رمضان فرصة للتراحم، لا خلاف، رمضان فرصة للتعاطف، ولا خلاف أيضاً، ولكن، الخلاف سيكون حتماً حين تجد أحدهم يطرق بابك.. فتخرج له ما تيسر لك وأنت "متجمل " فيصفعك بقوله: "لا لا شكراً أنا أشتي زلط"..!!؟ هنا ستجد نفسك تصفع الباب في وجه كل من يطرق بابك، وأنت تحلف يميناً مغلظاً بأنه كاذب.. وأنك أنت الفقير، والذي لازم يشحت..!! أنا ممن يكره الأيدي الممتدة بخنوع وذلة؛ لأن أصحابها يتقنون التمثيل والخداع والكذب، ويعشقون المهانة، تعرفون من هم المحتاجون حقاً.. هم من وصفهم الله تعالى بقوله "يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافاً". لنا من الجيران ومن الأصدقاء ومن المعارف من يعيشون الكفاف، لا نعرف عنهم شيئاً، ولا نحاول أن نعرف.!؟ من منا يتحسس جاره ويمد له يداً بيضاء دون أن يشعره بأنه يحتاج لذلك؟ من منا يتقن فن إدخال السعادة إلى قلوب يملؤها الهم والألم؟؟ من منا يؤثر جاره على نفسه متمثلاً قوله تعالى :«ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة»؟ يراعي الإسلام جمال حفظ الكرامة للجميع.. في حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله، يوم لا ظل إلا ظله، كان من بينهم "رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله". هناك تكافل إسلامي غاية في الروعة لو تم تطبيقه في حياتنا، ستتغير كثير من الأوضاع وستنتهي كثير من الممارسات، التي جعلت منا مجتمعاً مفتتاً، تتلاشى منه القيم وعفة النفس والعزة. المتسولون في الشوارع والذين يتكاثرون في رمضان بطريقة تثير الاشمئزاز والسخط وتخلق قسوة قلب غير اعتيادية، وأحياناً، غير عادلة.. تجعلنا نحكم على كل من مد يده، هذه الظاهرة هي نتاج طبيعي لثقافة مخالفة ما جاء به الإسلام، ثقافة مستوحاة من جشع ودونية مفرطة. تعرفون.. نحن من شجع ظاهرة التسول ودعم ازديادها خاصة في هذا الشهر؛ ألسنا حين يصادفنا طفل يبيعنا اللبان أو المناديل وما شابه ذلك، نرده بحجة أننا لا نريد، بينما ندفع المبلغ نفسه أو أكثر منه لطفل آخر يمد يده للتسول؟؟ ألسنا من ينفق في رمضان ويكرم المتسولين في إشارة منا إلى أن هذا هو شهر التسول، وإراقة ماء الوجوه على الأرصفة وبوابات المساجد..! كم يتجلى قبح غبائنا، وقسوة قلوبنا في هذا الشهر الكريم..!!؟ [email protected]