دفعت الرياح شراع المركب على ظهر الأمواج تقذف به هنا وهناك، انزوت نحوي عندما أحست بالسنة الأمواج تقترب منها ، أطلقنا صرخة أخيرة على مشارف المدينة . ظهرت المدينة أمام شراع المركب في أبهى صورها تعانقها أشعة الغروب ، حركت (ليلى) المجداف بسرعة عندما انسابت إلى جوفها رائحة المدينة التي ظهرت بعض معالمها ، سالت الدموع من عينيَ عندما شاهدت الشاطئ وحركة الصيادين تسيطر عليه ، تذكرت اليوم الذي أبحرت بي وبغيري سفن العدو ، لم تمهلها الدموع كذلك عندما لمحت المنازل والصيادين تقترب منا ، عشر سنوات مضت من عمرها وهي تقاسي نكد العيش بعد أن اختطفت وهي طفلة صغيرة , وألحقت بالجزيرة التي نفي إليها كل أطفال سادة المدينة ، صرفت نظراتها نحوي وقد رسمت على شفتيها بسمة رقيقة ، لا أزال أحلق بنظراتي في آفاق المدينة ، رست نظراتها على عيناي لتعيد لقطات رسمتها براءة الطفولة من أزقة المدينة قبل بداية الأحداث ، بللت عينيها صور الماضي بمياهها المالحة ، لا تزال نظراتها المرهفة ترصد نظراتي ، الشمس راسية على حافة البحر,الأمواج تحاول جذبها إلى الخلف ، اقترب الشاطئ, المدينة أمامنا ، الرياح تطلق صفيرها ، شرع البحر في نبذ عرائسه و بدأت الأمواج تتلاطم ، أشعلت المدينة قناديلها , دوت صرخات فرحتنا في الآفاق…