نظمت جمعية الإصلاح الاجتماعي الخيرية بمحافظة عدن مساء أمس محاضرة بعنوان(مساجد ومدارس عدن التاريخية ودورهما في الحياة الاجتماعية والثقافية) للاستاذ المساعد في التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية بجامعة عدن الدكتور “أحمد صالح رابضة« . وتطرق رابضة إلى الانطلاقة الحقيقية للمساجد والمدارس التاريخية في مدينة عدن ودورها في تغيير مسار الحياة الاجتماعية والثقافية لدى ساكني المدنية وزائريها الذين جاءوا لطلب العلم والاستزادة من علمائها وفقهاها. وركز المحاضر على نقاط تتمثل في «عدن المكان والزمان» و«مهام المساجد والمدارس التاريخية المتواجدة في المدينة القديمة» و«الطرق التدريسية والمؤثرات».. مبيناً أن مدينة عدن كانت تضم لفيفاً من المساجد والمدارس التي لازال بعضها قائماً والآخر اندثر مع الزمن ، مستدلاً بأحد الرسوم القديمة البرتغالية وفي تدعيم المعلومات التي قدمها والتي يعود تاريخها إلى 1513م والتي أكدت أن مدينة عدن كانت تحوي منارات لمساجد عديدة في أنحائها. واستدل الباحث عن تمركز المساجد التاريخية بعدن والتي اندثر بعضها مثل مسجد «المدينة» أو مسجد«عدن» إلى بعض الأقوال التاريخية لعدد من الباحثين القدامى الذين أكدوا أن مدينة عدن حوت مساجد تاريخية لعبت دوراً في الحياة الاجتماعية والثقافية لقاطنيها والصفات التي كانوا يحملونها من خشوع وسكينة، إلى جانب الزيارات التي كان يقوم بها الصحابة والعلماء والنساك إلى مدينة عدن والتعبد في مساجدها والتعلم في مدارسها . وانتقد الدكتور«رابضة» بعض التقارير القديمة التي كتبها باحثون وزائرون لمدينة عدن خلال الفترات الماضية والتي أشاروا في بعضها إلى أن مدينة عدن لا تحوي آثاراً قديمة والتي كتبت باللغة الإنجليزية ، كما انتقد الطريقة التي تتم فيها إعادة بناء المساجد التاريخية أمثال «مسجد أبان» الذي بني سنة 170ه الذي هدم وأعيد بناؤه حديثاً، لافتاً إلى أن مثل هذه المعالم يجب إعادة ترميمها وفق المواصفات والطرق التي كانت عليها بهدف حفظ قيمتها التاريخية والحضارية . وتطرق الباحث إلى عدة مساجد قديمة في المدينة أمثال : جامع الشجرة ، العسقلاني ، أحمد بن علوان، حسين بن الأهدل ، جوهر ، عبدالله العراقي ، حامد ، وغيرها من المساجد القديمة المنتشرة في ضواحي عدن ، والدور التعليمي المنظم الذي كان يقدمه المدرسون فيها وإخراجها للعلماء والفقهاء والخطباء والقضاة المتميزين. وعن المدارس التاريخية أشار الباحث رابضة إلى طرق التدريس في المدرستين التاريخيتين ( الياقوتية ، والمنصورية) ودورهما في إخراج كوكبة من العلماء الذين انتفعت بهم الحياة المدنية في عدن وحملوا رايات العلم في شتى المجالات . ودعا الباحث في ختام الندوة إلى ضرورة الاهتمام بالمساجد والمدارس التاريخية في المدينة وإعطائها حقها في الترميم والرعاية بحسب مواصفاتها الدقيقة دون هدمها وإعادة بنائها بهدف حفظ مكانتها العريقة والتاريخية التي تحتفظ بها وتكون أحد المآثر الحضارية الخالدة في المدينة التي تعكس تقدم مدينة عدن في العلم من خلال مساجدها ومدارسها التاريخية . وكان رئيس الغرفة التجارية والصناعية بعدن رئيس الجمعية محمد عمر بامشموس أشار في بداية الفعالية إلى أن هذا النشاط الثقافي يأتي إسهاماً من فرع الجمعية في إثراء الحياة الاجتماعية والثقافية بكل ما هو جدير ، والتباحث والنقاش وحل القضايا التي تهم المواطنين في حياتهم اليومية .. وفي ختام الندوة جرى تكريم الدكتور محمد عبدالله محمد بن سلم، الذي حصل على شهادة الدكتوراه مؤخراً وهو في الثمانين من عمره ، وكذا الدكتور مروان مغلس للجهود التي بذلها في خدمة العلم والجمعية . حضر الندوة عدد من الشخصيات الأكاديمية والثقافية والاجتماعية والإعلامية وجمع من المهتمين.