تحقق إذاعة المكلا نجاحاً يندر أن تجده مع إذاعة محلية أخرى، وذلك من خلال علاقة الارتباط الوثيقة التي خلفتها مع الجمهور، على مدى “43” عاماً من تأسيسها، حيث تجد ثقافة الاستماع للإذاعة طقساً يومياً مهماً بين أبناء محافظة حضرموت، ورغم المنافسة الشديدة التي تواجهها الإذاعات، من قبل الفضائيات والإنترنت إلا أن إذاعة المكلا لازالت قادرة على شد انتباه الجمهور وإرضاء رغباتهم. سيدة المعلومة تعد الإذاعة المصدر الوحيد لتلقي المعلومات بالنسبة ل “90 %” من أبناء محافظة حضرموت، حسب الباحث الاجتماعي عاطف الزيدي. الذي يضيف : إن الاستماع لإذاعة المكلا شائع في أرياف محافظة حضرموت أكثر من المدن. في عرض البحر بينما تجد ثقافة الاستماع للإذاعة شائعة بشكل لافت بين أوساط المجتمع بمحافظة حضرموت، ولا يكاد صوت إذاعة المكلا يغيب على مدى فترة بثها الممتدة من ال “7” صباحاً حتى الرابعة مساءً،فتسمعها في وسائل المواصلات، وفي البوفيهات والملتقيات والمحال التجارية، بينما يفيد الوالد سعيد باحويج أن الصيادين يحرصون على أخذ أجهزة المذياع معهم من أجل الاستماع لإذاعة المكلا خلال رحلات صيدهم في عرض البحر. محطة تاريخية تأسست إذاعة المكلا “ 28” سبتمبر “ 1967”م بعد سقوط مدينة المكلا في أيدي ثوار الجبهة القومية، وقد استخدمت في بداية عملها جهاز البرقيات الذي بحوزة جيش البادية الحضرمي، من أجل تقوية إرسالها الذي لم يكن يتجاوز محيط مدينة المكلا في حينه، وقد عمل جهاز البرقيات، على إيصال صوت الإذاعة التي كانت تبث برامجها تحت شعار “ صوت الجبهة القومية لتحرير جنوباليمن المحتل” إلى أماكن واسعة من محافظة حضرموت، وقد عملت هذه الإذاعة على إخراج الناس من ثقافة التبعية الاستعمارية، وكان لهذه الإذاعة دور بارز في استنهاض الجماهير وكسب التفافها وتأييدها للجبهة القومية، والتبشير بأهداف ومبادىء الثورة وذلك قبيل موعد الاستقلال الوطني في 30نوفمبر “ 1967”م. خلية نحل من داخل مبنى عتيق من المباني الملحقة بما كان يعرف بمقر المستشارية الإنجليزية سابقاً، ترسل إذاعة المكلا عطرها عبر الأثير، والحركة الدائمة لطاقم العاملين البالغ عددهم “ 93” عاملاً وعاملة تجعل المكان يبدو شبيهاً بخلية نحل. أرشيف المفاجآت ويمثل أرشيف إذاعة المكلا محطة مهمة بالنسبة للزوار، نظراً لمحتوياته القيمة، حيث تحتوي المكتبة الموسيقية على سبعة آلاف شريط من الأغاني المنوعة العربية واليمنية، يحتل التراث الغنائي الحضرمي معظمها، بينما تحتفظ المكتبة الموسيقية بالكثير من المفاجآت للزوار، مثل البدايات الأولى لفنانين من أبناء محافظة حضرموت جابت شهرتهم الآفاق لاحقاً، وأنشودة “طلع البدر علينا” التي أنشدها لأول مرة الفنان يسلم عبدالله بن دحي ثم ذاع صيتها واستخدمت في كثير من الأحيان دون الإشارة إلى صاحبها. نظام رقمي الجمهورية خلال زيارتها لإذاعة المكلا التقت الأستاذ سالم الشاحث مدير عام الإذاعة وأجرت معه الحوار التالي: ماهي أهم التطورات التي شهدتها إذاعة المكلا لأداء رسالتها الإعلامية؟ بجهود قيادة المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون، وقطاع الإذاعات المحلية، انتقلنا من العمل بالنظام التماثلي إلى النظام الرقمي، بأجهزة الكمبيوتر الحديثة، التي استغلت لتوثيق المكتبة الموسيقية، وهي مكتبة زاخرة بالمواد القيمة. خارطة برامجية ماحجم البرامج في الخارطة البرامجية لإذاعة المكلا؟ لقد تم وضع “36” برنامجاً لدورة مايو أغسطس البرامجية منها ستة برامج مباشرة تبث أسبوعياً هي برنامج عيادة على الهواء وبرنامج البث المفتوح الذي يخصص له يومان من كل أسبوع ويقوم من خلاله المواطنون بمناقشة المسئولية في المرافق الخدمية، وبرنامج مشوار اليوم والذي يناقش القضايا التي تهم الأسرة والمجتمع. وبرنامج الدين والحياة، ومسابقة الإذاعة الأسبوعية فيما تضم البرامج القطاعية “المسجلة” مجموعة من البرامج التي تستهدف المزارعين، والمسائل التربوية، والبرامج الرياضية والإخبارية وغيرها من البرامج التي تلقى الرواج بين المستمعين. كما نفذت إذاعة المكلا مجموعة من البرامج الحية وارتبطت ببث مباشر مع عدد من الإذاعات المحلية والبرنامج العام احتفاء بالعيد العشرين للوحدة اليمنية المباركة. استبيانات حية هل تقومون بإجراء استبيانات لمعرفة البرامج المرغوبة من قبل الجمهور؟ لعل إذاعتنا من أكثر الإذاعات إجراءً للاستبيانات من خلال التواصل مع الجمهور عبر البرامج الحية المباشرة، مما يعطينا مؤشرات نرتكز عليها في تقييم برامجنا واختيار الأنسب في الدورات البرامجية المختلفة وأزمان البث وغير ذلك مما يحتاجه المستمع. مهام جسيمة ماذا عن الدور الذي لعبته إذاعة المكلا في مختلف الحقب التي عايشها شعبنا؟ لإذاعة المكلا أدوار كبيرة في مختلف المراحل، لصلتها الوثيقة بجمهورها المحلي، الذي ارتقت الإذاعة بذائقته السمعية وهذا جزء من مهام جسيمة أدتها الإذاعة ومازالت في التنوير والتوعية والتعريف بقضايانا الوطنية وفي المقدمة الوحدة اليمنية والحفاظ عليها، وقضايا التنمية وغير ذلك من القضايا التنموية والاقتصادية. صعوبات ماذا عن مدة البث والصعوبات التي تواجهها إذاعة المكلا؟ مازالت الفترة الزمنية لبث إذاعتنا كما هي تسع ساعات يومياً، ويحدونا الأمل لزيادتها قريباً، إذ تم تركيب محطة الإرسال الجديدة، وتعزيز ميزانية الإذاعة، وهذا لايعني أننا لا نواجه أي صعوبات، بل بالعكس هناك الكثير من الصعوبات، لكننا نجعلها دافعاً لتقديم الأفضل، فمثلاً في رمضان الماضي تقلص إرسالنا لساعتين نتيجة عطب بمحطة الإرسال وهي قديمة من مطلع الثمانينيات، وتعمل بقدرة قادر، أيضاً مبنى الإذاعة قديم وترميمه لم يعد مجدياً ولهذا ندعو إلى سرعة إنشاء مبنى جديد للإذاعة، في الأرضية المحددة لهذا الغرض.