خلال الأسبوعين الماضيين عاش سائقو المركبات الخاصة والأجرة في مدينة تعز حالة غير معهودة في جولات المدينة ومداخلها بالأخص الارتباك والترصد والحذر من رجل المرور وتمويهه والتحايل عليه أو الفرار منه إن لزم الأمر خشية دفع الغرامة أو رصد مخالفة أو الوصول إلى حوش المرور.. إنها حملة ربط حزام الأمان ليس إلا ! - أترون مدى تعاستنا بعد قرنين من صناعة المركبات قد يستنكر البعض قائلاً : يعني ما عادفيش إلا حزام الأمان وإلا كل شيء (سابر)! لا حفر في الشوارع ولا مطبات قاتلة بلا لون يميزها أو ارتفاع يحدها من سحق بطون المركبات المنخفضة وقد يتساءل آخر .. وليش أولاً مايفعلوا حملة على السيارات عوراء الإنارة من الأمام ومن الخلف ونور اصطب الفرامل الذي يتسبب انعدامه بحوادث عدة والذين يسلطون كشافة ال(فاص) إلى عيون من تقابلهم من المركبات ووو... يقول مدير عام مرور محافظة تعز : إن كل تلك الأمور في البال لكن تنفيذها سواء في محافظة تعز ام اي محافظة لايزال بحاجة إلى إذن وتوجيهات وموافقة الإدارة العامة للمرور بصنعاء. - التقينا مدير عام مرور محافظة تعز هذه المرة على هامش حملة ربط حزام الأمان التي اعتبرها ضرورة بالغة الأهمية للحفاظ على أرواح السائقين والحد من حجم الإصابات فإلى هذا الحوار واستطلاعات آراء مجموعة من السائقين خلال الحملة فإلى الحوار أولاً : حبذا لو تعطينا لمحة عن حال طرقاتنا؟ من قديم الأزمان ومنذ ان قال اليمانيون : ربنا باعد بين أسفارنا حتى مجيء الثورة اليمنية المباركة وتحمل فخامة الرئيس علي عبدالله صالح عبء الحفاظ على مكتسبات هذه الثورة وشبكة الطرقات غطت خارطة الوطن بفضل الله تعالى وإرادة قيادتنا الرشيدة وشعبنا العظيم لتجسد طرقاتنا واقع الرخاء وأسمى معاني التواصل والإخاء بين أبناء الشعب اليمني فيما بينهم من ناحية وبينهم وبين المرافق الحكومية والمعنيين بإدارة مصالحهم من ناحية أخرى.. وبعد قيام دولة الوحدة المباركة زاد توسع الشوارع الواصلة بين المحافظات وربطت أريافها كذلك شبكة طرق كسرت العزلة بين الأرياف والمدن. المركبات الكبيرة - يضيف العقيد /قيس الإرياني مدير عام مرور محافظة تعز في الحديث عن توسع حجم الهم المروري في الطرقات الاستراتيجية بين بلادنا والدول المجاورة بقوله : خلال العشرين عاماً الماضية زادت الحركة التجارية والسياحية والاستثمارية والعلاجية وو... بين بلادنا والدول المجاورة خاصة السعودية وبالتالي تضاعفت الحوادث المرورية بشكل مهول. وقيادة وزارة الداخلية ترقب هذا الوضع ساعية لوضع حلول من خلال تكريس سبل الشراكة بين أجهزة المرور بالمحافظات وفروع مؤسسة الطرقات ومكاتب الأشغال من خلال التالي: لغة الطريق - يقصد العقيد الإرياني بلغة الطريق (الشواخص أو الإشارات المرورية) بشأنها يضيف : للأسف الشديد تكاد تلك الشواخص المرورية تنعدم من طرقاتنا خاصة الحديثة منها فإذا تحدثت عن نطاق عملي في محافظة تعز سأعطيكم مثالاً : (طريق الراهدة – حيفان – المغاليس – طور الباحة ) مررت بتلك الطريق بنفسي برفقة فريق من الزملاء في الإدارة لملاحظة ما تحتاجه تلك الطريق من وسائل للسلامة المرورية فوجدنا تلك الطريق المارة بالتواءات ومنحدرات مخيفة تنعدم فيها الشواخص والإرشادات المرورية تماماً وكذلك الخطوط الفسفورية وعيون القط والموانع الحديدية أو الفولاذية أو الخرسانية الحامية من انزلاق المركبات إلى الهاوية. - (اللوحات التعريفية).. والتي من خلالها يتعرف السائق على الخط من أين يبدأ وكم المسافة التي يسير عليها وما المناطق والوديان التي يمر فيها ومع ذلك فإن الطريق لا يعرفها إلا أهل المنطقة وأناس قليلون من أبناء المحافظة حتى ان القصور فى تلك الطريق وصل إلى افتقارها للوحة إرشادية تعريفية دالة على الطريق تنتصب في الراهدة والأخرى في الشق من الطريق في صبر (خط الوحدة). جدوى الحملة - وحول الأهمية التي يشكلها حزام الأمان قال مدير عام مرور محافظة تعز : بدأنا بمحافظة تعز من تاريخ 10/7/2010م تنفيذ حملة ربط حزام الأمان في مداخل وجولات مدينة تعز وتستمر الحملة لمدة أسبوعين. وفي الواقع وإدراكاً فى قيادة وزارة الداخلية والإدارة العامة للمرور للأهمية البالغة التي يشكلها ربط حزام الأمان أثناء قيادة المركبات دشنت هذه الحملة الأولى من نوعها، حيث كشفت الدراسات والإحصاءات المرورية والأمنية والصحية ان الالتزام بربط حزام الأمان من شأنه تقليل نسبة الإصابات والوفيات الناجمة عن الاصطدامات المرورية للمركبات إلى (%15) بمعنى أن (%85) من إصابات ووفيات السائقين أثناء الحوادث ناتجة عن عدم الالتزام والتعود على ربط حزام الأمان. ثقافة مرورية ويمضي العقيد قيس الإرياني التأكيد بأن المجتمع بحاجة إلى أولاً إلى وعي مروري بدواعي السلامة المرورية ومن بينها “حزام الأمان”: هل تلاحظون مدى انضباط الأجانب ومعظم الوافدون العرب الى بلادنا بربط حزام الأمان ليس أثناء سيرهم في الخطوط الطويلة بين المحافظات،فحسب بل أضيق شوارع مدينة تعز وحواريها أيضاً، غير آبهين بعيون رجال المرور مثل أصحابنا في هذه الحملة لأن ربط حزام الأمان ياعزيزي قد ترسخ لديهم وصار ثقافة يومية أثناء القيادة تعودوا عليها وهذا ما نتمناه نحن رجال المرور من إخواننا السائقين، فمتى صارت دواعي السلامة المرورية لدى سائقينا ثقافة وعادة وسلوكاً يومياً حينها فقط يغدو انتصاب رجل المرور في الجولة الفلانية لالتقاط المخالفات أمراً غير ذي أهمية. توعية ومطبوعات إن مسألة ترسيخ ثقافة ربط حزام الأمان أثناء القيادة بين سائقي المركبات في بلادنا أمر لا يستهان به فهو بحاجة إلى توعية أولاً قبل الشروع بهذه الحملة أو تلك في هذا الصدد يقول العقيد قيس الإرياني مدير عام مرور محافظة تعز: خلال الخمسة أشهر الماضية قمنا بطباعة وتوزيع ولصق مطبوعات عديدة توعوية لأهمية ربط حزام الأمان وتسجيل فقرات توعوية إذاعية وكذلك أشرفنا على إنتاج “CD” غنائي مكون من “6” أغان توعوية ظريفة أداها ولحنها مجموعة من الشباب المبدع ليستمتع بها السائقون أثناء القيادة واستلهام مضمونها المتصل بدواعي السلامة المرورية وعواقب عدم ربط حزام الأمان. مخالفات وغرامات يواصل مدير عام مرور تعز: وبعد مضى خمسة أشهر من طبع وتنفيذ وتوزيع تلك الوسائل المعرفية والتوعوية السالفة لحملة ربط حزام الأمان انتقلنا منذ أسبوعين إلى المرحلة الحاسمة لتنفيذ الحملة،ففي يوم ضبط المخالفين غير الملتزمين بربط حزام الأمان خرجت بنفسي وفريق من الزملاء والأفراد إلى المدخل الجنوبي لمدينة تعز “نقطة جامع المنشور” نتج عن ذلك ضبط آلاف المركبات الوافدة من الراهدة وعدن ولحج و..... فارتصت المركبات من قبل نقطة جامع المنشور وحتى نقيل الإبل، وإن يكن قد استاء الغالبية من أولئك السائقين في ذلك اليوم من التأخر لأكثر من ساعة في الخط وأثناء الحملة إلا معاناتهم تلك تناقلها السائقون وذاع صيتها فجنينا ثمارها في اليوم التالي مباشرة عندما تحولنا صبيحة اليوم التالي إلى نقطة تفتيش المدخل الشمالي للمحافظة “أسفل القاعدة” فلمسنا التزام الغالبية مباشرة بحزام الأمان. التزام بنسبة 85 % يؤكد مدير عام مرور المحافظة العقيد قيس الإرياني أن الحملة دخلت بعد ذلك إلى أبرز جولات مدينة تعز ففي يوم الاثنين الماضي تركزت الحملة على جولة القصر. كما تم في ذات اليوم توزيع كميات كبيرة من المطبوعات “ بروشورات ومطويات وملصقات” قام بتوزيعها رجال المرور على السائقين ليس في جولة قصر الشعب،فحسب بل في معظم جولات مدينة تعز. استطلاع آراء السائقين في الواقع فقد كُلف كاتب هذه السطور من قبل الصحيفة بتغطية حملة ربط حزام الأمان من خلال الالتقاء بمدير المرور على نحو ما ورد في الأسطر السالفة،أما حصيلة النزول الميداني لملامسة مدى تقبل السائقين والتزامهم بحزام الأمان فهي في الأسطر التالية: عدنان سلطان الحميدي “35” عاماً: الحق يقال أن حزام الأمان ضرورة صنعها ال “ نصراني” للحفاظ على أرواحنا ،لكن بصراحة لم نتعود على الحزام من زمان ضاحكاً “هكذا وجدنا عليه آباءنا” بمعنى أنه تعلم القيادة من والده باستثناء ربط حزام الأمان. منصور عثمان العريقي سائق حافلة أجرة : كما تراني الآن رابط حزام الأمان من ثاني يوم من الحملة. ففي اليوم الأول كنت أربط وما أن أخرج لشراء دبة ماء أو سيجارة أو تناول وجبة طعام حتى أرجع ناسياً فأقع في قبضة رجل المرور وأتوسل إليه لأكثر من ربع ساعة ثم أنطلق وأوصل بعد أن أخسر الركاب الذين كانوا معي ثم أواصل المسير وأنسى ثانية فيأخذني رجل مرور آخر حتى نقترب من حوش المرور بعدها أتوسل ثانية وأتخارج منه ،بعد ذلك حسبتها وتعودت جيداً على ربط الحزام قبل تشغيل الباص. عبدالعليم بجاش الشرعبي “40” عاماً سائق تاكسي أجرة التقطنا صورته أثناء توقيفه “على جنب” من قبل العقيد جميل الرامسي أحد ضباط مرور تعز خلال حملة جولة القصر أثناء قيادته بدون حزام الأمان سألناه فأجاب: السيارة كما ترون خردة من الثمانينات ومن يوم ما اشتريتها قبل عشر سنوات وهي بدون حزام الأمان.. إيش أسوي لكن يافندم الله يحفظك أمهلني هذه الفرصة أوصل الراكب الذي معي واستلم الأجرة وأقفز ساني لشراء حزام من أطرف تشليح. أمين عباس “25” عاماً سائق مركبة خاصة كان مثالاً للانضباط واللياقة قال: أنا موظف في مجموعة هائل سعيد ونتعرض لعقوبات من إدارتنا حال وصولنا الشركة غير رابطين حزام الأمان في حال لمحنا المسئول المعني بذلك لذلك فنحن متعودون على ربط الحزام غير أن هذه الحملة زادت من همتنا حتى أثناء السير وسط شوارع وأزقة المدينة. الحاج مهيوب المليكي “55” عاماً سائق لاند كروزر “شاص” محملة بالأسمنت كانت ربطة حزامه ليست على مايرام فقد التفت على ثلثي عنقه فقد تتحول إلى مشنقة حسب العقيد عبدالعزيز الكميم الذي استوقفه ومضى يعدل له الربطة فأدركنا أن مجاميع مهولة من السائقين لايعرفون كيفية ربط الحزام. عبدالولي مقبل سائق بيجوت فرزة أوقفه العقيد عبدالرحمن الطيب أثناء الحملة أقتربت منهما لأستطلع مبرر ذلك السائق من عدم ربط الحزام فأوضح العقيد الطيب نيابة عن السائق بأن الحزام مقطوع من الأسفل ومرمي فقط على صدر السائق دون ربط لتمويه رجل المرور فقط. غادرت جولة قصر الشعب مكتفياً بهذا القدر من الاستطلاعات لمبررات عدم الانضباط بربط حزام الأمان لدى البعض وللأمانة الصحفية التي قد يعاتبني عليها مرور محافظة تعز ومدير أمن المحافظة لأن كاميرتي لم تلتقط صورة واحدة لسائق طقم أمن أو نجدة أو حرس رابطاً فيها حزام الأمان فمن ينبغي الاقتداء بهم وجدناهم هكذا يأتي بالدرجة الأدنى منهم سائقو المركبات الحكومية وبشأنهم قال العقيد قيس الإرياني أن مخالفات عدة ترصد بحقهم لكنهم ربما لا يأبهون بالأمر لأن تسديدهم السنوي للغرامات لايتم إلا مركزياً كلما أرادت مؤسساتهم تجديد الأوراق والرخص وهذا باعتقاد كاتب السطور من أسباب الحد من نجاح تجربة السلطة المحلية في المحافظات فيما يخص الجانب المروري بالمحافظات الذي يعاني جور التبعية المفرطة لصنعاء “الإدارة العامة للمرور”. حصيلة الحملة في نهاية هذه الاستطلاعات الميدانية لمستوى نجاح وتقبل السائقين لحملة ربط حزام الأمان هاتفنا العقيد قيس الإرياني في نهاية الحملة للحصول على آخر النتائج التي أسفرت عنها الحملة فأجاب: التزم معظم السائقين خاصة الأجرة بنسبة “90 %” من الصباح إلى الظهر ومن بعد العصر حتى السابعة مساءً تتدنى النسبة لتصل نحو “75 %” ومراعاة لظروف السائقين والناس عامة خفضنا تعريفة قسائم المخالفات بحقها من “4000” إلى “1000” وأعتقد أن هذا المبلغ مناسب جداً فلو حسب هذا المبلغ جيداً لدى كل من يشرع بتشغيل سيارته للمضي في الشارع بدون ربط حزام الأمان ألف و بعدها ألف وكل يوم ألف أو ألفين أو أكثر هكذا سيلتزم السائقون أما من التزم فأولاده أحق بقيمة القسائم المرورية خاصة وارتداء حزام الأمان “بلاش” لايكلف شيئاً فقط أصحابنا بحاجة إلى شوية انتباه وحرص وانضباط يوم وراء يوم وراء يوم حتى يتعودون ويصبح ربط حزام الأمان أثناء القيادة ثقافة حضارية وأمنية مرورية إذا ما ترسخت مع باقي أخلاقيات السير حينها سيأمن السائق على نفسه وسيحترمنا الآخرون الوافدون إلى بلادنا. لاسيما وهذه المدينة الحالمة “تعز” يتمتع أبناؤها بقدراً عالٍ من الثقافة والوعي والتحضر.