حل رمضان ورحل .. وماعادت المبررات مقنعة لعدم انطلاق الدوري العام لكرة القدم بعدما جرت قرعة خليجي “20” في عدن وتأكد ان بلادنا ستستضيف البطولة لأول مرة وليس أمام اتحاد عام الكرة سوى تحديد موعد انطلاق النسخة العشرين لدوري النخبة لبعث الحياة في الملاعب الكروية واللحاق بركب العالم الذي قضى شهر رمضان ولياليه في منافسات كروية دلت على الاستراتيجية المتبعة والتخطيط والبرمجة الصحيحة، والمستثمرة للوقت والجهد والمنتجة لاعبين ذوي امكانات عالية لا تبددها مجالس القات وعوامل الاسترخاء والفتور والترهلات التي تجلبها التوقفات الطويلة الأمد للدوري كما هو حاصل في بلادنا. وما نستغرب له ان الأندية لم تستطع ان تنطق ببنت شفة احتجاجاً على الحالة الضبابية التي تمرُّ بها جراء التأخير أو التأحيل للبطولة مع ان اتحاد القدم لم يتسلط عليها ولم يكتم أنفاسها أو يتجبر عليها، بل ان اللامبالاة التي اتصفت بها الأندية تكرّس العشوائية التي تعيشها وتسهم في توصيل إشارات سالبة إلى اتحاد القدم بأن الأندية ليست مستعدة بعد لخوض استحقاقات الدوري. ووجه استغرابنا ان الأندية تخسر الملايين من الريالات وآلاف الدولارات خلال فترة التوقف للدوري، لأنها ابرمت صفقات احترافية مع لاعبين محترفين يمنيين وأجانب وتدفع ودفعت لهم رواتب ومخصصات مالية رغم انهم لم يركلوا كرة حتى الآن في صفوفها وانما عقدت معهم اتفاقات معتمدة من اتحاد القدم للعب في صفوفها ابتداءً من شهر يونيو لمن تم تجديد عقودهم ومن شهر أغسطس وسبتمبر للذين التحقوا وانتقلوا إلى أندية أخرى .. وهكذا فإن إدارات الأندية لم تخاطب اتحاد القدم أو تحثه على إقامة الدوري في موعد محدد يجعل هذه الأندية قادرة على التعامل مع البطولة اعداداً بدنياً وتكتيكياً وفنياً وبخاصة ان معظمها لا تزال تبحث عن أجهزة فنية تقود فرقها الكروية ولم تستقر على تشكيلة أساسية بسبب التراخي الذي سيطر على أدائها العام وسوء التقدير لعامل الوقت من جهتي اتحاد القدم وإدارات الأندية سواءً في الدرجة الأولى أم الدرجة الثانية. منتخباتنا والعشوائية وإذا أردنا المنافسة في خليجي “20” فإن ذلك يتطلب منا على الأقل العمل على الارتقاء بمستوى الدوري فنياً لأن لاعبي منتخبنا يتخرجون من ملاعبنا اليمنية وليسوا محترفين في الدوريات العربية والدولية وهذا يحتم على اتحاد القدم خاصة السعي الحثيث نحو تحديد انطلاق البطولة الأهم في كرة القدم وعلى الوزارة أيضاً ان تسهل ذلك ولا تكون حجر عثرة أمام تحقيق النهوض والتطوير بالتقاعس والتباطؤ في صرف المستحقات المالية لاتحاد القدم والأندية المنضوية تحت إدارته. فالمنتخب الوطني ومثله منتخبات الناشئين والشباب والأولمبي يشكلون عناوين اليمن الرياضية وسفراءها الذين يمثلون بلادهم في المحافل الكروية الدولية ومن حقهم على الجهات المختصة الاهتمام والرعاية والدعم والحفاظ على جاهزيتهم البدنية والفنية والنفسية والمعنوية ولن يتأتى ذلك إلا بتنفيذ المهام المناطة بالوزارة الرياضية واتحاد القدم وأهمها بطولتا الدوري وكأس الرئيس إضافة إلى البطولة المستحدثة (بطولة كأس الوحدة ) .. واعتماد استراتيجية واضحة بشأن انطلاقها ومواعيدها .. لأن بقاء المزاجية والارتجالية مسيطرتان على الأجندة الاتحادية والوزارية سيكلفان الكرة اليمنية الكثير .. ولن تتطور أو تنهض مادامت العشوائية هي المتسلطة على الأداء وفي ظل غياب الالتزام والشعور بجسامة المهمة وأنها وطنية بالدرجة الأولى .. وطالما لم يتحسن عمل الجهات المختصة فيما يتعلق بتحديد انطلاق الدوري في مواعيد معينة مسبقاً مثلما هو حاصل في بلاد العالم المتطور كروياً فإن النتائج المتوخاة في خليجي (20) وفي سائر البطولات التي يشارك فيها منتخباتنا وأنديتنا الوطنية لن تتحقق لأننا من الذين يستمتعون بالهدم أكثر من البناء اتساقاً مع المثل الشعبي (دقدق بيته وعمر ثان) .. فيما نبنيه في الموسم الكروي نهدمه في الشهور التي تليه عندما تصاب ملاعبنا بالشلل الكروي التام، لاتوجد في بلاد كانت متخلفة وتلهث وراءنا مثل موزمبيق وتنزانيا وبوتان واندونيسيا والهند وباكستان وسنغافورة وتايلاند .. وهاهي اليوم رغم انصرافها عن الرياضة فيما سبق إلى مجالات التنمية الأخرى أو فقرها المدقع كروياً .. نجدها قد تطورت بعدما اعتمدت استراتيجية طويلة المدى تم تنفيذها بالتدريج والتخطيط السليم بتواريخ وأزمنة محددة سلفاً .. فتقدمت كروياً وتخطت بمستوياتها الفنية منتخباتنا وأنديتنا وحققت مبتغاها من التطوير، وهي تسبق الكرة اليمنية في الجدول الترتيبي الذي يعلنه (الفيفا) في موقعه الالكتروني .. مشيراً إلى أن تلكم الدول النامية رياضياً أصبحت تنافس الكبار ولم تعد قنطرات لعبورهم .. فهل يفكر أهل الحل والعقد في الاتحاد والوزارة بأن انتظام الدوري الكروي له هذه الأهمية وان التطور ابن التخطيط الواضح والتنفيذ الصحيح ؟! بركات رمضانية إن من بركات رمضان الرياضية انبعاث النشاط الرياضي في الملاعب عصراً وليلاً على الأضواء الكاشفة واحياء الموات فيها بعد غياب طال شهوراً عقب الاستراحة الاجبارية للاندية والاسترخاء الصيفي الذي كاد يطيح بذخيرة الكرة اليمنية وعتادها ويرمي بنجومها في هاوية الأسمار والسهر ويقودهم إلى الاستهلاك المدمر. فكانت المعادلة الغريبة ان الأموات هم من بعثوا في الاحياء الهمم والعزائم والإرادات لتتحول معظم محافظات الجمهورية إلى ساحات وملاعب لممارسة كرة القدم بصورة خاصة والألعاب الأخرى بشكل عام. في العاصمة صنعاء وفي عدن وتعز والحديدة وحضرموت وذمار وأبين ولحج وإب والبيضاء انتعشت بالمسابقات الرمضانية والدورات الكروية والبطولات الرياضية المتعددة إلا أن الجميل فيها انها لم تنظمها الوزارة والا الاتحاد العام لكرة القدم بل جهات ومؤسسات وشركات وجامعات وأندية .. والأجمل فيها أن جلّها ان لم تكن جميعها تحمل اسماً لعلمٍ أو نجم من أساطين الرياضة اليمنية ممن رحلوا عنا وتبقت أمجادهم في ذاكرة الأجيال سواءً أكانوا رياضيين في ملاعب كرة القدم أم إعلاميين رياضيين خدموا الكرة اليمنية بالصورة والقلم أم كانوا أعمدة وداعمين للرياضة. أولئك الراحلون العظماء في الشأن الرياضي هم الذين حفزوا هذه الجهات على المبادرة لإقامة البطولات والدورات الكروية كلما هلّ هلال رمضان تخليداً لذكراهم واعترافاً بما قدموه وتعريفاً بما انجزوه ووفاءً واقراراً بالجميل الذي صنعوه في حياتهم الرياضية. فمن بطولة الفقيد علي الاشول والفقيد المريسي والراحل الغرابي والفقيد غلام إلى بطولة الراحل الاعسم مروراً بدورة المرحوم مطهر ثابت الكروية ومهرجان عادل العريقي والفقيد محمد علي سلمان وبطولة عبدالله حويس والراحل عارف عبدربه والمرحوم يحيى علاو والفقيد العطاس .. وغيرهم ممن لا تسعفني الذاكرة لحصرهم . تلكم البطولات التي تحمل اسماء كوكبة مازالت بصماتها ظاهرة للأعمى والبصير لم تكن لتحصل على الدعم المادي والمعنوي لاستمرارها سنوياً في رمضان المبارك لولا انها – أي البطولات – حملت عناوينها نجوم الكرة اليمنية والصحافة الرياضية الذين بعثوا الحياة في ملاعبنا الميتة وحضوا من قبورهم الأحياء الأموات على إقامة البطولات لاحتضان البراعم والناشئين والاشبال المحرومين من الرعاية الكافية ومن أجل الحفاظ على الرياضيين من الموت المبكر بولعة الشيشة والقات .. ولزرع الأمل والتأكيد ان رمضان بلا رياضة موت .. وان أرواح الرياضيين خالدة