً في مواقفي.
ماأبرز الخلافات بينك وبين المشير السلال؟
أبرزها عندما حاول أن يعتقل أولاد بيت أبو لحوم، محمد علي درهم وهم إخوة الشيخ سنان، وأصدر أمره إلى قائد حرسه في حينه العقيد محمد القواس باعتقال آل أبو لحوم، وكان هذا بعد مؤتمر خمر، فذهبت إليه وقلت له إن هذه الاعتقالات لاتجوز؛ فهؤلاء مناضلون وطنيون، لماذا نسير في هذا المسار، وقلت له إنه إذا كانت هناك أخطاء قل لنا ونحن سنحاسبهم.رد علي بالقول:«أنتم متآمرون»،قلت له:«إذا هناك تآمر حقيقي أبرزه لنا يافخامة الرئيس ونحن سنحاكم من يقوم بالتآمر على الثورة والجمهورية»، فرد علي قائلاً:«هل أنت رئيس جمهورية نيابة عني؟» ، قلت له«لا، لكننا في مسار ثوري واحد»، قال لي:«انصرف وإلا سأرسلك الآن إلى القلعة»، قلت له:«مهما كان، اليوم أنت رئيس جمهورية وغداً سترى»، قلت له ذلك وانصرفت بشيء من عدم مراعاة أنه رئيس جمهورية وقائداً أعلى للقوات المسلحة. هذا موقف من مواقف المشادة بيني وبينه، وهناك موقف آخر، فقد كنت في رازح مع حسين الدفعي وعبدالكريم السكري الذي كان هناك محاصراً، وعندما تمت محاصرتنا هناك مع مجموعة من لواء«النصر» والضباط لمدة سنة، كان الدفعي يبعث ببرقيات قاسية إلى السلال والقيادة العربية، لأننا كنا سنموت، فقد كنا على حدود جيزان، وبيننا وبين البدر مسافة بسيطة ونحن نريد أن نزحف إليه، نحو البدر المرابط هناك.
حسب السلال علي هذه البرقيات القاسية التي كانت تأتي من حسين الدفعي، وكانت هناك حساسية بينه وبين الدفعي، فعندما وصلت إلى صنعاء بعد سنة كنت أجري فحوصات البلهارسيا في المستشفى الجمهوري بعد العصر في شهر رمضان، حيث كنا نشرب الماء وبه ديدان ، صحتي لم تكن طبيعية، فمر بموكبه وأمر مدرعة من مدرعاته أن تعود وتلقي القبض علي. وفعلاً ألقت المدرعة القبض علي وأوصلوني إليه، وكان عند القبر الصيني في طريق الحديدة، وإلى جانبه العقيد المرحوم علي الريدي والعقيد المرحوم مجاهد حسن، فبادرني السلال قائلاً: «من أنت؟ وماذا عملت في رازح؟ هل أنت طارق بن زياد؟» المهم تهكم علي كثيراً، فقلت له:«أنا قاتلت في كل منطقة، والان عدت من رازح بعد قتال سنة كاملة، وخرجت إلى رازح بعد زواجي بأسبوع، لكن أنت ماذا تعمل في صنعاء، أنت تذهب دورة”نزهة” بسيارتك وموكبك في شوارع صنعاء وتخزن، وتأكل.. ماذا تعمل؟، لكن بيننا وبينك يوم»، فأمر باعتقالي بسجن الرادع، وبالفعل اعتقلت لمدة يومين في هذا السجن. لكن في نفس اليوم هب حمود الجائفي والضباط والقوى المدنية والمثقفون واحتجوا عليه احتجاجاً كبيراً ، وأطلق سراحي بعد يومين، ثم تسامحنا مع بعض، فقد سامحته وسامحني.
ماذا كان سبب هذا العداء بينكما؟
كان متحاملاً علي، وظل هذا التحامل لفترة طويلة، ولهذا جاءت بعد ذلك تهمة التعامل مع إسرائيل وبيت الوزير، ومحاولة الهجوم على القيادة العربية بكتيبة صاعقة، لقد كانت لي مواقف كثيرة يعرفها الآخرون، سواءً بالنسبة للمشير السلال أوالإخوان العرب والمصريين غير مريحة.
فرار في ليلة زفافي
كيف تصرفت يوم صدور حكم الإعدام ضدكم؟
كنت مع الفارين في خمر، فررت ليلة زفافي، دخلت على زوجتي والبيت مليء بالضيوف بما فيهم القائد العربي وإخوان عرب وعدد كبير من الضباط، وعندما اتصل بي أحد العاملين في الهاتف وهو أحمد اللوزي، قال لي:«ياأخ عبدالله عندك ساعة للهروب، لقد مر علينا العقيد محمد الأهنومي (وزير الداخلية في حكومة السلال)، وأمر بقطع التليفون عليك ومجموعة من الإخوان».
اتصل بي الملازم الشهيد عبدالسلام الدميني، رحمه الله، وكان ضابطاً من ضباط الشرطة العسكرية والضابط المناوب في تلك الليلة في«العرضي»، وكان صديقاً وزميلاً ومحسوباً علينا كبعثي، قال لي:«مرت الآن فصيلتان من الشرطة العسكرية المصرية وطلبوا من فصيلة من الشرطة العسكرية أن تلقي القبض عليك، ففر ياأفندم، اترك العرس والزفاف، وانفذ بجلدك». وفعلاً في تلك اللحظة، دخلت بيتي وخلعت بدلتي ولبست القميص والجنبية ونصف آلي و3 قنابل، ورتبت حالي، وكانوا قد طوقوا البيت، ودعت أبي وإخوتي وقلت لهم: «قفزة في البرد ولاعشر في الحر»، الزفاف مضمون والعروسة محفوظة حتى فرصة أخرى، أنا أمام خيارين إما أبقى معكم ومصيري الموت وإما تتركوني أفر وأضمن حياتي ومستقبلي» وفررت إلى منزل الشيخ عبدالله الأحمر، وجاء كل الضباط ثم أخرجت في اليوم الثاني في موكب إلى همدان، وهناك استقبلونا وخرجنا إلى خمر.
هل جاءوا للبحث عنك؟
جاءوا والضيوف في البيت، وسألوا عني، فقالوا لهم إنني مريض، وفهموا بعد أسبوع أنني فررت إلى خمر، حيث بقيت فيها لمدة سنة، وكان عندنا نشاط كمجموعة خمر، حيث خرج كل الضباط إلى هناك، العميد عبدالكريم السكري، العميد عبدالله الجائفي، المقدم علي الجائفي، العقيد حمود بيدر، العقيد أحمد الرحومي، العميد علي النعامي، عبدالله مقبول الصيقل، علي الضبة، محمد اليازلي وعلي الضحياني، مجاهد أبوشوارب، محمد الغشمي وعدد كبير من المشايخ والضباط، ثم ذهبنا في مهمة أنا وعبدالملك الطيب، ومارسنا نشاطاً كبيراً مع كل القبائل، وكان المركز خمر، لم تكن توجد في تلك الأيام حساسية اسمها حاشد وبكيل، وكان الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر في حينه يحظى باحترام كل المشايخ، وكل القوى كانت تعتبره شيخها، وقدنا المعارضة من داخل خمر.
هل كنت ضد السلال؟
كنت مختلفاً مع السلال وليس ضده، ورغم أنه حكم علي بالإعدام عام 6691 عندما أعدم محمد الرعيني وحوكمت غيابياً ، لم أحشر أية قضية شخصية في علاقتي مع المشير السلال أو غيره، وأنا أنصفته في كتاباتي وآرائي، وكنت أول ضابط أزوره في القاهرة عندما نفي إلى هناك بينما سافر الكثير من الضباط إلى القاهرة ولم يزوروه، وكنت كلما أسافر أو أمر عبر القاهرة أذهب لزيارته. وأنا من حصل على أوامر من الرئيس عبدالرحمن الإرياني بإطلاق منزل السلال هنا في صنعاء بعد مصادرته نهائياً وكانت تنزل فيه القوات الجوية ومصادرة مزرعته في الحديدة،وفعلاً استأجره قريبه عبدالملك الداعري وكذا إطلاق مزرعته وتسليمها للداعري. وفي فترة من الفترات تقرر لعبدالرحمن البيضاني مرتب وهو في القاهرة ومقداره 003 جنيه وهو مبلغ كبير جداً في تلك الفترة، والمشير السلال دون مرتب، إلا ماتتكرم به القاهرة معه كلاجئ سياسي، وجئت إلى صنعاء وطرحت الموضوع على عبدالرحمن الإرياني وتجادلت معه في: كيف تقرر راتب للبيضاني ميسور الحال بمقدار 003 جنيه بينما عبدالله السلال لايملك في الدنيا شيئاً سوى البيت والمزرعة المصادرتين، ولولا ماتتكرم به المتحدة من المرتب الشهري والمنزل والمأكل لما استطاع أن يعيش في الخارج، هذا حرام وعيب في حق الشعب اليمني.
برأيك لماذا كان هذا الموقف ضد السلال؟
كانت هناك حساسية حادة قائمة بين الرئيس الإرياني والرئيس السلال، وقد اختلفت مع الإرياني خلافاً حاداً بسبب موقفه من السلال، ولم ينصف المشير السلال إلا في عهد علي عبدالله صالح الذي خصص له مبلغاً ثابتاً، وسمح له ولغيره بالعودة إلى البلاد.
الفصل السابع عشر
الحرب بين شطري اليمن
كيف بدأت حرب 27 بين شطري اليمن، وماهو السبب؟
سبب الحرب هو مقتل عدد من المشايخ وعلى رأسهم الغادر في منطقة حريب بشبوة، وكانوا على علاقة تكتيكية مع الجنوب، وحاربوا في صفوف الملكيين وكانوا يستلمون منهم الأسلحة والمبالغ الكبيرة.
وماإن حصلت إشكالية بينهم وبين السعودية حتى ربطوا علاقة مع العراق من خلال قاسم سلام، مسؤول حزب البعث في اليمن،وكانت عدن نقطة الالتقاء، فقد كانت كل الأسلحة والدعم وإلى آخره يأتي إلى الجنوب، وأدرك الإخوان في الجنوب المخاطر على مستوى الشطرين فرتبوا الكمين، حيث جمعوا كل هؤلاء المشايخ في معسكر ملغم وفجروه وأبادوا كل من فيه. انتهى هؤلاء المشايخ وقطعت العلاقة مع بغداد، و كان قاسم سلام من المفروض أن يحضر إلى المعسكر الملغم لكن لحسن حظه تأخر لساعة عن الوصول ونجا من الموت. وقد كان قاسم سلام على علاقة بالغادر على أساس أن بغداد بالنسبة له ولجماعته من المشايخ ستكون البديل للسعودية، وبكل الإمكانيات التي كان يحظى بها من قبل المملكة، وكان العراق في حينه ضد الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية معاً.
هل كان لذهاب الغادر وجماعته إلى الجنوب هدف آخر غير الهدف المعلن؟
كان الهدف خارج إطار المصالحة والتسوية عام 07، والغادر كان قد سبق وأن عين بعضاً من جماعته المشايخ في مجلس الشورى، لكنهم لم يحضروا أي اجتماع ولم يدخلوا صنعاء ولم يعترفوا بالتسوية، وادعوا أنهم تمردوا على المملكة رداً على موقفها واعترافها بالجمهورية العربية اليمنية.
ثم ماذا حصل في الحرب؟
لقي مقتل الغادر وجماعته ترحاباً معنوياً ونفسياً لدى كل الأوساط في الشمال، فقد كان الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر والشيخ سنان أبو لحوم وأحمد علي المطري والمشايخ على خلاف مع الغادر، بالإضافة إلى كل السياسيين والقوى الوطنية والثورية من عسكريين ومدنيين، حيث اعتبروا مقتل الغادر موقفاً إيجابياً وثورياً من قبل قيادة الشطر الجنوبي واعتبره القاضي الإرياني انتصاراً للتسوية والثورة والجمهورية.
لكن حدث أن محسن الجبري بعد أن هرب من صنعاء إلى عدن بعد حركة 5 نوفمبر نتيجة لمواقفه الإعلامية في أحداث 66 كان يقدم برنامجاً من إذاعة عدن استغله للهجوم على المشايخ، وقال إن اليوم هو يوم الغادر وغداً الأحمر والأخضر، فقد سمى مشايخ بأسماء مموهة، يعني أن الوجبات القادمة هي للمشايخ في الشمال.
هنا استفز المشايخ وحسبوا حساباتهم، وبدأوا باتخاذ مواقف مغايرة، وحاول القاضي الإرياني أن يطمئنهم وأكد لهم بأن هذا التخوف لن يحدث، وقام بالاتصال مع الإخوان في الجنوب، وكلفني بنقل رسالة إلى الرئيس سالم علي ربيع والتقيت به وبعبدالفتاح إسماعيل، وفعلاً تم إيقاف محسن الجبري عن الحديث عن هذا الموضوع نهائياً.
هناك قوى خارجية نبهت المشايخ بضرورة أخذ الحيطة، خشية ضربهم من قبل الجنوبيين، وقالوا لهم إن هناك خطة لضرب القبائل وتصفية رموزها، وكانت الوجبة الأولى الشيخ الغادر وجماعته وستليها وجبة أخرى، وأن هذه بداية مخيفة من الماركسيين والشيوعيين، ونصحوهم بتشديد مواقفهم وتوحيدها وأنه لابد من المواجهة مع الجنوب.
وأنا أقول إن حرب 27 فرضت على الإرياني بالقوة من كل المشايخ، فقد كان الإرياني يرفض الحرب، إذ لايوجد أي تكافؤ بين القوتين في الشمال والجنوب، وكان هناك تكتل من قادة عسكريين ضد الحرب مع الجنوب، منهم المرحوم علي الضبعي وأنا وآخرون. وقبل هذه الحرب كان هناك لقاء في منطقة مكيراس بمحافظة أبين، ضم القاضي عبدالسلام العنسي محافظ تعز وأنا عن الجانب الشمالي وعلي عنتر وزير الدفاع وعبدالعزيز عبدالولي نائب وزير الداخلية من الجانب الجنوبي يقضي بالعمل على عدم تفجير الموقف، كنا نتحدث عن أننا لايمكن أن نحارب بعضنا البعض، خاصة نحن القوى الشابة والثورية.
لكن المشايخ كانوا مصممين على الحرب، وأبلغوا القاضي عبدالرحمن الإرياني بذلك، لكنه رد عليهم بأنه لايوجد تكافؤ بين القوات الشمالية والقوات الجنوبية وأنه لا لزوم لهذه الحرب، لكن القوى الخارجية ضغطت ووعدت بدعم لم يتحقق، وهكذا انفجر الموقف العسكري وحصل القتال وانسحبت القوات الشمالية وعادت القبائل من كل المحاور، محور قعطبة-الضالع، الراهدة- كرش، البيضاء- مكيراس، ولم يتم الانتصار أو تحقيق أي شيء، وحدثت انتكاسة عسكرية وانهزام للشمال وتمت مبادرة لاحتواء الأزمة من قبل العراق، وكانت تقضي بضرورة اللقاء بين القوى الوطنية في الشمال والجنوب، وانتدب من بغداد عبدالخالق السامرائي عضو القيادة القومية لحزب البعث وكان شخصية كبيرة في البعث وعامر عبدالله عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي، وقد انتدب السامرائي إلى هنا بحكم أن محسن العيني بعثي وكان متحمساً للحرب ويقوم باقناع البعثيين هنا وعامر يحاول أن يقنع الإخوة في الجنوب باعتبارهم ماركسين، وعلى مايقولون «شيوعيون». أتبعت المبادرة العراقية مبادرة من الجامعة العربية التي أرسلت وفداً للقاء وفدين من الشطرين في القاهرة، وتم هذا اللقاء برئاسة محسن العيني من الشطر الشمالي وعلي ناصر محمد من الشطر الجنوبي، ووقعت اتفاقية القاهرة بمباركة جميع الدول العربية وكانت البداية لخطوات الوحدة.
ماذا كان مضمون الرسالة التي حملتهامن القاضي عبدالرحمن الإرياني للقيادة الجنوبية؟
كانت تحمل النصح بالتعقل وعدم إثارة المشاكل وإسكات محسن الجبري وعدم الحديث نهائياً عن المشايخ حتى لاتثار المشاكل في الشمال، لأن ثمة من يستفيد منها في تفجير مواقف أكثر وأكثر في كلا الشطرين، وكان رد الإخوان هناك إيجابياً؛ فقد أسكتوا محسن الجبري، ولم يبق أي حديث عن أي شيء.
التقيت خلال الزيارة بقادة الجنوب هناك، ماذا كان انطباعك عنهم وأنت تلتقيهم لأول مرة؟
كانوا طيبين ووطنيين وثوريين ووحدويين وكان موقفهم في تلك الفترة واحداً في مجلس الرئاسة، وكان الحزب في أحسن أيامه وكانوا موحدين، لكن الخلافات التي دبت بينهم فيما بعد هي التي التهمتهم.
هل وجدت فرقاً في تعاملهم كأشخاص وليس كقادة؟
الرئيس سالم ربيع كان قائداً شعبياً ومناضلاً جماهيرياً بسيطاً، ينزل الصباح يتفقد أحوال الناس في الأسواق كسوق الخضار وغيرها، وكان رجلاً صادقاً. علي ناصر كان رجل دولة ويعمل ليل نهار وأنجز أشياء كثيرة للجنوب، أماعبدالفتاح إسماعيل فكان فكر الثورة ومرجعيتها، ويمتاز عبدالفتاح ، وهذه شهادة للتاريخ بمصداقيته الوحدوية، فقد كان وحدوياً بإيمان وقناعة ومبدئية.
بعد الوحدة مباشرة، هل كنت شريكاً في أي قرار؟
انتهت مهمتي في ليلة إعلان الوحدة 22 مايو 09، لأنني كنت مستشار الرئيس لشؤون الوحدة، وكان العرشي وزيراً لشؤون الوحدة، وتحملت مسؤوليات كبيرة وأحمد الله أنني وفقت فيها.
هل واصلت العمل بعد حرب 27؟
واصلت حتى اتفاقية طرابلس، بعدها سافرت فوراً إلى الاتحاد السوفيتي بعد تقديم استقالتي من هيئة الأركان العامة.
حرب 79
لو وقفنا عند محطة حرب 97 بين الشمال والجنوب، ماهي الأسباب التي أدت إلى اندلاعها؟
كانت هناك مناكفات سياسية وإعلامية بين الشطرين، رافقها اشتداد المعارك في المناطق الوسطى والمناطق التي تتواجد فيها الجبهة الوطنية الديمقراطية وأثارت هذه المعارك حفيظة كل العقلاء والمتبصرين.
اندلعت حرب 97 بشراسة وبالذات في محور قعطبة -الضالع، وبعض المحاور الأخرى، واشتدت المعارك من قبل الجبهة الوطنية واستنفر الشمال كله من جيش وضباط وقبائل وآخرين، وتأزم الموقف وشكل خطورة كبيرة، حتى أن الجامعة العربية تدخلت ودعت إلى وقف اطلاق النار. وتم ذلك، حيث تكونت قوات عربية من سوريا ومن مصر كما أظن والكويت،للمحافظة على وقف اطلاق النار، ودعي لاجتماع لوزراء الخارجية العرب، ولأول مرة قبلت دولة الكويت أن يعقد الاجتماع عندها، وكان الاجتماع مهماً جداً، في هذه الأثناء كان قد نشط مسار كامب ديفيد، ومجلس وزراء الخارجية العرب يجتمع في الكويت والرئيس أنور السادات يذهب إلى القدس، يعني كانت هناك توترات على المستوى العربي كله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.