هو أحد الكتب الحديثة في مجال التنمية البشرية للكاتب المصري كريم الشاذلي.. كتاب أكثر من رائع سيجعل كل واحد منا يفكر ويحاول أن يغير حياته نحو الأفضل، التقاطاً لبعض معاني الحياة، وتسجيلاً لمواقف وصور ذات أهمية فيها.. حكمة سمعت، قرأت..شوهدت، قررنا اصطيادها خشية أن تطير، لنقدمها قرباناً لك!. أحد أكثر أخطاء هذه الحياة تكراراً ، هو ذلك الخطأ المتعلق بالبوح بالمشاعر والأحاسيس.. فمعظمنا يعتقد أنه ما دام يحب شخص ويحمل له مشارع طيبة ، فإن هذه المشاعر ما تلبث تعلن عن نفسها بنفسها ، وأن الشخص الآخر إن لم يرها فهو مخطئ ولا يقدر قيمة مشاعرنا النبيلة . وهذا خطأ كبير ، يحذرنا من الوقوع فيه علم النفس اليوم ، فلا زالت مدارس علم النفس تؤكد أنه يجب تعليم اللسان البوح بالجميل من المشاعر والأحاسيس ، ويحذرون من الاتكال على أن المشاعر الجميلة الطيبة الساكنة في القلب ستعلن عن نفسها وحدها . أفلاطون ينصحك بأن إذا رغبت أن يدوم حبك فأحسن أدبك ، أي اهتم دائماً بسلوكك ولتعبر دائماً جوارحك عما يسكن قلبك من المشاعر والأحاسيس الجميلة . وأعظم من قول أفلاطون قول سيد البشر محمد صلى الله عليه وسلم ، للرجل الذي أتاه يخبره فيه أنه يحب صاحبه ، فسأله النبي صلى الله عليه وسلم : هل أخبرته ؟ - أي قلت له أنك تحبه - ، وعندما أجابه الرجل بالنفي ، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: اذهب وقل له أنك تحبه ، ثم التفت النبي لأصحابه وقال : ( إذا أحب أحدكم أخاه فليخبره ) . إننا نعيش في زمن ندر فيه البوح بالكلم الطيب ، والاعتراف بالجميل من المشاعر والأحاسيس التي تسكن الوجدان.. كثير من الأزواج والزوجات يدمنون الصمت تجاه عواطفهم، وحجتهم ( إنه يعرف أني أحبه ! ) ، ولا يدركان أن المعرفة شيء ، والبوح شيء آخر تماماً . قل من تجده من الأصدقاء يخبر صديقه بعمق مشاعره تجاهه، ورغبته الحارة في أن يراه أفضل وأنجح شخص في الحياة، وحجته - كذلك - وهل يحتاج الحب إلى اعتراف ؟!. نعم يحتاج الحب إلى اعتراف وبوح وتأكيد ، تحتاج الأحاسيس الراكدة في عمق الفؤاد أن تسيل كلمات على اللسان لتستمتع بها أذن وقلب المحبوب.. النبي صلى الله عله وسلم كان يفعل هذا ، كان يقول لزوجته عائشة ( حبك كعقدة الحبل ، ثم يخبرها بين الحين والآخر أن العقدة على حالها ، أي أنه لا زال يحبها كأول الأمر )، وهذا حاله مع زوجته ، ولا يختلف حاله مع أصحابه ، فنراه يقول ( لو كان لي أن أتخذ خليلاً ، لاتخذت أبا بكر خليلاً ) ونراه في إحدى الغزوات يقول (لأعطين الراية غداً رجل يحبه الله ورسوله) ثم يعطيها لابن عمه وزوج ابنته علي بن أبي طالب رضي الله عنه.. والأمثلة كثيرة ، وعلى هذا الأثر يجب أن نسير يا صديقي ، يجب أن تعبر عن مشاعر الحب التي في قلبك تجاه أهلك وأصحابك ، لا يجب أن تكتم الحب أو تخفيه . لا يجب أن تتعلل بأن الآخر يعرف حقيقة مشاعرك ، إن قلوبنا كقارورة عطر مغلقة ، لن نستطيع أن نشم شذها ونستمتع بها إلا إذا فتحناها وتنسمنا من عبقها ، فافتح قلبك يا صديقي ، وانثر منه على أذن وقلب من تحب . ودع حبك يعلن عن نفسه .. إشراقة: إن المحب إذا أحب حبيبه تلقاه يبذل فيه ما لا يبذل