د. عبد العزيز حسين الصويغ تقول الإعلامية البارزة الأستاذة دلال عزيز ضياء في صفحتها على الفيس بوك: «ضغطتُ الريموت على «العربيّة الحدث»؛ قتل، دم، حروب، صراعات، مدافع، جثث مُمثَّل بها.. أدرته على قناة عربيّة «إعلان عن أفلام تُعرض بالسينما في العيد ك»القشاش».. خلاعة، بذاءة، زعيق، ضرب، مطاردات، حوارٍ قذرة، يتخلل ذلك رقص شديد الخلاعة، أدرته على قناة أخرى «شوية ممثلين درجة عاشرة يقفزون كالبهلوان على مسرح مزين بألوان فجة زاعقة لا تمت للتناسق بصلة»، أردتُ أن أرى أيّ مسلسل، صدمنى مسلسل لا هو كوميدي، ولا هو فارس، حتى فارس زمان أرقى منه. أثناء تدويري فجعني إعلان تجارى عن جبنة ينفخ فيه الولد على أبيه، وهو يلقّنه طلبه مجعوصًا على الكنبة، تلاه إعلان بنادق ورصاص يُعبّأ في أنبوب أظنّه عن إنترنت سريع. رجعتُ ل»العربية»، مازالت الحروب مستمرة، والقتل والدمار مستمرًا. توقّفت.. سألت نفسي: أليس هذا تحرُّشًا عنفيًّا تجاه المُشاهد، اتفقت عليه تلك القنوات.. أم أن هذا طبيعيّ ومقبول وعاديّ، وأنا التي أملك مزاجًا نكديًّا سخيفاً لا يعجبه العجب»؟! *** ما قالته الأستاذة دلال عزيز ضياء يمثل الواقع الأليم الذي نعيشه في مجال الفن، ومع معظم الإعلام العربي. تفتح (الدش)، كما يقول أحدهم، وكأنَّ أحدًا صبّ عليك ماءً وأنت تتابع التفاهات، أكثر من 100 قناة والصالح للمشاهدة للأسف لا يتعدّى أصابع اليدين! وأكثر هذه القنوات متماثلة في الطرح (ماركة مسجلة)، مذيعة حاطة 40 طن مكياج، وأغانٍ هابطة، ومسابقات بدل من أن تُنمِّي العقل والفكر تجدها تزيد الإنسان غباءً وجهلاً. *** وهكذا فإن الهبوط في مجال الفن وفي معظم الإعلام العربي بلغ مداه بشكل أصبحت معه كلمة «إسفاف» قليلة لوصفه؟! فبعض القنوات أو «المراقص» الفضائية يُشبّهها البعض بهجمة الجراد الصحراوي. وأرى أنها أشد خطورة! فبينما يعمد أبناء معظم الدول التي يهاجمها الجراد عادة إلى أكله.. فإن كثيرًا من القنوات الفضائية هي التي تأكُلنا؟! ولو كان في إمكان الشعوب العربية «أكل» القنوات الفضائية لأصبحت تلك الشعوب الأعلى تغذية بين شعوب العالم جميعًا. الغريب أنه كلّما تزايد الهجوم على قنوات الرقص والغناء والخلاعة، تزايد عدد هذه القنوات، وتزايد عدد مشاهديها. وهو الأمر الذي يُعطي مزيدًا من الصدقية للمقولة المشهورة التي تقول: «الجمهور عاوز كده»! لذا فقبل أن نلوم أصحاب هذه القنوات؛ علينا أن نلوم هذا الجمهور، الذين أصبحت قلوبهم مُعلّقة في مثل هذه الفضائيات! *** إن المجتمعات العربية -وللأسف الشديد- هي مجتمعات أكثر انشغالاً بالتفاهة، وسعيدة بها، ويستطيع الفرد منّا تبرير هذه التفاهة بكل السبل والوسائل، بدعوى البحث عن لقمة العيش، أو الادّعاء بأن الآخرين فاسدون.. وهكذا. لكن يتفاقم هذا الداء عندما نصبح أيضًا فاقدي القدرة على النقد الذاتي. لنكتشف شيئًا فشيئًا بأننا من الجمهور «اللي عاوز كده»!! لذا فإن الاستنتاج الذي خرجت به الأستاذة دلال ضياء في النهاية، والذي وجدت فيه إجابة مُريحة لتساؤلاتها بقولها: «يظهر أنني بدأتُ أقتنع بأن العيب في شخصي ومزاجي العكر»، قد يكون أقرب إلى وصف الواقع.. فالعيب أكيد فينا لا في تلك القنوات وملاكها!! * نافذة صغيرة: (أدركتُ اليوم سبب انجراف أكثر القنوات الفضائية العربية، وراء البرامج «الهابطة» المليئة بالرقص والغناء والإسفاف غير المنقطع لتواصل الهبوط من عفنٍ إلى عفن. فقد اختارت هذه القنوات وأصحابها أن لا يوجعوا أدمغتهم بالدخول في سراديب السياسة والأخبار والتعليق وما ينتج عنها من وجع للرأس، هذا هو حال قنواتنا العربية، وسيصبح هذا، كما يبدو، هو حال بقية الأجهزة الإعلامية الأخرى).. د. عبدالعزيز الصويغ. [email protected] [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (6) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain