من الميلاد إلى الانتصار معايشة الحلم وإسهام في تحقيقه شمايخ حجة إلى أزقة المعلا وكريتر، وسيرة ومسيرة يرويها المناضل صالح عبدالله صائل - الأمين العام لحزب جبهة التحرير -والذي يوثقها للأجيال قائلاً: بدأت النضال منذ سن مبكرة من عمري حيث تربيت في حافة حسين في كريتر وشاركت في العديد من المظاهرات التي كانت تقام ضد الاستعمار البريطاني وعملائه وكنت أمر على المنازل لحث الناس رجالاً ونساءً للخروج في المظاهرات والاعتصام في مسجد العسقلاني وفي مسجد البيحاني رحمه الله وكنت متحمساً مثل بقية الشباب حتى قامت ثورة 26سبتمبر 1962م وحينها تدافعت الجماهير للدفاع عن ثورة سبتمبر وكنت واحداً من الذين كان لهم الشرف في الدفاع عن الجمهورية لإدراكنا أن انتصار الثورة في شمال الوطن سيشكل دعماً استراتيجياً لمواصلة كفاحنا ضد المستعمر ونيل الاستقلال فغادرت أولاً إلى تعز وكان معي عدد من الزملاء أمثال عوض جياش، محمد ضيف الله وزير الدفاع السابق، ومبارك عبدالله بخاش الذي قتل في إنزال مظلي، ومحمد عبدالله بخاش وغيرهم من الزملاء فتم توزيعنا في جبهات النضال ولم يبق معي سوى الزميل محمد عبدالله بخاش وعند وصولنا إلى تعز تم نقلنا بعد عشرة أيام إلى الحديدة وهناك تم استقبالنا من قبل المناضل محمد الرعيني محافظ الحديدة وحجور الشام حينها وكنت حينها في فرقة صغيرة ضمن مئات الفرق بقيادة الشيخ محمد عمر عواس ومعه مجموعة من الضالع وردفان والحواشب وتم تسليمنا بنادق(كنده وشرفأ وجرمل) فكان نصيبي بندقية(شرفأ أم السباع) وظلت معي بعد العودة من المعارك حتى وصلت بها إلى شبوة منطقة برخه(مسقط رأسي). - الوحدة تتويج لنضالات الشعب اليمني وأما عن مشاركتي فقد شاركت في الدفاع عن ثورة سبتمبر في كل من أرض بني قيس بحجة ثم في نجره بعمران وجبل ضره وهناك تعرفت على العديد من القيادات التاريخية أمثال صالح بن حسين الرصاص الذي كان نجماً لامعاً في كل المعارك (رحمه الله وكان معنا في المعارك الشيخ سالم عبدالقوي الحميقاني ورجاله وعبدالله الحسيني، وأحمد علي المطري، وشارك في المعارك الشيخ/عبدالله بن حسين الأحمر ورجاله الذين قتل منهم الكثيرون. والحقيقة إن المناضلين الذين دافعوا عن ثورة سبتمبر وحققوا الانتصارات بهدف تثبيت الجمهورية كانوا من جميع مناطق اليمن شمالها وجنوبها شرقها وغربها وهذا يوضح بجلاء حقيقة وحدة الشعب اليمني بكل فئاته فثوار سبتمبر هم ثوار أكتوبر إنها واحدية الثورة التي آمن بها أبناء شعبنا الذين ناضلوا طويلاً لتحقيق هدفهم السامي في توحيد الوطن وفعلاً تكللت تلك التضحيات بيوم النصر الأكبر يوم الثاني والعشرين من مايو 1990م الذي جاء تتويجاً لذلكم النضال الطويل الذي خاضه الشرفاء من أبناء شعبنا وقدموا فيه الأرواح رخيصة، وإنه لمن العجب اليوم أن نسمع أصواتاً ناشزه تتطاول على هذا المنجز الكبير وتنادي بل تحلم بعودة عجلة التاريخ إلى الوراء ولكن هيهات هيهات فشعبنا الذي كافح وحقق هذه الوحدة لن يسمح لأولئك الخارجين عن الصف وسيكون لهم بالمرصاد وما على أولئك المارقين إلا العودة إلى جادة الصواب وإلى رشدهم وإلا فإن التاريخ لن يرحمهم فالوحدة أمر من الله تعالى القائل [واعتصموا بحبل الله جميعاً ولاتفرقوا] صدق الله العظيم وعودة إلى إسهامنا النضالي فبعد استقرار الوضع في الشمال عدنا إلى عدن مع عدد من الزملاء مع أسلحتنا وهناك زملاء كثيرون قاتلوا معي وأتذكر منهم الذين لازموني في النضال وهم: صالح علي الكازمي، حسين صالح حميد، محمد أحمد بلعيد، السيد عبدالرب سالم البيحاني، علي أحمد الساحلي، مهدي شفيق لسود، رويس بن لفينا، أحمد صالح بن لحمر، سالم عبدربه قطن، علي الشرف، محمد عبدالله باعزب، عبدالله علي النسي، أحمد زبين النسي، صالح ناصر لكسر، سالم شنب، أحمد الشيبة، ومنصر عبدالله القاحلي.. وفي عدن شاركت في خوض العديد من المعارك والعمليات التي نفذتها مع زملاء آخرين كانت عملية هجوم على نقطة حراسة للقوات البريطانية في الشارع الرئيسي بالمعلا وجرحت في هذه العملية ونقلوني إلى المستشفى وأخرجوا من تحت عيني شظية رصاص إثر رجوع هذه الشظية من الأحجار التي احتميت بها من وابل الرصاص الذي أطلقه الجنود الانجليز فور تنفيذنا لعملية الهجوم عليهم. - كفاح في شمال الوطن وجنوبه ويواصل المناضل/صالح صائل قائلاً: وهناك عملية أخرى نفذتها برمي قنبلة يدوية على دورية عسكرية بريطانية أمام (عمارة الشيطان) بالمعلا حالياً مبنى قيادة المحافظة، ثم كان لي دور متواصل في نقل الأسلحة من مكان إلى آخر بالسيارة التابعة لي وهي سيارة جيش ونقلت أيضاً المنشورات في هذه السيارة وهناك عمليات عديدة كنت فيها حراسة أو معيناً أو مرشداً، وهناك بعض المواقف المحرجة التي تعرضت لها في احدى الأيام طلب مني المناضل صالح علي الكازمي القيام بنقل مجموعة من المنشورات إلى منطقة المعلا وكانت سيارتي المرقمة جيش غير موجودة فأخذنا سيارة لأحد المواطنين المتعاونين معنا ورافقني المناضل محمد أحمد الحامد وعندما اقتربنا من جولة كالتكس عند مصنع الكندا دراي كانت هناك نقطة تفتيش أقامها الجنود الانجليز الذين كانوا يوقفون السيارات بجانب الخط ويقومون بتفتيشها بدقة فعندما اقتربنا ارتجف السائق وخاف خوفاً شديداً وبكى وقال أريد أنزل للتبول فقلنا له مش وقته وأي حركة تقوم بها ستعرضنا للخطر ونهرناه بشدة وكان المناضل محمد الحامد مستعداً بزجاجة (خمر) وفور وصولنا إلى نقطة التفتيش ناول الجندي البريطاني الزجاجة مع الابتسامة وهو يقول له هلوجوني فبادله الجندي التحية وأشار لنا بالمرور فسلمنا بأعجوبة بعد تعرضنا لخوف شديد وواصلنا السير إلى المعلا حيث سلمنا المنشورات. - وتحقق الحلم المنشود ويختتم المناضل/صالح صائل حديثه مؤكداً واحدية الثورة اليمنية شمالاً وجنوباً وإن انتصار ثورة السادس والعشرين من سبتمبر شكلت عمقاً استراتيجياً لثورة الرابع عشر من أكتوبر فكان الدعم السبتمبري لثورة أكتوبر أهم العوامل التي دفعت المناضين لتصعيد كفاحهم ضد المستعمر البريطاني وخوض التضحيات الكبيرة والتي تكللت بنيل الاستقلال الناجز يوم الثلاثين من نوفمبر1967م وكان من المفترض والمنطقي تتويج ذلك الانتصار بتحقيق الوحدة اليمنية فور خروج آخر جندي بريطاني ولكن تداخلت مجموعة من العوامل أدت إلى ابقاء الوطن اليمني مشطراً حتى جاء اليوم المشهود يوم الثاني والعشرين من مايو1990م فتكللت كل التضحيات وتوجت كل النضالات الطويلة لشعبنا بتحقيق الحلم المنشود الذي ضحى من أجله أبناء شعبنا على مدى ومراحل النضال الوطني المرير فالوحدة نعمة كبيرة أنعم بها الخالق على شعبنا وعلى الجميع الحفاظ على هذا المنجز الذي رفع هاماتنا وأعاد لنا كرامتنا بين الأمم.