محافظة إب الآسرة الغناء بجمال طبيعتها الخلابة ومناخها المعتدل طوال شهور السنة وأمطارها الغزيرة تعيش كغيرها من المدن اليمنية أجواء روحانية لهذا الشهر الكريم ولا تختلف كثيراً في عاداتها وتقاليدها عن بقية المحافظات وهذا دليل الارتباط المتين بين أبنائها وأبناء المحافظات الأخرى. حيث يستقبل أهل أب رمضان بنكهة خاصة وفرحة تغمر الصغار قبل الكبار فتزين البيوت وتنظف وتنشغل النساء قبل دخول الشهر الكريم بشراء الاحتياجات الخاصة برمضان من الأسواق منذ بداية شهر شعبان.وخلال شهر رمضان يلاحظ الناس توافد السياح بشكل ملفت ومشاركتهم أهلها أجواء الروحانية الرمضانية لهذا الشهر الكريم وذلك لما تتميز به المحافظة من أجواء رائعة ومناظر خلابة ساحرة وشلالات المياه الطبيعية المنتشرة في كل مكان رسمت المحافظة في أجمل صورة وطبيعة حباها الله بها وميزها عن غيرها فتجد السياح من كل بقاع العالم يأتون إليها للاستمتاع بطبيعة البلاد بل أن هناك من السياح من يكرر زيارته لعدة مرات لشدة إعجابهم بجمال طبيعة إب. تقول أم أحمد من المملكة العربية السعودية الشقيقة بأنها تقضي إجازتها الصيفية في إب دائماً خاصة شهر رمضان لما له من خصوصية في العادات والتقاليد التي مازالت إب محافظة عليها، وان هذه الزيارة تعتبر الرابعة لها وتقول بأنها سوف تستمر بزيارة هذه المحافظة لما لها من ميزات خاصة ينجذب لها أي سايح إلى جانب طيبة وبساطة أهلها المضياف. العادات الرمضانية تستعد ربات البيوت لإعداد الأكلات اللذيذة والمتنوعة إلى جانب العصائر والحلويات وقبل أذان المغرب يتم تبادل المأكولات بين الجيران مم يزيد قوة الترابط والإخاء بين أفراد المجتمع فتصبح المائدة واحدة تجتمع الأسرة لتناول وجبة الفطور عبارة عن التمر والقهوة إضافة إلى الخَلمه وهي أكلة شعبية لايخلو بيت منها وتسمى عند أبناء إب القديمة بالشاباه وهي عبارة عن عصيد تقرص وتدخل الفرن وتصبح كأقراص دائرية سميكة تقدم مع الوزف الذي هو عبارة عن سمك صغير يحمص ويطحن، أضافه إلى الجبن البلدي وفي بعض قرى إب تقدم الخَلمه مع الزوم وتعتبر وجبة أساسية في الإفطار إلى جانب شربة القمح المجروش أو شربة العدس، بعد ذلك يذهب رب الأسرة مع أولاده لأداء صلاة المغرب في الجامع. يتوافد الكثير من الناس إلى المساجد لأداء فريضة صلاة المغرب وقبلها يقوم الأهالي من ميسوري الحال بتوزيع وجبات الأفطار على الصائمين فترى الموائد معمرة بأنواع متعددة من أصناف الطعام مثل التمر والقهوة والمقليات والأكلات الشعبية والعصائر، طيلة شهر رمضان ونجد روح التكافل الاجتماعي والإخاء والمحبة بين أفرادها وهي ليست عادة غريبة أو دخيلة على أهلها لأنهم سباقون لعمل الخير دائماً. من المظاهر الحسنة لدى أبناء إب هو عند قضاء صلاة المغرب يقفون على باب المساجد فتجدهم يقومون بتضييف من هو على سفر أو طالب علم وليس لديه أحد في المدينة أو فيما بينهم البعض لكي يشاركهم تناول وجبة العشاء وما أن تصل إلى البيت حتى تجد سفرة مليئة بأصناف الطعام والأكلات الشعبية التي تشتهر بها المحافظة مثل الفتة بالمرق وهي عبارة عن خبز ومرق وأيضاً العصيد والمرق الحامض والسلته والكنافة والمرطبية وهي تشبه اللحوح ولكن تخلط بالبيض والحليب وترش بالسمن وحبة البركة وتؤكل مع العسل وغيرها من المأكولات المتعددة والمشروبات وتزين سفرة الأكل بلمسات فنية جميلة. تقول أم إسلام ربة بيت بأنها تحب تخصيص مكان معين لتقديم وجبة العشاء وتزين سفرتها بطريقة مختلفة عن بقية الشهور وتقديم الوجبات في آوانٍ مزخرفة وملونة. عبادة وذكر تزداد المساجد بهجة وزينة خلال أيام رمضان المبارك وتمتلئ بمرتاديها من نساء وأطفال وشباب وشيوخ لأداء صلاة العشاء وصلاة التراويح بشكل جماعي فترى المساجد مكتظة بالناس وذلك لحرصهم على مضاعفة الأجر.. وعقب الصلاة تلقى محاضرات دينية وثقافية وتشكل حلقات لتعليم أحكام التجويد وتحفيظ القرآن الكريم والتفقه في الدين وأحكامه وعمل المسابقات الدينية والثقافية وتوزيع الجوائز وتشجيع حفظة القرآن فنلاحظ تسابق الأطفال بالذات في حفظ اكبر قدر من القرآن حتى يتباهى أمام زملائه لحصوله على الجائزة وهذا يدل على حرص الأمهات على إكساب أطفالهن تعاليم الإسلام والتمسك بتعليم الدين الحنيف، كما تجتمع النساء حرصاً منهن على ذكر وعبادة الله والاستغفار فتتحول المساجد في رمضان إلى بيوت عامرة بالذكر والعبادة والتقرب إلى الله والخشوع. تقول سمر التي تعمل في جامع الإيمان مدرسة تحفيظ قرآن إن المساجد تشهد إقبالاً كبيراً في هذا الشهر الكريم، على عكس بقية شهور السنة، خاصة من قبل النساء للتفرغ للعبادة والاستغفار وحفظ القرآن الكريم وحرص المحاضرات للحضور في هذا الشهر الكريم لتقديم النصائح والتوعية الدينية لهن وهنا يبرز دورهن بشكل كبير. شهر التواصل وزيارة الأقارب ولرمضان بما يمثله من أجواء روحانية وخصوصية إيمانية لها تأثير إيجابي على كافة جوانب الحياة المختلفة مما يجعله محطة لمعالجة الكثير من القضايا المستعصية وللحوار والتواصل من خلال الزيارات الاجتماعية المتبادلة بين أفراد المجتمع وصلة الأرحام وتوثيق العلاقات. ونجد النساء يتجمعن في إحدى البيوت فترحب بهن صاحبة البيت فتقدم لهن الحلويات مثل الرواني ولقمة القاضي وغيرها إلى جانب العصائر أو القهوة وتستقبل ضيوفها في أحسن مكان لديها فتقوم بتقديم حسن مالديها من عطور وبخور فحين تمر بين الأحياء تجذبك روائح البخور والعودة التي تنبعث من كل بيت، كما يجتمع الأطفال فترى شوارع الحي مضيئة مزدحمة بالأطفال فتجدهم مقسمين مجموعات منهم من يلعب كرة قدم ومنهم من يلعب سباق الجري ومنهم من يلعب شد الحبل ومنهم من يغني مكونين فرقة فتسمع الأناشيد المعبرة عن فرحتهم بهذا الشهر الكريم ومنهم من يفضل اللعب بالألعاب النارية رغم ازعاجها للآخرين. كما تنشط دور المنتديات والفعاليات بين الرجال في أحياء الأمسيات الرمضانية التي تتميز بها محافظة إب بعمل حلقات دينية وثقافية وسياسية ورياضية وصحية والتي عكست بشكل ايجابي على الواقع وإحياء مثل هذه البرامج والإعداد لها والمشاركة من جميع الجهات في المحافظة فنجد الأمسيات تتضمن الجانب التوعوي لغرس قيم المحبة والولاء الوطني وهنا يبرز دور القادة الاجتماعيين من علماء دين وأساتذه أكاديميين متخصصين. كما يقام النشاط الرياضي لكرة القدم والشطرنج والسباحة التي يشارك فيها أبناء المحافظة كخلية نحل تنشط في كل المجالات ولا تقتصر على الصوم والعبادة فقط وهذا ما جعلها مميزة . الصدقات تتضاعف وما يشد الانتباه في إب هو تعاون بعض أصحاب القرى من الأغنياء وميسوري الحال حيث يقومون بعمل جمعيات خاصة تقطع شهرياً من كل فرد في الأسرة حسب إمكاناته ولو بسهم بسيط فتجمع المبالغ المالية ويقومون بشراء حاجيات رمضان كاملاً وتوزيعها على الفقراء في القرى وعلى الأرامل إلى جانب توزيع كسوة العيد وهي تعتبر ظاهر جميلة تدل على مدى التكافل الاجتماعي بين إفرادها وتقوية أواصر المحبة والألفة.. أتمنى أن تشمل هذه الظاهرة في كل قرى بلدنا التي تعزز صلة الأواصر بين أبنائها. وتظل اب وروحانية العبادة والصيام في اجوائها الربانية التي تتفرد بها عن بقية بقاع الارض، ميزة لا تقارن، يسعد بها أهلها والزائرون إلى الأبد.