سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
في محافظة لحج.. معاقون يحلمون بتعلم لغة الإشارة .. ! في قرى عديدة من مديرية تبن بمحافظة لحج تنتشر ظاهرة الإعاقة السمعية والنطق في أوساط مواطنيها، وحتى اللحظة لم تعر هذه الظاهرة أي اهتمام لدراسة أسبابها
في زيارة استطلاعية قامت بها “الجمهورية” إلى عدد من قرى مديريتي تبن والقبيطة في محافظة لحج لتقصي حكاية انتشار ظاهرة الإعاقة بالصم والبكم كانت حصيلة النتائج مخيفة من حيث انتشار حالات الإعاقة في تلك القرى التي تم زيارتها.. لتبقى للمساحة الأكبر اتساعاً بمديرياتها خفايا نجهلها حتى يتم استطلاع أوضاعها ومديرية تبن التي تم نزولنا الأخير إليها تحتضن عشرات القرى.. بينما الرصد الأولي يأتي بالنتائج المأساوية لتلك القرى التي تتواجد فيها ظاهرة الإعاقة، والتي قد تتوحد فئاتها من حيث مسميات الإعاقات، لكن الأسباب بحسب ما يطرح السكان تبقى محل تناقض وهو ناتج عن غياب أي دور للجهات المعنية بكشف أسباب ظهور تلك الإعاقات بين سكان تلك القرى . وهنا تحدد الإحصائية الأولية أن 48 قرية بالمحافظة تعيش بأهلها في حالة استسلام؛ لما يعترضها من أمراض تؤدي إلى فقدانهم حواس السمع والنطق، ومن هذه القرى ال48 الواقعة بمديرية تبن، الشقعة، والزايدة، المنصورة، كود عيسى، الحمراء، الفيوش، كود بيحان، بير جابر، الشرج، الحبيل.. الخ فيما نتوقف كنموذج في قرية الحبيل؛ وذلك لكونها قرية كانت حتى وقت قريب خالية من الإعاقات . إسهالات وارتفاع في درجة الحرارة يقول سكان قرية الحبيل: لقد سببت لنا بعض الظروف الطارئة حالة من سوء التغذية، وكدنا نتهاوى إذا طال أمدها، ولكن الله كان رحيما بنا، وانتهت تلك الظروف لنعود إلى ممارسة حياتنا اليومية في مزارعنا، لكننا فجأة وجدنا أنفسنا نعاني الإسهالات الشديدة، وكذا ارتفاع درجة الحرارة، وكل مصاب بها يرفق معه عدداً آخر إلى نفس المرض، كنا نعتقد في البداية أنه عابر وسينتهي.. إن ما حدث أن كل مصاب وجد نفسه بعد أيام معدودة من إصابته يشعر بأصوات تشبه أزيز الرصاص في أذنيه يفقد بعدها قدرة السمع تماماً . يقول سكان قرية الحبيل: نحن هنا نعاني المرارة؛ مما يحدث.. دعونا الجهات المحلية للبحث عن الأسباب التي جعلت من قريتنا الهادئة المرتبط أهلها بالأرض وحياتها.. تدخل في دوامة مع أمور لم تعهدها لتصبح قرية بسكانها يبحثون عمن يستبدل لغة ألسنتهم بلغة الإشارة.. بعد أن فقدوا حواسهم في أمور يجهلون أسرارها.. أليس من الواجب الوطني والإنساني أن تلتفت السلطة المحلية إلى مشكلتنا الصحية، وإن كانت تفتقد قدرة تحديد أسباب ظاهرة أمراضنا .. أن تلجأ إلى الجهات المعنية لتخاطبها لتشكيل لجنة متخصصة من عدة جهات معنية للنزول إلى قريتنا، وحتى القرى الأخرى للبحث عن عوارض المرض، ونتائجه التي تؤدي إلى فقدان السمع، وكذا النطق لدى السكان، ومثل هكذا لجنة متخصصة من الجهات المعنية بالصحة العامة، والمياه، والزراعة، والبيئة قادرة على تحديد الأسباب من خلال الاستعانة بالخبراء والمتخصصين والفنيين ذوي العلاقة بتلك الجوانب؛ حتى تستطيع تحديد الداء والعمل على استئصاله.. فليس من المعقول أن يستمر الصمت حيال هكذا قضية.. في وقت يدرك الجميع أن بلادنا كانت من الدول الأولى التي صادقت على الاتفاقيات الدولية ذات العلاقة بالمعاقين، وهي اتفاقيات تشير في مجملها إلى أهمية قيام الدول المصادقة عليها على مواجهة الأسباب والظواهر التي تؤدي إلى الإعاقة، ومن أي نوع كانت، ونعتقد أن بلادنا التي تشير الإحصائيات فيها إلى وجود الكثير من المعاقين، ليست بحاجة إلى ظهور مزيد من الإعاقات؛ لما لها من جوانب سلبية على حياة الإنسان وتطوره، وكذا على تقدم البلد التنموي . غياب التوعية الصحية يقول بعض من مثقفي القرية، ومن التقيناهم في الحوطة: هناك مديريات وأعداد كبيرة من القرى المتناثرة فيها تفتقد لأبسط مقومات التوعية الإرشادية، وبخاصة في الجوانب المرتبطة بحياتها وبيئتها التي تسكن بها فهناك مياه يتم استخدامها، وهي مالحة، وهناك غيرها لا يستبعد رمي المخلفات في آبارها.. إضافة إلى الطبيعة، وظواهرها ذات الحرارة الشديدة، كل تلك قد تؤدي إلى أمراض وإعاقات، ولكن تبقى الضرورة في معرفة الجوانب التي تسبب الإعاقات بهذه المحافظة، وتحديداً في القرى الداخلية، والتي على ضوئها يتم عملية توعية السكان وإرشادهم إلى مكان الأخطار التي تؤدي إلى انتشار الأمراض، وكذا الإعاقات ومن قرية حبيل.. التي تحدث لنا كثيرون عن حالهم المأساوي مع الإعاقة في مناطقهم .. فأصبحت تفرض وجودها على مسامعهم، وألسنتهم بقوة فيروسها الخفي، وثقتها بأن أصحاب مفاتيح لقاحها لايزالون في عمق سباتهم.. نعرض هنا أحاديث عدد يسير منهم لضيق المساحة . تفاجأنا بظهور حالات الإعاقة تقول الأخت وردة محمد قائد، وهي أم لفتاتين معاقتين: لم تكن لدينا أي مشكلة قد تعتقد أنها سبب بتلك الإعاقات التي داهمت بنتيّ مثل العامل الوراثي؛ فنحن كنا بهذه القرية "حُبيل" نعيش في أجواء طبيعية، ونمارس أنشطتنا اليومية بدون عائق يذكر . وكان بداية ظهور هذه الإعاقة في منتصف التسعينيات والتي تكون من أعراضها الإسهالات، والارتفاع لدرجة الحرارة لدى المصاب، لكنها بعد أيام تتحول إلى أصوات غريبة تشبه أزير الرصاص في أذن المريض؛ ليفقد بعدها حاسة السمع تماماً، وهي الإصابة التي يتعرض لها الأغلبية، بينما بعضهم يفقدون السمع والنطق معاً، فمثلاً بنتي التي عمرها “15” عاما فقدت السمع والنطق معاً وابنتي الثانية فقدت سمعها، وأيضاً ولدا أختي الاثنان فقدا سمعهما، ومنذ ذلك الوقت حتى اليوم لم نستطع معرفة أسباب ما يحصل معنا في ظل صمت الجهات المعنية، وعدم اهتمامها بمعاناتنا . أين حقوقي في الرعاية؟ روية محمد علي معاقة “صماء بكماء” تقول: الإعاقة ولدت معي، لكني أتساءل فقط أليس من حقي كمعاقة بالصم والبكم أن أنال حقوقي التي تمكني من الحياة كغيري من الناس؟! لقد كانت أمنياتي أن أكمل دراستي، إلا أن ظروف عائلتي المادية قد أجبرتني بعد أن استكملت الدراسة إلى الصف الثامن، وذلك بجمعيتنا الواقع مقرها في مركز المحافظة عن التوقف، والأسباب منطقتي البعيدة عن الجمعية ما يتطلب ذلك إمكانيات مادية تساعدني على الوصول إلى الجمعية للدراسة، ومن ثم العودة إلى منزلي بالقرية، هذه الإمكانيات حرمتني من تحقيق أمنياتي في الدراسة، والحصول على الشهادة الجامعية، حتى الجمعية التي يرجون أن يكون لهم باص يساعدهم على التواصل مع أعضائها، ومساعدتهم على الوصول إلى مقر الجمعية للدراسة لايمتلكونه، فمن المسئول عن هذا الحق؟! وهل يستجيب صندوق المعاقين في توفير هذا الباص حتى يساعدنا على التواصل !؟ اللغة منعتني من الدراسة ولاء محمد أحمد الموهر"الصم والبكم" قالت: كثيرون هنا يعانون الإعاقة، فيما الاختلاف فيها وقت إعاقتهم بالنسبة لي ولدت معاقة عندما كبرت بدأت أحس برغبة الانتماء إلى المدرسة وعلومها، وذهبت إلى المدرسة، وحتى الخامسة أساسي، وجدت نفسي عاجزة عن التعامل مع واقع التدريس في مدرسة لاتوجد فيها لغة الإشارة؛ لذلك كنت في منزلي متحسرة لعدم قدرتي على تحقيق أجمل أمنياتي بالتعليم؛ لهذا أتطلع إلى قيادة المحافظة لمساعدتنا على إقامة دورات في مجال الخياطة والتطريز والحياكة وغيرها؛ حتى نمتلك حرفة تجعلنا قادرين على مواجهة الحياة بثقة أكبر . أطباء يجهلون كل شيء الحاجة صالحة علي قالت: تخيل أن يولد أولادك معاقين دون أن تعرف أسباب ذلك ، وبخاصة أن حدوث مثل ذلك يقولون إن سببه وراثي، لكن ليس لدينا من مشكلة وراثية.. أولادي عددهم أربعة “ بنتان وابنان” جميعهم خلقوا معاقين بالصم والبكم.. هؤلاء الأبناء عرضناهم على الأطباء في بلادنا لمعرفة مشكلتهم..إنما للأسف الأطباء عندنا يجهلون في كل شيء، حتى عملهم وكل إجابتهم لا أمل؛ لذلك استسلمنا للأمر الواقع، ودفعنا في أولادنا إلى المدرسة الابتدائية للتعلم بلغة الإشارة، لكننا قد ندخل في حكاية لا أمل كون المدرسة بعيدة عن القرية وتتطلب وجود وسيلة مواصلات تنقلهم وغيرهم إلى المدرسة، وتعيدهم إلى المنزل، وأوضاعنا لاتحتمل، فيما الجمعية المعنية بهؤلاء المعاقين، لاتمتلك وسيلة مواصلات لنقل هؤلاء الطلاب إلى مدارسهم في مقرها..فهل يقدم المعنيون هذه الوسيلة للجمعية حتى لانستسلم للمقولة"لا أمل" . تعدد أسباب الإعاقة للناس أحاديثهم، وللجمعيات المعنية بشئونهم حديث قد نستخلص منه النتائج في سبيل ذلك كان لنا لقاء مع الأخ مرسال مهدي عبدالله مثنى رئيس جمعية الصم والبكم بمحافظة لحج، والذي تطرق لعدد من المشاكل التي يعانيها المعاقون بالمحافظة حيث قال: إن هناك ظواهر لحالات إعاقة ظهرت في عدد من القرى في بعض مديريات محافظة لحج، وكل تلك الظواهر تفرز إعاقات، تتجاوز مساحتها حد المعقول، والذي يمكن تصديقه من مستمع أو قارىء.. وبالرغم مما يطرح حول ذلك لم نجد من الجهات المعنية في حياة الناس بالمحافظة ما يدفعها إلى التحرك في اتجاه مساعدة مواطني تلك القرى، ولو بدافع إنساني إذا استبعدنا إلزامية الواجب عليهم، فهناك قرى تتوارث الإعاقات، وهي مثل الكفاف، أو الصم والبكم، لكن قرى إعاقاتها تكون ناتجة عن عوامل طبيعية مفاجئة، ويكون الكل ضحاياها فمثلاً.. هناك قرية من 48 قرية بمديرية تبن تواجه هذه الإعاقة وهي قرية حبُيل كانت خالية من أي أمراض، أو إعاقات، وفي منتصف التسعينيات كان أهالي القرية شيوخاً ونساء وأطفالا، وشبابا، تظهر عليهم أعراض الإسهالات، وارتفاع درجة الحرارة، لكنهم بعد أيام يجدون أن آذانهم، وكأنها تصدر أصواتا من الداخل تشبه أزيز الرصاص، وبعدها يفقد المريض سمعه وأحياناً لدى البعض السمع والنطق معاً.. لتتوالى هذه المأساة التي جعلت أغلب سكان القرية معاقين.. والجمعية في لحج تعاني مشاكل إهمال لمتتطلباتها لمواجهة تلك الطلبات، والمتطلبات التي تقدم لها؛ بهدف مساعدة أولئك الناس، وكذا استيعاب المعاقين في الجمعية، والراغبين بالدراسة.. وليس هذا فحسب فالجمعية التي تريد أن تقدم خدماتها للمعاقين تفتقد قدرة التواصل معهم في قراهم؛ نتيجة لغياب وسيلة المواصلات لديها.. وهي ربما الجمعية الوحيدة التي لاتمتلك باصا كغيرها، وقد طالبنا كثيراً بذلك من صندوق رعاية المعاقين، ولكن الانتظار هو قدرنا وما نريد طرحه هنا أيضاً ليكون كل الإخوة بالصورة.. أننا تقدمنا في العام 2008م بملفات 48 طفلا معاقا إلى صندوق المعاقين بفرع عدن طالبين لهم سماعات.. وهي ملفات مستكملة في إجراءاتها الطبية، وحتى اليوم لانزال ننتظر الرد بشأنهم . وأود أن أشير إلى واقع الحال لتلك المآسي التي تسببها الإعاقات غير المعروفة أسبابها في قرية الحبُيل.. وأضع هذا النموذج الذي أنقله للمعنيين بالمعاق وأسرة الأخ عبده ناصر.. والمكونة من 16 فرداً منهم 8 بنين و8 بنات.. وهؤلاء جميعهم تعرضوا للإصابة بالمرض فأصبحوا جميعاً معاقين، أليس بهذا الأمر يستدعي تحرك الجهات ذات الاختصاص لمعرفة مايدور وتحديد مكامن الداء؟! أمر نترك للإعلام أمانة المسئولية في نقل الحقيقة وتسليط الضوء عما تعانيه قرى محافظة لحج من مشاكل مجهولة تقود إلى الإعاقات .