شكلت تجارة اللبان مداً تراثياً وحضارياً للانسان العربي المعاصر لاسيما بعد أن عززت القيمة الاقتصادية التي تمتعت بها قديماً من مقومات صمود ورغبة الإنسان الأول تشييد حضارة كانت هي دون غيرها هوية وحاضر ومستقبل لم يكن له ذلك لو لم يستوطن اجداده ذلك الجزء من شبه الجزيرة العربية – اليمن.. وقد اختلف الباحثون في تحديد المساحات الزراعية التي احتضنت هذه الزراعة التاريخية – اللبان – في الجزيرة العربية سواء خلال العهود القديمة أو الحديثة.. إلا أن هناك من ذهب إلى التأكيد على أن ظفار المدينة التاريخية العتيقة الواقعة إلى الشرق من محافظة حضرموت البعيدة حوالي (400كم) تقريباً عن العاصمة صنعاء – هي الموطن الحقيقي لتلك الزراعة الأزلية في هذه البقعة من الارض. واثبتت العديد من الدراسات الميدانية لباحثين اجانب أن ظفار هي الموطن الأساسي التي انطلقت منه زراعة اللبان في مناطق مختلفة من الجزيرة العربية حيث أكد الدكتور يورس زارانس أن ظفار أرض اللبان في حين ذهبت دراسة المرجعية قدمها الباحث الألماني ميلروموريس إلى القول أن اللبان امتد من حاسك في محافظة ظفار وحتى حبان في وسط اليمن. وارجع المؤرخون تاريخ مدينة حبان القديمة إلى المائتي عام الأولى (ق.م) وهي بلدة مشهورة في مديرية بيحان وأعمال محافظة شبوة, تحيطها سلاسل جبلية مرتفعة من جميع الجهات وتمتاز مساكنها بواجهات معمارية ذات طابع بنائي فريد. كما تمتاز حبان بالاعداد الهائلة من خزانات المياه الاثرية الكبيرة المحفورة في الصخور والتي تختزن مياه السيول المنسابة من وادي تشم وروافده.. وقد كانت حبان في القرن التاسع الهجري تابعة للدولة الطاهرية ثم صارت في القرن العاشر مركزاً لسلطنة ال عبدالواحد (الدولة الاوحدوية). واستوطنت حبان عائلات جاءت من حضرموت وهنين وبثينة وأحور وأهم البيوتات فيها الآن ال المحضار, وال ذيبان, وال الشبلي, وال فدعق وال عليوه, وال منيفا, وال باحاج, وال روضان, وال أبي عقبة, وال بامرحول, وال مرحول, من قبائل المصعبين. وكان من سكان البلد ال الخطيب, وال باياين وآل الشيخ, وال معافا, وآل يامعقر, وال مسواطو, وال بانعيم, وال باقرعوب, وآل بامنصور, وآل باسيلان, وال البابكري.. واشتهر الحبانيون بالتفوق في مجال التجارة واغلبهم استهوى حياة المهجر في امصار وبلدان عربية كثيرة. وتحتوي منطقة غيل حبان على مجموعة قرى أهمها الخضراء, العرم, الكوره, لماطر السمره , الحميراء, قويره, لهيه, هدى البقلية, باعشير, قرن بامحرز, العين الرديحة, الصفا, ثوبة, العف, جول العقال المافود, الرميضة وغيرها. ويذهب الكثير من المؤرخين إلى تعديد مجموعة من الشخصيات كان لها فضل خط ملامح. حبان. منهم الشيخ عمر بن ابراهيم الحباني المتوفي سنة 995ه هو عالم كبير ومن شيوخ التصوف, وهناك الشيخ محمد عبدالقادر الحباني الذي كان مرجعاً لأهل حبان في الشؤون الدينية والمدنية والسياسية حتى توفى بقرية روضة في ونه سنة 1015ه وقبره مايزال من ابرز المزارات إلى اليوم, وإضافة إلى أولئك الشيخ ابراهيم بن عمر الحباني الخولاني كان من الفضلاء والأدباء وشعراء حبان وله مساجلات أدبية مع كثيرين من معاصريه وكانت وفاته ببلدة حبان عام 1040ه وقبره بتربتها. وتعد حبان من قرى قيفة ال مهدي في الشمال الغربي من مدينة رداع التابعة لمحافظة البيضاء والبعيدة (150) كم تقريباً عن العاصمة اليمنيةصنعاء وهي منطقة أثرية تشكل إلى جانب مثيلاتها من المناطق والقرى والمناطق الأثرية المنتشرة على امتداد المحافظات اليمنية متحفاً طبيعياً مفتوحاً وامتداداً وتاريخاً يشد الإنسان العربي أينما كان إلى جذوره الغائرة في أعماق التاريخ الإنساني. ولعل كتاب أرض اللبان – ذلك الكتاب – الذي أشار إلى أن الدراسات النباتية تدعم نمو البخور في حضرموت وفي وادي دوعن ووادي حجر والأراضي الخلفية للمكلا وهو يصف طريقة نحو توضيح العلاقة المترابطة القوية بين تجارة اللبان والبخور بين ظفار واليمن وسلطنة عمان تلك العلاقات التجارية بالتطورات الثقافية قد أعطى صورة متكاملة لأبناء المجتمعات العربية التي تنحد أصولها لقرية- حبان – التي قيل أنها تقع في مديرية مودية من أعمال محافظة أبيناليمنية وقبل كذلك أنها قرية في مركز (مالك وأعمال النادر – وط اليمن) تقع فوق المدينة من جهة الشرق . كما لم يتجاهل الكاتب والباحث في علوم الآثار يورس زارنس الذي يعود له الفضل في كشف النقاب عن –حبان – صاحبة الرصيد التراثي الإنساني الذي ظل مجهولاً لفترة من الزمن عن الكثير من الاجيال العربية في العصر الحاضر بموقعها في المناطق الوسطي من اليمن فأشار لانسحاب رعاة الماشية من مناطق الربع الخالي ورملة السبعتين إلى الاطراف الأكثر رطوبة في المرتفعات مشكلين نمطاً حياتياً مختلفاً.. فقال: لقد وصلتنا أولى التقارير حول مواقع العصر البرونزي في اليمن من المواقع المرتفعة في شرق جنوباليمن وشماله خولان الطيال.. مشيراً إلى حبان بضم الحاء أحد المواطن التي شكلت النواة التي انطلق منها الإنسان العربي الأول.