شهدت المؤسسة العسكرية اليمنية تطوراً نوعياً منذ إعادة تحقيق وحدة الوطن وإعلان قيام الجمهورية اليمنية في 22 مايو 1990م ..شمل البنى التحتية وإعادة البناء والتسليح الحديث وتطوير منشآت التأهيل والتدريب لمنتسبيها ، الأمر الذي عزز من قدراتها القتالية للدفاع عن السيادة الوطنية ومكتسبات الثورة والجمهورية والوحدة. وإذا ما كان العام 1990 بداية انطلاق لبناء وتطوير القوات المسلحة وتحديثها على أسس وطنية وعلمية معاصرة إلا أن العام 1994م كان البداية الحقيقية لاعادة بناء المؤسسة العسكرية بناء حديثا أوصلها إلى ماهي عليه اليوم من التطور والتحديث. وخلال فترة وجيزة تمكنت مؤسسة اليمن الدفاعية التي ينضوي تحت لوائها شباب من مختلف أرجاء الوطن من تحقيق قفزات هائلة كماً وكيفاً في شتى الجوانب التنظيمية والتدريبية والتعامل مع أحدث التقنيات في مجالي العتاد والسلاح لتغدو قوة ضاربة وعصرية قادرة على مواجهة كافة التحديات. إذ اعتمدت الاستراتيجية التي اختطتها القوات المسلحة اليمنية على رؤية عصرية واضحة لخصها فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح - رئيس الجمهورية - القائد الأعلى للقوات المسلحة حين قال: “ إننا نبني قواتنا المسلحة من منظور العصر ومتطلبات الدفاع عن السيادة الوطنية حتى تغدو قوة دفاعية يركن اليها في الدفاع عن حياض الوطن ومكاسب العمل السلمي للشعب وتوفير المناخات الآمنة للعملية التنموية والنهضة الشاملة”. وفي أعقاب انتصار الشرعية الدستورية وإخماد فتنة محاولة الانفصال في صيف 94م بفضل التضحيات الجسيمة التي قدمها أبناء القوات المسلحة والأمن دفاعا عن منجز الوحدة العظيم, كان لابد من إعادة ترميم وتعمير القدرات العسكرية وتعزيز القدرات الدفاعية، وكذا إعادة هيكلة وتنظيم وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان العامة والدوائر الاختصاصية التابعة لهما وهو ما تحقق بالفعل. خمس مناطق عسكرية كما جرى تنظيم القوات المسلحة من خلال خمس مناطق عسكرية، وتشكلت في إطار هذه المناطق عدد من المحاور العملياتية بحسب مقتضيات المسرح العملياتي وتنظيم القوات. وفي مجال التدريب القتالي والعملياتي حققت القوات المسلحة تطوراً ملحوظا تجسد في جوانب تنفيذ مختلف أشكال الاعمال القتالية في الدفاع والهجوم والمعارك التصادمية والمناورات وغيرها ، ورافق ذلك الاعداد المعنوي للقوات المسلحة في ضوء أهداف الثورة اليمنية الخالدة والمهام المقدسة لمنتسبي المؤسسة العسكرية بما يضمن إبعادها عن أي تأثيرات ضيقة بحيث يكون ولاؤها المطلق لله والوطن والثورة. وقد أولت القيادة السياسية ممثلة بفخامة الاخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية القائد الاعلى للقوات المسلحة جانب التأهيل والتدريب لمنتسبي القوات المسلحة قادة وضباطاً وصف ضباط وجنوداً أهمية قصوى لما لذلك من أهمية لتطوير قدرات وامكانيات هذه المؤسسة الدفاعية الوطنية. وأنشئت لهذا الغرض العديد من المدارس العسكرية والمعاهد الفنية التخصصية ، فضلا عن تطوير وتحديث المنشآت العسكرية التعليمية القائمة واستحداث ماهو ضروري منها ورفدها بالكادر التدريبي المؤهل تأهيلاً علمياً عاليا. ولم تكتف جهود تحديث القوات المسلحة بالتدريب داخليا بل رافق ذلك إرسال بعثات لضباط وصف وجنود للدراسة في التخصصات التي تحتاجها القوات المسلحة في الخارج. مؤسسات تعليمية كما تجلى الاهتمام بالمؤسسات التعليمية العسكرية بانشاء الأكاديمية العسكرية العليا والتي تتبع مباشرة وزير الدفاع ، وتضم كليات الحرب العليا ، الدفاع الوطني ، القيادة والاركان ، بالاضافة إلى مركز الدراسات الاستراتيجية. وتتولى هذه الكليات مهمة تنمية قدرات ومهارات ضباط القوات المسلحة وتأهيلهم لشغل المناصب المتوسطة والعليا إلى جانب اعداد البحوث النظرية والتطبيقية و الدراسات العليا في العلوم العسكرية والأمن القومي . وتتويجا لهذه الجهود اصبحت الوحدات العسكرية المختلفة تمتلك الكوادر المؤهلة تأهيلا عاليا من خريجي كليات الطيران والدفاع الجوي والحربية والبحرية ، بالاضافة إلى الضباط الذين تم تأهيلهم في معهد الشهيد الثلايا أوالمعهد الفني للقوات الجوية. وخطت هذه المؤسسة الوطنية خطوات رائعة في مختلف مجالات البناء العسكري النوعي الحديث والتنظيم الاداري وما يتطلبه من قوانين ولوائح منظمة لذلك بالاضافة إلى انشاء المحاكم والنيابات العسكرية، وكذا المحكمة الاستئنافية العسكرية في دائرة القضاء العسكري. شبكة حاسوب كما تم إنشاء شبكة مركزية للحاسوب وتوسيع القاعدة المعلوماتية لتشمل كافة المعلومات التأهيلية والتقييمية والتوثيقية وكذا المعلومات المتعلقة بالحياة الوظيفية والمناصب القيادية، الى جانب استحداث منظومة الاصدار الآلي للبطاقة العسكرية الجديدة ذات السمة الرقمية. وفيما يتعلق بالتوجيه المعنوي تم الاستفادة من الخبرات المكتسبة في هذا المجال من خلال دائرة تسمى (دائرة التوجيه المعنوي للقوات المسلحة) معنية بنشر الوعي في اوساط منتسبي المؤسسة العسكرية من خلال محاضرات مركزية ودورات تأهيلية ونشرات توعوية وغيرها من الانشطة ذات الصلة . ولمواكبة هذا التطور الكمي والنوعي كان لابد من الاهتمام بالخدمات الطبية العسكرية وضمان تقديمها لمنتسبي القوات المسلحة وعائلاتهم. حيث تم تأهيل عدد كبير من الاطباء ومساعدي الاطباء والممرضين وتوفير احدث الاجهزة والمعدات الطبية والأدوية الأمر الذي انعكس ايجاباً على تطوير اداء المستشفيات العسكرية المركزية في كل من صنعاء وعدن والحديدة وفي مقدمتها المستشفى العسكري بصنعاء الذي يعد من المستشفيات المركزية في اليمن، بالاضافة إلى تشكيل شعب خدمات طبية في عدد من مواقع القوات التابعة للقوات المسلحة . وقد حرصت قيادة وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الاركان بأن تكون عملية التحديث والتطوير كاملة لمختلف صنوف الوحدات والتشكيلات العسكرية حيث شهدت القوات البرية قفزات نوعية في هذا الجانب من منطلق ان المعارك لاتحسم ولا تحقق نتائجها إلا على الأرض رغم التطور التكنولوجي المتاح للقوات المسلحة مما اتاح لها القتال عن بعد باستخدام الطيران والصواريخ وغيرها. القوات البرية ومن هذا المنطلق خطت القوات البرية خطوات تطويرية شملت تحديد الملاك المادي والبشري لوحداتها ووضع الخطط اللازمة لاستكمالها ، واعداد هياكلها التنظيمية على أسس علمية تجسد المهام المنوطة بها وتبين تراتبها التنظيمي الرأسي وعلاقاتها التكاملية الأفقية. كما تم تزويد وحداتها بالاسلحة والمعدات الحديثة المتطورة تشمل أحدث الدبابات والمدفعية المتطورة ذاتية الحركة ومنظومة القيادة والسيطرة الحديثة وغيرها من الاسلحة المتطورة التي تتطلبها الاستراتيجية الدفاعية للجمهورية اليمنية ، فضلاً عن تنفيذ خطط التدريب العملياتي والمعنوي السنوي بمعدلات عالية من الانجاز. البحرية والدفاع الساحلي وشملت جهود التطوير والتحديث للمؤسسة العسكرية اليمنية إعادة تشكيل وتأهيل القوات البحرية ً والدفاع الساحلي وفق أسس علمية حديثة ومتطورة قادرة على حماية السواحل والمياه الاقليمية للجمهورية اليمنية وما تضمه من جزر متناثرة في البحرين الأحمر والعربي. وقد قطعت هذه القوات منذ انشائها شوطاً كبيراً واحتلت المكانة التي تليق بها كحارس أمين ومدافع صلب عن سيادة المياه الاقليمية والجزر اليمنية ، بما تمتلكه من قيادات مؤهلة في مختلف التخصصات والتي تمثل قاعدة راسخة تؤهلها للمضي قدماً في مواجهة ما تتطلبه معطيات الدفاع عن السيادة الوطنية . وقد استوعبت القوات البحرية خصائص ومميزات القطع البحرية الجديدة التي تم رفدها بها والمتميزة بالتقنية العالية في تنفيذ مهامها القتالية من حيث امتلاكها لمنظومة الدفاع الذاتي والقدرة على الابحار في المضائق المائية وامتلاكها الاسلحة عالية التقنية والدقة في التعامل مع الاهداف الثابتة والمتحركة بالاضافة إلى قيامها بمكافحة ظاهرة القرصنة والتهريب. القوات الجوية وفيما يتعلق بالقوات الجوية والدفاع الجوي فقد تضمنت برامج التطوير والتحديث لهذه القوات خاصة منذ العام 1994م برامج متنوعة للنهوض بها أبرزها تنفيذ المشاريع التعبوية على الخارطة وعلى الارض خاصة فيما يتصل بتدريب وتطوير مهارات الطيارين والفنيين، الى جانب زيادة عدد ساعات الطيران النهاري والليلي، وتزويد الطيارين والفنيين بالعلوم النظرية والتطبيقية للطيران بكل أنواعه، وكذا تكثيف برامج الصيانة وإجراء الفحص الدقيق للطائرات للحفاظ على الجاهزية الفنية والقتالية والاستعداد الدائم لتنفيذ المهام المناطة. وإدراكا لأهمية التدريب والتأهيل تم انشاء المعهد الفني للقوات الجوية والدفاع الجوي بهدف تطوير مهارات منتسبي هذه القوة والارتقاء بمقدراتهم القتالية ، ويمننة الكادر التدريبي ، وعقد الدورات التحويلية للطيارين الذين هم بحاجة الى التأهيل على الطائرات المقاتلة ، وتحديث القوة المادية للقوات الجوية مع التركيز على تحديث الجهاز الفني ، وتعزيز قدراتها بطائرات حديثة من أبرزها إدخال طائرة الميج 29 التي تعتبر واحدة من أحدث الطائرات الاعتراضية المقاتلة في العالم ، الى جانب الطائرات التدريبية ووسائل الدفاع الجوي. وتواصلاً لمسارات البناء والتحديث والتطوير في القوات المسلحة كان لابد من إعداد قوة مواكبة لطبيعة فنون القتال المعاصر ومقتضيات المعركة المشتركة الحديثة. الحرس الجمهوري حيث تم تطوير قوات الحرس الجمهوري والقوات الخاصة من خلال تأهيل منتسبيها وفق أحدث أسس وقواعد التدريب القتالي والعملياتي والاعداد المعنوي ورفدها بالاسلحة والمعدات القتالية المتطورة والحديثة وبما يتناسب وطبيعة مهامها القتالية وإعدادها المرتكز على أربعة اتجاهات رئيسية متمثلة في التخطيط السليم والتنظيم المواكب لمنظومة التديب والتنفيذ الدقيق لمجمل خطط وبرامج التدريب ، وكذا المتابعة الصارمة لمسألة التنفيذ والتقييم المستمر للمهام والواجبات التدريبية المترجمة على أرض الواقع العملي النظرية منها والتطبيقية وتعزيز الجانب الانضباطي وغرسه في نفوس المقاتلين . وتعزيزا لقدراتها الدفاعية وتحقيق مهام البناء النوعي التخصصي للقوات المسلحة جاءت عملية تأسيس وتطوير الوحدات الخاصة في إطار الحرس الجمهوري لتشكل انطلاقة جديدة في مسار بناء وتحديث وتطوير المؤسسة الدفاعية لليمن. القوات الخاصة وتتميز القوات الخاصة بالقدرة الفائقة على تنفيذ المهام القتالية وسرعة المناورة والانتقال من الدفاع الى الهجوم والحسم السريع ، ذلك ان منتسبيها يتلقون ارقى اشكال التدريب الذي يمكنهم من تأدية واجباتهم بكفاءة فضلاً عن تسلحهم بأسلحة دقيقة التصويب . ونظراً لماحققته القوات الخاصة من تميز فقد اسندت إلى هذه القوات مهام مكافحة أعمال الشغب وإطفاء الحرائق ، والقيام باعمال الانقاذ والاغاثة عند حدوث الكوارث الطبيعية ، والتصدي لأعمال العنف والارهاب بكافة أنواعها وحيثما تكون ، إلى جانب مكافحة التهريب وأعمال التسلل عبر الحدود البرية والبحرية ، وإدارة الأزمات المعقدة كعمليات الاختطاف التي اساءت الى سمعة اليمن . وقد حققت هذه القوة رغم حداثتها نجاحا لافتا خاصة لما قامت به من مهام عسكرية أوكلت إليها في اطار خطط الانتشار الامني خاصة في المحافظات التي توجد فيها بعض الخلايا والنشاطات المشبوهة ، ونجاحها في ضبط عمليات التسلل عبر الحدود . وشملت عملية تحديث وبناء المؤسسة العسكرية في ظل دولة الوحدة استحداث عدد من المؤسسات والدوئر العسكرية ذات البعد الاقتصادي والفني ومنها المؤسسة الاقتصادية التي تلعب دوراً هاماً في تعزيز الاقتصاد الوطني كجزء فاعل من اسهامات القوات المسلحة في مجالات النهضة التنموية الشاملة التي شهدها وطن الثاني والعشرين من مايو . الأشغال فيما تتولى دائرة الاشغال العسكرية تأمين احتياجات القوات المسلحة من المباني والطرقات والمطارات والتجهيزات المكتبية وغيرها لما تمتلكه من بنية تحتية عملاقة تشمل معامل الأسفلت والكسارات وورش النجارة والموبيليا وورش الهياكل ومعامل البلك والعبارات والخرسانات الجاهزة والمركزية ومناشير الاحجار بالاضافة الى اسطول كبير من المعدات الثقيلة . الإنشاءات حيث تقوم هذه الدائرة بالاضافة إلى ماتتطلبه الانشاءات العسكرية بتنفيذ مشاريع استراتيجية تواكب بدرجة اساسية جهود التنمية الاقتصادية التي تتبعها الدولة كمسحيات الصحراء ومشاريع المراكز الحدودية وغيرها من المشاريع التنموية والخدمية إلى جانب اسهامها الفعال في مشاريع الطرق والجسور على مستوى الجمهورية . وقد اعطت القوات المسلحة دائرة التأمين الفني حيزاً كبيراً من اهتمامها ضمن أجندة البناء بمختلف صنوفها ، ولأهمية هذه الدائرة لما تمتلكه من امكانيات مادية وكفاءات بشرية لمواكبة جهود تحقيق بناء نوعي للقوات المسلحة بمختلف صنوفها البرية والبحرية والجوية، وتسهم هذه الدائرة من خلال فرعيها بصنعاء وعدن في رفع مستوى اداء مدرسي الشئون الفنية. الاتصالات فيما تكمن أهمية دائرة الاتصالات والنظم بالقوات المسلحة في مواكبتها لما يشهده العالم من تطورات في ظل الاسلحة الحديثة المتطورة المزودة بالمعدات الالكترونية المعقدة ، وهو مايتطلب وجود كادر مؤهل قادر على التعاطي مع المعدات الحديثة . الرقابة والتفتيش في حين تعتبر دائرة الرقابة والتفتيش من الدوائر الفاعلة والمؤثرة في انجاز عملية البناء النوعي والتحديث للقوات المسلحة من خلال ما تقوم به من نزول ميداني لكافة الوحدات العسكرية، واعداد تقارير دورية وفصلية وسنوية تتعلق بحالة القوات والمعدات ومدى استيعاب منتسبيها لبرامج التدريب والتأهيل . رعاية أسر الشهداء والمناضلين ولم يقتصر الاهتمام بمنتسبي المؤسسة العسكرية على من هم في الخدمة فقط وإنما يشمل المتقاعدين منهم بما يليق بتضحياتهم ودورهم في خدمة الوطن والدفاع عن مكاسبه ومنجزاته حيث اسست دائرة التقاعد والضمان الاجتماعي للقوات المسلحة احدى الدوائر الاستحقاقية التي تقوم برعاية المتقاعدين ومتابعة حقوقهم وحفظها وتسهيل حصولهم عليها بموجب قانون التقاعد العسكري المعمول به في الجمهورية اليمنية والذي يعد من افضل القوانين العسكرية في الوطن العربي. وفيما يتعلق برعاية اسر الشهداء والجرحى والمناضلين فقد اولت الدولة جل عنايتها بهذه الفئة الهامة من ابناء الشعب اليمني بإنشاء المكتب الخاص لرعاية اسر الشهداء ومناضلي الثورة لتقديم العون والمساعدة لأسرهم فضلا عن اعطاء افراد تلك الأسر الأولوية في التعليم والصحة والالتحاق بالكليات العسكرية والجامعية بهدف تأهيلهم وجعلهم عناصر فاعلة في خدمة الوطن والارتقاء به.