قنوات شتى من كل حدب وصوب كقطع الليل المظلم لاهم لها سوى العبث بأخلاق المشاهدين وذوقهم، طوال العام تتفنن وتبدع أكثر من السيد إبليس نفسه في تعكير صفو المشاهد الكريم، وما أن يأتي رمضان حتى تتحجب هذه القنوات وتلبس خمار التقوى وتنضم بين عشية وضحاها إلى جماعة “ بتوع ربنا” إلى أن ينتهي الشهر الفضيل ويتغير كل شيء..قدسية الشهر توبة حتى مطلع العيد..!! علي عبدالله حميد أستاذ جامعي:” لرمضان مكانة كبيرة في قلوب المسلمين، لأنهم يقبلون على رمضان طمعاً فيما أعده الله للصائمين والقائمين فيه كونه وسيلة وموسماً روحياً لمغفرة الذنوب، وربح الأجر الكبير، ومن ثم الفوز بجنة النعيم، هذا بالنسبة للصالحين، أما غيرهم،فقد تكون هناك أسباب أخرى بجانب ماقد يحبون أن ينالوا فضل الله في شهر رمضان،فقد يكون سبب ذلك أنهم تعودوا منذ الصغر على احترام شهر رمضان بسبب عادات المجتمع، أو أن الآباء والأمهات يظهرون لرمضان من الاهتمام مالايظهرون لغيره حتى ولو كانوا في غير رمضان لايهتمون بالعبادة، ولايمارسونها، بالإضافة إلى أنه قد يكون السبب هو البحث عن الشهرة، ورضا الجماهير بعدم بث البرامج السيئة، كونه شهراً له قدسيته لدى جماهير الأمة بمختلف فئاتها. “ تقليد سنوي” بشير عثمان طالب: هذا مظهر من مظاهر التمسك بالقشور على حساب الجوهر، فعزوف هذه القنوات عن عرض برامجها المعتادة، ليس توبة وطاعة وخشية، بقدر ماهو تقليد سنوي، وتلبية لرغبة الجمهور الأعظم من المشاهدين الذين تعاف أنفسهم مشاهدة مثل تلك البرامج العابثة في رمضان، فليس لهم همّ سوى الربح المادي ليس إلا ..!! “ الجمهور عاوز كده” دنيا عبدالله صالح جامعية: لا تعدُّ بالتوبة الحقيقية بالمفهوم الصحيح لمعنى التوبة بقدر ماهي سياسة تقوم عليها تلك القنوات بغرض أو بحجة أن”الجمهور عاوز كده” بحسب اخواننا المصريين، ولو أن المشاهد يرغب طوال العام بمشاهدة البرامج الهادفة لكان لازاماً على تلك القنوات تلبية هذه الرغبات لأنها قنوات تقوم على أساس العقلية التجارية. خروج عن المألوف محمد عبدالباري ، مدرس: كيف للقنوات أن تتوب وهي لاترى في نفسها العبث والخروج عن المألوف، وخدش الحياء، ولكنها تظن أن عملها إنما هو رسالة يؤدونها، ألا ترى لتلك الراقصة، وهي ترقص لصالح فلسطين أو للتبرع لدار الأيتام.. إلخ، من أعمال الخير. ثم أين القناة التي تتوب في رمضان، إنها تتفنن أكثر لعرض العبث. أما القنوات الأخرى التي قد تتوب في رمضان، فالواضح أنها أسلمت نفسها لقيادة الشيطان، والشيطان في رمضان قد كبل وصفد. الاستعداد لعبث جديد ماجد عبده علي: ما تقوم به هذه القنوات العابثة في رمضان ليست توبة، لأنها لو كانت توبة لما عاد بثها كما كان قبل التوبة، بل ماتقوم به هو الاستعداد لعبث جديد، للقضاء على قيم الأمة. خصوصية فؤاد الفائشي علاقات عامة: من الملاحظ أنها ليست توبة خالصة، ولكن لأن رمضان يستدعي هذا الأمر، وكذلك يستدعي وجود برامج الترفيه، مسلسلات تحاكي التقاليد القديمة الحميدة مثل مسلسل “باب الحارة” و”بيت جدي” وغيرها وبما أن رمضان شهر القرآن، فهو شهر ذو نكهة روحانية، ونادراً ماتميل النفوس السليمة إلى الأشياء الهابطة. والقنوات العابثة بهذه التوبة المؤقتة إن جاز التعبير تكون قد عملت عمل اليهود الذين قالوا: “أمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره” يعني إيهام المشاهد بالتوبة دون فعلها في الواقع. ارتكاس في ثقافة الشعوب د. عبدالحميد الحسامي: إن انتشار البرامج العابثة واللاهية في رمضان يعد مظهراً من المظاهر السلبية في التعامل مع شعيرة الصيام، بل يمكن القول إن هذا ارتكاس في ثقافة الشعوب وانحراف في رسالة الإعلام، فرمضان موسم عبادة ينبغي للأمة أن تحيي فيه معاني الإخاء والتراحم والتكافل، وقيم الإيمان هو موسم للروح تجدد نشاطها وألقها.. وموسم حقيقي لتربية الأمة على الجهاد بمعناه الشامل، لكن منابر الإعلام والتثقيف والتوجيه في عالم اليوم عربياً وإسلامياً لا تمتلك مشروعها المنبثق من ذاتها، ومن قيم دينها، لقد فقدت مصابيح الضوء.. وأخذت تتردى في السحيق.. ولاننكر وجود بعض البرامج الإيجابية، لكن كثيراً من البرامج خاصة في فضائيتنا اليمنية ناهيك عن العربية لاتقدم لرمضان مايحقق المقصود منه.. ولا مايليق بمعانيه. رأي الدين عبدالعزيز العسالي: لو كنت صاحب القرار لاتخذت قراراً صارماً بإغلاق القنوات العابثة في رمضان وفي غيره، وآخر تقرير سمعته أن عدد القنوات العربية الفضائية يربو على “400” قناة، عشرون قناة فقط هي التي تحمل رسالة بما في ذلك قنوات الخرافة والمعالجة من الشياطين، وبقية القنوات لاعمل لها سوى العرض المبتذل، والأعمال المسفة للأسف، وفي نظري أن الشياطين تعجز عن فعل هذه القنوات، أليست هذه القنوات أولى بالتصفيد حتى طلوع الشمس من مغربها، وليس إلى يوم العيد، لكن المؤسف هو أننا في زمن العبث العربي. المساء لله.. والنهار للجميع د. فؤاد عبدالرحمن البنا: هذه صورة من صور العلمانية المقنعة عند كثير من المسلمين، حيث يملكون أكثر من وجه وعقل وقلب، وبالتالي فإن المساء لله والنهار للجميع، وأقصد بالجميع هنا: النفس الأمارة بالسوء وشياطين الإنس والجن..! وبسبب هذا الانفصام فإن قلوب هذه القنوات مع رمضان وسيوفها مع الشيطان، لكنها تتوصل بسبب تيار التدين الجمعي إلى هذه القسمة الضيزى. رأي علم الاجتماع د. منذر إسحاق علم اجتماع: لا أعتقد أن للعابث توبة تنقضي بانقضاء شهر رمضان ليعلن بعدها، ومع إشراقة شمس صبح العيد، عودة إلى العبث مجدداً، مما يعني أن القنوات العابثة لاتتوقف عن عبثها، وإنما “العابثون” هم من يتابعون تلك القنوات هم الذين يقل عددهم في رمضان حياءً أو تقيةً، وربما “تعباً” من اللهث وراء العبث طوال العام ليجدوا في رمضان فرصة لوضع أوزار حربهم العبثية، خصوصاً أن الأجواء الرمضانية تساعد على ذلك. إذن.. العابثون هم من يمنحون أنفسهم فرصة “للتوبة” حتى مطلع العيد، أما القنوات، فيعد رمضان فرصة “للتوبة” حتى مطلع العيد، أما القنوات، فيعد رمضان فرصة سانحة لمزيد من السابق في مضمار العبث.