يقول رب العزة جل جلاله: “لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم” التوبة 128.. وقال ربنا الرحمن الرحيم “لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً” الأحزاب “21”وسنتعرف على رحمة النبي بالأطفال الصغار: نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو قدوتنا في التعامل مع الأطفال الصغار واليتامى، كان يعاملهم معاملة رقيقة لطيفة لا نظير لها، معاملة فيها كل الرحمة، وحتى يرحمنا الله ربنا ينبغي أن نحول هذه الرحمة في بيوتنا وفي مدارسنا وفي شوارعنا إلى واقع عملي ومنهج حياة. كان صلى الله عليه وسلم إذا خرج من المسجد فقابله الصبيان وقف يسلم عليهم، ويمسح على خدي أحدهم واحداً واحداً، ورد في صحيح مسلم من حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه، يقول جابر صليب مع النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة الأولى فخرج إلى أهله فقابله الصبيان فجعل يمسح خدي أحدهم واحداً واحداً ثم مسح النبي صلى الله عليه وسلم على خدي، يقول جابر: “فوجدت ليده برداً أو ريحاً كأنما أخرجها من حؤنة عطار” (رواه مسلم)..وكان صلى الله عليه وسلم إذا رأى طفلاً يظهر له البشر والسرور إيناساً له، وكان إذا مر بصبية سلم عليهم ومسح برؤوسهم، حدث جابر بن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى صبية يتسابقون فجرى معهم تطييباً لهم. وكان يلقى الصبي وهو يركب ناقته فيدعوه إلى ركوب الناقة ليدخل السرور على قلبه..وكان يوطئ ظهره للحسن أو الحسين، رضي الله عنهما ليركباه، وكان يقبل الأطفال ويضمهم إليه.. دخل الأقرع بن حابس على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً وهو يقبل الحسن ويقبل الحسين، فقال الأقرع: والله إن لي عشرة من الأولاد ما قبلت أحداً منهم، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: “أو أملك أن نزع الله من قلبك الرحمة، من لا يرحم لا يُرحم”أي: إذا كنت لا ترحم أولادك فإن الله لا يرحمك” (رواه البخاري ومسلم. ومات لإحدى بنات النبي صلى الله عليه وسلم طفل صغير فلما رُفع إليه فاضت عيناه، فقال سعد بن معاذ رضي الله عنه: يا رسول الله، ما هذا؟ فقال صلى الله عليه وسلم: “هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء”. كان يربي الأطفال الصغار على الآداب الفاضلة حتى ينشأوا عليها، ويعلمهم ما ينفعهم في دينهم ودنياهم، ففي صحيح مسلم ورد أن عمر بن أبي سلمة كان غلاماً في حجر النبي صلى الله عليه وسلم فكانت يده تطيش في الصحفة، إذا ما أكل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يمد يده هنا وهنالك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك” (رواه البخاري)..وفي الصحيحين أن الحسن بن علي رضي الله عنهما أخذ يوماً تمراً من تمر الصدقة، فلما وضعها في فيه “فمه” أخذها النبي صلى الله عليه وسلم فقال: “كخ كخ، ألا تعلم يا حسن أننا لا نأكل الصدقة؟” (رواه البخاري ومسلم). فينبغي أن نتعلم من نبينا صلى الله عليه وسلم هذا الدرس، فنفتح لأطفالنا صدورنا وقلوبنا ويجب ألا نتخلى عنهم، وألا يتخلى الأب عن أولاده، وألا تتخلى الأم وألا تنشغل عن أولادها حتى لا يتربى الأولاد في الشوارع ومع أصحاب السوء، فنصل إلى نتيجة لا تحمد عقباها.. وسنتعرف غداً إن شاء الله على رحمة النبي باليتامى.