لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    الريال يخطط للتعاقد مع مدرب مؤقت خلال مونديال الأندية    جاذبية المعدن الأصفر تخفُت مع انحسار التوترات التجارية    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    نقابة الصحفيين تدعو إلى سرعة إطلاق الصحفي المياحي وتحمل المليشيا مسؤولية حياته    عن الصور والناس    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    البيض: اليمن مقبل على مفترق طرق وتحولات تعيد تشكيل الواقع    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    منظمة العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية على الهواء مباشرة في غزة    تراجع أسعار النفط الى 65.61 دولار للبرميل    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    الحكومة تعبث ب 600 مليون دولار على كهرباء تعمل ل 6 ساعات في اليوم    "كاك بنك" وعالم الأعمال يوقعان مذكرة تفاهم لتأسيس صندوق استثماري لدعم الشركات الناشئة    لوحة "الركام"، بين الصمت والأنقاض: الفنان الأمريكي براين كارلسون يرسم خذلان العالم لفلسطين    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    رئيس كاك بنك يعزي وكيل وزارة المالية وعضو مجلس إدارة البنك الأستاذ ناجي جابر في وفاة والدته    اتحاد نقابات الجنوب يطالب بإسقاط الحكومة بشكل فوري    مئات الإصابات وأضرار واسعة جراء انفجار كبير في ميناء بجنوب إيران    برشلونة يفوز بالكلاسيكو الاسباني ويحافظ على صدارة الاكثر تتويجا    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    السوبرمان اليهودي الذي ينقذ البشرية    لتحرير صنعاء.. ليتقدم الصفوف أبناء مسئولي الرئاسة والمحافظين والوزراء وأصحاب رواتب الدولار    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعز مثلت المدرسة الوطنية للأحرار والمناضلين ومدد الثورة ومخزونها
أكاديميون وسياسيون ومثقفون:
نشر في الجمهورية يوم 30 - 11 - 2010

على الصراري:انتماء تعز وأبنائها كان إلى الثورة والتحرر الوطني
السقاف: اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين كيان وحدوي عبر الحدود الشطرية
المعمري:تعز احتضنت القيادات الثورية والتحررية من جنوب الوطن وشماله
نجيبة مطهر: تجار تعز في المهجر والداخل شكلوا الرافد للنضال الوطني حتى القضاء على الإمامة ورحيل المستعمر
توثيق تاريخ الثورة اليمنية ككل عملية مستمرة وإن كان بين الألف والياء حروف كثيرة ..وعلى طريق الألفِ ميل تأتي إسهامات المشاركين في ندوة (( ثورتي سبتمبر وأكتوبر ودور”تعز” فيهما)) والتي انعقدت في جزئها الأول يوم الخميس 28 أكتوبر 2010م بنادي تعز السياحي.
الندوة نظمها منتدى حوار الثقافة والفكر بالتعاون مع مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان، وأدارها أ.د/ محمد علي قحطان واستعرضت فيها ثلاث أوراق عمل مهد لها المحامي عبد الله نعمان بكلمة افتتاحية أكد فيها أن الثورة اليمنية 26 سبتمبر 62 و14 أكتوبر 1963م حققتا حلم اليمنيين وبهذين الحدثين صار حلمهم الجميل حقيقة وتطرق إلى أهمية الندوة في سلم اهتمامات وطموحات منتدى حوار الثقافة والفكر والمسائل والهموم التي يحملها كما رحب بممثلي الأحزاب والتنظيمات السياسية وجميع الحضور في الفعالية باعتبارها- فيما أشار إليه- صحوة فكر تقف على مسائل تتعلق بتقييم محطات الثورة وظروف انطلاقتها.
مراجعة ..وتقييم
- ورقة العمل الأولى قدمها الدكتور/عبد الرحمن عمر عبد الرحمن السقاف أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة عدن بعنوان ((مكانة ثورة الرابع عشر من أكتوبر 1963 في التاريخ الحديث والمعاصر لليمن)) أكد في مستهلها أن الأحداث التي يدونها التاريخ وكل حدث لا يمتلك صفة الديمومة بشكله الخاص لأن الأحداث تتلاشى لكنها لا تنتهي.
وأضاف السقاف (( إن أجمل طريقة للاحتفال بالثورة وفي مثل هذه المناسبة هي المراجعة والتقييم ومعالجة المشكلات العالقة)) .
إشراقات 14 أكتوبر المجيد
- وفي صلب موضوعه أكد السقاف أن ثورة 14 أكتوبر 63 طردت الاستعمار البريطاني من جنوب الوطن وقامت بتوحيده ضمن دولة واحدة على أنقاض 23 كياناً اجتماعياً وسياسياً في صورة مشيخات وإمارات وسلطنات تقوم على تجمعات قبلية مخربة قلما ساد السلام بينها مضافاً إليها مستعمرة عدن بعد تحريرها من القواعد العسكرية، والإدارة المدنية البريطانية ففي 30 نوفمبر 1967 أسست للاستقلال الوطني بإعلان الدولة بشكلها القانوني وهويتها السياسية الوطنية وبعض هذه التطورات أخذت منحىً تاريخياً كان له التأثير على مسارات الدولة وأبرزها.
(1)انتزاع الاستقلال بانتهاج الكفاح المسلح مترافقاً مع النضال السياسي وقد تحقق الانتصار بإسناد ثورة 26 سبتمبر 1962 وثورة 23 يوليو.
(2) حسمت السجال السياسي الداخلي المتعلق بالهوية الوطنية .
(3) انحياز ثورة أكتوبر إلى قضايا العدالة الاجتماعية ومشاركة الفئات الفقيرة الريفية والعمال والفلاحين ما جعلهم قوى أساسية محركة للسياسة والتاريخ.
وأضاف: ثورة 14 أكتوبر لا تشكل مجرد محطة سياسية فحسب بل حدث تاريخي مفصلي في تاريخ اليمن المعاصر.
- وتناولت ورقة السقاف مسارات الأحداث والتطورات التاريخية لتأثير 14 أكتوبر من خلال:
- - تشابك المسار التاريخي مع أبعاد صراعية سياسية وعسكرية دولية وإقليمية في سياق استقطابات وتجاذبات دولة الثورة لما أفرزه الموقع الجيوسياسي من أهمية للقوى الدولية في إطار صراع الحرب الباردة ولما كان هذا الصراع محكوماً بالأيديولوجيا وجد اليمنيون أنفسهم تحت قوة هذه الحقيقة مقسمين إلى شطرين وداخلياً في نزاعات أطلق عليها قوى “التقدمية” وعلى بعضها الآخر صفة “الرجعية” بناء على خياراتها السياسية وقد عبرت دولة الثورة في جنوب الوطن عن نفسها كدولة،فبالقدر الذي تمنح فيه حق المواطنة لأي يمني من أبوين يمنيين “قانون الأحوال الشخصية لعام 1970” من أي شطر فقد كانت جاذبة لأفراد من الطبقة الوسطى والفلاحين والعمال من شمال الوطن وكانت تُعد ممثلة لهؤلاء ونشأت مفارقة عجيبة قياساً على القانون الدولي حيث كانت كل طبقة اجتماعية بطبيعة موقعها ومصالحها تهاجر طلائعها إلى الشطر الذي يمثلها نظامه السياسي ومن بقى منها في شطره استمر متطلعاً ومنحازاً إلى المصلحة والمواقف والفكر والثقافة للشطر الآخر إنها صورة نادرة لتاريخ واحد يتشكل بتنوعاته داخل كيانين متصارعين متأثرين بصراع دولي وإقليمي كان يضع خطوطاً حادة وفاصلة بين الدول وأنظمتها السياسية في ظل الحرب الباردة.. الصورة الأخرى تتجلى في تأسيس اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، اتحاداً واحداً يمثلهم عابراً للحدود الشطرية متجاوزاً كل متطلبات ومنطق القانون الدولي وهذه مأثرة لاتنتهي عن تشكيل هذا الاتحاد بل في قدرة ممثليه على انتزاع الاعتراف به إقليمياً ودولياً على هذا الأساس.
عصابة دهمس
ثورة 14 أكتوبر حدث تولد من تفاعلات سابقة فتجسدت كردة فعل على مرحلة تاريخية سادها أشكال متنوعة من الظلم الاجتماعي من فقر وعوز وجهل نتيجة لتقاليد بالية إلى جانب الثارات والنزوع إلى القوة نزعاً للملكية فكانت الشرعية الثورية وسيلة الدولة للدفاع عن الأهداف السياسية والاجتماعية في ظل حصار إقليمي ومؤامرات خارجية منها مخطط لإحراق وتدمير مدينة عدن فيما عرف بعصابة دهمس وقد تم فضحه.
تأميم الملكيات
كل ذلك حسب ماجاء في الورقة التي تناولت محطات مابعد الاستعداد أدى إلى تبني الدولة للاشتراكية العلمية “ دولة العمال والفلاحين” وحصرت الشعب بهذه التكوينات الطبقية وتحالفاتها ما أساء بالمقابل لغيرهم من التكوينات وقد هاجر معظم أفرادها إلى الخارج منتقصين من حقوق المواطنة؛ فكانت مراجعات أخطاء تأميم الملكيات الصغيرة والموقف من الدين باعتبار الدين الإسلامي دين الدولة الرسمي، دين الشعب .. وفي السنوات الأخيرة من عمر دولة الثورة الاكتوبرية قال د.السقاف:
كان خط المراجعة واضحاً في مشاريع سياسية واقتصادية قائمة على مراجعة فكرية.
اختفاء البعد الأيديولوجي
الوحدة اليمنية هدف موحد للثورة اليمنية ومع سقوط صيغة الصراع الدولي بنهاية الحرب الباردة،حيث حصل تعديل تاريخي في مسار الثورة ودولتها قام على حقيقتين حاكمتين للمسار التاريخي اللاحق للنظام الدولي هما:
- أن اختفاء البعد الأيديولوجي في الصراع أتاح للشعوب العودة إلى تاريخها الخاص “وطني وقومي” فأصبح الأفق مفتوحاً أمام الخاص وكذلك بالنسبة للدولة التي تمخضت عن ثورة 26 سبتمبر،فكانت الفرصة للوحدة اليمنية باعتبارها تجسيداً لآفاق التاريخ الوطني لليمن الطبيعية وقد آن له أن يتحقق بشكل أرقى من مرحلة الثورة اليمنية 26 سبتمبر 1963م و14أكتوبر 1963م.
- باختفاء البعد الأيديولوجي للصراع على أسس طبيعة الدول فإن البديل كان يتحدد في التعايش السلمي في المجتمعات وبين الدول والوسيلة المتاحة للممارسة التعايشية المتمثلة في الديمقراطية وبالتالي فقد كان الإصرار على الديمقراطية مضموناً للنظام السياسي الوليد في 22مايو 1990م.
الشرعية الديمقراطية
واختتم د. السقاف بذكر انجازات هيأت للوحدة اليمنية أهمها:
قامت ثورة 14أكتوبر بجهود كل اليمنيين المخلصين للتاريخ الوطني ومشروعه السياسي للتقدم الحضاري وفقاً لمعطيات القرن العشرين فقامت بدورها العملي في التهيئة لانتقال اليمنيين إلى مرحلة الوحدة اليمنية والانتقال من مرحلة الشرعية الثورية إلى مرحلة الشرعية الديمقراطية وفي هذا السياق عملت ثورة 14أكتوبر على تأسيس دولة الاستقلال الوطني وتوحيد 23مشيخة وإمارة وسلطنة في دولة واحدة وضعت سياساتها المرحلية على أساس غايات اجتماعية أدخلت بموجبها الإنسان اليمني الفقير عن طريق التعليم والتثقيف إلى قلب العصر في القرن العشرين وجعلت منه عنصراً فاعلاً بعد أن كان مهمشاً وملغياً كما عززت تلك الغايات الاجتماعية بغايات وطنية أكبر وأشمل عندما جعلت من هويته الشخصية والثقافية تستوعب الهوية التاريخية والوطنية لينضوي الجميع تحت لواء الهوية اليمنية وأحدثت ثورة اجتماعية عندما أدخلت العمال والفلاحين والفقراء في ممارسة السياسة كقوى منظمة ومحركة للتاريخ وألغت التراتب الطبقي والاجتماعي والطائفي في تحديد مكانة الإنسان ودمجت الفئات المهمشة وفقاً للثقافة التقليدية في المجتمع ومنحتهم الحقوق نفسها التي منحت للآخرين وبدون تميزّ كما أحدثت ثورة ثقافية جديدة فرفعت من شأن العلم والمعرفة ونبذت الأساطير والخرافات.
تنظيمات وتيارات
الدكتور سلطان المعمري أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة تعز قدم ورقة بعنوان “ثورتي سبتمبر 1962 وأكتوبر 1963م.. ودور تعز فيهما”.
جاء في بدايتها توصيف لوضع تعز التي أصبحت عاصمة ثانية لنظام الحكم الإمامي البائد بعد فشل ثورة 1948م حيث قال: أصبحت تعز يومها الأكثر حراكاً سياسياً وثقافياً وخلايا حزبية تحولت لاحقاً إلى تنظيمات حزبية تتبنى الثورة منها الجمعية الوطنية الديمقراطية عام 1957م وجماعة المناضل الوطني عبدالغني مطهر وجماعة القوميين العرب 1959م وفي نفس العام ازداد عدد خلايا جماعة عبدالله باذيب الذي وصل إلى مدينة تعز بعد أن رحله الاستعمار من عدن وكانت قد شكلت أولى الخلايا الماركسية عام1941م منذ نهاية الأربعينيات من القرن العشرين وصارت تعز حاضنة اللقاءات الأوسع للمواطنين من مختلف مناطق الوطن فتواصل اللقاء بين المجتمع الزراعي والمجتمع التجاري الذي كانت المدينة حينذاك تعيش مفاعيله اقتصادياً، اجتماعياً، ثقافياً، ما جعلها شديدة الاختلاف عن صنعاء بنزوعها التجاري وكثرة خيوط اتصالها بعدن المحتلة حينها وبسائر الأقطار المنتجة للبضائع والمصدرة لها وكان مناخ تعز أصح من غيرها مناخاً لمتابعة جديد الأخبار وجديد المعامل وتوافدت إليها مجاميع كبيرة من محافظات شمال الشمال الأكثر تخلفاً في تلك الفترة وبالتالي كان الوافدون أكثر قبولاً لما في تعز لأن الأكثر قروية أعنف جذباً لمغريات المدنية التجارية.
هجرات
من تعز كانت الهجرات مستمرة في بداية الخمسينيات ومنذ الثلاثينيات إلى عدن المستعمرة وإلى القرن الأفريقي لذا انخرط بعض المهاجرين في أعمال تجارية فكونوا رساميل مكنتهم لاحقاً من فتح محلات ومكاتب تجارية خاصة بهم في بلدان المهجر ثم فتحوا مكاتب استيراد وتصدير في عدن وتعز ومؤسسات تجارية مساهمة وطنية في أكثر من مجال إلى جانب تصدير سلع من شمال الوطن إلى عدن وجلب أخرى إلى تعز.
حصاد المطابع
إصدارات تصل إلى تعز، حصاد المطابع ودور النشر العربية وافتتحت مكتبات خاصة وانتشر المذياع ووصل إلى أقاصي قرى تعز دون إذن رسمي لذلك كله جعل من تعز منطقة جذب اقتصادي واجتماعي ومركز جذب سياسي..وحاضنة لحراك وطني متعدد الأطياف السياسية بعد أن عرفت منطقة الحجرية نشاطاً لخلايا تنظيمية كما شهدت أول انتفاضة شعبية فلاحية هي انتفاضة المقاطرة ضد الإمام يحيى حميد الدين في عام 1922م ولم يكن لها مثيل بين 1919 1922 من قواها المحركة “الفلاحون” والتوجه الفكري لقيادتها وتكمن أهميتها حسب قول د. سلطان بأنها حركة شعبية قاومت الحكم الإمامي فكانت نواة طيبة صنعت وعياً وطنياً وفهماً ثورياً لطبيعة الأوضاع الظلامية.
تعز في الفترة من 57 1962م
استطاعت التيارات الحزبية أن تشكل تنظيماً موحداً هو “الجمعية الثورية الوطنية الديمقراطية” والتي حملت طابعاً جبهوياً تحالفاً عريضاً في مكانه وزمانه وبعد دعوات إلى إصلاح النظام من 1936 جاء التنظيم الجديد إطاراً جامعاً ضم ممثلين عن مختلف مكونات المعارضة التي امتلكت من عام 551962م برامج مكتوبة ومعلنة تتبنى الثورة طريقاً لإسقاط نظام الحكم الإمامي الملكي وإيجاد البديل الوطني فكان لتعز ومواطنيها من شباب ومثقفين وتجار وعلماء وسياسيين ومشائخ قبائل ودين مستنيرين وعسكريين وطلائع عمالية ومزارعين ونساء..كما في انتفاضة المقاطرة أدوار وإسهامات طيلة سنوات التحضير للثورة السبتمبرية والانتصار لها عام 1962م والدفاع عنها وعن نظامها الجمهوري ..وقال المعمري “التنوع الاجتماعي والفكري والثقافي كان على مر العصور سمة مائزة لتعز ومواطنيها.
دور المهاجرين
جاء في ذات الورقة قبل قيام ثورة 1948م كان أحرار تعز تحديداً ونشاطهم الوطني في أماكن اغترابهم بالحبشة، جيبوتي، والصومال قاعدة للمعارضة الوطنية ومصدراً رئيسياً لتمويل مختلف أنشطة المنظمات السياسية المعارضة للنظام الإمامي والنموذج الأول لدعم النضال الوطني يتمثل بشراء مطبعة للجمعية اليمنية الكبرى بعدن تنفيذاً لمقترح قدمه المناضل أحمد عبده ناشر العريقي عام 1945م وتم شراؤها بتبرعات المهاجرين في الحبشة وقام بجمعها الشيخ جازم الحروي والذي قام بإيصال المطبعة إلى عدن وكان صدور صحيفة “صوت اليمن” لسان حال المعارضة، وطباعة منشوراتها وأدبياتها من ثمار هذه المطبعة.. كما كان لتعز وأبنائها أدوار فعلية عسكرية ومالية وإعلامية عشية ثورة 26سبتمبر 1962م وتمثل ذلك بشراء، ونقل الأسلحة من القاهرة إلى عدن ومنها إلى تعز ومن تعز إلى صنعاء وغيرها وأيضاً القيام بنقل الرسائل ذات الأهمية التنظيمية والسياسية من قادة العمل الوطني في الداخل إلى قادة تجمعات المغتربين الأحرار ومعظمهم أبناء مناطق تعز وبرغم فشل حركتي 48و 1955م وإعلان إفلاس بعض التجار المغتربين بسبب التداعيات اللاحقة واصل تجار تعز في المهجر والداخل دعمهم المادي والمعنوي حتى قيام ثورة سبتمبر 1962م.
فجر الثورة السبتمبرية
لم يكد المذيع ينتهي من قراءة البيان الأول للثورة يوم الخميس 26 سبتمبر حتى كان أحرار تعز في الميدان يسيطرون على المواقع الهامة مدنياً وعسكرياً لتطبيع الأوضاع العامة وتأمين مشاركة المواطنين في الدفاع عن الثورة ونظامها الجمهوري من خلال تدافع الشباب إلى ثلاثة معسكرات فتحت للتجنيد وتم إرسال بعضهم إلى مصر عبر ميناء الحديدة للتدريب والتعليم وكانوا في المعسكرات بالآلاف عندما تجمع فلول النظام البائد ضد الثورة واجترح بعضهم بطولات في معركة الدفاع عن الثورة وفك حصار صنعاء.
ومثلما كان شباب تعز في ساحة الحرب كانوا أيضاً يد الثورة في ساحة الجبهة المدنية الاقتصادية والمالية والصناعية والتعليمية والثقافية والفكرية والإعلامية.
تعز الجغرافيا والإنسان
تعز أضافت إلى سماتها الإيجابية بعد عام 1962م سمات جديدة فهي المدينة المنتعشة اقتصادياً واجتماعياً تعايشت فيها تيارات فكرية منها ماهو وطني وقومي واشتراكي علمي وإخوان مسلمون وعام 1963م أصبحت مدرسة وطنية لتربية وتدريب وتخريج كوادر وأفراد جيش التحرير والفدائيين لمنازلة قوات الاحتلال البريطاني في عدن والمناطق الجنوبية فالجبهة القومية افتتحت مكتبها الرئيس في تعز ومنه توزعت مهام العمل اليومي والاستراتيجي ولاحقاً افتتح مكتب الأمانة العامة، المكتب التنفيذي، المكتب العسكري، المالي، ومكتب العمل الجماهيري وإلى تعز توافدت قيادات فرع حركة القوميين العرب لتنظيم وقيادة الأنشطة المختلفة للجبهة ووصلت أول مجموعة للتدريب بتعز في يونيو 1964م تضم “40فرداً” واحتضنت المدينة الفعاليات السياسية والثقافية والإعلامية والتنظيمية وشهدت كثير من مناطقها المظاهرات والمسيرات المؤيدة للكفاح المسلح وحملات لجمع التبرعات لصالح ثورة 14 أكتوبر ومن تعز تم إرسال الأسلحة بأنواعها إلى جبهات القتال وأبطال ثورة أكتوبر 1963 1967م التي هزمت الإمبراطورية التي لم تكن تغيب عنها الشمس ذات يوم.
تجار أحرار
الدكتورة نجيبة مطهر “جامعة تعز” قدمت ورقة بعنوان “دور تجار تعز في الثورة اليمنية” استعرضت الورقة جوانب تفصيلية لنماذج من المناضلين الذين وضعوا أموالهم في خدمة النضال الوطني ومن هؤلاء من أوردت أسماءهم ومآثرهم الجليلة ورقة الدكتور سلطان عبدالعزيز المعمري من مهاجرين وفي الداخل سواء في تعز أو عدن مع ذكر قنوات التواصل بينهم وبين التنظيمات ورموز الحركة الوطنية ومن أسماء المغتربين الأوائل من هؤلاء المناضلين التجار: أحمد عبده ناشر، ناشر عبدالرحمن العريقي، جازم الحروي، شائف محمد سعيد، عبدالقوي الجرباش، أحمد العبسي، محمد مهيوب ثابت، الحاج غالب سعيد صالح، عبدالله عبدالعزيز الشوافي، مطهر سعيد صالح، محمد مهيوب عباس، أحمد طاهر الأغبري، عبدالغني صالح الأغبري، عبدالغني مطهر العريقي، عثمان قائد سلام العريقي، الشيخ علي محمد سعيد أنعم، الشيخ محمد علي الأسودي، ومن البيوت التجارية في عدن:
بيت هائل سعيد أنعم، بيت مطهر العريقي، بيت الغنامي القدسي، إخوان ثابت، بيت الأسودي، بيت الحروي، إخوان الدكتور عبدالغني علي أحمد ناجي، آل بيت الدالي القدسي، بيت شعلان، بيت عون، بيت الحاج مقبل العبسي، وآخرون مثلهم حسب محتوى ورقة الدكتور سلطان المعمري.
ولم تسقط الدكتورة نجيبة اسماً بقدر ما استدركت تجاراً في تعز مثل محمد العديني ومحمد غالب الدميني.
نماذج التضحية بالمال
ومن النماذج التي جسدت أنصع صور التضحية والصفات المتميزة للتجار الوطنيين من أبناء تعز في سبيل تخليص الشعب اليمني من حكم بيت آل حميد الدين:
الأستاذ عبدالغني مطهر الذي ضحى بكل ثروته المالية في دعم العمل الوطني منذ العام 1955م وحتى نجاح الثورة السبتمبرية 1962م وهو الذي سافر من قريته في الاعروق وعمره 10 سنوات وركب البحر وعاد إلى اليمن بمشاهدات حضارية وعمل على تأمين الثورة.
المناضل التاجر الوطني عثمان قائد سلام الذي قدم شخصياً قرضاً مالياً كبيراً لحكومة عبدالله الوزير وانتهى بإشهار إفلاسه إثر فشل 1948م.
علي محمد سعيد، وهو وطني مناضل جسد روح التضحية، عمل في نفس الاتجاه مع عبدالغني مطهر ومعهم عبدالقوي حاميم وآخرون تواصلت اسهاماتهم باشكال كبيرة وأكثر فاعلية خلال سنوات مابعد انقلاب مارس 1955م تحضيراً ليوم الخلاص الوطني.. فبرغم المحاولتين الجريئتين لإسقاط حكم الأئمة في 48 1955م وإعلان إفلاس بعض التجار المغتربين استمر دعم التجار لأشطة المعارضة التقليدية بجوانبها المختلفة ,حيث واصل تجار تعز في المهجر والداخل دعمهم المادي والمعنوي لفصائل المعارضة الوطنية التي ظهرت تباعاً منذ العام 1957م في تعز أولاً ثم في غيرها من مدن ومناطق نفوذ النظام الملكي البائد.
التواصل مع المغتربين
كان للمناضل الوطني الطيار عبدالرحيم عبدالله الدور الأكبر في نقل الأخبار وتطورات الأوضاع السياسية أولاً فأولاً إلى الأحرار من التجار والمغتربين عموماً ومن هؤلاء إلى الأحرار في الداخل بحكم عمله كطيار يجوب أرجاء البلاد اليمنية وبلدان أماكن اغتراب أبناء تعز واليمن عموما،ً ولكونه أيضاً محل ثقة زملائه الأحرار فقام بنقل الرسائل السرية التنظيمية والسياسية من وإلى داخل اليمن وكذلك نقل الأسلحة من القاهرة إلى عدن ومنها إلى تعز براً بالتعاون مع رفيقيه المناضلين محمد قائد سيف ومحمد مهيوب ثابت عبر منطقة الشريجة ,حيث يتسلمها هناك المناضل الوطني عبدالقوي حاميم الذي تولى مهمة إيصالها إلى قيادة الأحرار في تعز ممثلة بالثائر عبدالغني مطهر المتكفل دائماً بتغطية نفقات هذه المهام خارجياً وداخلياً وبالإضافة إلى الصرف على تنقلات الثوار أثناء التحضير لقيام الثورة ونقل الأسلحة من تعز إلى صنعاء والحديدة.
مداخلات
ابرز ماطرح في الزمن المخصص للمداخلات جاء من القيادي في الحزب الاشتراكي اليمني علي الصراري الذي قدم ملاحظتين الأولى حول عنوان الندوة وفيها: عندما قرأت عنوان الندوة تساءلت: ماهي تعز؟ هل هي مكان؟ هل هي مدينة؟ هل هي خيار مغلق بحيث يتحدد دورها في شيء خارجها؟
وأوضح الصراري بقوله:
ورقة الدكتور سلطان المعمري وجدتها خالية من التعصب للمكان وأن أبناء تعز ومحافظتهم إنما كانوا ينتمون إلى حركة سياسية اجتماعية وإلى ماتنشده الثورة وهو التحرر الوطني وكان دورهم في هذا الإطار فلا تصلح تعز لأن تكون فيها عصبية قبلية ضيقة.
الملاحظة الثانية:
ورقة الدكتور عبدالرحمن السقاف، تستحق عميق الامتنان لأنها جاءت في اللحظة التي يجب أن تظهر فيها فهناك جدل الآن حول ماهي الهوية واطروحات تحاول إعادتنا إلى هويات حسمت في سياق تاريخي.. وتطرح بطريقة غير واعية ,ولأننا غاضبون من بعض السياسات فنحتاج إلى وعي عندما تكون هناك مطالب وتوجهات مشروعة يجب أن نتمسك بها دون أن نعود لهويات حسمت ولا تخدم مطالبنا ,26 سبتمبر و14 أكتوبر حدثان كبيران لكن كيف نخضع ماحدث بعد ذلك للمراجعة والتقييم.. التقييم والمراجعة الآن مصلحة وطنية وهذه أفضل طريقة للاحتفال بالثورة والحفاظ على أهدافها السامية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.